فيصل بن سلمان يوجّه بتنفيذ الخطط التشغيلية لموسم ما بعد الحج

رفع التهنئة لخادم الحرمين الشريفين بنجاح الموسم

أمير المدينة المنورة يتفقد الخدمات التي تقدم إلى الحجاج (واس) - الأمير فيصل يستمع  إلى عدد من الحجاج الذين  وصلوا إلى المدينة المنورة - جانب من الجولة التفقدية
أمير المدينة المنورة يتفقد الخدمات التي تقدم إلى الحجاج (واس) - الأمير فيصل يستمع إلى عدد من الحجاج الذين وصلوا إلى المدينة المنورة - جانب من الجولة التفقدية
TT

فيصل بن سلمان يوجّه بتنفيذ الخطط التشغيلية لموسم ما بعد الحج

أمير المدينة المنورة يتفقد الخدمات التي تقدم إلى الحجاج (واس) - الأمير فيصل يستمع  إلى عدد من الحجاج الذين  وصلوا إلى المدينة المنورة - جانب من الجولة التفقدية
أمير المدينة المنورة يتفقد الخدمات التي تقدم إلى الحجاج (واس) - الأمير فيصل يستمع إلى عدد من الحجاج الذين وصلوا إلى المدينة المنورة - جانب من الجولة التفقدية

