هدنة سوريا: هدوء حذر.. وقصف مدفعي استهدف ريف حلب

انتشار روسي بمحور الكاستيلو تمهيدا لإدخال مساعدات إلى أحياء حلب المحاصرة

هدنة سوريا: هدوء حذر.. وقصف مدفعي استهدف ريف حلب
TT

هدنة سوريا: هدوء حذر.. وقصف مدفعي استهدف ريف حلب

هدنة سوريا: هدوء حذر.. وقصف مدفعي استهدف ريف حلب

نشرت روسيا أمس، مقاتلين لها على طريق الكاستيلو محور الطرق الأساسي لنقل المساعدات الغذائية إلى أحياء فصائل المعارضة في حلب كبرى مدن شمال سوريا، فيما سحبت قوات النظام السوري مقاتلين لها من النقطة ذاتها التي تعتبر مدخل الأحياء المحاصرة في شرق مدينة حلب، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على تنفيذ اتفاق الهدنة الأميركي – الروسي الذي تعرض لخروقات، وهو ما دفع قيادي معارض لوصف الاتفاق بـ«الهش».
وذكرت وكالتا الأنباء الروسيتان «إنترفاكس» و«ريا نوفوستي» أن عسكريين روسا، أقاموا نقطة مراقبة على طريق الكاستيلو، من غير الإيضاح ما إذا كانت قوات النظام التي تسيطر على هذا الطريق قد انسحبت، رغم أن مصدرًا في المعارضة السورية في حلب، أكد لـ«الشرق الأوسط»، انسحاب قوات النظام من نقاط تمترسها على طريق الكاستيلو، مشيرًا إلى أنها أخلت مواقع محاذية للطريق الحيوي المؤدي إلى الأحياء الشرقية المحاصرة.
وأشار موقع «المصدر نيوز» المطلع والموالي للنظام أن قيادة قوات النظام أصدرت الأوامر لقوات النخبة المنتشرة على هذا الطريق بالتراجع لمسافة كيلومتر إلى شمال الطريق لإفساح المجال أمام الجنود الروس لإقامة ممر إنساني على طول هذا الطريق.
وكان الجيش الروسي أعلن، مساء أول من أمس، أنه سيتم نشر مجموعات مماثلة من العسكريين الروس في مشرقة (شمال محافظة حلب) وحماه في وسط البلاد. ويأتي ذلك تنفيذًا لنص الاتفاق الروسي الأميركي الذي تم التوصل إليه الجمعة، القاضي بفتح ممر إنساني بلا عراقيل للمناطق المحاصرة كما في حلب، وخصوصا عبر جعل طريق الكاستيلو «خاليا من السلاح». وصرح الكولونيل سيرغي سابيستين المسؤول في المركز الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار: «ستكون هذا الطريق السبيل الرئيسي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب»، حسبما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس».
ومن شأن انسحاب قوات النظام من هذا الطريق، أن يفتح الباب أمام إدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى أحياء حلب المحاصرة. لكن النظام السوري، وضع عراقيل إضافية، مشترطًا التنسيق معه لقاء إدخال المساعدات إلى المدينة.
ورأى عضو الائتلاف الوطني السوري سمير النشار أن «روسيا يهمها أن يُنفذ هذا الاتفاق»، معربًا عن اعتقاده أن موسكو «توصلت لتفاهمات مع الولايات المتحدة الأميركية وتريد الاستفادة من المدة المتبقية لولاية الإدارة الأميركية الحالية لترجمة أي اتفاق ميداني أو سياسي»، مشيرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «فشل الاتفاق الأمني وتطبيق وقف إطلاق النار، من شأنه أن يعرقل الجهود السياسية لاستئناف مفاوضات الحل السياسي في سوريا». وقال النشار بأن «الرهان الروسي اليوم على ضمان دخول المساعدات عن طريق الكاستيلو، ما سيعكس جدية الروس بتنفيذ الاتفاق الأمني». وأشار إلى أن الشق الأهم بين تفاهمات الطرفين، الروسي والأميركي، يتعلق «بتحديد المنظمات الإرهابية والقيام بعمليات مشتركة لقصف (جبهة فتح الشام)».
في هذا الوقت، نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، عن مصدرٍ وصفته بالمسؤول في حكومة النظام السوري، قوله: إن «الجمهورية العربية السورية تعلن رفضها إدخال مساعدات إنسانية إلى حلب دون التنسيق مع الحكومة السورية والأمم المتحدة وبشكل خاص من النظام التركي».
