المعارضة تشكك بالتزام روسيا والأسد باتفاق الهدنة في سوريا

طائرات هليكوبتر تابعة لقوات النظام تستمر بإسقاط براميل متفجرة على مناطق سكنية

المعارضة تشكك بالتزام روسيا والأسد باتفاق الهدنة في سوريا
TT

المعارضة تشكك بالتزام روسيا والأسد باتفاق الهدنة في سوريا

المعارضة تشكك بالتزام روسيا والأسد باتفاق الهدنة في سوريا

قال مقاتلون من الجيش السوري الحر، اليوم (السبت)، إنّهم لا يرون فرصًا كبيرة لنجاح اتفاق أميركي روسي بشأن سوريا، لأن دمشق وموسكو لن تلتزما به.
وأفاد فارس البيوش قائد جماعة الفرقة الشمالية التابعة للجيش السوري الحر، أنّ روسيا ودمشق لم تلتزما بالاتفاق السابق، وأنّ فرص نجاح الاتفاق الجديد لا تختلف عن سابقتها.
وذكر النقيب عبد السلام عبد الرزاق المتحدث العسكري باسم كتائب نور الدين الزنكي أن الاتفاق سيمنح قوات الأسد فرصة لحشد قواها، والدفع بالمزيد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في المعارك الرئيسية بمدينة حلب.
وهاجمت قوات الأسد مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل دخول وقف جديد لإطلاق النار في أرجاء سوريا حيز التنفيذ يوم الاثنين. وقال مقاتلو معارضة إنّهم يخططون لهجوم مضاد.
من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ طائرات يعتقد أنّها إما سورية أو روسية قصفت أيضًا بلدات تحت سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي، بما في ذلك عندان وحريتان بالإضافة إلى طرق إمداد مهمة لمقاتلي المعارضة.
وأكد المرصد تقارير سكان ونشطاء في شرق حلب قالوا إن طائرات هليكوبتر تابعة لقوات النظام أسقطت براميل متفجرة على مناطق سكنية للمدنيين في بضع مناطق.
وأعلنت الولايات المتحدة وروسيا اللتان تدعمان أطرافًا متناحرة في الصراع، عن اتفاق في الساعات الأولى من صباح اليوم، ويشمل وقفًا لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا بدءًا من غروب شمس يوم الاثنين، وتحسين إيصال المساعدات، والاستهداف المشترك للجماعات المتشددة المحظورة.
وقالت واشنطن إن الاتفاق سيضع في حال تنفيذه نهاية للقصف العشوائي للمدنيين من قبل قوات الأسد. من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحافي بعد محادثات ماراثونية في مدينة جنيف السويسرية: «اليوم ندعو أنا و(وزير الخارجية الروسي) سيرغي لافروف باسم رئيسينا وبلدينا كل أصحاب المصلحة في سوريا إلى دعم الخطة التي توصلت إليها الولايات المتحدة وروسيا.. من أجل التوصل إلى أسرع نهاية ممكنة لهذا الصراع المفجع من خلال عملية سياسية». فيما أفاد لافروف بأنه على الرغم من استمرار انعدام الثقة فإن الجانبين وضعا خمس وثائق من شأنها إحياء هدنة متعثرة تم الاتفاق عليها في فبراير (شباط)، وإتاحة التنسيق العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا ضد الجماعات المتشددة في سوريا.
واتفق الجانبان على عدم نشر الوثائق.
وتابع لافروف في مؤتمر صحافي: «يخلق كل هذا الظروف الضرورية لاستئناف العملية السياسية المتوقفة منذ فترة طويلة».
جاء الاتفاق عقب محادثات استمرت إلى وقت متأخر، أمس (الجمعة)، وعدد من المحاولات الفاشلة للتوصل لاتفاق خلال الأسبوعين الماضيين. وتأجل الإعلان أمس، كي يتشاور كيري والمفاوضون الأميركيون مع المسؤولين في واشنطن.
وقال كيري {ستبذل الولايات المتحدة متمثلة في إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما مزيدا من الجهد هنا لأننا نعتقد أن روسيا وزميلي (لافروف) لديهما القدرة على الضغط على نظام الأسد لإنهاء هذا الصراع والقدوم إلى الطاولة وتحقيق السلام».
