لبنان يحتفل بشهرة لقمته في «مهرجان بيروت للمطاعم»

بعد تفوق عاصمته بطعامها على أشهر مدن العالم

الملصق الترويجي لـ«مهرجانات بيروت للمطاعم»
الملصق الترويجي لـ«مهرجانات بيروت للمطاعم»
TT

لبنان يحتفل بشهرة لقمته في «مهرجان بيروت للمطاعم»

الملصق الترويجي لـ«مهرجانات بيروت للمطاعم»
الملصق الترويجي لـ«مهرجانات بيروت للمطاعم»

احتفالا بتفوق طعامها على أشهر مدن العالم، أطلقت العاصمة اللبنانية برنامج «مهرجانات بيروت للمطاعم»، الذي يبدأ في 30 سبتمبر (أيلول) الحالي ويستمرّ حتى 2 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. كانت بيروت قد اختيرت، الشهر الماضي، أفضل مدينة لتذوق الطعام في العالم، حسب إحصاءات موقع «ترافلاند ليجور» الأميركي، متقدمة على بلدان أوروبية وآسيوية في تقديمها أشهى الأطباق.
هذا المهرجان الذي تشرف عليه نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي في لبنان، بالتعاون مع وزارة السياحة، وبتنظيم من شركة «هوسبيتاليتي سيرفيسيز»، يستضيفه قلب بيروت، وبالتحديد ساحة «ترانستايشن»، في منطقة مار مخايل، ويشارك فيه 60 عارضا.
أما الهدف من إقامة المهرجان، فهو تفعيل موقع المطبخ اللبناني، والمساهمة في نشره، على أن يصبح هذا الحدث تقليدا سنويا يقام في موعده من كل عام. وتختلف هوية المطاعم اللبنانية المشاركة في هذا المهرجان الذي يجري على مدى ثلاثة أيام متتالية، لتشمل اللقمة اللبنانية الأصيلة (كديوان السلطان)، والمطبخ اللبناني الحديث (كالفلمنكي وليلى)، إضافة إلى الوجبات السريعة (ككلاسيك بيرغر)، والاطباق الفرنسية (كلو بيتي غري وكوكليه)، والإسبانية (كبابلو اسكوبار)، والآسيوية (كتسونامي وسوشيريتو)، وغيرها من المطاعم والمقاهي المشهورة بأطباقها المتنوعة اللذيذة.
وفي مؤتمر صحافي عقدته نقابة أصحاب المطاعم بمناسبة إطلاق هذا الحدث، في الصالة الزجاجية في وزارة السياحة، أكد الوزير ميشال فرعون أن بيروت تستحق اللقب الذي حصدته (أفضل مدينة لتذوق الطعام)، والذي ثبت موقعها العالمي في هذا الخصوص، مضيفا: «في هذا المهرجان، سنشهد النموذج الحي لموقعها هذا، عن طريق المطاعم المشاركة فيه»، مختتما حديثه بقوله: «سنستمر في تفعيل السياحة في لبنان في مختلف أوجهها، وقد قطعنا شوطا كبيرا في هذا المجال، من خلال إطلاقنا برامج حيوية كـ(live love Beirut) و(طريق الفينيق)، وذلك بغية الترويج لمواقعها السياحية، وكذلك الأمر بالنسبة لمجالات سياحية أخرى، كالبيئية والدينية والأثرية وغيرها»، متابعا: «اليوم، جاء دور الأطباق اللبنانية التي ستتوّج موقع بيروت العالمي في تذوق الطعام، والتي ستلحقها برامج ترويجية أخرى تتعلّق بهذا القطاع الخدماتي الشهير في لبنان».
أما طوني رامي، نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، فقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بمناسبة انتخاب لبنان كأول مقصد طعام في العالم، رغبنا في إطلاق هذا المهرجان لإيفاء المطعم اللبناني حقه، فيتعرف زوار المهرجان إليه عن كثب، على أن يصير هذا الحدث تقليدا سنويا نتبعه في لبنان»، مضيفا: «الغاية من هذا المهرجان إلقاء الضوء على المطاعم اللبنانية، والمساهمة في انتشارها عالميا، فنكمل بذلك ما حققته حتى اليوم».
وأشارت جومانا سلامة، صاحبة شركة «هوسبيتاليتي سيرفيسيز» المنظمة للمهرجان، إلى أن البرنامج الذي يرافق الحدث سيتضمّن إضافة إلى تذوق أطباق المطاعم الستين المشاركة فيه، مساحة للألعاب والتسلية خاصة بالأولاد، فضلا عن برنامج موسيقي يطبع هذا المناسبة بالفرح والحياة»، مضيفة: «لقد جمعنا جهودنا مع جهود النقابة من أجل إنجاح القطاع الخدماتي السياحي في لبنان، وقد اختيرت هذه المطاعم لأنها تنتسب رسميا إلى نقابة أصحاب المطاعم في لبنان».
أما ندى السردوك، المديرة العامة لوزارة السياحة، فأشارت إلى أن هذه الاحتفالية موجّهة إلى اللبنانيين أجمعين، لتعزيز ثقتهم بمنتجات بلادهم من ناحية، ولتشكل لهم موسم فرح من نوع آخر».
وعما إذا كانت هناك مشاريع أخرى ستتولّى رعايتها والأشراف عليها وزارة السياحة في لبنان، أجابت السردوك: «لا تدخر وزارة السياحة جهدا في هذا الموضوع، فقد دعمت هذا القطاع الحيوي الهام في مواضيع عدّة، كالتراخيص والرقابة والسلامة الغذائية العامة، وما إلى ذلك من عناصر ترتبط ارتباطا مباشرا بالقطاع الخدماتي السياحي في لبنان. ولكننا اليوم بصدد الاحتفال بلبنان وعاصمته التي تفوقت بطعامها على أشهر المدن الأوروبية والعالمية».
وقد فاق عدد حفلات سلسلة المهرجانات التي عمّت لبنان هذه السنة المائة والخمسين، وتستكمل مواسم الفرح، من خلال «مهرجانات بيروت للمطاعم»، بحيث سينبض قلب العاصمة على مدى ثلاثة أيام متتالية على إيقاع اللقمة اللبنانية الشهية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».