لبنى عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: نادمة على عودتي للوسط الفني

الفنانة المصرية ترى أن السينما أصبحت «ماسخة» وأن التقليد للغرب أعمى وضعيف

لبنى عبد العزيز في أحد أفلامها
لبنى عبد العزيز في أحد أفلامها
TT

لبنى عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: نادمة على عودتي للوسط الفني

لبنى عبد العزيز في أحد أفلامها
لبنى عبد العزيز في أحد أفلامها

خطفت الأنظار بجمالها الشرقي الرائع وأنوثتها الطاغية التي تبوأت بها مكانة رفيعة كفتاة أحلام لملايين الشباب في الخمسينات والستينات.
لقبت بـ«عروس النيل»، التي لمعت في السينما المصرية في أفلام كثيرة، لتغيب بعدها لسنوات طويلة تجاوزت 40 عامًا عن الوسط الفني، بعد زواجها وسفرها مع عائلتها إلى الولايات المتحدة الأميركية، لتأخذ قرار العودة والاستقرار في مصر منذ عدة سنوات.
الفنانة لبنى عبد العزيز حفرت اسمها بحروف ذهبية على الشاشة الفضية، يعجز الزمن عن محوها.. «الشرق الأوسط» التقت «هاميس» العروس الفرعونية، على ضفاف نيل القاهرة، لتكشف بداية أنها رغم تاريخها الفني الطويل، فإنها لا تحب مشاهدة نفسها على الشاشة، وأن عدم حبها للأضواء والشهرة كان سببًا في تركها الفن والسفر لأميركا. كما تحدثت صراحة عن حال السينما حاليًا، قائلة إنها أصبحت «ماسخة»، والتقليد للغرب «أعمى وضعيف»، مبينة أنها كانت تتمنى تجسيد شخصية الكاتبة اللبنانية مي زيادة.
وأما عن عالم السياسة فتطرقت إلى وجود أخطاء كثيرة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما ترى أنه تعرض الرئيس الأسبق محمد نجيب للظلم. وهذا نص الحوار:
* لماذا الجمهور العربي يذهب إلى مشاهدة الأفلام القديمة «الأبيض والأسود» ويفضلها عن الأفلام الحديثة؟
- بالفعل نحن بمصر نحب الأفلام القديمة، وفي كل العالم بما فيه الدول المتقدمة، لارتباطنا بالأشياء الطبيعية، في الماضي كنا نذهب للسينما لنهرب من مشكلاتنا وحياتنا الروتينية المعتادة، وكنا نشاهد إما قصة غرامية أو تاريخية وتكون للرواية أهداف مفيدة، وكان العمل يحتوي على مضمون به هدف ونتابعه بشغف، وكان هناك فنانون حقيقيون ومخرجون ومؤلفون كبار أيضًا، وكان الجمهور له نجوم بعينها يذهب إليهم لمشاهدتهم، حتى إذا شاهدوهم أكثر من مرة في نفس الدور، ظلوا يعشقونهم لشخصيتهم البارزة وتظل جماهيريتهم ثابتة عند الجمهور، والفضل يرجع إلى ظهور مدارس «ستانلي سلافسكي وبراندو» في الستينات، وهي مدارس التمثيل الطبيعية، وكانت عظيمة جدًا والجميع دخلها، أما الآن تدهورت السينما.
* متى تدهورت السينما؟
- بداية التسعينات تقريبًا، حيث بدأت تختفي الشخصيات التي كنا نحبها والنجوم الذين يذهب الجمهور من أجلهم إلى دور العرض، وأصبحت الموضوعات تميل إلى طابع «الأكشن»، وفقدت الطبيعة ودخل عليها التكنولوجيا وأصبحت السينما «ماسخة»، والتقليد للغرب أعمى وضعيف، لدرجة أنني شاهدت فيلمًا «فاشلاً جدًا» في أميركا وفوجئت به ينتجونه بمصر بنفس قصته الضعيفة، لماذا؟ مع أنه فيلم فاشل وإيراداته في أميركا كانت «زيرو»؟ أعتقد أننا افتقدنا التذوق الفني أو المنتج الذي يريد أن ينتج شيئًا له هدف ومعنى، ولم يعد هناك نجوم حقيقيون كما كان في زمننا، فكنا نرى فاتن حمامة، حتى لو جسدت 100 فيلم بنفس الشخصية تجد لها مذاقًا خاصًا في كل دور تقدمه، كنا نعشق الفنانين وكانوا بارزين مثل فريد شوقي وعمر الشريف وأنور وجدي، وكان لكل فنان شخصية خاصة به، حيث كانت التلقائية هي السائدة في ذلك العصر. ولم نكن معتمدين على التكنولوجيا فقط لخروج عمل ناجح وقيم، كنا نعتمد على الأشخاص والرواية، السينما القديمة وصلت إلى القمة، أما اليوم السينما مليئة بموجة من أفلام الضرب والبلطجة والمخدرات والتقليد الأعمى لأفلام وقصص خارجية.
* هل تشاهدين أعمالك الفنية الآن؟
- لا أحب مشاهدة أفلامي، وذلك من بداية دخولي المجال الفني، وأتذكر في افتتاح فيلم «الوسادة الخالية» أجبروني على الذهاب لمشاهدة العرض في السينما، بل وأرفض مشاهدة مشاهدي أثناء التصوير وبعد الانتهاء منها، ويرجع ذلك إلى نقدي الصعب والشديد لأدائي أي عمل أقوم به، عندما أرى أعمالي بالصدفة تصيبني حالة من الحزن والنكد، رغم الإشادات التي تأتيني والتصفيق والنجومية، لم أستطع أن أطمئن لأي عمل أؤديه لحبي الكمال في أي عمل أقوم به ولا يوجد ذلك في الحياة، حتى في مقالاتي التي أكتبها لإحدى الصحف، كلما كتبت مقالاً أقرأه ما يعادل 100 مرة، وأيضًا زوجي لم يهتم بمشاهدة أفلامي، فهو تعرف علي وعرف أنني نجمة في السينما، والفن بالنسبة لي هواية ولم أحترف.
* كيف جاء قرارك بترك الأضواء والمجد والشهرة من أجل السفر مع زوجك للولايات المتحدة؟
- لم أكن أحب الأضواء والشهرة، وهذا ما سهل تركي للفن والسفر للولايات المتحدة رغم تعاقدي على 3 أعمال دفعة واحدة، منها فيلم «خلّي بالك من زوزو»، وكان اسمه وقتها «بنت العالمة»، وفيلمان لإحسان عبد القدوس، وتركت كل ذلك وسافرت مع زوجي وأولادي، الزواج ليس بالأمر السهل، وهو مسؤولية لا تقل عن مسؤولية الفنان تجاه فنه وجمهوره، وعندما طلب مني زوجي أن أكون «ست بيت» وأتفرغ لتربية الأولاد وأترك الفن، ورغم وجود رغبة لدي لاستكمال مشواري الفني اكتشفت أن «صاحب بالين كذاب»، خصوصًا بعد أن صرت «أمًا»، فبات قرار ترك الفن سهلاً وأصبحت أولوياتي لبيتي وأولادي، ونسيت تمامًا حياة النجومية، وعلى فكرة أنا لم أشعر يومًا أنني جزء من الوسط الفني، وحياة الممثلين وعلاقتي بزملائي لم تتجاوز فترة التصوير.
* ماذا لو أكملت في مشوارك الفني؟
- كنت سأستمر في تقديم أعمال جديدة وأدوار مختلفة ومميزة، وأحرص على التجديد في أدواري باستمرار، حتى لا يمل الجمهور من تكرار الشخصية، وكنت سأبحث عن مزيد من الأعمال التاريخية الأخرى بعد نجاح «وا إسلاماه»، وأقدم شخصيات نسائية تحدت المجتمع مثل الكاتبة اللبنانية مي زيادة، كما كان لي السبق في تقديم عمل عن المرأة بعنوان «أنا حرة» مع إحسان عبد القدوس، وهذه الرواية فتحت الباب أمام الجرأة للمرأة المصرية العربية الشرق أوسطية لكي تفتح الأبواب المغلقة لها، حتى تنطلق وتبدع، ولكنني فوجئت بعد عودتي من السفر الطويل أنه أغلق مجددًا بـ«الضبة والمفتاح».
* هل تعتقدين أن الفنان مطالب بالتعبير عن آرائه السياسية؟ أم يفضل أن يحتفظ بها لنفسه حتى لا تؤثر على شعبيته؟
- أعتقد أن كل فنان حر في التعبير عن ذلك أو الامتناع عن إبداء الآراء السياسية حول الأوضاع التي تمر بها البلاد، ولكن لكل فنان جمهوره الذي يحب أن يستمع ويعرف رأيه في موقف سياسي معين أو حدث، وهذا لا يعني أن يتحول الفنان إلى قائد حركة أو أن يكون زعيمًا سياسيًا، أو ينغمس كثيرًا في هذه الأمور على حساب عمله الأساسي كفنان.
هناك من يفعل عكس ذلك في الولايات المتحدة، مثلاً بتحيزه لشخصية سياسية معينة، وهذا أمر مقبول لي شخصيًا، وأحب أن يكون للفنان رأي، ولا يخشى التعبير عنه وإعلانه لجمهوره بمنتهى الوضوح، لكن ليس للحصول على شعبية أو كسب جمهور وخسارة آخر، أو يتحول لأداة للتحدث بلسان شخص آخر، لذلك أنا مع المؤيدين لإبراز الفنان لوجهة نظرة السياسية والتعبير عنها مثلما أفعل أنا في عشرات القضايا السياسية، دون الدخول في تفاصيل هذه السياسات أو الانضمام لأحزاب سياسية.
* هل سبق أن تحدثت في أمور السياسة التي واجهت مصر في الخمسينات والستينات عندما كنت في قمة شهرتك؟
- في الحقبة الناصرية كل الفنانين تقريبًا أحبوا جمال عبد الناصر، رغم وجود بعض الأمور السيئة التي أجبرت بعضهم على السفر خارج مصر.
وشخصيًا تم القبض على زوجي أثناء عودته للمنزل عندما اعترضت طريقه سيارة وذهبت به لمكان غير معلوم، رغم أنه لم يمارس أي نشاط سياسي، فهو طبيب ولا علاقة له بالسياسة أو الأوضاع السياسية القائمة وقتها، كل ما في الأمر أن شخصًا نقل للأجهزة الأمنية أنه تحدث بكلام معين في أحد جلساته الخاصة مع أصدقائه، فتم القبض عليه والتحقيق معه لأكثر من 6 ساعات، ولولا تدخل والدي واتصاله بالمخابرات والجيش لإصلاح الأمر لم يكن ليخرج زوجي آنذاك، رغم براءته وأنه لم يفعل شيئًا يستحق عليه ما حدث معه.
* هل هذه الواقعة كانت وراء اتخاذ زوجك الدكتور إسماعيل برادة قرارًا بالسفر إلى الولايات المتحدة وترك مصر؟
- بكل تأكيد، كان لهذه الواقعة أثر كبير في قرار السفر، رغم حبنا لعبد الناصر وتأييدنا له، ولكن كانت لديه أخطاء، أبرزها سوء الوضع الداخلي فيما يتعلق بالحريات التي وصلت إلى مستويات قياسية من السوء والتضييق، فحتى والدي كان يخشى كثيرًا من حدوث مكروه لنا رغم كونه شخصًا مهمًا، وكان حريصًا على الابتعاد عن انتقاد السلطة خوفًا من بطشها، أشياء كثيرة كانت تغضب الناس وقتها أكثر مما يحدث الآن. فقد كنت أحب السفر وأمكث فترة كبيرة بالخارج وأكون سعيدة هناك.
* مع التضييق على الحريات، ما أبرز سلبيات العصر الناصري من وجهة نظرك؟
- كانت الأخطاء كبيرة في عهد عبد الناصر، أبرزها الظلم الكبير ضد الرئيس الأسبق محمد نجيب، الذي تعرض لقهر غير مبرر من عبد الناصر ورجاله، وكذلك عرفت ما حدث مع عبد الحكيم عامر من خلال زوجته برلنتي عبد الحميد عند عودتي لمصر بعد السفر الطويل، ورغم أنني لم أكن أعرفها ولكنها تحدثت مع أنيس منصور عني وهاتفتني عام 2002 وأرسلت لي كتابًا عن زوجها، على أساس أنه تعرض للظلم من صديق عمره وغير ذلك، ولكنني لم أعطِ الموضوع اهتمامًا، ولم يكن لدي شيء أقدمه لها، لأن الوقت لم يكن يسمح بذلك.
* من أفضل ممثل وممثلة في جيلك؟
- أفضل ممثلة في مصر الراحلة سناء جميل، وكنجمة شعبية أعتقد الفنانة فاتن حمامة، وبالنسبة للفنانين الرجال الفنان محمود مرسي، كان كبيرًا وعظيمًا ولم يأخذ حظه من الشهرة والنجومية بما يتناسب مع موهبته، وهو أفضل ممثل في جيلنا من وجهة نظري.
* ما أسباب قلة ظهورك في السينما والتلفزيون بعد عودتك لمصر وإنهاء قرارك باعتزال الفن؟
