إيما ستون: أحلم بالمشاركة في فيلم يعود للعصر الذهبي لهوليوود

إيما ستون  -  ستون ورايان غوزلينغ في «لا لا لاند»
إيما ستون - ستون ورايان غوزلينغ في «لا لا لاند»
TT

إيما ستون: أحلم بالمشاركة في فيلم يعود للعصر الذهبي لهوليوود

إيما ستون  -  ستون ورايان غوزلينغ في «لا لا لاند»
إيما ستون - ستون ورايان غوزلينغ في «لا لا لاند»

يتردد اسم إيما ستون في عداد أكثر الممثلات بالنسبة لاحتمالات الفوز بجملة من جوائز الموسم. دورها في «لا لا لاند» لن يمر سريعًا، واسمها سينتقل من ترشيحات جمعية الممثلين إلى ترشيحات الغولدن غلوبس ومن هذه إلى البافتا والأوسكار.
ها هي ربحت جائزة أفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم في مهرجان فنيسيا الماضي. والكثيرون في «تورونتو» يقولون: لو أن المهرجان الكندي كان مهرجانًا بجوائز لخرجت بجائزة ثانية. آخرون يطلبون التريـث: «هي بالفعل ممثلة جيدة، لكن في جوارها عددا كبيرا من الممثلات الأميركيات والبريطانيات هذا العام، ويجب ألا نؤخذ بالنتائج الأولى».
في السابعة والعشرين من عمرها. ولدت في مدينة سكوستدايل التي لا تزال تحتفظ، في بعض ضواحيها، بمعمار القرن التاسع عشر. جدها السويدي حط رحاله في تلك المدينة، ووالدها لم يغادرها وأمها من أصول بريطانية وألمانية.
خاضت المسرح صغيرة وانتقلت إلى هوليوود قبل تسع سنوات أنجزت فيها نحو 22 دورًا، بعضها مما يمكن لغيرها القيام به من دون فرق يذكر (مثل «حب مجنون وغبي»، 2011) وبعضها سخيف («المقابلة»، 2014)، لكن بعضها مثلته بعناية؛ لأنه وقع بين أيدي مخرجين من الصعب قبولهم بالمعتاد (ظهرت في «بيردمان» لأليخاندرو غونزاليس إناريتو لاعبة دور ابنة مايكل كيتون وفي بطولة «رجل غير منطقي» لوودي ألن).
لكنها في «لا لا لاند» وجدت فرصتها لكي تطير أو، كما تقول، لتدرك أنها «المرة الأولى التي يطلب فيها مني تمثيل دور لم أكن أتوقعه».
«الشرق الأوسط» التقت ستون ودار معها الحوار التالي:
* مبروك. خرجت بجائزة أفضل ممثلة في «فينسيا» ماذا يعني لك هذا؟
- شكرًا. معظم الجوائز التي فزت بها من قبل كانت من جمعيات خاصـة. فزت بجائزة واحدة من قبل في مهرجان، لكنه لم يكن مهرجانًا كبيرا (تقصد مهرجان هامبتون، ولاية نيويورك)؛ لذلك جائزة «فينيسيا» هي أول جائزة من مهرجان بهذا الحجم، ولا يمكن أن أضع في كلمات، كم أنا سعيدة بهذا الفوز.
* هل ترين أنها بداية مرحلة من الجوائز هذا العام؟
- من ناحية، أستطيع أن أسألك: لمَ لا؟ لكن من ناحية أخرى لا أريد التفكير في هذا الشأن الآن.
* كثيرون لا يريدون التفكير في الجوائز، لكنهم يفوزون بها في نهاية المطاف. هل عدم الرغبة في التفكير باحتمالاتها نوع من اللجوء إلى الأمان بعيدًا عن التوقعات؟
- في حالتي أنا نعم، وربما في الحالات الأخرى. لا أرى من المناسب أن يتحدث الممثل عن توقعاته. أساسًا لا أملك ما أقوله سوى أنني سأكون سعيدة لو فزت، لكني لن أستاء إذا لم أفز.
* هنا في «تورونتو» الاستقبال الحافل نفسه. الكثير كتب عن الفيلم وعنك؛ ما يؤكد أن للفيلم لغة عالمية، أو بالأحرى لغتين عالميـتين: الحب والموسيقى.
- يسعدني هذا الوصف. عندما قرأت السيناريو قبل لقائي بالمخرج (داميان شازيل) تعجبت من أن هناك من فكـر فيّ لهذا الدور. أدركت أنني لو وافقت سأقوم بتعلم الرقص وسأدخل تجربة مختلفة بالنسبة لي. أخذت أفكر بممثلات أخريات لديهن خبرة في عالم الاستعراض، وأسأل نفسي كيف لي أن أبرهن عن أنني أستطيع النجاح في تجسيد هذا الدور والقيام بشروطه. فقط عندما قابلت داميان شعرت براحة إضافية؛ لأنه كان واثقا من أنني سأنجح في تأمين هذه الشروط.
