زها حديد.. نجمة معرض «بلا حدود» للمجسمات في قصر تشاتسوورث التاريخي

يعرض للبيع عددا من القطع الفنية تحت إشراف دار سوذبيز

TT

زها حديد.. نجمة معرض «بلا حدود» للمجسمات في قصر تشاتسوورث التاريخي

أن تعرض أعمال فنية في صالات عرض تقليدية شيء وأن تعرض ذات الأعمال في الهواء الطلق بالقرب من أحد أجمل البيوت التاريخية في بريطانيا تحيط بها مسطحات خضراء على امتداد النظر، فهذا بالتأكيد شيء آخر يفوق في تأثيره أي صالة عرض مغلقة. وربما يكون التأثير تحديدا هو ما دفع دار مزادات سوذبيز لتنظيم المعرض السنوي للمنحوتات «بلا حدود» والذي يحتفل بمرور عشر سنوات هذا العام. المعرض الذي يضم مجموعة متميزة من الأعمال يزهو هذا العام برائعة الراحلة زها حديد «ليلاس» التي نفذتها للعرض في سربنتاين بافيليون بالهايد بارك عام 2000.
ولكن لنعود للبداية، قصر وحدائق تشاتسوورث بمقاطعة داربيشير تزهو بتاريخ عريق، فالقصر مقر دوق ودوقة ديفونشير وكان مرتبطا بعائلة كافنديش العريقة منذ القرن السابع عشر. ولا يزال القصر بحوزة الدوق والدوقة وإن كان فتح للزيارة أغلبه وخصص جانب مغلق منه للعائلة. القصر الذي حبته الطبيعة الخلابة بأجمل أراض وغابات ومجارٍ مائية، يبدو كاللؤلؤة داخل محارتها.
في معرضها السنوي «بلا حدود» درجت سوذبيز على توزيع القطع الفنية المتميزة في الحدائق الممتدة، وفي معرض هذا العام يبدو أن اختيار مكان عرض كل قطعة سواء أمام القصر أو داخل متاهة من الأشجار أو بجانب بركة بديعة، ذلك الأسلوب يدل على خبرة وعين لاقطة وأيضا معرفة بنقط الجذب في الحدائق الممتدة. وبما أن الحدائق والقصر مفتوحان للزيارة فالمعروضات متاحة للجمهور الذي يجني متعة مضافة لرؤية الحدائق والقصر.
خلال زيارة للمعرض مع مجموعة من الصحافيين صحبنا فيها منسق المعرض سيمون ستوك خبير الفن العالمي في سوذبيز، اتخذنا طريقنا هبوطا وصعودا نتبعه لرؤية أكبر عدد ممكن من القطع ولنسمع شرحه وتقديمه للفنانين أصحاب تلك الأعمال. ولكن بداية الجولة كانت مع الدوق والدوقة اللذين رحبا بالصحافيين في قصرهما معربين عن سعادتهما بعرض تلك القطع الفنية في الحدائق.
خلال الجولة بدا ظاهرا أن «جوهرة التاج» في المعرض هو عمل المعمارية الراحلة زها حديد ولهذا كان هو آخر المحطات في الجولة.
يشير ستوك في حديثه إلى أن القطع كلها معروضة للبيع الخاص ولكنه رفض بابتسامة عريضة أن يدلي بأي تفاصيل حول السعر المتوقع لكل منها مكتفيا بالقول: إن سوذبيز تلعب دور الوسيط فقط وإن عملية البيع ستكون مباشرة ما بين البائع والمشتري.
بداية الجولة نجد أنفسنا أمام بناء مربع من الصلب المصقول يعكس بدقة ما حوله لدرجة أن من ينظر من بعد يجد صعوبة في الفصل الدقيق بين العمل والمساحات الخضراء حوله، ولكننا نتجمع أمام العمل ونرى انعكاسات صورنا وكأننا أمام مرآة مجسمة، يشير ستوك إلى العمل وهو للإسبانية كريستينا إيغلاسياس يمكن اعتباره بمثابة «مغامرة داخل متاهة من المعدن المصقول»، العمل وعنوانه «الممر المزدوج» يعكس التضاد بين المظاهر والواقع، ويتطلب من الزائر الدخول في مغامرة مع العمل وعبور العتبة العاكسة للعالم الخارجي إلى الداخل حيث تنتظم سيقان الأشجار المنفذة من مادة بلاستيكية، وكل شجرة منحوتة ببراعة شديدة بكل التفاصيل الممكنة، ونجد أنفسنا أمام المقارنة ما بين العمل من الخارج الذي يعكس ويغير المكان المحيط به وهو هنا الحدائق الممتدة، ولكنه في الداخل يقدم لنا صورة واضحة منظمة ودقيقة لمشهد من الطبيعة غير أنه أيضا غير حقيقي.
