الحوثيون يجبرون الشعب اليمني على دفع فاتورة الحرب نقدًا

حقوقيون: الانقلابيون يزجون بالمواطنين في المعتقلات

الحوثيون يجبرون الشعب اليمني على دفع فاتورة الحرب نقدًا
TT

الحوثيون يجبرون الشعب اليمني على دفع فاتورة الحرب نقدًا

الحوثيون يجبرون الشعب اليمني على دفع فاتورة الحرب نقدًا

دخل المتمردون الحوثيون مرحلة جديدة من التعدي على حقوق المواطنين اليمنيين، فأقروا اقتطاع مبالغ مالية لدعم حربهم على الشرعية في البلاد، وذلك عبر إجبار كل فرد على دفع مبلغ لا يقل عن 500 ريال يمني (دولارين)، فيما لا يتجاوز متوسط دخل الفرد في اليمن حاليًا دولارًا واحدًا فقط.
وباشرت قيادة التمرد عبر ذراعها العسكرية المتمثلة في الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، إجراءات تعسفية أجبرت من خلالها كل فرد في اليمن على دفع أموال بداعي دعم الجهود الحربية.
وأكدت مصادر متطابقة لـ«الشرق الأوسط»، تعميد عدد من الوجهاء وشيوخ القبائل للضغط على الأفراد الموالين لهم، وإلزام الأسر بدفع مبالغ مالية عن كل فرد من أفراد الأسرة، على أن يتم صرف هذه المبالغ على متطلبات الميليشيات الحوثية، بعد اقتطاع مبالغ منها لصالح رفاهية قيادات التمرد في اليمن.
وأكدت المصادر إجبار مشايخ القبائل والنافذين والساعين للجاه والسلطة على تفويج أعداد كبيرة من الشباب والأطفال إلى جبهات القتال، وإجبار الأسر الرافضة لتجنيد أبنائها على دفع مبالغ مالية، وفي حال نفذ مشايخ القبائل والنافذون والساعون للجاه والسلطة متطلبات التمرد الحوثي، تتم مكافأتهم بالوظيفة العامة والترقيات.
في هذه الأثناء، قالت ناشطة حقوقية تعرضت للاعتقال مؤخرًا، لـ«الشرق الأوسط»، إن التمرد الحوثي لا يزال يزج بكثير من أبناء الشعب اليمني في غياهب المعتقلات، ضمن سياسة الترهيب التي تنتهجها قيادات التمرد على الشرعية. وذكرت الناشطة التي خرجت من المعتقل في صنعاء: «إن الانقلابيين يخفون جرائمهم بعيدًا عن الأنظار وعيون الإعلام، وذلك خوفًا من رد فعل المنظمات الحقوقية التي ترصد الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان منذ سقوط العاصمة صنعاء بيد الاحتلال الحوثي». وأضافت أن أبناء وبنات وزوجات المعتقلين ذهبوا لرؤية ذويهم في المعتقلات خلال عيد الأضحى، لكن المتمردين رفضوا أن ذلك وتعمدوا إهانة الزوار ومعاملتهم بشكل سيء على مرأى ومسمع من بعض المعتقلين القابعين خلف القضبان وهو ما أثار غضبهم. ولفتت إلى أن المتعقلين أعلنوا اعتراضهم على ما فعله المتمردون بذويهم، ولم يكن من المسؤولين في السجن إلا منعهم من الطعام يومًا كاملاً، ومنعهم من شرب الماء النظيف وإجبارهم على المياه الملوثة، ومنع الزيارة عنهم.
وأفصحت الناشطة الحقوقية، بأن المداهمات للمنازل والاعتقالات لا تزال مستمرة منذ عيد الأضحى، وخلال الأيام الماضية جرى اعتقال أكثر من 30 مواطنًا بتهمة عدم تأييد الانقلابين ليصبح عدد المعتقلين في صنعاء وضواحيها أكثر من 3400 شخص.
وبحسب المتحدثة ذاتها، يفتح الانقلابيون منازل الشخصيات اليمنية المعارضة لهم، والتي غادرت اليمن ويبيعونها لأصحابهم وذويهم، وهو ما فعلوه أول من أمس ببيت عبد الوهاب الأنسي الأمين العام لحزب الإصلاح، إذ اقتحموا البيت وحصروا محتوياته، تمهيدًا لتسكين أحد قيادات الحوثيين فيه، فضلاً عن إجبار الأفراد على دفع مبالغ مالية عن كل فرد من الأسرة للمجهود الحربي، ويتم جمعها من شيوخ القبائل وغيرهم من الأعيان، مبينةً أن من يرفض الدفع يتم اعتقاله أو دخول منزله وأخذ شيء من أثاثه أو ممتلكاته بالقوة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.