أسبوع لندن للأزياء يقدم رسالة متفائلة إلى العالم بعد «بريكسيت»

رئيسة الوزراء البريطانية تحتفل بصناعة تقدر صادراتها بأكثر من 5.8 مليار جنيه إسترليني

تيريزا ماي تتوسط من اليمين نيكولا كيركوود وصوفيا ويبستر وكريستوفر بايلي وناتالي ماسيني وماريا كاترانزو والثنائي كريستوفر فوز وبيتر بيلوتو - 
المخضرمة فيفيان ويستوود لدى وصولها إلى 10 داونينغ ستريت أول من أمس
تيريزا ماي تتوسط من اليمين نيكولا كيركوود وصوفيا ويبستر وكريستوفر بايلي وناتالي ماسيني وماريا كاترانزو والثنائي كريستوفر فوز وبيتر بيلوتو - المخضرمة فيفيان ويستوود لدى وصولها إلى 10 داونينغ ستريت أول من أمس
TT

أسبوع لندن للأزياء يقدم رسالة متفائلة إلى العالم بعد «بريكسيت»

تيريزا ماي تتوسط من اليمين نيكولا كيركوود وصوفيا ويبستر وكريستوفر بايلي وناتالي ماسيني وماريا كاترانزو والثنائي كريستوفر فوز وبيتر بيلوتو - 
المخضرمة فيفيان ويستوود لدى وصولها إلى 10 داونينغ ستريت أول من أمس
تيريزا ماي تتوسط من اليمين نيكولا كيركوود وصوفيا ويبستر وكريستوفر بايلي وناتالي ماسيني وماريا كاترانزو والثنائي كريستوفر فوز وبيتر بيلوتو - المخضرمة فيفيان ويستوود لدى وصولها إلى 10 داونينغ ستريت أول من أمس

وضعت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، كل الملفات المتعلقة بالتعليم و«بريكسيت» وما يعنيه من تفعيل البند 50 من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وغيرها من الملفات الساخنة، جانبًا، وأقامت مساء أول من أمس، الخميس، حفلاً استقبلت فيه صناع الموضة. فهي تعرف جيدًا أن أهمية هذا القطاع توازي أهمية قطاع صناعة السيارات، إن لم يكن أهم، بحسب دراسة أجراها مركز متخصص بأكسفورد، وتوزعها منظمة الموضة البريطانية كل موسم. تيريزا ماي أكدت في خطابها يوم الخميس الماضي أن قيمة صادرات الموضة البريطانية في عام 2015 وصلت إلى أكثر من 5.8 مليار جنيه إسترليني بفضل ماركات بريطانية عالمية مثل «بيربري»، «ألكسندر ماكوين»، «صوفيا ويبستر»، إضافة إلى اهتمام العالم بمصمميها الشباب.
تيريزا ماي، ليست أول من يقوم بهذه المبادرة، فهو تقليد يتبعه كل من يدخل 10 داونينغ ستريت منذ سنوات، ويتم بموجبه استقبال باقة من وسائل الإعلام العالمية للتأكيد على مكانة لندن كعاصمة موضة تتخصص في الابتكار والإبداع الفني.
الفرق هنا أنها أول مرة يتم فيها استقبالهم من قبل رئيسة الوزراء نفسها، بينما كانت هذه المهمة تناط سابقًا بسيدة البيت مثل، سارة براون ثم سامنثا كاميرون بعدها، وليس برئيس الوزراء نفسه.
ليس هذا فحسب، بل إن اللافت مساء أول من أمس، أن ثاني امرأة تدخل «10 داونينغ ستريت» كرئيسة وزراء بعد مارغريت ثاتشر، تختلف عن كل من سبقها، حيث كان واضحا أنها لم تقم بهذه اللفتة من باب اتباع تقليد أو إعطاء دفعة لصناعة الموضة فحسب، بل كانت نابعة من عشقها الشخصي للموضة، وهو ما تؤكده صورها وتعاملها مع الموضة عموما.
والمتابع لمسيرتها السياسية يلاحظ أنها لا تُخفي أنها مثل أية امرأة تعشق الموضة، وتريد تجربة جديدها وجريئها من دون خوف أو حذر كما هو متوقع من سياسية. وليس أدل على هذا من أحذيتها المبتكرة التي تخرج عن المألوف بالنسبة لامرأة عادية؛ فما البال بسياسية في حزب محافظ. فأغلبها تطغى عليها نقشات الفهد والنمر إضافة إلى إكسسواراتها، التي تتمثل في عقودها الضخمة، وتايوراتها الملونة.
ولا شك أن هذه النزعة للغريب وغير المألوف، وهي نزعة لصيقة بأسبوع لندن، ستلمس وترا بداخل كل العاملين في هذا المجال لأنها تتكلم لغتهم. وطبعا هذا هو بيت القصيد، فلأول مرة في تاريخ هذه الحفلات، شجعت على أن لا تقتصر الدعوات على المشاهير والمصممين الكبار ووسائل الإعلام النخبوية، وحرصت أن يحضر هذا الموسم مبتدئين ومتدربين أيضًا. وهي لفتة تؤكد نظرتها المستقبلية وفهمها أن لندن ولادة المواهب الشابة، وعاصمة الابتكار بلا منازع. كما تشير إلى رغبتها، حسب بعض المصادر، في أن تجعل الموضة قريبة من الناس أكثر ولا تبقى في برج عال لا تصله إلا قلة من المقتدرين، وربما هذا ما يفسر اختيارها لقميص أبيض من محلات «جون لويس» من تصميم ليفي بالمر وماثيو هادرينغ، وهما مصممان شابان تخرجا في معهد «سانترال سانت مارتن» وطرحا مجموعة خاصة بدعم من هذه المحلات. القميص الذي يقدر سعره بـ120 جنيهًا إسترلينيًا، نسقته مع بنطلون من المصممة أماندا وايكلي وحذاء من «راسل بروملي» في مزج يؤكد أنها تتمتع بأسلوبها الخاص الذي لا يخضع لأي إملاءات سياسية أو دبلوماسية. يؤكد أيضًا أنها تريد الدفع بصناعة الموضة إلى الأمام من كل الجوانب، وهذا يعني الاهتمام بالشباب والمبتدئين لأنهم المستقبل. وحسب قولها: «كل عامل في هذا المجال سيلعب دورا مهما في إنجاح عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، بالتركيز على مكامن القوة التي نتمتع بها كدولة تجارية.. بإمكاننا أن نبني اقتصادا عادلا يناسب الكل وليس فقط النخبة».
هذا لا يعني عدم حرصها على حضور كبار المحركين لهذه الصناعة، فقد حضرت منه باقة كبيرة من المصممين نذكر منهم كريستوفر بايلي، مصمم دار «بيربري»، ماريا كاترانزو، الثنائي وراء ماركة «بيتر بيلوتو»، بل وحتى المخضرمة فيفيان ويستوود التي لم تكن تحضر مثل هذه المناسبات من قبل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».