وانهارت الجهود السابقة لإبرام اتفاقات لوقف القتال وإرسال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة بسوريا في غضون أسابيع، مع اتهام الولايات المتحدة لقوات النظام بمهاجمة جماعات المعارضة والمدنيين.
وقال كيري إن «حجر أساس» الاتفاق الجديد هو الاتفاق على أن قوات النظام لن تقوم بمهام جوية قتالية في المنطقة المتفق عليها بذريعة ملاحقة مقاتلين من جبهة النصرة الجناح السابق لتنظيم القاعدة في سوريا.
وتابع: «سيضع ذلك نهاية للبراميل المتفجرة ونهاية للقصف العشوائي، ويملك القدرة على تغيير طبيعة الصراع».
إذا صمدت الهدنة ابتداء من يوم الاثنين فسوف تبدأ روسيا والولايات المتحدة سبعة أيام من العمل التحضيري لإقامة «مركز تنفيذ مشترك» لتبادل المعلومات لتحديد الأراضي التي تسيطر عليها جبهة النصرة وجماعات المعارضة.
وسينسحب الجانبان المتحاربان من طريق الكاستيلو الاستراتيجي في حلب لإقامة منطقة منزوعة السلاح، بينما يتعين على جماعات المعارضة والحكومة توفير طريق آمن دون عوائق إلى جنوب المدينة عبر الراموسة.
وقال كيري: «علينا ملاحقة هؤلاء الإرهابيين.. ليس بطريقة عشوائية، لكن بطريقة استراتيجية ودقيقة وحكيمة حتى لا يستطيعوا مواصلة استغلال قصف النظام العشوائي لحشد الناس على جرائمهم البغيضة». وأضاف أن جميع أطراف الصراع عليها الالتزام بالهدنة في أرجاء البلاد وحذر مقاتلي المعارضة من أنهم ما لم ينفصلوا عن جبهة النصرة، فإنهم لن يكونوا بمنأى عن الهجمات الجوية. وأوضح: «يتطلب ذلك وقف جميع الهجمات بما في ذلك القصف الجوي وأي محاولات للسيطرة على أراضٍ إضافية على حساب أطراف وقف إطلاق النار. يتطلب ذلك توصيلا مستداما للمساعدات الإنسانية دون عوائق لكل المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها بما في ذلك حلب».
من جهة أخرى، عارض مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) والمخابرات الأميركية فكرة تعزيز التعاون العسكري مع روسيا، لا سيما تبادل مواقع جماعات المعارضة التي تقاتل من أجل الإطاحة بالأسد.
وقبل أيام قليلة ألقى وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر كلمة قوية في إنجلترا منتقدًا روسيا. وطالما تشكك كارتر في نيات روسيا في سوريا.
وقال البنتاغون في بيان إنّه سيتابع بعناية «التفاهم المبدئي» الذي جرى التوصل إليه، أمس، ودعا نظام الأسد وروسيا للالتزام بمتطلبات الاتفاق.
وقال بيتر كوك المتحدث باسم البنتاغون: «لا بد من الوفاء بهذه الالتزامات بالكامل قبل إمكانية حدوث أي تعاون عسكري محتمل.. سنتابع عن كثب تنفيذ هذا التفاهم في الأيام المقبلة».
وتدعم الولايات المتحدة وروسيا أطرافًا متناحرة في النزاع السوري، الذي لا تلوح بوادر على انتهائه بعد أكثر من خمس سنوات من الصراع الذي قُتِل فيه ما يربو على 400 ألف شخص ودفع عشرات الآلاف للجوء إلى أوروبا.
وقالت الأمم المتحدة، أمس، إن نظام الأسد أوقف فعليًا قوافل المساعدات هذا الشهر، وإنّ الوقود على وشك النفاد في مدينة حلب المحاصرة، مما يجعل محادثات السلام أكثر إلحاحًا.
ورحب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بالإعلان وقال في بيان إن الاتفاق يقدم «قواعد أوضح» لوقف الأعمال القتالية، وسيسمح للأطراف المتحاربة باستئناف المحادثات السياسية بشأن مرحلة انتقالية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».