في غياب سلطة القانون وانحسار هيبة الدولة وضعف القضاة، يلجأ العراقيون أكثر فأكثر إلى العشيرة لأخذ حقوقهم، حسبما تؤكد مصادر قانونية وعشائرية.
فبدلا من أن يتوجه كثيرون من العراقيين المعتدى عليهم بشكاواهم إلى مراكز الشرطة أو القضاء، فإنهم يستغيثون بالعشيرة لنيل ما يعتقدون أنها حقوقهم المشروعة بعد «أن يتأكدوا من أن القضاء لا يأخذ حقهم ولا يحاسب المعتدين عليه»، حسبما تؤكد المحامية أزهار الخفاجي.
وتضيف المحامية لـ«الشرق الأوسط» أن «مجالس العشائر» المنتشرة في بغداد وبقية المحافظات «تحولت إلى مجالس للقضاء ولحل النزاعات بواسطة دفع الأموال، بينما غاب حق الدولة أو ما يسمى في القضاء العراقي (الحق العام)»، مشيرة إلى أن «ضعف القضاء، وعدم متابعة الإجراءات القانونية من قبل الشرطة، وسيطرة القوي على الضعيف، عوامل أدت إلى تغييب القوانين المدنية».
وحسب المحامية الخفاجي، فإن «المدعين أو المعتدى عليهم لم يعودوا يلجأون إلى مراكز الشرطة أو المحاكم، لمعرفتهم مسبقا بأن هذه الإجراءات تطول وأنهم سيدفعون كثيرا من الرشى، والذي سيفوز في النهاية هو من يدفع أكثر، لهذا يتوجهون إلى العشيرة التي تأخذ حقوقهم مضاعفا من المعتدي في أسرع وقت وبأسهل طريقة»، مضيفة أن «هناك كثيرا من المشتكين الذين توكلتُ عنهم يسحبون شكواهم ويلجأون للعشيرة دون أن يأخذ الادعاء العام أو الحق العام دوره في متابعة قضاياهم ومعاقبة المعتدي».
علي الساعدي، الذي تتحدر أصوله من محافظة ميسان جنوب العراق، عضو بأحد المجالس العشائرية، يقول: «عندما يتقدم إلينا أي شخص ينتسب لعشيرتنا بشكوى ضد شخص اعتدى عليه أو سرق حقوقه، كأن يكون تاجرا وسرق شريكه حقوقه، ونتأكد من الموضوع، نقوم بتشكيل ما يشبه اللجنة، ونستدعي جماعة من عشيرة المعتدي للتفاوض معهم، وهذه تسمى (كعدة عشاير) أي جلسة مفاوضات، وبعد أن يتم التأكد من حيثيات القضية، نحدد مبلغا من المال تعويضا عن الاعتداء للمعتدى عليه، وتتم المفاوضات حول المبلغ المحدد»، مشيرا إلى أن «التهديد باستخدام السلاح يأتي بعد أن نجد أن المفاوضات الودية غير نافعة، ويكون اسم العشيرة وقوتها ونفوذها مؤثرا في حسم النزاع».
من جهته، يؤكد العميد سعد معن، مدير العلاقات في وزارة الداخلية والمتحدث الرسمي باسمها، أن «الشرطة العراقية وبقية الأجهزة الأمنية حريصة على تطبيق القوانين ومتابعة جميع القضايا لإحقاق الحق بالطرق القانونية وحسب ما يقرره القضاء».
في العراق.. العشيرة فوق القضاء
ضعف القضاء وتخلي الدولة عن واجبها وراء لجوء المواطنين إليها
في العراق.. العشيرة فوق القضاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة