أسبوع لندن لربيع وصيف 2017.. كرنفال من الألوان الصاخبة

المصممون يتحسبون لأي تغيرات يفرضها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

من عرض شارلوت اوليمبيا - من عرض «فيرسيس» لدوناتيلا فرساتشي - من عرض ماريا كاترانزو - من اقتراحات أنيا هندمارش - من اقتراحات شارلوت أوليمبيا - من شارلوت أوليمبيا
من عرض شارلوت اوليمبيا - من عرض «فيرسيس» لدوناتيلا فرساتشي - من عرض ماريا كاترانزو - من اقتراحات أنيا هندمارش - من اقتراحات شارلوت أوليمبيا - من شارلوت أوليمبيا
TT

أسبوع لندن لربيع وصيف 2017.. كرنفال من الألوان الصاخبة

من عرض شارلوت اوليمبيا - من عرض «فيرسيس» لدوناتيلا فرساتشي - من عرض ماريا كاترانزو - من اقتراحات أنيا هندمارش - من اقتراحات شارلوت أوليمبيا - من شارلوت أوليمبيا
من عرض شارلوت اوليمبيا - من عرض «فيرسيس» لدوناتيلا فرساتشي - من عرض ماريا كاترانزو - من اقتراحات أنيا هندمارش - من اقتراحات شارلوت أوليمبيا - من شارلوت أوليمبيا