- هناك عروض كثيرة، ولكنني لا أوافق عليها، وأرى أن الوضع الحالي للسينما فقير في الإخراج والتأليف والإنتاج، أغلب المسلسلات موجه لرمضان، ورمضان شهر بالنسبة لي مقدس للعبادة والصيام وعمل الخير، فعندما أريد الخروج من هذا «المود» وأفتح التلفزيون أجد مسلسلاً به ردح وقتل وعنف، وبالطبع لا يخلو أي عمل فني من وصلات الرقص على «واحدة ونص»، فكيف يكون ذلك؟ ألا يعتبر هذا من العيب في شهر مقدس؟ يجب أن نسعى لنقدم أخلاقًا في هذا الشهر وأعمالاً راقية، حتى لو كانت قصة حب يجب أن يكون لها مضمون وهدف، أو أعمال تاريخية وروايات من الكلاسيكيات ترتقي بالذوق العام، حتى لا تحرمنا الأعمال الرديئة من روحانيات الشهر الكريم. شخصيًا لا أشاهد الأعمال التي تعرض في رمضان، ولكن أتعرف عليها من أصدقائي الذين ينقلون لي مدى الانحطاط والألفاظ الخارجة الذي وصلنا إليه في هذه المسلسلات في هذا الشهر الكريم، فأستغرب من وجود هذه الأعمال ولا أتابعها بأي شكل من الأشكال.
* وماذا عن الأعمال التي مثلت عودتك إلى الفن مرة أخرى، كمسلسل «عمارة يعقوبيان» وفيلم «جدو حبيبي»؟
حزينة، لأن المسلسل لم يحقق نسبة المشاهدة المطلوبة، وقد كانت هناك اقتراحات مني ومن الفنان صلاح السعدني بالنسبة لسيناريو المسلسل، وحاولنا إضافتها، ولكن الكاتب خالد بشاي رفض ذلك وهدد بمقاضاتنا، ومن وجهة نظري لو تم تعديل السيناريو وأضيفت هذه المقترحات، كان ذلك سيحسن من مستوى المسلسل. أما فيلم «جدو حبيبي» فأعجبني بسبب عرض المخرج، ووافقت عليه لأن الشباب كانوا رائعين في هذا الفيلم، وقد لفتت نظري الأجواء الرومانسية في العمل بالنسبة لشخصيتين أبعدتهما الظروف ثم عادا للقاء في سن كبير، فكانت رومانسية شدتني كثيرًا لأن الحب موجود لكل الأعمار، وكنت أتمنى في النهاية أن ينتهي العمل بزواجهما في عرس كبير.
* هل ترين أن عودتك للفن لم تتناسب مع قيمتك وتاريخك في هذا المجال؟
- ندمت على هذه العودة، ولكن الإلحاح من الجميع، وعلى رأسهم المخرج الكبير يوسف شاهين، دفعني إلى اتخاذ هذا القرار، وكذلك لقائي مع صلاح السعدني وعلاء الأسواني، صديق أخي، وعرضوا علي العمل في المسلسل، فوافقت، ولكن مستوى الإنتاج نفسه ضعيف ورديء، والدور الذي عرض علي لم يكن جيدًا. وقد شاركت في مسلسل «عمارة يعقوبيان» نتيجة لظروف وأسباب معينة كثيرة، ومنها صديقي وأخي، وكنت أشعر أن الكتاب الذي ترجم إلى 32 لغة وأخذ جوائز كبيرة في جميع العالم هذا يعتبر نهضة جديدة للأدب المصري الحديث، وأنه أكمل مسيرة نجيب محفوظ، فكنت أعتقد أنني سأشارك في عمل سيكون جيدًا، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، ولا أنوي العمل مرة أخرى، الموضوع صعب في الوقت الحالي، فما يحدث في مصر لا يواكب الخارج، حيث يعمل الفنان حتى آخر يوم في عمره، ويجد التقدير بعكس ما يحدث عندنا.
* لِم رفضت العمل مع المخرج يوسف شاهين؟
- في بدايتي الفنية كان يلح كثيرًا للعمل معي، والأستاذ «رمسيس» رفض عملي معه، فلم يكن يعتبره مخرجًا، بل كان يعتبره مجرد «كاميرا مان» ولا يستطيع أن يخرج «حدوتة محبوكة»، وبمجرد عودتي لمصر عام 2002 جاءني بعروض كثيرة وكان معه خالد يوسف، ولكني رفضت جميع العروض ولم تكن لدي النية للعودة للعمل مع شاهين أو غيره. ثم بعدها بفترة طويلة جاء هاني لاشين وأصر أن أعمل معه.
* ما رأيك في حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد مرور عامين تقريبًا من توليه الحكم؟
- السيسي ورث ورثًا ثقيلاً وملتهبًا، وهو يحاول أن يطفئ النار التي تحت قدميه، وهذه ليست مهمة سهلة، والنيران تأتيه من كل الجهات، وقد التفت كثيرًا إلى الأمور الخارجية حتى يصلح النظرة التي تم وضع مصر فيها، ولأن الغرب هم من سيساعدون مصر للنهوض بعد كبوتها مع الحكم الإسلامي والاستثمارات وغيرها، وجعل الخارج هو الهدف الأول، وانشغل في تصحيح هذه الفكرة، فأخذ ذلك من تفكيره كثيرًا مما أثر على السياسات الداخلية، بجانب أن الاقتصاد المصري سيئ جدًا.
السيسي رجل نبيل وشهم وليس منافقًا، وليس فاسدًا، وهو عنده أخطاء بالتأكيد، لكن ليس هناك من يعمل ولا يخطئ، فالكل يخطئ ويصيب، فعبد الناصر لديه أخطاء كثيرة، وأبرزها ظلمه للرئيس محمد نجيب، ولكني ما زلت أحب عبد الناصر لأنه حاول وحاول، ورغم أن السيسي يختلف جدًا عن عبد الناصر في أسلوبه وحكمه وفي محبة الناس له، ورغم أن الشعب غاضب من السيسي بسبب لقمة العيش وغلاء الأسعار، ولكن كل هذه الأمور لا دخل للسيسي بها وليست بإرادته و«غصب عنه»، فالبنك الدولي عندما يطلب إصلاحات معينة في الاقتصاد المصري لكي تتم مساعدة الاقتصاد على النهوض، لا بد من الرضوخ لهذه المطالب، لأنه يحتاج إلى مساعدة البنك الدولي، ونحن لا نفهم هذه الأشياء ولا نركز فيها، ولكن في الواقع لا بد من عبور هذا الكوبري الملتهب الذي يمر به السيسي حتى نعبر إلى بر الأمان، ولا بد أن يتذكر الشعب أن السيسي قام بدور البطل ولم يرضخ للابتزاز من الإخوان وأراد أن يحرر مصر من الفكر المتطرف، وبالتأكيد هناك كثيرون يحاربون مصر بسبب هذه البطولة التي قام بها، وأنه أنقذ مصر من الضياع مثل كثير من الدول المجاورة.
* لماذا لم تكتبي مذكراتك؟
- لا أفكر في ذلك ولا أرى أهمية لكتابة مذكراتي، رغم العروض الكثيرة من البعض لكتاباتها، ليست لدي أسرار أخفيها كي أكتبها، الجميع يعلم عني كل شيء، لكن لدي أشياء خاصة بي وبعائلاتي ولا يهم الجمهور معرفتها، ورغم نصيحة أحد أصدقائي بأن أكتبها حتى لا يكتبوا عني «على كيفهم»، ولكني رفضت الفكرة تمامًا، والجميع يعلم أعمالي جيدًا.



