اتحاد شركات الترميم الأوروبية: السعودية تشهد حراكا رسميا واجتماعيا لحماية تراثها العمراني

رئيس الاتحاد لـ«الشرق الأوسط»: 44 بيتا طينيا ستتحول إلى فندق تراثي خمسة نجوم قريبا

اتحاد شركات الترميم الأوروبية: السعودية تشهد حراكا رسميا واجتماعيا لحماية تراثها العمراني
TT

اتحاد شركات الترميم الأوروبية: السعودية تشهد حراكا رسميا واجتماعيا لحماية تراثها العمراني

اتحاد شركات الترميم الأوروبية: السعودية تشهد حراكا رسميا واجتماعيا لحماية تراثها العمراني

توقع خبراء عالميون في مجال التراث العمراني وتطويره، أن تحقق السعودية مستوى عالميا متقدما في مجال حماية التراث العمراني خلال السنوات الخمس المقبلة، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد عددا من الأعمال التخطيطية لمشاريع الترميم في مواقع ومباني التراث العمراني، وبالتالي تحويلها إلى مواقع جذب سياحي عالية المستوى.
وعد رئيس مجلس إدارة المجموعة الإسبانية لترميم المباني الأثرية والتراثية، ورئيس اتحاد شركات الترميم في أوروبا؛ ما تشهده السعودية من حراك رسمي واجتماعي لحماية التراث العمراني بقيادة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، مشابها إلى حد كبير لما شهدته إسبانيا قبل نحو 40 عاما من صحوة تراثية نتج عنها قيام مشاريع عملاقة جعلت المواقع الأثرية والتراثية الإسبانية في موقع الصدارة أوروبيا وعالميا من حيث عدد زوارها.
وأكد رئيس اتحاد شركات الترميم في أوروبا خلال لقاء أجرته معه «الشرق الأوسط» أثناء زيارته للعاصمة الرياض أخيرا؛ أن المرحلة التي تمر بها السعودية حاليا، والتي يبرز فيها الاهتمام بتراثها العمراني وتطويره؛ تشابه ما مرت به إسبانيا في السبعينات، حيث كانت تواجه كثيرا من التحديات والصعوبات في الحفاظ على تراثها وتطويره وتأهيله، وقد تغلبت عليها بفضل اهتمام الحكومات، وتوعية المجتمع بشرائحه المختلفة وتعريفه بقيمة تراثه، مضيفا أن المجتمع الذي لا يعي ولا يدرك قيمة تراثه يمثل أكبر عقبة في تطوير التراث العمراني وتأهيله والاستفادة منه.
ولم يخف أدولفو مفاجأته باهتمام الدولة، متمثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار، بالتراث العمراني، وقال: «فوجئت بشكل كبير بالشوط الكبير الذي قطعته الهيئة العامة للسياحة والآثار، والأمير سلطان بن سلمان شخصيا، في مجال ترميم التراث العمراني، وفوجئت بمعرفته بحيثيات الترميم»، مضيفا أنه «في بعض الأمور يمسك القلم ويكتب التفاصيل الصغيرة للعمل، وبالتالي فعلا فوجئنا بهذا الأمر من ناحية الهيئة، ومن ناحية الدعم الحكومي نرى أن السعودية تسير في الاتجاه الصحيح، والأمير سلطان بن سلمان بوصفه رئيسا للهيئة يسير في طريق صحيح جدا، وبطريقة متأنية، مع إتقان العمل».
وقال أدولفو: «إن الهدف من زيارته إلى السعودية يكمن بالمقام الأول في حرصه على التعرف على تاريخ وتراث السعودية، لا سيما أنها دولة ثرية في هذا المجال، وهي ملتقى حضارات إنسانية ضاربة في القدم، ما يجعل من مخزونها مادة حضارية تستحق الدراسة والاهتمام.
وأضاف: «أتيت قبل نحو ثلاث سنوات للسعودية في إطار التعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، ويسعدنا من خلال هذه الشراكة أن نقدم خبراتنا الطويلة في هذا المجال لتأهيل التراث وتميز مشاريعه، لا سيما المعماريين والتقنيين والمهتمين بمجال التراث العمراني».
وفي تقييمه للتجربة السعودية في ترميم التراث العمراني وتحويله إلى قطاعات اقتصادية مجدية من خلال السياحة، قال إن رؤية الدولة السعودية ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والآثار في جعل التراث أحد مصادر الدخل وروافد الاقتصاد الوطني، هي رؤية ثاقبة وعميقة، وستكون نتيجتها ازدهارا أكثر للتراث، وتعريفا أعمق بقيمته الاقتصادية والاستثمارية، وهذا يعني تنامي الوعي بقيمة التراث والتفاعل معه لا فقدانه وإهماله، فترميم التراث الذي تعنى به الحكومة السعودية يمثل خطوة مهمة في تحقيق عدة مكاسب ربحية وثقافية وحضارية واجتماعية، تتوافق مع المكانة السعودية وعمقها الدولي.
وقال: «إن ترميم التراث يسهم في توظيف الطاقات البشرية وزيادة مداخيلها من خلال استيعاب أفراد المجتمع في وظائف كثيرة». وأشار أدولفو إلى أن عمليات الترميم مثلا في المباني التقليدية تحتاج إلى الحرفيين المهرة، حيث لا يمكن العمل بالآليات، وأنه بحسب تجربتنا في السعودية فإن العمل في هذا المجال كثيرا ما يعتمد على الأعمال اليدوية، وهذا بالطبع يؤدي لاستعادة المهن القديمة التي أصبحت شبه منقرضة، إذ لا أحد يعمل على الطين اليوم، وهذا ما سيجعل الجميع يعتمد على كبار السن لتعليم الصغار، كما أن ترميم أي مشروع جديد سيصنع مراكز عمل جديدة، ما يصب في تحقيق مزيد من الفوائد المرجوة، لا سيما عبر السياحة، فضلا عن توظيف مباني التراث العمراني في الفنادق والمطاعم وغيرها.