إنه واحد من أهم مواسم الموضة التي تشهدها لندن، والسبب لا يتعلق بالأزياء والإكسسوارات وحدها، بل لأنه أول موسم تشهده العاصمة البريطانية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، والأول في دمج الرجالي بالنساء، وبيع كل ما نراه على المنصات مباشرة بعد العرض، عوض الانتظار 6 أشهر قبل وصولها إلى المحلات، كما كان متبعا من قبل. ففي عصر الإنستغرام ووسائل التواصل الاجتماعي، كان لا بد أن تتطور استراتيجيات الوصول إلى أكبر عدد من الزبائن، وفي أقرب وقت، ليس لقطع الطريق أمام الاستنساخ فحسب، بل لـ«ضرب الحديد وهو ساخن»، حسب قول كريستوفر بايلي، مصمم دار «بيربري». فهذا الأخير يعتبر من أقوى المنادين بمعانقة هذه الاستراتيجية، من منطلق أن المرأة ترغب في هذه القطع وهي تحت سكرة الإعجاب وإبهار العروض، وفي حال انتظرت 6 أشهر، فإنها قد تنساها خصوصا مع ظهور تصاميم أخرى تجعل ما رأته منذ 6 أشهر «موضة قديمة». وجهة نظر معقولة جدا بالنسبة للمرأة، يفهمها حتى المصممون الذين يتمنعون، لا سيما من ليست لهم القدرات الإنتاجية التي تتمتع بها «بيربري» وغيرها من بيوت الأزياء المماثلة.
من هؤلاء نذكر دار «مالبوري» التي قدم لها الإسباني جوني كوكا ثاني عرض له. ليس هذا فحسب، بل أيضًا لم ينسَ أن الموسم هو موسم رجالي، ولو على الخفيف، فتعمد أن يسرق بعض الإيحاءات الرجالية، ويُدخلها خزانة المرأة. فرغم أن الدار تتخصص في الإكسسوارات والأزياء النسائية، فإنه لم يرد أن يبقى خارج لعبة «تزويج» الذكوري والأنثوي، وقدم كثيرا من السترات المقلمة المتسعة التي نسقها مع بنطلونات قصيرة واسعة هي الأخرى، بحيث تبدو من بعيد وكأنها تنورات ببليسيهات.
وكانت هناك خامات كثيرة، لكن الصوف كان قويا فيها، علما بأنه غُزل بالكامل في معامل بريطانية، وكأن الدار تتحسب للتغيرات التي يمكن أن تنتج عن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وللوهلة الأولى، يبدو أن جوني كوكا قدم تشكيلة تحترم كل المعايير الكلاسيكية التي تعودت عليها الذائقة البريطانية، مثل السترات المقلمة والمعاطف الواسعة ونقشات البايزلي والكشاكش في فساتين مطبوعة بالورود تستحضر الجدات وغيرها، لكنه نفى ذلك قائلا إنه أرادها أن تكون بمثابة «زي رسمي يحترم التقاليد، لكن دون رسمية أو قيود تكبل المرأة». وحتى يخفف من رسمية بعض الخطوط، أضاف لمسات هندسية غير متوازية، رأيناها في عرضه السابق، وعاد إليها مرة أخرى، كان لها مفعول السحر في التخفيف من صرامة التفصيل الرجالي.
ولأن جوني كوكا عمل في جانب الإكسسوارات في دار «سيلين» قبل التحاقه بـ«مالبوري»، فإن قوته ظهرت جلية في حقائب اليد، وهو ما برهن عليه أيضًا في تشكيلته السابقة التي أنعشت مبيعات الدار بعد سنوات عجاف قبله، فقد أعلنت «مالبوري» في شهر يونيو (حزيران) الماضي تسجيلها ارتفاعا في مبيعاتها بنسبة 5 في المائة. ولا شك أن هذا ما أعطاه ثقة أكبر في أن يُبدع المزيد، رغم أنه قال إن كل ما قام به أنه عاد إلى الأرشيف، واستقى من أيقونات الدار السابقة، مكتفيا بإضافة لمسات عصرية خفيفة عالية كانت كل ما احتاجه ليجعلها ملكه. فمثلا، ظهرت حقيبة «بيكاديلي» القديمة في العرض الأخير بحجم أكبر، ومبطنة بالحرير، كما حضرت حقيبة «بايزووتر» بتفاصيل مقلمة متماوجة.
وقبل عرض «مالبوري»، الأحد، قدمت «دوناتيلا فيرساشي»، مساء السبت، عرض خطها الأصغر «فيرسيس»، دامجة الرجالي والنسائي بشكل تناغم فيه الأسلوب «السبور» مع «العصري» بشكل رسخ مكانتها كمصممة تعلمت من الماضي، وباتت تعرف ما يحتاجه زبائنها تماما. وقد أناطت مهمة افتتاح العرض ببيلا حديد التي ظهرت بإطلالة شبابية مثيرة. ولم تكن «دوناتيلا» تحتاج إلى أختها العارضة جيجي حديد لكي تنافسها، فهذه الأخيرة قامت بمهمتها على أحسن وجه، أفضل مما لو تهادت على منصة العرض، لأنها كانت تجلس كضيفة شرف برفقة صديقها المغني زاين مالك، وهو ما أثار كثيرا من الاهتمام من قبل الـ«باباراتزي».
وكانت جيجي ترتدي جاكيتا من الجلد الأسود، و«شورتا» قصيرا، مع «بوت» برقبة عالية من التشكيلة.
والجاكيت نفسه ظهر بأشكال كثيرة وألوان تتباين بين الأسود والفضي، أحيانا من دون أكمام وأحيانا قصيرا على شكل «بوليرو»، أو واسعا بحزام يحدده. ولأننا في عرض «فيرسيس»، ولأن الخط الأم هو «فرساتشي»، ودوناتيلا فيرساتشي تسلمت مهمة تصميمه بنفسها مع فريق مساعد منذ التحاق أنطوني فيكاريللو بدار «سان لوران»، كان من الطبيعي أن نرى كثيرا من الفساتين والتنورات القصيرة جدا والبنطلونات الضيقة المثيرة.
ودوناتيلا ليست وحدها التي ظلت وفية لأسلوبها، فالمصممة ماري كاترانزو هي الأخرى أكدت أنها وفية ليس فقط لأسلوبها الفني المبتكر، بل أيضًا لمسقط رأسها (اليونان)، فقد ركزت على غير عادتها على إيحاءات قوية من الحضارة اليونانية القديمة في هذه التشكيلة الموجهة لربيع وصيف 2017. إيحاءات ظهرت في النقشات الجريئة والألوان الصارخة المتضاربة مع بعضها بأسلوب تعرف المصممة الشابة كيف تروضه ليتناغم مع بعضه بعضا.
وحتى لا تبقى سجينة الماضي البعيد، مزجت كاترانزو الرسمات الفنية بإيحاءات بالقوة نفسها من ستينات القرن الماضي، ظهرت تحديدا في ألوان النيون وبعض اللمسات المستقبلية. وقد صرحت المصممة بعد عرضها بأنها تتجنب في العادة «الشخصي» والإغراق في الماضي، لكنها شعرت هذه المرة أنها مستعدة لكي تعود إلى جذورها وثقافتها. وترجمة هذا الحنين ظهرت من الإطلالة الأولى، حين غمرتنا بشلال من الألوان الصارخة، والخطوط المحددة على الجسم، والنقشات التي جاء بعضها منقوشا بما يُشبه الفسيفساء، وبعضها الآخر مُغطى بالكامل برسمات تُجسد إما مزهرات أو لوحات فنية يظهر فيها أبطال من الثقافة الإغريقية القديمة. لكن الجميل في هذه التشكيلة أن المصممة لعبت كعادتها على مكمن قوتها باستعمالها هذه النقشات المتضاربة والرسمات الفنية لإضفاء جرعة من الأنوثة والجمال على الجسد، بتتبعها تضاريسه بشكل محسوب مدروس، وليس فقط للتزيين والزخرفة فحسب.
ولم يتوقف كرنفال الألوان الصاخبة عند ماريا كاترانزو، فالملاحظ في المواسم الأخيرة أن مصممتي الإكسسوارت آنيا هندمارش وشارلوت أوليمبيا لم تعودا تقتصران على عرض بسيط جامد، بل أصبحتا تقدمان عروضا حية. الأولى بطرحها تشكيلة أزياء تعزز حقائب اليد، والثانية -كما برهنت مساء الأحد - بعرض راقص كان بمثابة كرنفال أخذتنا فيه إلى ريو دي جانيرو، وكانت الفاكهة الاستوائية هي البطل فيه. فقد ظهر الموز والبطيخ والأناناس وغيرها من الفواكه الاستوائية الأخرى في كثير من الأحذية المبتكرة التي ستجد حتما طريقها إلى شوارع العالم. فالمرأة أيا كانت جنسيتها وثقافتها لن تستطيع مقاومة إغراء دفء ومرح ريو دي جانيرو، ولا لذة الفاكهة، وهذا ما تراهن عليه شارلوت أوليمبيا، في وقت تحتاج فيه عملية التسويق إلى الإبداع والابتكار من كل الزوايا وعلى كل الأصعدة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».