عمرو سليم لـ«الشرق الأوسط»: أفكر في العودة إلى التلحين

يتحدث للجمهور في أحد حفلاته (الشرق الأوسط)
يتحدث للجمهور في أحد حفلاته (الشرق الأوسط)
TT

عمرو سليم لـ«الشرق الأوسط»: أفكر في العودة إلى التلحين

يتحدث للجمهور في أحد حفلاته (الشرق الأوسط)
يتحدث للجمهور في أحد حفلاته (الشرق الأوسط)

قال الموسيقار وعازف البيانو المصري عمرو سليم إن بينه وبين المطرب مدحت صالح كيمياء خاصة جعلتهما يشكلان ثنائياً ناجحاً في الحفلات الغنائية، وأضاف في حواره مع «الشرق الأوسط» أنه عمل في مجالات الموسيقى كافة (التأليف والتلحين والعزف)، كما كَوّن فرقة موسيقية، لكنه يعشق العزف ويجد في لقاء الجمهور وتجاوبه معه على المسرح سعادة أخرى، ولفت إلى أن اهتمام الجمهور الشرقي بالغناء يسبق الموسيقى، ما يجعله أكثر تجاوباً في الحفلات الموسيقية، ووضع سليم الموسيقى التصويرية لأفلام سينمائية عدة من بينها «الوزير جاي»، و«الاتحاد النسائي»، و«الهروب إلى القمة».

وقدم الثنائي «صالح وسليم» حفلاً بالقاهرة 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

عمرو سليم ومدحت صالح يكمل كل منهما الآخر (الشرق الأوسط)

ويستعيد عمرو سليم بداية تعارفه مع مدحت صالح، حيث التقيا لأول مرة بمسرح «البالون» نهاية سبعينات القرن الماضي، مثلما يقول: «جمعتنا فرقة (أنغام الشباب) ثم كوّن كل منا فرقته الخاصة، وواجهنا مشكلات مع الفرق، فقال لي مدحت يكفي جداً هذا الوقت الذي لم نكن فيه معاً، ومن وقتها ارتبطنا بالعمل معاً ووجد كل منا ضالته في الآخر».