ورأى النشار أن النظام هنا «مكره وليس صاحب قرار»، معربًا عن اعتقاده أن هناك «تفاهمات روسية إيرانية»، موضحًا، أن طهران «حين تشعر أن الاتفاق لن يخدم مصالحها، فإنها ستستخدم نفوذها على النظام لعرقلته ونقضه عن طريق النظام السوري وليس عن طريقهم مباشرة».
ورأى أن الروس «يدركون أن الإيرانيين هم لاعب أساسي في سوريا من خلال الميليشيات الموجودة على الأرض التي تقاتل إلى جانب النظام بتوجيهات إيرانية، وتحركها طهران بما يتناسب مع مصالحها».
وفرض الاتفاق الروسي الأميركي هدوءًا حذرًا في الساعات الـ24 الأولى من دخوله حيز التنفيذ في مدينة حلب ومناطق أخرى، رغم خروقات «لا يبدو أنها ستؤدي إلى انهيار الهدنة»، بحسب ما قال المصدر العسكري المعارض في حلب لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن طائرتي استطلاع للنظام «لم تفارقا الجو منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ»، فضلاً عن رصد طائرتين حربيتين في أجواء حلب، مشيرًا إلى أن الخروقات الأساسية «تمثلت في قصف مدفعي متقطع استهدف ريف حلب، وإطلاق نار ورصاص قنص رُصد في منطقة الراموسة ومناطق أخرى في أحياء المدينة»، في حين ذكر النظام السوري أن «المجموعات المسلحة خرقت الهدنة 10 مرات في حمص وحلب».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الهدوء «يسود محافظات حلب وحماه ودمشق وريف دمشق وحمص ودرعا واللاذقية وطرطوس وإدلب وبقية المناطق السورية التي من المفترض أن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ فيها منذ الساعة السابعة من مساء الاثنين، بعد اتفاق أميركي – روسي على وقف العمليات القتالية، باستثناء قصف جوي تعرضت له مناطق في بلدة طيبة الإمام بريف حماه الشمالي، وقصف الطيران المروحي لمناطق في قرية كوكب بريف حماه الشمالي الغربي، وقذيفة أطلقتها قوات النظام استهدفت منطقة في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، وصاروخ يعتقد أنه من نوع أرض – أرض أطلقته قوات النظام على منطقة في مزارع بلدة بيت نايم بمنطقة المرج في غوطة دمشق الشرقية، وقذائف أطلقتها قوات النظام على مناطق في المزارع المحيطة بمخيم خان الشيح بغوطة دمشق الغربية». ولفت إلى أن «الطيران المروحي قصف برميلاً متفجرًا على منطقة في قرية إفرة التي تسيطر عليها جبهة فتح الشام وأبدال الشام بوادي بردى، فيما استهدف الطيران المروحي ببرميل متفجر منطقة الشقيف بشمال مدينة حلب». كما أشار إلى أن الطائرات الحربية استهدفت بنيران رشاشاتها مناطق في المنصورة بريف حلب الغربي، وتعرض أماكن في منطقة مزارع الملاح بريف حلب الشمالي لسقوط 3 قذائف أطلقتها الفصائل، فيما قصفت قوات النظام بخمس قذائف مدفعية مناطق في حي مساكن هنانو بمدينة حلب.
أمام هذا الواقع، تشكك المعارضة بصمود الهدنة، إذ وصفها الباحث العسكري السوري المعارض العميد أحمد رحال بأنها «هدنة هشة». وقال رحال لـ«الشرق الأوسط»: «طالما أنه لا توجد آلية مراقبة ولا وسائط محاسبة، فلن يكون هناك هدنة ناجحة»، مشيرًا إلى أن الهدنة «النظام قادر على اختراقها بأي لحظة كونه يشعر بمأمن بأنه لا توجد جهة ستحاسبه».
وقال رحال المقرب من «الجيش السوري الحر»: «نحن بحاجة لآلية مراقبة ومتابعة. غرفة العمليات بين روسيا وأميركا مختصة بالحرب على الإرهاب وليس بمراقبة الهدنة، فضلاً عن أن الهدنة تركت للنظام منفذًا للتذرع بخرقها، حين استثنت بعض التنظيمات بينها داعش وفتح الشام». وأضاف: «بيان روسيا بخصوص الهدنة خطير، كونه يتحدث عن تعاملها مع مناطق تواجد الإرهابيين، وليس الفصائل الإرهابية».
وكانت (وحدات حماية الشعب) الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، أعلنت، أول من أمس، ترحيبها بالاتفاق الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وتعهدت أن تلتزم بالاتفاق.

 



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.