«سيرة لوحة».. أعمال تنبض بالتراث والإنسان

معرض تشكيلي للفنان السعودي سعيد الوايل في جمعية الثقافة والفنون بالدمام

القناع الأخير - وجوه متعبة - ذاهبون إلى الخوف - إلى أن يصهل فرسي - لن أبقى وحيدًا في الصحراء
القناع الأخير - وجوه متعبة - ذاهبون إلى الخوف - إلى أن يصهل فرسي - لن أبقى وحيدًا في الصحراء
TT

«سيرة لوحة».. أعمال تنبض بالتراث والإنسان

القناع الأخير - وجوه متعبة - ذاهبون إلى الخوف - إلى أن يصهل فرسي - لن أبقى وحيدًا في الصحراء
القناع الأخير - وجوه متعبة - ذاهبون إلى الخوف - إلى أن يصهل فرسي - لن أبقى وحيدًا في الصحراء

لا تتهاوى البيوت الطينية في الأحساء ولا أزقتها الملتوية تحت عجلات الحضارة الحديثة، ما زالت تنبض في قلوب أبنائها الذين يعيدون التذكير بها وحفظها شعرًا ونثرًا وفنًا بصريًا.
وفي آخر تجاربه التشكيلية يقف الفنان السعودي، (الأحسائي) سعيد الوايل حارسًا لتراث الأحساء الذي أحبه وحفظ تفاصيله ودرس علاقته بالإنسان، ثّم حوّل اللوحة إلى شكل تعبيري يضج بالحياة بصورها وهمومها كافة، ترمز للصورة التراثية وللناس الذين كانوا هناك.
ويُقام حاليًا في جمعية الثقافة والفنون، وحتى الخميس المقبل المعرض الشخصي للفنان التشكيلي سعيد الوايل، الذي يحمل عنوان «سيرة لوحة»، وتنظمه لجنة الفنون التشكيلية والخط العربي بجمعية الثقافة والفنون في الدمام، وافتتحه الفنان التشكيلي عبد الرحمن السليمان.
يتضمن «سيرة لوحة» نحو 30 لوحة تعبر عن العلاقة بين الإنسان والتراث المعماري للقرية التي عاش فيها، وترصد هذه الأعمال علاقات الناس وتعبيراتهم، كما ترصد الجانب المادي للطبيعة التي كانوا يعيشون فيها.
وزائر المعرض لا يتوقف فقط عند اللوحة التي تمثل جانبا من الذاكرة المحلية، بل تستوقفه الوجوه التي عاشت في أزمان وظروف مختلفة، ويمكنه أن يقرأ سيرة اللوحة من خلال الوجوه التي ترمز إليها.
ومنذ نشأته شغف سعيد الوايل بالتراث الأحسائي، بل إن ذائقته امتدت نحو التراث الخليجي بنحو عام. واستلهم الوايل ذائقته الفنية من العمارة التقليدية في الأحساء؛ فقد تعلق بالبيوت الطينية والأزقة الضيقة والسكك الترابية والحارات التي كانت تحمل نقوشًا من الجص على جدرانها، كما كانت الأبواب الخشبية تمثل لوحات فنية، مثلما كانت تلك النقوش تفيض بعلاقتها الحميمية مع المكان والإنسان.
وهو باحث في الفنون والزخارف والنقوش الإسلامية، بدأ قبل أكثر من عشرين عامًا في مشروع توثيق التراث العمراني التقليدي في الأحساء مع الاهتمام بتوثيق الجانب الشفاهي لأساليب البناء المحلي ومستلزماته، كما عمل في مشروع حفظ وتوثيق النقوش الجصية والأبواب والنقوش الخشبية التقليدية.
يقول لـ«الشرق الأوسط» «بدأت كأي فنان تشكيلي يحمل الفرشاة للتعبير عن إحساسه بالجمال وبالعالم المحيط به، لكنني استخدمت مبكرًا المفردات التراثية، مثل البيوت العمرانية وعادات الناس وتقاليدها».
يضيف: «لاحظتُ أن هذه الكنوز التراثية تتهاوى أمام اجتياح الإسمنت، وأن ذاكرتنا تتعرض للضياع، وأن نفتقد التوثيق فتحملت جانبا من هذه المسؤولية، وجعلت الفن التشكيلي جزءا من مشروعي في حفظ التراث وتوثيقه».
