نتالي بورتمن لـ «الشرق الأوسط»: مثلت شخصية جاكلين كندي بحرية كبيرة

تألقت للمرة الثانية بمهرجان فينيسيا السينمائي

نتالي بورتمن كما بدت في «حكايات حب وظلام»
نتالي بورتمن كما بدت في «حكايات حب وظلام»
TT

نتالي بورتمن لـ «الشرق الأوسط»: مثلت شخصية جاكلين كندي بحرية كبيرة

نتالي بورتمن كما بدت في «حكايات حب وظلام»
نتالي بورتمن كما بدت في «حكايات حب وظلام»

بعد الهوان الذي أصاب فيلمها الأول بصفتها منتجة «جين امتلكت مسدسًا» (Jane Got a Gun) قبل نحو سنة، اندفعت نتالي بورتمن صوب العمل من جديد وأنجزت، بصفتها ممثلة فقط، ثلاثة أفلام جديدة تحتشد في هذه الآونة، اثنان منها مرّا على شاشة مهرجان فينيسيا والثالث سيعرض مطلع العام المقبل.
هذا إلى جانب فيلم رابع كانت مثلته وأنتجته وعرض مطلع هذه السنة بعنوان «فخر وكبرياء وزومبيز» الذي كان حظّـه من العروض أفضل من حظ «جين امتلكت مسدسًا» بقليل.
لكن لا مجال للتخمين في مدى النجاح المتوقع لفيلميها الجديدين: «جاكي» و«قبّـة سماوية»، إذا ما كان مهرجان فينيسيا هو بالفعل المقياس المناسب للحكم (كلاهما يعرض أيضًا في مهرجان تورونتو هذه الأيام)، فهما وجدا هنا إعجابًا من النقاد ومن الجمهور، ولو أن «جاكي» هو المستأثر على الاهتمام أكثر من سواه.
هو أحد الأفلام الجديدة التي تتطلع إلى حقبة الستينات فاحصة الأيام الأخيرة من حياة الرئيس جون ف. كندي قبل اغتياله وما حدث بعد ذلك. سنجد كل هذا مرتسمًا في فيلم يعرضه تورونتو فقط هو LBJ، لكن ما يتميّـز «جاكي» به هو أنه يدور عن زوجة كندي وليس عن كندي نفسه إلا من خلال كون اغتياله هو الحدث الذي عصف بها، ووضعها في مأزق التعامل مع حقيقة أنها خسرت الزوج وخسرت مكانتها سيدة أولى في البيت الأبيض.
نتالي بورتمن هي جاكلين كندي في الفيلم، وتمثيلها يجعل من شاهد أفلامًا تسجيلية عن «السيدة الأولى» حينها، يلاحظ التشابه بينهما. بالطبع ليس تشابهًا كاملاً، لكنه تشابه كاف ومناسب. المخرج التشيلي بابلو لاران (صاحب «النادي» الذي عرضه مهرجان برلين بنجاح في العام الماضي، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم الكبرى، ومنه دلف إلى ترشيحات غولدن غلوبس كونه أفضل فيلم أجنبي) تعامل والفترة السياسية والشخصية الحاسمة عند اغتيال الرئيس وتولي ليندون ب. جونسون الرئاسة عوضًا عنه بحرية، لا يوازيها سوى حرية تعامله مع شخصية جاكلين كندي، ولو تبعًا للحقائق على نحو عام.