رفع الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس لجنة الحج بالمنطقة، التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بمناسبة نجاح موسم الحج، وفق رؤية ومنهجية في إدارة منظومة الحج مكنت ضيوف الرحمن من أداء فريضتهم بكل يسر وطمأنينة، داعيًا الله أن يحفظ البلاد التي شرفها الله بتقديم الخدمات لضيوف الرحمن منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن وحتى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، والتي أثبتت قدرتها في قيادة هذه المنظومة لخدمة الحرمين الشريفين ورعاية ضيوف الرحمن على أكمل وجه.
ووجّه الأمير فيصل بن سلمان بمضاعفة الجهود والعمل على تنفيذ الخطط التشغيلية لموسم ما بعد الحج، والارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وتسهيل الإجراءات كافة لمغادرتهم إلى بلدانهم سالمين.
وأعرب أمير المدينة المنورة عقب جولة تفقدية بمحطة استقبال حجاج الجو والبحر بطريق الهجرة ومقر لجنة الحج ضمن أعمال موسم ما بعد الحج بالمدينة المنورة، عن اعتزازه بالجهود التي تقدمها الجهات الحكومية والأهلية كافة لخدمة الوفود الإسلامية منذ لحظة توافدهم إلى الأراضي المقدسة وحتى موعد مغادرتهم إلى بلدانهم سالمين غانمين.
وأضاف أن ما تحقق من نجاحات قياسية لموسم الحج جاء متوافقًا مع منظومة العمل الميدانية، بمتابعة وتوجيه مباشر من الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، رئيس لجنة الحج العليا لضمان أمن واستقرار ضيوف الرحمن.
وثمّن النجاحات التنظيمية لأعمال الحج التي أشرف على تنفيذها الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية والتي أسهمت بشكل فعّال في تحقيق الأهداف المرجوة في ظل التحديات التي شهدها موسم الحج.
وكان الأمير فيصل بن سلمان، استهل زياراته التفقدية لمركز استقبال حجاج الجو والبحر بطريق الهجرة، بالاستماع إلى شرح من وكيل وزارة الحج لشؤون الزيارة محمد البيجاوي عن سير الخطة التشغيلية لأعمال موسم ما بعد الحج، والخدمات التي يقدمها مركز الاستقبال الذي يصل عبره الحجاج القادمون برًا من مكة المكرمة ومطار الملك عبد العزيز الدولي وميناء جدة الإسلامي على متن حافلات النقابة العامة للسيارات، ويعد المركز من أكثر منافذ المدينة المنورة نشاطًا في حركة الحجاج القادمين والمغادرين، ويتكون المركز من صالة للاستقبال يتوفر بها مكاتب لوزارة الحج والعمرة والمؤسسة الأهلية للإدلاء المعنية باستقبال الحجاج وإنهاء إجراءات تفويجهم للمساكن ومكاتب للنقابة العامة للسيارات، إضافة إلى مواقف لتخزين الحافلات التي يصل عددها لما يتراوح بين ألفي و3 آلاف حافلة في آن واحد، ومكتب إرشاد الحافلات المسؤول عن إيصال الحجاج إلى سكنهم عطفًا على بعض الإدارات الحكومية مثل الشؤون الصحية ممثلة في المركز الصحي وكذلك مركز فحص سائقي الحافلات.
ويحتوي المركز على مسارات مخصصة لاستقبال حافلات نقل الحجاج وإنهاء إجراءاتهم، إضافة إلى متطلبات تقديم الخدمات من شبكة اتصالات بالإنترنت ومركز تسجيل جوازات سفر الحجاج والأرشيف المؤقت لحفظها وتجهيزها للنقل لمكاتب الخدمة الميدانية فور توجه الحجاج من مركز الاستقبال لمساكنهم في المدينة المنورة.
ويستقبل المركز خلال موسم الحج عام 1437هـ نحو 750 ألف حاج على مدار الموسمين (قبل الحج وبعد الحج) يتم خدمتهم بمتوسط زمني مقداره 5 دقائق للحافلة الواحدة المكتملة الإجراءات وبمتوسط زمني مقداره 24 دقيقة للحافلة غير مكتملة الإجراءات، ويبدأ العمل بالمركز اعتبارًا من 1 ذي القعدة من كل عام حتى 15 محرم.
كما قام أمير منطقة المدينة المنورة بجولة تفقدية لمقر لجنة الحج، استمع خلالها لشرح من المدير العام للحج والعمرة والزيارة بإمارة المنطقة سامي عيساوي عن خدمات لجنة المتابعة والتنسيق، إضافة إلى مؤشرات الأداء ومجمل الإحصائيات والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن زوار مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم خلال أعمال الموسم الثاني، حيث تشرع وحدة العمليات المتابعة الميدانية بإمارة المنطقة في متابعة جميع أعمال الحج ميدانيًا من خلال غرفة العمليات المرتبطة إلكترونيًا بكاميرات المراقبة في محطات استقبال الحجاج في منافذ المدينة المنورة، والمتمثلة في محطة استقبال حجاج البر ومحطة استقبال حجاج البحر والجو (الهجرة) إضافة إلى محطة الميقات وذلك من خلال التواصل المرئي بالمواقع والمنافذ الخاصة بالحجاج للإشراف ومتابعة منظومة العملية التشغيلية لموسم ما بعد الحج التي تستقبل فيه المدينة المنورة أكثر من نصف مليون حاج.
كما استمع الأمير فيصل بن سلمان إلى شرح مفصل عن دور الفرق الميدانية المعنية بمتابعة حركة الحجاج في المنطقة المركزية بالمدينة المنورة والتي ترصد على مدار الساعة جميع الملاحظات المرتبطة بأعمال الحج في المنطقة ومتابعة حركة تفويج الحجاج إلى الوحدات السكنية إلى جانب متابعة حركة المغادرة عبر المنفذ الجوي بمطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة.
وشاهد أمير المدينة المنورة الآلية الإلكترونية لرصد الملاحظات من خلال التطبيقات الإلكترونية عبر الأجهزة اللوحية للفرق الميدانية والتي تتضمن كاميرات التصوير لرصد المخالفات وتوثيقها إلكترونيًا والتواصل مع الجهات المعنية لتلافي الملاحظات وفق المحددات والمعايير الزمنية، بالتنسيق مع ضباط الاتصال بالجهات المرتبطة بأعمال موسم ما بعد الحج في المنطقة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)