ويؤكد على أهمية هذه العلاقة الفنية: «أنا ومدحت نُكمل بعض، ومدحت يقول دائماً (نحن في مركب واحد)، ونجاح أي منا هو نجاح للآخر، ومدحت فنان مخلص لعمله، ولا ينكر جهود من معه، وكثيراً ما يتحدث عني أمام الجمهور ويفعل ذلك من قلبه، وحين نسافر معاً لا يصعد لغرفته قبل أن يتأكد من صعودي قبله وأن يطمئن لوجود من يساعدني، وأرى أنه شيء رائع يبث الطمأنينة».

وتنعكس هذه العلاقة الجيدة على حفلاتهما، حسبما يقول سليم: «هناك أشياء تحدث ليس لها تفسير عندي ولا عند مدحت، ورغم أنني لا أراه على المسرح، لكن قد تكون هناك مواقف مفاجئة تحدث مثل (قفلة أغنية) تستلزم نفساً طويلاً، وقد ينسى مدحت فيجدني قفلت معه بالدرجة نفسها، ما يؤكد أن بيننا (كيمياء) جعلتنا ننصهر وكل منا يدرك أن الآخر يقف في ظهره ويسانده».

يجد متعته في العزف (الشرق الأوسط)

وقدم عمرو سليم عدة حفلات موسيقية طوال العام الحالي بالإسكندرية ومهرجاني القلعة والموسيقى العربية، كما قدم أخيراً حفلاً بمتحف الحضارة، ويفسر سبب نشاطه بالحفلات الموسيقية بقوله: «لأنني أعشق عزف الموسيقى كما أن الجمهور أصبح أكثر وعياً بفكرة أن يحضر حفلاً موسيقياً وليس غنائياً، وهو ما شجعني أن أجرب فيها، وهناك حفلات أعزف الموسيقى لأغنيات خالدة وأجدهم يقومون بالغناء لأن الموسيقى في المجتمعات الشرقية تأتي بعد الطرب بكل ملحقاته، لذا أعزف موسيقى أغنيات يعرفونها ويرددونها، وأكون منسجماً معهم لأن الفنان يجد سعادته في تجاوب الجمهور».

وفي بداية مشواره كوّن سليم فرقة موسيقية وضم لها مطرباً ومطربة، ويقول: «قدمنا أغاني خاصة بنا، وكتب لنا شعراء على غرار رضا أمين وشوقي حجاب وحسام السيد أغنيات لاقت صدى واسعاً، وفي أوائل التسعينات لم تستطع المطربة الاستمرار بعد أن أنجبت طفلاً، ولم أجد بديلاً لصوتها، فتوقفنا عن الغناء».

«عادة لا أقدم أغنيات الجيل الحالي بل لمطربين لا تعرف الناس أعمالهم»

عمرو سليم

وخاض عمرو سليم مجال التلحين من خلال أغنيات لفرقته ولمطربين آخرين من بينهم محمد الحلو: «طلب مني أن ألحن له أغنية بعنوان (اسمك على جبيني)، واكتفيت بألحان الفرقة، لكن أصدقائي يُلحّون علي في العودة للتلحين، وقد أفعلها قريباً».

وألّف سليم الموسيقى التصويرية لأفلام عدة، وكانت البداية من خلال فيلم «الوزير جاي» حينما اتصل به الكاتب الراحل أحمد رجب وطلب منه أن يضع موسيقى الفيلم، ويقول سليم عن ذلك: «كنت قد لحنت أغنية للفرقة بعنوان (بحب ومعييش) من كلمات الشاعر رضا أمين، وهي تتحدث عن حال الشباب، وقد لفتت نظره وأبدى إعجابه بها وقال لي لدي فكرة فيلم لا أحد سواك سيقوم به، وكان هذا أول فيلم أضع موسيقاه، كما وضعت الموسيقى التصويرية لفيلم: (الاتحاد النسائي) لمديحة كامل و(الهروب إلى القمة) لنور الشريف، وفي كل هذه الأفلام فإن الأفكار هي التي تحركني، لكنني ابتعدت عن هذا المجال حينما وجدت أن موسيقى الفيلم يراها بعض المنتجين شيئاً هامشياً، بينما أنا أحترم عملي، ولا أحب الشعور في أي وقت بأنني كسبت من وراء عمل ولم أعطه حقه».

ورغم أنه يعزف في حفلاته لأغنيات عربية قديمة لكنه ضمن أعماله أغنية عصرية للمطرب اللبناني فضل شاكر، وعن ذلك يقول: «عزفت له أغنية (لو على قلبي) لأن كلامها جميل وبها ثيمة موسيقية جيدة، وهو فنان يملك موهبة كبيرة، وأنا عادة لا أقدم أغنيات مطربي الجيل الحالي، بل لمطربين الناس لا تعرف أعمالهم مثل أغنية (حارة السقايين) لشريفة فاضل التي يعتقد البعض أنها لمحمد منير».وينتمي عمرو سليم لعائلة شهيرة جمعت بين الطب والفن وكرة القدم، فعمه هو الكابتن صالح سليم، وابن عم والده هو المخرج أشرف فهمي، وكان الفنان هشام سليم ابن عمه وصديقه الأقرب، مثلما يقول: «كان بيني وبين هشام توافق مثير في طريقة تفكيرنا، وفي آرائنا في الفن والحياة، وكان الشبه بيننا كما لوكنا توأماً، لقد افتقدت توأمي لكنني أعزي نفسي بأنه ظل متمسكاً بمبادئه وأخلاقياته حتى رحيله، ولم يتنازل عنها تحت أي وازع».