* من بينها بالطبع تعلـم الرقص الاستعراضي؟
- تمامًا.
* كيف تجاوزت أي تردد في هذا الشأن؟
- الحقيقة، أن السيناريو الذي كتبه داميان كان مؤثرًا. أوحى لي حين قرأته لأول مرة، ثم في كل مرة أخرى بأنني أمام فرصة مهمـة للاشتراك بإعادة الروح إلى نوع الفيلم الموسيقي كما كانت هوليوود تصنعه قبل عقود. أردت أن أكون شريكة في هذه العودة.
* هل أنت في مرحلة تبحثين فيها عن الجديد أو المختلف، وإذا كان هذا هو الحال، فهل لعب ذلك البحث دورًا في قبول التحدي لتمثيل هذا الفيلم؟
- هو تحد بالفعل. أحب هذه الكلمة. ونعم. أنا، كأي ممثلة أخرى تحب التمثيل وتحب الفن الذي تستطيع أن تقدم من خلاله أي دور يعرض عليها، أبحث عن المختلف. أحيانًا أجده وأحيانًا لا أجده. أريد أن أضيف أنها المرة الأولى التي يعرض عليّ دور لم أكن أتوقعه أو أنتظره. هذا وحده سبب كبير لإعجابي الشديد بهذه التجربة.
* أخبرني داميال شازيل في حفلة البارحة بأنك عندما التقيت به قبل التصوير طرحت الكثير من الأسئلة، وفي كل مرة التقيتما قبل التصوير كان لديك أسئلة حول شخصيتك أو حول الفيلم. هذا بالطبع لا يتبدى على الشاشة. تبدين مستعدة.
- من الخطأ أن يتبدى على الشاشة. لم نكن سنصور لقطة واحدة لو لم أكن جاهزة. كنت أطرح عليه أسئلة أريد أن أتأكد من إجاباته عنها. مثلاً قفزت من مكاني فرحة عندما أخبرني بأنه سيصور الفيلم بنظام السينما سكوب. لا أحد يفعل ذلك اليوم.
* كم أمضيت في فترة التدريب على الرقص؟
- التحضير للتصوير والتمارين الراقصة ثلاثة أشهر. معظم الوقت صرفناه رايان (غوزلينغ) وأنا على الرقص والغناء.
* هذا كله جديد عليك…
- تماما. لم يسبق لي الغناء من قبل ولا الرقص الاستعراضي، أو ما يُـسمى بـ«رقص القاعات». اكتشفت كذلك أن هناك الكثير من تقنيات الرقص التي تتحكم في الحركة. أنت لا ترقص في حلبات الرقص أو على المسرح كما ترقص للسينما. عمليتها التقنية مختلفة وتتعامل طوال الوقت مع ما رسمه المخرج وفريقه من تصاميم إضافية.
* رغم أنه فيلم موسيقي، هو أيضًا فيلم عاطفي. النوعان تلازما في الكثير من الأفلام، لكن النهاية هنا ليست سعيدة. كيف ترينها؟
- أحب النهاية ولو أنني كلما شاهدت الفيلم شعرت بالحزن. لها وقع مؤثر في رأيي لأنه عوض أن ينتهي الفيلم مع بطليه وهما على أهبة تحقيق مستقبل مشترك، ها هما يفترقان. هي نهاية أكثر منطقية من النهاية السعيدة التقليدية؛ لذلك هي مؤثرة.
* هل أنت على علاقة وثيقة بما يحدث في هوليوود من مشروعات وأحداث؟
- أتابع. نعم. أعرف ما يقوم به زملائي من أدوار. أطلع على المشروعات. هذا ضروري بالطبع ولست وحيدة في ذلك. في الأساس أنا أحب السينما وأحب الكثيرين من الممثلين والممثلات.
* من الجيل الحالي؟
- لن أذكر أسماء من الجيل الحالي، لكن نعم من الجيل الحالي ومن الأجيال السابقة. أحيانًا يخطر لي لو أنني كنت شريكة مع همفري بوغارت في «كازابلانكا» أو مع ميريل ستريب وجاك نيكولسون في «حرقة قلب».
* أي نوع من الأفلام تحبين مشاهدتها بصرف النظر عن المهنة التي تمثلينها؟
- بعد «لا لا لاند» الأفلام الموسيقية (تضحك). لو كنت مجرد جمهور لشاهدت الكثير من الأفلام الكوميدية. أعتقد أنني سأرتاح وأنا أتابع دوريس داي أو روزيلاند راسل. لكن هناك مواهب ممتازة اليوم كما في الأمس.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)