عدسة بنار سردار توثق معاناة المواطنين بقصص مصورة

شرعت بمشوارها بعد مظاهرة في إقليم كردستان غطاها مصورون أجانب

من جولتها في باكستان.. طفل يحمل بيده عددا من الكتب - فتاة باكستانية بعدسة المصورة الوثائقية بنار سردار - إحدى صور المصورة سردار التي تُظهر الأهوار في العراق وما حل بها من جفاف
من جولتها في باكستان.. طفل يحمل بيده عددا من الكتب - فتاة باكستانية بعدسة المصورة الوثائقية بنار سردار - إحدى صور المصورة سردار التي تُظهر الأهوار في العراق وما حل بها من جفاف
TT

عدسة بنار سردار توثق معاناة المواطنين بقصص مصورة

من جولتها في باكستان.. طفل يحمل بيده عددا من الكتب - فتاة باكستانية بعدسة المصورة الوثائقية بنار سردار - إحدى صور المصورة سردار التي تُظهر الأهوار في العراق وما حل بها من جفاف
من جولتها في باكستان.. طفل يحمل بيده عددا من الكتب - فتاة باكستانية بعدسة المصورة الوثائقية بنار سردار - إحدى صور المصورة سردار التي تُظهر الأهوار في العراق وما حل بها من جفاف

تسعى المصورة الوثائقية الكردية بنار سردار إلى نيل العالمية في مجالها، وتحقيق خطوات أكبر في مجال التصوير الفوتوغرافي الوثائقي، على مستوى المنطقة والعالم. فهي تتابع، وباستمرار، إنجازات المصورين العالمين في هذا المجال.
ومنذ دخولها إلى المجال الفوتوغرافي عام 2009، لم تتوقف عن نقل ما يشهده إقليم كردستان والعراق والمنطقة من أحداث عن طريق قصصها المصورة.
دخولها إلى عالم التصوير الفوتوغرافي كان في أثناء إحدى المظاهرات التي شهدتها مدينتها السليمانية عام 2009، حيث خططت منذ تلك اللحظة أن تكون مصورة تنقل المعاناة وكل الأحداث التي تقع في الإقليم إلى العالم عبر صورها.
وتروي بنار قصتها مع التصوير الفوتوغرافي لـ«الشرق الأوسط»: «لاحظت في أثناء تلك المظاهرة أن مصورين أجانب يغطون الحدث. حينها، طرحت سؤالا على نفسي، وهو: لماذا يأتي هؤلاء المصورون الأجانب لتصوير الأحداث في بلادنا، في حين أننا قادرون على أن نفعل ذلك».
وبدأ مشوارها من خلال التقديم إلى وكالة «ميتروغرافي» الصورية في العراق، التي تتخذ من مدينة السليمانية في إقليم كردستان مقرا لها، وعن ذلك تقول بنار: «اتصلت بوكالة (ميتروغرافي) الصورية، وتحدثت إليهم، وأصبحت عضوا فيها، وكنت الفتاة الوحيدة التي كانت تعمل على إعداد القصص الصورية والوثائقية في هذه الوكالة، وشاركت في أول ورشة عمل فيها، تلقيت خلالها دروسا في كيفية إعداد القصص الصورية على يد المدرب كايل ألفورد».
قصتها الصورية الأولى كانت عن شرطية مرور، وهذه الشرطية في وقتها كانت تعتبر الشرطية الثانية التي تعمل في سلك المرور في السليمانية، وتوضح بنار: «أعددت قصة مصورة عن هذه الشرطية التي كانت تنظم السير في شوارع المدينة، ونُشرت إحدى صور تلك القصة في مجلة (التايم) الأميركية».
وموضوع الصورة هو الذي يجذب هذه المصورة نحوه أكثر من المنظر، إذ تقول: «في إعداد قصصي المُصورة، أبحث عن المواضيع المهمة جدا التي تثير الاهتمام من جهة، ومن جهة أخرى أحاول أن أوصل من خلال صوري رسالة محددة إلى المشاهد، بحيث يؤثر عليه موضوع القصة، ويجعله مندهشا بها، ويدخل إلى أعماقه. وغالبا ما تكون المناظر بسيطة جدا، لكنها تجذبني لها، مثلما حدث في قصة العائلتين اللتين، على الرغم من اختلافهما الديني، كانا يعيشان في مبنى واحد».
والقصة المصورة التي أعدتها بنار كانت عن عائلتين من النازحين، إحداهما عائلة مسلمة والأخرى عائلة مسيحية، تسكنان في البناية نفسها في مدينة كركوك، وهي تُظهر من خلال الصور الجانب الآخر من الصراع الديني والطائفي والسياسي الذي أصبح معمقا في العراق.
ولم تقف هذه المصورة عند معاناة النازحين واللاجئين، بل نقلت معاناة سكان الأهوار في جنوب العراق، حيث جف أهم مصدر من مصادر عيشهم، وهو المسطحات المائية التي يعيشون على حافتها في بيوت من القصب. فساهمت بنار وزملاؤها المصورون الذين عملوا على الموضوع نفسه في إيصال صوت هؤلاء الناس إلى العالم.
وتسلط الضوء على مشروع قصة الأهوار الصورية، قائلة: «مشروع جفاف الأهوار من أهم مشاريعي، وهو الأحب إلى قلبي، فصوري وصور زملائي المصورين الآخرين عن الأهوار أدت إلى أن تدخل هذه المنطقة إلى قائمة التراث العالمي لمنظمة (اليونيسكو)، وقد شكل هذا دافعا لي لأعد مشاريع أفضل في المستقبل»، مستطردة: «حاليا، أنا منشغلة بإعداد مشروع فيديوي عن اللاجئين والنازحين في إقليم كردستان، وكذلك استعد لإعداد مجموعة من مشاريع القصص الصورية والفيديوية التي تختص بمواضيع متنوعة».
وتمضي المصورة بنار قائلة: «حصلت على ميدالية برونزية في مصر، وتلقيت عدة دعوات لتنفيذ مشاريع صورية في مجموعة من الدول العربية والأوروبية، ونُشِرَت صوري في عدة مجلات دولية، منها مجلة (التايم) الأميركية، ومجلة ألمانية سنوية خاصة بالعراق، ومجلة (آرت) الفرنسية، ومجلة (فولكسكرانتي) الهولندية، كما شاركت في 13 معرضا فوتوغرافيا داخل إقليم كردستان، و6 معارض خارجية في عدة دول، منها تركيا وفرنسا».
وتختتم بنار سردار حديثها قائلة: «المصور يجب أن يُثري نفسه بالمعلومات والبحث والتدريب ومشاهدة الأعمال الفوتوغرافية الأخرى، فقبل البدء بأي عمل ينبغي أن يقرأ المرء عنه جيدا كي لا يخطئ. لذا، يجب أن يستعد المصور جيدا لالتقاط الصورة، وإعداد القصة، قبل أن يدخل الميدان، كي يتجنب الإصابة بالذهول، ويتمكن من تنفيذ المهمة بنجاح».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».