شيراز لـ«الشرق الأوسط»: النجومية لا تكتسب بل تولد مع صاحبها

تستعد لإصدار ألبوم غنائي بالمصرية (شيراز)
تستعد لإصدار ألبوم غنائي بالمصرية (شيراز)
TT

شيراز لـ«الشرق الأوسط»: النجومية لا تكتسب بل تولد مع صاحبها

تستعد لإصدار ألبوم غنائي بالمصرية (شيراز)
تستعد لإصدار ألبوم غنائي بالمصرية (شيراز)

في كل مرة تبتعد فيها الفنانة شيراز عن الساحة الفنية تعود بعمل يفاجئ جمهورها وتتحوّل إلى حديث الناس. أخيراً أصدرت أغنية «بدّك تتحدّيني» من كلمات جويس عطا الله وألحان سعيد سرور، والمختلف في هذا العمل تقديمها له بثنائية مع الفنان أيمن زبيب. ومعاً ألّفا دويتو متناغماً، إنْ بطبقات الصوت أو بإطلالتهما. وعندما تسألها «الشرق الأوسط» من الذي اختار الآخر لهذا العمل تردّ: «لطالما كنت على تواصل مع الفنان أيمن زبيب. وأعدّ هذا التعاون بيننا طبيعياً وولد من صيغة فنية مشتركة بيني وبينه. فوضعنا معاً الخطوط العريضة له، ودرسناه بدقة كي يولد بشكله اليوم».

«بدّك تتحدّيني» جديدها مع أيمن زبيب (شيراز)

وتشير شيراز إلى أن موضوع الأغنية فكّرا به معاً. وطلبت من جويس عطا الله أن تكتب كلاماً محوره التحدّي بين حبيبين. وتتابع: «سبق وتعاونت مع جويس في أكثر من أغنية، فصارت تدرك تماماً كيف تترجم أفكاري على الورق. وفي هذا العمل كتبت كلاماً يصلح لدويتو بين فنانين، يرتكز على موضوع جديد يتناول الحب بأسلوب رومانسي. وفي الوقت نفسه تزوّد الأغنية سامعها بطاقة إيجابية، كونها تحكي عن السبل التي تؤدي إلى استمرارية العلاقة بين الشريكين».

الشراكة بين شيراز وأيمن زبيب لم تولد من فراغ، وتشير إلى أنها معجبة بصوته والعكس صحيح، وتجده من أصحاب أجمل الأصوات على الساحة الفنية. مضيفة: «لقد كان غائباً إلى حدّ ما عن الساحة الفنية مثلي، وعندما عرضت عليه موضوع الثنائية الغنائية معي تحمّس ووافق فوراً. ومعاً تشجّعنا للغناء بطريقة هادئة فيها الكثير من العاطفة الصادقة، فصوتينا متلائمين من حيث الطبقات ودفء النبرة. كما أن ألحان الأغنية وأسلوب توزيعها ساهما في ترك بصمة عند الناس».

تفتقد شيراز على الساحة الأعمال الغنائية الأصيلة (شيراز)

ارتبط أخيراً اسم الفنانة شيراز بالملحن والمغني المصري حسام حبيب. فهل هناك من تعاون قريب بينهما؟ تردّ لـ«الشرق الأوسط»: «بالفعل هناك تعاون بيننا سيترجم في أغنيات مصرية أصدرها قريباً ضمن ألبوم كامل. وربما نقدم على خطوة الدويتو معاً. فأنا من المعجبين بالخلفية الموسيقية التي يمتلكها، وكذلك بتجاربه الفنية الكثيرة والناجحة مع عدد من نجوم الغناء». وتتابع: «أشعر بأن ألحانه تليق بأسلوبي في الغناء وبصوتي، وهو يوافقني الرأي».

سبق وقدّمت شيراز ثنائية غنائية مع الفنان الإيطالي آدم كلاي بعنوان «سهّرت عيوني». واليوم تعيد الكرّة مع أيمن زبيب وفي المستقبل مع حسام حبيب. فهل بات هذا الأسلوب خطّاً تتبعه في مشوارها؟ توضح: «إن أي عمل فني جميل ويحمل الكلام واللحن المناسبين لا أتردد في تقديمه. لست من الفنانين الذين يفكّرون فقط بتسليط الضوء عليهم وحدهم. البعض انتقد عودتي في ديو وفضّل لو رجعت إلى الساحة بعمل من غنائي وحدي. ولكنني لا أفكر بهذه الطريقة أبداً وأحب التجارب الفنية الخارجة عن المألوف».

تعود شيراز إلى الساحة بعد غياب (شيراز)

وهل أنت من أقنع أيمن بهذه العودة أو أن العكس هو الصحيح؟ تقول: «لا أبداً الفضل لا يعود إلى واحد منّا. فقرارنا اتخذناه سوياً، وربما أنا أتحمّس للأمور أكثر منه. وعندما أرغب في إنجاز عمل لا أتأخر أبداً. قد أكون شكّلت لأيمن دافعاً لهذه العودة له على الساحة. ولكنه لم يغب يوماً عن إحياء الحفلات والمناسبات. وبقي مقصّراً، في إصدار أغنيات جديدة. والأهم هو أننا معاً، لامسنا قلوب الناس، ولاقينا محبة كبيرة اكتشفناها عبر تعليقات جمّة وردتنا على وسائل التواصل الاجتماعي. وأنا سعيدة جداً كوننا حققنا معاً النتيجة المرجوة».

وعن رأيها بالساحة الفنية اليوم تجيب شيراز في سياق حديثها: «لاحظت أن الغناء تحوّل إلى موضة.