من المكعب المرآة نمشي لبعض الوقت لنجد أنفسنا أمام منحوتة للفنان التايواني يو مينغ بعنوان «قوس التاي تشي» والذي يبدو من خلاله استخدام الفنان عناصر حركية من رياضة «تاي تشي»، وهو ما نراه أمامنا حيث يمكن تخيل رجل يرفع قدمه في حركة رشيقة وسريعة، ويعبر العمل بأسلوب مجرد عن أهم عناصر الرياضة من التوازن والوضوح والنظام.
على مد البصر نرى بحيرة صناعية أقيمت أمام القصر بشكل يمنحه جلالا وجمالا استثنائيا، ولكن يلفت النظر أيضا أقراص من المعدن متناثرة على سطح الماء، تبدو كأنها جزء من البحيرة حتى طيور البط المتواجدة تجلس عليها بعض الوقت في ألفة لطيفة، الفنان بروس مونرو الذي صحبنا في الجولة أشار إلى أنه استوحى تلك الأقراص المعدنية من فكرة زنابق الماء، مشيرا إلى أن الأقراص وعددها 108 تحمل نقوشات وأرقاما تمثل الحمض النووي لكل الأشياء، ويضيف «قسمتها لثلاثة أقسام تعبر عن الماضي والحاضر والمستقبل» ولعل ذلك يفسر اسم العمل وهو «مرة وأخرى».
ربما من أكثر القطع المعروضة جذبا للاهتمام هو مجسم من الصلب العاكس على شكل الدمعة، من بعيد نراها تبدو وكأنها دمعة منسابة في طريقها للمس الأرض، العمل للفنان ريتشارد هدسون، يشير ستوك إلى أن القطعة جذبت زوار الحديقة بشكلها المميز وعكسها للمناظر حولها وتبدو وكأنها «تجمع العالم كله داخلها» حسب ما عبرت إحدى الصحافيات في المجموعة.
تطول الجولة ولكن يبدو أن هناك الكثير من القطع التي تختبئ بين ثنايا الحديقة الشاسعة، منها نرى أكثر من عمل للفنان ويندال كاسل وتجمع بين الفن والتصميم، فالقطع المعروضة أمامنا يمكن استخدامها كمقاعد للحديقة وهي في نفس الوقت أعمال فنية قائمة بذاتها تتماهى بانسيابية مع الطبيعة الممتدة حولها. ثم نرى مزيجا من الألوان الصريحة التي تستفيد من درجات اللون العشبي حولها، العمل وعنوانه «كعكة الفاكهة» يمثل كعكة من الفاكهة المنتظمة على هيئة صفوف، يشير منسق المعرض إلى أن الفنانة جوانا فاسكوسيلوس تعبر عن خواء الحضارة الحديثة.
وتبقى القطعة الأساسية التي يفخر منظمو المعرض بوجودها لدرجة أنهم منحوها المكان الاستراتيجي أمام واجهة القصر العريق، وهي للراحلة زها حديد. العمل الذي نفذته حديد كما عرفنا في أسبوعين ليكون بمثابة محطة استراحة للزوار في سربنتاين بافيليون بحديقة هايد بارك في عام 2000. وكانت المناسبة الاحتفال بمرور ثلاثين عاما على إنشاء «سربنتاين غاليري».
يقول ستوك «إعادة نصب منحوتة زها حديد المعنونة بـ(ليلاس) في هذا المكان التاريخي يعد من أهم ملامح برنامجنا لهذا العام. ومجرد نقل العمل من الحدائق الملكية لينتصب هنا أمام المنزل العريق يعد رثاء مستحقا لمعمارية رائدة». «ليلاس» يجمع بين التكنولوجيا والشكل المجرد، مستوحيا الأشكال الهندسية الطبيعية، مثل أوراق الزهور والأشجار، كلها تتقاطع من دون أن تتلامس ما يسمح للصوت والضوء والهواء أن يمر بينهم. وما يزيد من جمال المنحوتة، هو تغير تأثيرها في ساعات النهار أو الليل حيث تحولها الإضاءة الملونة إلى مصدر للضوء. العمل يعبر حدود الفن والتصميم المعماري والتوظيف، ليعبر باستخدام كل تلك العناصر عن عبقرية فريدة في التصميم منحت حديد لقب «ملكة التصاميم المنسابة الملتوية».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.