هيام عباس وفورست ويتيكر يستحقانها.. رحلتان طويلتان في عالم التمثيل أوصلتهما إلى احتفاء مشهود بهما

مهرجان أبوظبي السينمائي- 4

هيام عباس وفورست ويتيكر يستحقانها.. رحلتان طويلتان في عالم التمثيل أوصلتهما إلى احتفاء مشهود بهما
TT

هيام عباس وفورست ويتيكر يستحقانها.. رحلتان طويلتان في عالم التمثيل أوصلتهما إلى احتفاء مشهود بهما

هيام عباس وفورست ويتيكر يستحقانها.. رحلتان طويلتان في عالم التمثيل أوصلتهما إلى احتفاء مشهود بهما

الكلمة المستخدمة للاحتفاء بسينمائي (أو سواه في المجالات الثقافية والفنية المختلفة) هي «تكريم»، وهي كلمة لا تحقق المطلوب منها بل ربما لها وجه سلبي على أساس أن التكريم يضفي على المناسبة شيئا من التبني أو الفوقية. الكلمة الأفضل هي «الاحتفاء» فهي تعبر أكثر عن المرغوب وتمنح الشخصية المحتفى بها وضعا مساويا لوضع المحتفي.
على ذلك فإن الشخصيتين المحتفى بهما هذا العام في مهرجان أبوظبي السينمائي هما الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيام عباس والممثل الأميركي فورست ويتيكر. والاثنان جديران بهذه اللفتة الجيدة. الأولى لباعها الطويل في السينما العربية وغير العربية ولمحاولاتها الدؤوبة تقديم أدوار في أفلام تعكس رؤية معتدلة ومتوازنة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية - الإسرائيلية، والثاني لرحلته ذات الخطوات الثابتة في مجال التمثيل، علما أن كليهما يترك على الشاشة، كممثل، حضورا مجسدا وخاصا.
لعل القليلين يعرفون أن أول فيلم ظهرت هيام عباس فيه كان فرنسيا، وذلك قبل ثلاثة أشهر من ظهورها في فيلمها الثاني. الفيلم الأول كان «عندما تبتعد القطط» لسدريك كلابيش (عرض في الثالث من أبريل/ نيسان سنة 1996)، والثاني هو «حيفا» لرشيد مشهراوي (عرض لأول مرة في الثامن من أغسطس/ آب من العام ذاته). لكن فيلم رشيد مشهراوي هو من قدم هيام عباس كما نعرفها: ممثلة تؤدي شخصياتها بمنوال طبيعي مقنع وإن كان أحيانا غير قوي في بصمته كما يحلم المرء.
لم تؤد دائما أدوارا فلسطينية فهي مغربية في «الحياة في الفردوس» (1998)، ومغربية أيضا في «علي.. ربيعة والآخرون» (2000)، وجزائرية من المولودات في باريس في «أب حنون» (2002). الملاحظ أيضا هو أنها لم تمثل في الأفلام الفلسطينية ولا الإسرائيلية أكثر من تمثيلها الأفلام الفرنسية. في أفلامها الفلسطينية وتلك الممولة إسرائيليا لعبت دائما دور المرأة الفلسطينية وشخصت في العديد من المناسبات أدوار الأم والخالة والعمة أو المرأة التي تجاوزت سن الشباب، وذلك منذ البداية. هذا حدث مثلا في «باب الشمس» ليسري نصر الله (2004)، و«العروس السورية» لإيران ركليس (2004)، وكانت أم أحد الشابين اللذين أسندت إليهما مهمة انتحارية في فيلم هاني أبو أسعد «الجنة الآن» (2005)، وامرأة ناضجة المدارك وذات موقف سياسي مكمل للبانوراما المشهدية كما وضعها المخرج آموس غيتاي في «فك ارتباط».
وهي عادت إلى المثول تحت إدارة المخرج الإسرائيلي إيران ركليس في فيلمه اللاحق «شجرة الليمون» (2008) مؤدية دور صاحبة الحقل الذي تنوي السلطات الإسرائيلية قطع أشجاره لأنها تشكل ملجأ لمقاتلين محتملين إذا ما اختاروا الاختباء تحت الشجرات الكثيفة لشن هجوم على منزل أحد الوزراء.
بعد فيلمين قصيرين أخرجتهما، انبرت لإخراج فيلمها الطويل الأول «الإرث». هنا اختارت الممثلة لموضوع فيلمها الأول كمخرجة التعامل مع واقع مثير للاهتمام ووضعه على خلفية قلما أثارت اهتمام مخرجين روائيين فلسطينيين. فالفيلم يتعاطى بعض الشؤون الممكن تفسيرها سياسيا بلا ريب، مثل واقع الحياة في فلسطين تحت هيمنة، ولو غير منظورة، للسلطة الإسرائيلية، لكنه يبقى في نطاق الترفيه مع نبرة اجتماعية عالية حول حقوق المرأة الفلسطينية المهدورة في مجتمعها أولا.
إنه عن الفتاة الشابة (حفصية حرزي) التي تنتمي إلى عائلة محافظة والواقعة في حب رجل مسيحي و«من بريطانيا التي تسببت في ضياع فلسطين» كما يخبرها والدها قبل أن يسقط مشلولا حين ترفض الانصياع إلى توجيهاته. يسعى ابنه لجمع التوقيعات لكي يتصرف بأموال وممتلكات والده حتى يسد ديونه، بينما يتحالف آخر مع الإسرائيليين للفوز بالانتخابات المحلية ويعاني إذلال الفريقين، الفلسطيني والإسرائيلي، له. زوجته ليست سعيدة بدورها لأنها تعاني من معاملته القاسية. هؤلاء وبضعة شخصيات أخرى تعيش حالاتها على الشاشة كما لو أن القصة كانت من إنتاج عمل تلفزيوني. «سوب أوبرا» ولو أفضل قليلا من الإنتاجات التلفزيونية.
المساحة السياسية الوحيدة هنا هي أن الأحداث تقع خلال الحرب التي اندلعت بين لبنان وإسرائيل صيف 2006، ولو أن كل ما يذكرنا بتلك الحرب هو أصوات القذائف ومشاهد الطائرات الإسرائيلية المتوجهة شمالا. وفي حين أن توليف الفيلم وتنفيذه يضمن إيقاعا جيدا، إلا أن الموضوع يبقى هشا وكثير منه مصنوع لاستخدام فولكلوري. التمثيل غير متساو وهو ركيك للغاية من حفصية حرزي غير القادرة على امتلاك لهجة فلسطينية حقيقية.
حاليا، هي في الإعداد لفيلمها الثاني لكنه ليس فيلما من ملكها وحدها. شركة إنتاج ألمانية (لاغو فيلم) تطمح لتحقيق فيلم عن مدينة القدس يكون من نوع طرح رؤية كل مخرج على حدة بالنسبة للقدس. عنوان الفيلم «جيروسالم.. أحبك»، وهيام ليست فقط المخرج - الأنثى الوحيدة بين المخرجين الخمسة المشتركين معا، بل العربية الوحيدة أيضا.
الاحتفاء بها يأتي في المرحلة المناسبة. لا هو مبكر ولا هو متأخر بل في وقته الصحيح لكونها كونت خبرة عمل طويلة ولا تزال في مطلع الخمسينات من حياتها وأمامها مشوار نتمنى له أن يطول.