وهناك أشخاص كثر يشكلون مواهب حقيقية. وفي المقابل تحضر فئة أخرى لا علاقة لها بالفن، ولكنها تصرّ على دخول مجاله. فالسوق تتلون بتنوع كبير اليوم، وما عادت تقتصر على أسماء مغنيين معينين».

ومن خلال متابعتك للساحة ما الانطباع الذي تركته عندك؟ «أقولها بصراحة مطلقة؛ إن الأغنية تفقد من بريقها. نستمع إلى عشر أغنيات كي نحظى بواحدة جيّدة. فالرائج اليوم هو الأغاني المرتكزة على كلام شعبي، وبالتحديد على عبارات نتداولها في أحاديثنا اليومية، ولكن هذا النوع من الأغاني لا يعيش طويلاً. والأجدى بنا العودة إلى الأصالة وإلى الأغنية المتكاملة. وتتألف من لحن وكلام يتركان أثرهما عند المستمع». وتعلّق: «بعضهم يلهث وراء الشهرة والنجومية السريعتين. ولكن برأيي أن النجومية لا تكتسب ولا تمنح، بل تولد مع صاحبها من اللحظة الأولى».

وتعتز شيراز بردود الفعل التي تلقتها حول أغنيتها «بدّك تتحدّيني». وتقول: «ما لفتني في هذه التعليقات هو تأكيد الناس لافتقادهم هذا النوع من الأغاني، فأدرجوها على لائحة الأعمال الفنية ذات العناصر المتكاملة. وهو ما تتطلّبه اليوم الساحة الفنية، في ظل إصدارات لا تفي بمضمونها شروط الفن الحقيقي».

وبالنسبة لأعمالها المستقبلية تؤكد شيراز أنها صوّرت مجموعة من الأغاني. وستقدم على إصدارها مع الوقت. وتعلّق: «لن أغيب بعد اليوم عن الساحة، وسأطل من خلال أغانٍ فردية، من بينها (يا ليل) وهي من كلمات جويس عطا الله، وألحان جان ماري رياشي، وقام بإخراجها كفاح الذي وقّع أيضاً أغنية (بدّك تتحدّيني) مع أيمن زبيب».

وعما إذا لديها النية في تقديم عمل فني استعراضي، تردّ: «الفكرة واردة، ولكن الأمر سيكون بمثابة عرض فني يشبهني. وأعمل حالياً على هذه الفكرة وأتمنى أن تصبح جاهزة قريباً».

وتختم شيراز حديثها متناولة الخط الموسيقي الذي تطمح لإبرازه بشكل واضح.

«لطالما عملت بجهد في مشواري وأتقّنت خياراتي. فأنا من الأشخاص الذين يحبون إنجاز الأعمال الفنية القريبة من الكمال. وربما من خلال اتباعي الخط الموسيقي الذي يليق بالساحة، قد أشجّع غيري وأحضّه على القيام به».

يذكر أن شيراز تحل ضيفة على قناة «الجديد» في مناسبة عيد رأس السنة، فيمضي معها محبوها سهرة ممتعة تقدم خلالها باقة من أغانيها المعروفة ومن بينها «بدّك تتحديني».


تامر نجم لـ«الشرق الأوسط»: عملت بجهد للوصول إلى مرحلة النضوج

انشغل تامر نجم بإقامة الحفلات ومجال التمثيل فتأخر بزوغ نجمه (المكتب الإعلامي للفنان)
انشغل تامر نجم بإقامة الحفلات ومجال التمثيل فتأخر بزوغ نجمه (المكتب الإعلامي للفنان)
TT

تامر نجم لـ«الشرق الأوسط»: عملت بجهد للوصول إلى مرحلة النضوج

انشغل تامر نجم بإقامة الحفلات ومجال التمثيل فتأخر بزوغ نجمه (المكتب الإعلامي للفنان)
انشغل تامر نجم بإقامة الحفلات ومجال التمثيل فتأخر بزوغ نجمه (المكتب الإعلامي للفنان)

قطع الفنان تامر نجم مراحل عدّة قبل أن يضع اليوم حجر الأساس لمسيرته الفنية، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، فقد أعدّ أغنيته الجديدة «يا هاك القلب» بإتقان، ليطوي من خلالها صفحة ويفتح أخرى. حمل موهبته الغنائية باكراً، وشارك في برامج المواهب التلفزيونية، فظهر في «استوديو الفن» كما في «ذا فويس». حلم وثابر، وبنى لمسيرة فنية تشبه روحه الشبابية، لكن الظروف عاكسَته وأخّرت بزوغ نجوميته حتى اليوم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أقولها بصراحة: إن أغنية (يا هاك القلب) التي أصدرتها أخيراً تُعدّ البداية الصحيحة بالنسبة إليّ».

الأغنية من كلمات وألحان صلاح الكردي، وقد صوّرها في أستراليا. ويدور موضوعها في فلك الشجن والقوة، ليسرد من خلالها قصة حب رومانسية يتنقل فيها بين حالة الانكسار والقوة. فيعكس صورة الشاب الذي يواجه الفراق المرّ للمرة الأولى.

يطرح الأسئلة حول برامج المواهب الفنية ومستقبل المتسابق فيها (المكتب الإعلامي للفنان)

ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عملت بجهد وصبر حتى بلغت اليوم مرحلة النضوج الفني. صرت أكثر اطّلاعاً على عالم الفن، وأدرك تماماً من أيّ باب يجب أن أدخله».

ويضيف: «عانيت كثيراً من تردّد بعض شركات الإنتاج في التعامل معي، ومن عدم احتراف مديري أعمال يبدّلون مواقفهم بين يوم وآخر. أخذتُ وعوداً كثيرة على محمل الجد، وصدّقت كلاماً اكتشفت لاحقاً أنه لم يكن سوى فقّاعات هواء. كما أن الأوضاع في بلدي لم تساعدني على اتخاذ خطوة جدّية، فتأخّرت ولادتي الفنية الحقيقية التي أطمح إليها».

