تحف وهدايا تذكارية بأيادٍ سعودية تستهوي الحجاج

14 مليون منتج صنع في المدينة المنورة

حجاج ينتقون السجاد والهدايا ({الشرق الأوسط})
حجاج ينتقون السجاد والهدايا ({الشرق الأوسط})
TT

تحف وهدايا تذكارية بأيادٍ سعودية تستهوي الحجاج

حجاج ينتقون السجاد والهدايا ({الشرق الأوسط})
حجاج ينتقون السجاد والهدايا ({الشرق الأوسط})

تجد تحف وهدايا تذكارية صنعتها أيادٍ سعودية، طلبًا كبيرًا من الحجاج القادمين من كل فج عميق، إذ أصبحت مقتنيات وهدايا حجاج بيت الله الحرام تذكارًا يرتبط بالمدينتين المقدستين، مكة المكرمة والمدينة المنورة، أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من انفتاح السوق على جل المنتجات والماركات العالمية.
وأحدثت مبادرات تعنى بتوفير منتجات مصنوعة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، تصنعها الأسر المنتجة والحرفيون من الأهالي، نقلة في سوق الهدايا التذكارية للحجاج والمعتمرين، حيث يقدمون مصنوعات حرفية وفق معايير معتمدة للجودة، تعبّر عن الثقافة المحلية لمدينة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وللسعودية عمومًا.

صناعة محلّية
وأشار أحمد المحايري، الرئيس التنفيذي لـ«نماء المنورة»، إلى مشاركة أكثر من 40 شركة ومصنعًا محليًا داخل نطاق منطقة المدينة المنورة، في احتضان مشروعات الأهالي الحرفية والمنتجات اليدوية وغيرها، حتى تخطت المنتجات المعروضة للبيع والتي تحمل علامة «صنع في المدينة» 14 مليون وحدة، تشمل التحف التذكارية الحجازية، والسجاد، والسبح، ومشغولات الذهب والفضة، والمجوهرات، ومعلبات تمور المدينة المنورة، إضافة إلى الملابس النسائية المدينية والمكية وملابس الصلاة. وتشهد سوق الهدايا والمنتجات المكية والمدينية إقبالا لافتًا خلال موسم الحج الذي يستمر نحو 60 يومًا من كل عام، بداية من منتصف ذي القعدة وحتى منتصف المحرم، مسجّلاً ارتفاعًا في المبيعات بنسبة 100 في المائة، مقارنة بما يتم بيعه خلال العشرين يومًا الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وما يزيد على إجمالي ما يتم بيعه باقي أوقات العام، حيث أكد المحايري تضامن أهالي مدينة الرسول (عليه الصلاة السلام) والقائمين على وقف «نماء المنورة» والشركاء من المسؤولين ورجال الأعمال، في سبيل تقديم اسم المدينة المنورة بمنتجات ذات جودة، إضافة إلى الاهتمام بأبناء المدينة المنورة عبر تدريب أكثر من 160 شابًا سعوديًا، افتتح 60 منهم متاجر خاصة تعرض منتجات «صنع في المدينة» عبر 12 موقعًا مختلفًا داخل المدينة المنورة، منوهًا بالعمل على توفير هذه المنتجات داخل المطارات، وفي مواقع أخرى بمنطقة مكة المكرمة.

مليار ريال حجم المبيعات
وأشار أحمد محسن باصرة، عضو لجنة تجار الأقمشة والملابس الجاهزة بغرفة جدة، إلى استنفار الباعة والموزعين وأصحاب المحال التجارية خلال موسم الحج، بهدف توفير العرض الموازي لحجم الطلب الموسمي، على الرغم من أن القوة الشرائية للحجاج تشهد انخفاضا بين عام وآخر، إلا أن حجم تجارة الملابس في موسم الحج الحالي تجاوز مليار ريال (266 مليون دولار) في منطقة مكة المكرمة، يشمل منتجات محلية وعالمية. وأضاف باصرة أن انفتاح السوق السعودية على العالم أسهم في تواجد جل الماركات العالمية التي استحوذت على ما يزيد على 20 في المائة من حصة باعة الملابس المحليين والمستوردين الصغار في أسواق منطقة مكة المكرمة، مشيرًا إلى أن إقبال الحجاج بات موزعًا بين التركيز على المعروضات المعبّرة عن المنطقة وتراثها واستهداف المحال المتخصصة بها، وبين قصد متاجر الماركات العالمية التي قد لا تتوفر في دول كثير من الحجاج.

إقبال على التراثية
وبحسب الشاب محمد الحربي، صاحب متجر هدايا، فإن سوق الهدايا بات أكثر نشاطًا طوال السنة مقارنة بأعوام سابقة، عازيًا ذلك إلى استمرار توافد المعتمرين على مدار العام.
وأوضح أن النشاط يكون في ذروته موسمي رمضان المبارك والحج، حيث يتضاعف الإقبال على التذكارات والهدايا المرتبطة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، مشيرًا إلى تركيز الحجاج والزوار على اقتناء السبح والسجاد والتمور بالمرتبة الأولى، فيما يزداد الإقبال على باقي المنتجات وخصوصًا المشغولات والملابس النسائية التي تمثّل تراث وثقافة السعودية، بما فيها مكة المكرمة والمدينة المنورة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».