«الخريف الذهبي» فرصة لتذوق المأكولات الروسية النادرة تقدمها أكشاك خشبية

ساحات موسكو تستضيف أول مهرجانات الموسم.. وتتحول إلى قرى ريفية

أزياء الباعة ريفية أيضا
أزياء الباعة ريفية أيضا
TT

«الخريف الذهبي» فرصة لتذوق المأكولات الروسية النادرة تقدمها أكشاك خشبية

أزياء الباعة ريفية أيضا
أزياء الباعة ريفية أيضا

في خطوة تجمع بين الممتع والمفيد، انطلقت في العاصمة الروسية موسكو فعاليات مهرجان «الخريف الذهبي» الخاص بالمنتجات الغذائية، لا سيما الوجبات الشهية والنادرة التي سيتمكن الراغبون من تذوقها خلال تجوالهم في الساحات الرئيسية للعاصمة الروسية التي سترتدي حلتها الاحتفالية الخريفية لمدة 3 أسابيع، تستمر من نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي حتى مطلع الأسبوع الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ولا يمكن وصف «الخريف الذهبي» بأنه مهرجان تسوق، إذ يبدو أقرب إلى النشاط الترفيهي الذي يتضمن توسيع الثقافة الغذائية، وإتاحة فرصة لعشاق الأنواع النادرة من اللحوم والوجبات البحرية بتذوقها، وهذا كله يجري ضمن ساحات، في مقدمتها الساحة الحمراء وسط موسكو، التي ستبدو طيلة فترة المهرجان وكأنها ساحات أتت من الريف، وحطت رحالها وسط فوضى المدن الكبرى.
وفي هذه الأيام التي انطلقت فيها فعاليات المهرجان، يشعر أي شخص يدخل الساحة الحمراء والمساحات المتاخمة لها الخاصة للتنزه وكأنه انتقل عبر الزمن عائدا إلى الريف الروسي في القرون الماضية، حيث تغطي الأغصان الخضراء التي تم توزيعها المكان، بينما تنتشر أكشاك خشبية تشبه المنازل القديمة، لكنها في الواقع محال تجارية تقتصر معروضاتها على المواد الغذائية الطبيعية، مثل الخضراوات والفواكه من الريف الروسي ومن ريف دول أخرى مشاركة في المهرجان. وما يجعل تلك المعروضات أفضل من غيرها المنتشرة في المحال التجارية في المدينة هو أن معروضات المهرجان تشكل عينات من المحصول الذي جناه المزارعون في الأيام الأخيرة من الصيف ومطلع فصل الخريف، أي أنها منتجات طازجة لم تخضع لأي عمليات حفظ، لا بالتجميد ولا بأي طريقة أخرى، وهي بهذا الشكل تعبر عن روح الموسم.
وبما أن فصل الصيف يمتاز أيضًا بزيادة الإنتاج من اللحوم والأجبان والألبان، ويكثر في آخره صيد الأسماك في الأنهر والبحيرات المنتشرة بكثرة في روسيا، قسم المنظمون المهرجان إلى 3 مراحل، يكون الأسبوع الأول أسبوعا خاصا بالخضراوات والفاكهة، والتالي خاصا باللحوم، ومن ثم الأسماك. وهذا العام، يقدم المشاركون في المهرجان لضيوفهم أنواعا نادرة جدا من اللحوم، مثل لحم الغزال والأيل، ولحم الدب، هذا فضلا عن اللحوم التقليدية الطازجة. وفي «أسبوع الجبنة»، سيتم عرض أنواع فريدة من الجبن، لا سيما تلك التي تصنف على أنها نادرة، مثل الجبن البري. وأخيرا تصل الأسماك في الأسبوع الأخير من المهرجان، حيث ينتظر الزوار هذا العام تذوق مختلف أنواع الأسماك، ومعها سيتم تقديم لحوم القنافذ البحرية، والخيار البحري، وكثير من الأعشاب المفيدة التي تنمو نهاية فصل الصيف في البحار والبحيرات الروسية، ويمكن استخدامها لإعداد وجبات لذيذة ومفيدة.
وخلال المراحل الثلاث من المهرجان، ستكون الأجواء دوما ريفية بالمطلق، ولا يقتصر الأمر على الأكشاك الخشبية التي تم تصميمها لتكون أقرب إلى المنازل الريفية الموزعة بين ديكورات تجعل منها قرية جميلة في عمق الريف، إذ سيكون الزي الريفي من مختلف مراحل التاريخ الروسي زيًا رئيسيا يرتديه الباعة، فضلا عن فرق سترافق فعاليات المهرجان، وتقدم فقرات فنية ريفية تقليدية، وفرق طهاة خبراء في إعداد الوجبات الريفية باستخدام مكونات نادرة، مثل لحم الدب أو لحم القنفذ البحري، سيشرفون على «ورشات عمل» لتعليم الراغبين كيفية إعداد تلك الوجبات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».