لم يُضِيّع تامر نجم وقته في انتظار اللحظة المناسبة عقب صدور أغنيته «يا هاك القلب». فهو من الأسماء المعروفة في عالم الحفلات، حيث يحيي حفلات الزواج والمناسبات الاجتماعية المختلفة. ويقول: «هذا الأمر شغلني كثيراً، والتهيت بإحياء الحفلات وبأدوارٍ تمثيلية. وخلال ذلك الوقت، لم ألتقِ بالشخص القادر على منحي العمل الفني الذي يليق بي».

ويرى تامر نجم أن برامج المواهب التلفزيونية التي شارك بها شكّلت له نقطة انطلاق حقيقية. «لقد تعرّف الناس من خلالها إلى موهبتي الفنية. والتقيت بعمالقة الفن في (ذا فويس»، ولا يمكنني أن أنسى اللحظات التي جمعتني بالفنان كاظم الساهر عندما أثنى على أدائي. وهو ما أعدّه شهادة فخرية أحتفظ بها حتى اليوم».

أغنية «يا هاك القلب» جديد تامر نجم على الساحة الفنية (المكتب الإعلامي للفنان)

ويضيف: «عندما توجه لي صابر الرباعي بكلام جميل. وأكّد لي أني مشروع نجم واعد وصاحب صوت ممتاز، كانت لحظات زودتني بالقوة والثقة بالنفس. فحملت مسؤولية هذه الآراء على عاتقي كي أترجمها حقيقة على أرض الواقع».

ولكن في المقابل، يرى تامر نجم أن هذا النوع من البرامج يضع المشترك على مفترق طرق خطير. «عندما نتخرّج من هذه البرامج تكون أحلامنا كبيرة. فنتوقّع المساندة والدعم منها. ونعتقد بأن مشوارنا الفني بدأ. ولنكتشف بعدها أن أحلامنا ذهبت سدى. فالوقت كان يمرّ من دون تحقيق أي تقدّم على صعيد مشوارنا الفني». يكمل: «هنا لا بد من طرح السؤال الذي يراود كثيرين: ماذا بعد انتهاء مشوار المتسابق مع هذا النوع من البرامج؟ لماذا لا يتم مواكبته ودعمه؟ فهذا الإهمال يشعره بأنه متروك، فيؤخر من ولادة نجوميته».

يصف تامر نجم إطلالته بفيديو كليب «يا هاك القلب» بأنها تمثّله. «شبابية وبسيطة في آن واحد. تقصّدت عدم إدخال أي عناصر بصرية قد تشغل مشاهدها. فاخترت خلفية تصويرية هادئة بحيث تسهم في التركيز على أدائي ومعاني الأغنية».

وتقصَّد تقديم الأداء التمثيلي المناسب؛ لأنه يهوى التمثيل أيضاً.

أخذتُ وعوداً كثيرة على محمل الجد وصدّقت كلاماً اكتشفت لاحقاً أنه لم يكن سوى فقّاعات هواء

وبالفعل، كان تامر نجم قد لمع اسمه من خلال دور تمثيلي لعبه في مسلسل «ع اسمك»، من تأليف كلوديا مرشيليان، ومن بطولة كارين رزق الله، ونخبة من نجوم الشاشة المحلية.

ويعلّق على هذه التجربة: «لقد كانت تجربة رائعة تركت أثرها عند الناس، ولم أمر مرور الكرام فيها. لا أعرف كيف أقولها، ولكني أشعر بغصّة في قلبي اليوم، وسببها عدم الاهتمام بموهبتي التمثيلية من قبل شركات الإنتاج. فلقد نجحت بدوري وبقيت الناس تتحدث عنه لفترة طويلة. ولكن في المقابل لم ألق صدى إيجابياً أو عروضاً تمثيلية جديدة تترجم هذا النجاح. وهو ما دفعني لطرح علامة استفهام كبيرة عن السبب الذي يقف وراء هذا الإهمال لموهبتي التمثيلية».

يتابع تامر نجم الساحة الفنية عن كثب، ويستمع إلى إصداراتها في العالم العربي، فيطّلع على الأعمال المصرية واللبنانية؛ فهو صاحب خلفية فنية علمية. درس الموسيقى كما يعزف على آلتي العود والبيانو، ويقول إن ولعه بالموسيقى لا حدود له. ويصف الساحة الغنائية اليوم بالغنية، مضيفاً: «إنها متنوعة وترضي جميع الأذواق. لا أعلّق على مستوى الأغاني ما دامت تروق لشريحة لا يستهان بها من الناس، فجميع الفنانين يجتهدون ويبذلون الجهد لتقديم الأغنية الناجحة. بعضهم يفشل بذلك، وغيرهم ينجحون. وهذه هي حالة الساحة الفنية منذ بدايتها حتى اليوم. هناك قاعدة ذهبية لا تزال سارية المفعول حتى يومنا هذا، فالأغنية التي تعيش وتستمر لسنوات لا بد أن تكون الأصيلة».

وكأن تامر نجم يبدأ مشواره الفني اليوم من الصفر؟ فهل هذا صحيح؟ يردّ لـ«الشرق الأوسط»: «لا أبدأه من الصفر، ولكن من الباب المناسب. أمشي على السكة الصحيحة وكأني أبني لمشوارٍ جديدٍ». وإلى أين تريد الوصول؟ تسأله «الشرق الأوسط»، فيجيب: «أتمنى أن أصنع مسيرة فنية تليق بمن يسمع أغنياتي. فأوصل لهم ما أحبه بالفن كي يتذكروني على المدى الطويل، فأكون الفنان العربي الذي تفتخر به الساحة».