نظرة مستقلة

وصلت بورتمن للمقابلة مرتدية رداءً طويلاً وجلست قبالة هذا الناقد مبتسمة وجاهزة. لم تكن ملامح التعب بادية عليها، ولو أنها أجرت منذ الصباح سلسلة من المقابلات الأخرى.
* ما الذي يجعل هذا الفيلم مميزًا في رأيك: جاكلين كندي أم من قامت بتمثيلها؟
ـ (تضحك) هذا يعود إلى المتلقي. لكن أعتقد أن جاكلين هي من تفرض الكثير من الأهمية على هذا الفيلم؛ لأنه عنها. أنا لم أقم إلا بتمثيلها على نحو سيكون لكم أنتم الحكم عليه.
* هل اعتمدت على كتب ووثائق لأجل إتقان الدور؟
- لم أعتمد، لكني قرأت عنها ما أردت قراءته. المخرج لاران كان في رأيي مُـصيبًا عندما وضع السيناريو على نحو متحرر من تفاصيل تلك الأحداث. نعم، الشخصيات حقيقية، وما حدث سنة 1963 حقيقي، وهناك عناية بمواقع التصوير لكي تبدو مماثلة سواء البيت الأبيض أو المقبرة التي تم فيها دفن الرئيس كندي، لكن كانت هناك حرية في المقابل.
* حرية.. ماذا بالتحديد؟
- حرية أن أمثل الدور كما أرى مناسبًا. هناك التزامي بلعب الدور كما ينبغي له أن يُـلعب، لكني لم أكن مقيدة في اختيار التصرفات مثلاً. سأعطيك مثلاً آخر: تعلمت اللهجة والتزمت بها، لكن الحوار لم يكن هو ذاته الذي نشرته الكتب أو المذكرات حولها أو حول جاكي.
* منحك المخرج حرية الاختيار في التصرفات أيضًا، لكن من دون الخروج عن حدود معينة؟
- تمامًا.
* كيف ترين التعامل مع هذا المخرج التشيلي؟ هي المرة الأولى التي تمثلين تحت إدارته.
- كان تعاملاً مريحًا. بابلو يجلس مع الممثل ويتفق معه ثم يتركه وشأنه. كما قلت أنت هناك حدود متعارف عليها، لكنه يرى أن على الممثل تحمل مسؤولية إتقان شخصيته. هو لا يتدخل كثيرًا فيما بعد. ووجدته أيضًا يعرف ما يريد. حضوره جيد خلال التصوير.
* أعتقد أن كونه تشيليًا منحه نوعًا من استقلال النظرة ذاتها.
- هذا صحيح. لم يلتزم كثيرًا بالمصادر المنشورة، ونظرته المستقلة في رأيي جعلت الفيلم أفضل مما لو اكتفى بتتبع السيرة على نحو ما نراه في أفلام بيوغرافية كثيرة. في رأيي هذه إضافة مهمّـة جدًا منحت الفيلم تميّـزه وإجادته. ما رأيك؟
* هناك أسباب أخرى لهذا التميّـز، لكن ما ذكرتِه صحيح. ما نسبة الخيال الذي تم استخدامه في شخصيّـتك من حيث الأقوال والتصرفات؟
- كبير. عملت بمقتضى السيناريو أكثر مما عملت بمقتضى المراجع. بابلو أراد ذلك، وأعتقد أنه كان على حق في هذا الاتجاه. هذا حررني كثيرًا. تستطيع أن تقول إني مثلت شخصية جاكي بحرية كبيرة.