حلم تحقق
فورست ويتيكر يشترك مع هيام في طول تجربته (كما أنه في الثانية والخمسين من العمر مثلها تماما)، ولد أميركيا ومثل معظم أفلامه في الولايات المتحدة، ومثلها لديه باع - ولو أطول - في حقل الإخراج (أربعة أفلام عوض فيلم واحد حتى الآن بالنسبة لهيام عباس). كان بدأ تلفزيونيا في مطلع الثمانينات وبعد أن ظهر في دور صغير فيلم بعنوان «طلب رؤية» Vision Quest سنة 1985 عاد إلى التلفزيون حتى عام 1986 عندما ظهر في فيلمين سينمائيين هما «لون المال» لمارتن سكورسيزي، و«فيلق» لأوليفر ستون. أدواره استمرت مساعدة لثلاث سنوات حتى اختاره كلينت إيستوود لبطولة «بيرد» عن عازف الساكسفون الشهير تشارلي بيرد باركر. إلى اليوم، ما جسده ويتيكر لخدمة هذه الشخصية الحقيقية لا يوجد من يمكن له أن يجسده أفضل منه. كل متاهات الممثل العاطفية والنفسية. تلك المشاهد من المعاناة الخاصة وتلك التي تصور سقوطه في الإدمان في انتحار مزمن منح الممثل فضاء رائعا لإثبات مواهبه والانتقال من وضع لآخر أفضل منه.
بعد ذلك تكاثرت أفلامه من «جوني هاندسوم» إلى «لعبة البكاء» ومن «ناهشو الجسد» إلى «كلب شبح». في التسعينات ظهر في نحو 25 فيلما، وهذا وضعه سنة 2002 على منصة المخرج ديفيد فينشر في «غرفة الفزع» ومنه، بعد أربع سنوات، على منصة الأوسكار ليتسلم جائزة أفضل ممثل مساند عن دوره في «آخر ملوك اسكتلندا».
ربما يتكرر هذا الوضع في العام المقبل إذا ما تم ترشيح فورست للأوسكار مجددا عن دوره في «رئيس الخدم»، لكنه الآن سعيد بأن يؤم مهرجانا يقام في عاصمة خليجية، إذ يقول لنا: «أنا سعيد فعلا بأني سأتسلم جائزة خاصة في هذا المهرجان، لكن زيارة عاصمة عربية بالنسبة لي كان حلما مهما بالنسبة لي، وسعيد جدا أنه تحقق».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».