وعن اتحاد شركات الترميم في أوروبا، قال إنه الاتحاد الوحيد الذي يجمع الشركات العاملة في مجال الترميم في الاتحاد الأوروبي، وهو تابع لمجلس أوروبا، مبينا أن هذا الاتحاد له الحق في سن القوانين الخاصة بترميم التراث العمراني بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، ونشر ثقافة الترميم ودعم الشركات التي تقوم بذلك، مشيرا إلى أن المجموعة الإسبانية الدولية لترميم المباني التراثية، التي يرأس مجلس إدارتها، ولدت من اتحاد أربع عائلات تجارية، وأنها تعمل في هذا المجال منذ 60 عاما، عملت خلالها في قصر الجعفرية في سرقسطة وشركة أخرى من المجموعة عملت في مدينة الزهراء وفي قصر الحمراء، وقد حصلت الأسبوع الفائت على جائزة «البايثين» الأندلسية، وهي أعلى جائزة للترميم. والشركة الثالثة تتمركز أعمالها غرب إسبانيا، حيث عملت في المسرح الروماني الشهير، وقد اتحدت هذه الشركات وصارت شركة واحدة تعمل في السعودية ودول عربية أخرى، عبر فرق متخصصة على أتم الاستعداد لإدارة ومراقبة وتطوير كل مراحل عملية مسح وتبويب وتصنيف المراكز الأثرية والترميم والمحافظة على التراث الموجود، وفقا لأرفع المعايير الدولية، مشيرا إلى أن المجموعة قامت خلال الثلاثين عاما الماضية بتنفيذ آلاف المشاريع بقيمة تصل إلى 570 مليون يورو، وفي إسبانيا وحدها جرى ترميم 25 قصرا وقلعة ومعلما أثريا من أهم المعالم في العالم.
وفيما يخص حي سمحان بالدرعية التاريخية الذي تعمل المجموعة على تأهيله وتطويره، قال أدولفو إن حي سمحان سيمثل بعد تطويره وتأهيله معلما حضاريا بارزا يعكس عبق الماضي ويواكب الحداثة، وبدأنا العمل فيه منذ عام ونصف العام، وأنهينا العمل في المرحلة الأولى من المشروع، حيث قمنا بإزالة الأنقاض وما يشبه أعمال الحفريات الأثرية، وتمكنا من إنجاز المسح العمراني بواسطة علماء وخبراء ومساحين خلال هذه المرحلة، مضيفا أن المرحلة الثانية التي ستبدأ في المستقبل القريب تشتمل على عمليات تجهيز البنى التحتية، مثل الكهرباء والمياه والخرائط المفصلة للموقع، حيث تستغرق هذه المرحلة زمنا وجيزا على مدى شهرين أو ثلاثة أشهر، ثم تبدأ مرحلة التنفيذ النهائي، ليجري تحويل الحي بكامله (44 بيتا طينيا) إلى فندق تراثي (خمسة نجوم) يعد الأول من نوعه في السعودية.
وفي السياق ذاته، التقت «الشرق الأوسط» غسان الخوري، أحد شركاء المجموعة الأوروبية المشرفة على تطوير وتأهيل حي سمحان بالدرعية، وقال إن حي سمحان سيجري تحويله في المستقبل المنظور إلى فندق تراثي يحمل عبق الماضي ويلبي متطلبات الحياة العصرية، حيث تتوافر فيه جميع مقومات الجذب السياحي التي تجعله مقصدا للزوار والسياح من داخل المملكة وخارجها.
وقال إن الأمير سلطان بن سلمان قطع شوطا كبيرا في تأهيل تراث المملكة وتطويره عبر رؤيته التي يهدف من خلالها لأن يكون التراث العمراني داعما للاقتصاد والتنمية، فضلا عن أنه منجز حضاري يجسد هوية المملكة وتاريخها، مشيرا إلى أن الأمير سلطان يعمل على إنجاح هذا المشروع منذ فترة ليست بالقصيرة، واستطاع أن ينجح في جعله واقعا ملموسا، رغم عدم وجود كل العناصر المساعدة للنهوض بالتراث كما ينبغي، وقال: «نحن الإسبان قبل أربعين عاما عانينا ما يعانيه الأمير سلطان بن سلمان في ترميم التراث العمراني، ولما كان التاريخ يعيد نفسه، أرى أن الأمير سلطان يقف الآن موقف والد السفير الإسباني الحالي في الرياض، خواكين بيريث فيانويفا، الذي كان مسؤولا عن التراث العمراني الإسباني وعانى الصعوبات وواجه كثيرا من التحديات في النهوض بالتراث، ومن ضمن تلك الصعوبات كانت عملية تثقيف وتوعية المجتمع بضرورة الحفاظ على التراث العمراني والعمل مع البلديات الإسبانية التي صارت تحمي التراث العمراني اليوم، في حين كانت تدمر المناطق الأثرية لبناء المساكن أو لأسباب أخرى».
وبرأي الخوري فإن عملية التوعية في المملكة بدأت تعطي نتائجها من خلال الاهتمام الملحوظ من رؤساء البلديات والأمناء والمجتمعات المحلية، والذي أنتج مشاريع تقام حاليا في مجال التراث العمراني.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.