اندفاعة جادة

* الفيلم من إنتاج بضعة سينمائيين، بينهم دارن أرونوفسكي الذي لعبت تحت إدارته «البجعة السوداء» وعنه نلت الأوسكار قبل خمس سنوات. هل هو الذي اختارك للدور؟
- كانت هناك احتمالات أخرى، ولو أني أعتقد أن التعاون السابق بيني وبين أرونوفسكي له دور في اختياري.
* بعد ذلك الأوسكار تعددت أدوارك، لكن «البجعة السوداء» لا يزال الفيلم الأشهر لك. هل هذا عائد إلى الفيلم أم إلى الجوائز التي حصل عليها؟
- عائد إلى الفيلم في رأيي، لكن لا يجب أن نتوقع تتابع الأفلام المميّـزة على نحو روتيني. هناك فترات على الممثل أن يختار مما يعرض أمامه، وليس كل ما يعرض هو على شاكلة «البجعة السوداء» أو «جاكي».
* تمامًا، لكن لجانب هذين الفيلمين وفيلم ترنس مالك «فارس الكبّـة» (Knight of the Cups) رأيناك في أفلام ذات منهج جماهيري فقط، مثل «ثور» الأول، ثم «ثور: العالم الداكن». هل كان الدافع حبًا في الانتشار؟
- معظم ما أمثله يأتي في سياق أعمال جيدة، وأنت اخترت فيلمين فقط من بين خمسة عشر فيلما مثلتها من «البجعة السوداء» وحتى اليوم. لذلك؛ لا أوافقك على هذه الناحية مطلقًا. وتمثيلي الفيلمين اللذين ذكرتهما عائد إلى أنهما بديا لي مناسبين. طبعًا، لننسى النجاح الجماهيري، هذا مقياس جيد للاستديوهات، ومساعد للممثلين في بعض الحالات، لكن إذا ما أراد المرء النظر إلى الاختيارات أعتقد أن عليه أن يكون شاملاً.
* صحيح. ما قصدت قوله هو أن غالبية ما قمت به كان اندفاعة جادّة صوب الأعمال الجيدة. هذا لا خلاف عليه، لكن في العام الماضي قمت بإنتاج وتمثيل بطولة «جين امتلكت مسدسًا» الذي شابته خلافات خلال العمل أدت إلى تغيير طاقم ممثليه الأساسيين ربما أكثر من مرّة. كيف تنظرين إلى هذا الفيلم الآن؟
- نعم. تعرض «جين امتلكت مسدسًا» لمشكلات قبل التصوير خصوصًا، لكني أعتقد أن المخرج غافين أو كونور أنجز فيلما جيدًا استحق كل المعاناة التي واكبته منذ أن بدأنا العمل عليه. هذا الفيلم لن يثنيني عن العمل منتجة. أحب أن اختار حكايات أحب قراءتها.
* هل يشمل ذلك الأدوار؟ هل تميلين إلى أدوار معينة لأنك معجبة بالحكايات التي تعيشها؟
- بالتأكيد. هذا ضروري لي. إذا ما كانت هناك رابطة واحدة بين الشخصيات التي أمثلها فهي أنني أحبها وأحب ما تمر به من أحداث ضمن الحكاية المكتوبة. هذا هو العالم الذي سأقوم بدخوله.
* أخرجت أيضًا أول أفلامك «حكايات حب وظلام» الذي تم تصويره في إسرائيل. لكن هناك واجهتك مشكلات فنية وسياسية، أليس كذلك؟
- الإعلام يضخم الأحداث. تصل للناس أكبر مما كانت عليه. كانت هناك مواقف معارضة من الداخل من قِـبل جهات لم ترغب في أن أكون أنا من يقوم بتمثيل وإخراج هذا الفيلم عن حياة آموش أوز. لكن لم يكن هناك ممانعة فعلية. البعض تحدث عن عراقيل، لكن هذا ليس صحيحًا. على العكس كان الترحيب بالفكرة كبيرًا.
* قرأت أن المشروع بدأ سنة 2002 وانتهى بعد 13 سنة.
- صحيح. لكن التأخير كان لأسباب مختلفة لا علاقة لها بالتصوير أو بأي ضغط خارجي. السيناريو أخذ مني سنوات عدة، والتمويل سنوات عدة، ولا تنس حجم العمل الذي أقوم به (تضحك) أنا امرأة مشغولة.
* ما هو انطباعك عن مهرجان فينيسيا؟
- أحب فينيسيا. أحب حقيقة أن هذا المهرجان هو فني بالدرجة الأولى، وأن جمهوره يقدر هذا الجهد المبذول لتقديم كل هذه الأفلام المتميّـزة. هذه ثاني زيارة لي لفينيسيا وبعده سأتوجه لتورونتو.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».