يقول: «المكان هو هاجس كبير يسكنني، وعلى مر العصور حفظ المكان الناس الذين عاشوا فيه، والأحداث التي مروا بها، سجلا وتاريخا لا يتلاشى».
يكمل الدايل «اهتممت أكثر بالبيت وعمارته، وحاولت توثيق ما يتعلق بالبناء ونقوشه وتفصيلاته، وإظهار الجانب المعماري ومدلولاته، وفي مرحلة لاحقة حاولت الخروج عن الصورة النمطية للتراث المحلي».
عن هذا التحول يقول «حاولت محاكاة التراث ثم استخراج أدوات وثيمات مختلفة من هذا التراث؛ لم أنظر إليه بصفته مباني جامدة، ولكن بما يقف خلفها من مظاهر الحياة والفرح والحزن والمعاناة للسكان».
يضيف «التراث المحلي يتضمن مخزونا هائلاً من العلاقات العاطفية وصور الحياة النابضة بالإحساس، ووظيفة الفنان ألا يقف عند حدود السور، حيث السور يمثل حدود اللوحة».
يتضمن هذا المعرض 30 لوحة بعضها يبلغ طولها 4 أمتار، وهو يحاول إظهار الوجوه المحلية بما تختزله من تعابير تتضمن الفرح أو الحزن أو المعاناة والتعب، كلوحة «بقايا فرح».
في واحدة من تجاربه في هذا المعرض يقدم تجربة في المفاهيمية غير مألوفة، حيث يمثل عبر لوحة كبيرة نبع ماء مشهوار في الأحساء يسمى «عين أم خريسان»، وهي مكان يمثل خصوبة الأرض ونماء الإنسان يحتضن كل يوم الرجال والنساء الذين يأتون إليه للاغتسال والتزود بالماء، وأيضًا يمثل ناديا اجتماعيًا يلتقون فيه ويغسلون عند جداوله همومهم، هذه التجربة ساقها الوايل عبر لوحة تشكيلية كبيرة غمرها في الماء تقرب المشاهد نحو الواقع.
يقول الوايل: «أحاول عبر هذه اللوحة، وعبر المعرض إعطاء بُعد فني، وعقد رابطة بين اللوحة القديمة، حيث يحلو للناس العيش داخلها، ثم الخروج من هذه اللوحة إلى عوالم جديدة ترصد مشاعر الناس وهمومهم».
سعيد عبد الله الوايل، من مواليد الأحساء (1966)، يحمل الماجستير في الفنون الجميلة، وبكالوريوس في اللغة والأدب الإنجليزي، ودبلوما في التربية الفنية، وعمل مدرسًا للفنون ما يزيد على 30 عامًا في مدارس التعليم العام.
وإلى جانب اهتمامه بالفن التشكيلي، فهو أيضًا باحث في الفنون والزخارف والنقوش الإسلامية، وعضو اللجنة العالمية للمحافظة على التراث الإنساني «إيكوموس»، وعضو جمعية المحافظة على التراث السعودي، ومثلها جمعية التراث العمراني بدولة الإمارات.
كما أنه مصور فوتوغرافي حمل الكاميرا لتوثيق التراث المحلي، وهو عضو جماعة الأحساء للتصوير الضوئي، وعضو الجمعية السعودية للتصوير الضوئي.
شارك في الكثير من المعارض والمؤتمرات والمناسبات التشكيلية المحلية والدولية في الرسم والتصوير، وله مجموعة من الدراسات والبحوث والمقالات المنشورة التي تهتم بالنواحي الجمالية والتاريخية في الفنون الشعبية في الخليج العربي.
وقد أنجز الوايل خلال السنوات العشر الأخيرة مشروع حفظ وتوثيق حرفة النجارة التقليدية في الخليج العربي، وما يرتبط بها من صناعة الأبواب والنقوش الخشبية التقليدية في مناطق الخليج كافة، وصدرت له مجموعة دراسات في هذا الشأن.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.