لافروف يلتقي كيري في جنيف في محاولة أخيرة لإنقاذ اتفاقهما حول سوريا

حققا تقدمًا طفيفًا في الساعات الأولى لكن قضايا جدية ما زالت عالقة

وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري خلال لقائهما في جنيف أمس (أ.ب)
وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري خلال لقائهما في جنيف أمس (أ.ب)
TT

لافروف يلتقي كيري في جنيف في محاولة أخيرة لإنقاذ اتفاقهما حول سوريا

وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري خلال لقائهما في جنيف أمس (أ.ب)
وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري خلال لقائهما في جنيف أمس (أ.ب)

انطلقت صباح أمس في مدينة جنيف السويسرية جولة جديدة من المباحثات بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري، هي الثانية من نوعها التي تستضيفها العاصمة السويسرية خلال أسبوعين. وفيها يركز الوزيران على التوصل إلى تفاهم بشأن قضايا خلافية عالقة تحول دون الإعلان عن اتفاق لتسوية الأزمة السورية، توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة منتصف يوليو (تموز) بعد محادثات ماراثونية أجراها الوزير كيري في موسكو مع كل من الرئيس فلاديمير بوتين والوزير لافروف.
يومذاك رفض الوزيران الكشف عن تفاصيل ذلك الاتفاق وبررا ذلك ببقاء جوانب تقنية سيعمل الخبراء «خلال أيام» في جنيف على التوصل لاتفاق بشأنها، ومن ثم يتم الكشف عن التفاصيل. إلا أن محادثات الخبراء في جنيف لم تتمكن من تحقيق النتائج المرجوة طيلة الفترة الماضية، الأمر الذي دفع لافروف وكيري لعقد لقاء «ماراثوني» في جنيف يوم 26 أغسطس (آب)، ولم يتغير واقع الأمر بعده، ما اضطر الوزيرين لعقد لقاء جديد أمس للعمل مباشرة على تجاوز تلك الخلافات في محاولة جديدة، وربما أخيرة لإنقاذ اتفاق يوليو.
مصدر أبلغ «الشرق الأوسط» من جنيف أن «تقدما طفيفا حققه الجانبان في الساعات الأولى للمحادثات بمشاركة خبراء من الجانبين»، وأشار في الوقت ذاته إلى بقاء «قضايا جدية لم يتم بعد التوصل لتفاهمات بشأنها»، دون أن يقدم أي إيضاحات تفصيلية حول الجوانب التي أمكن التفاهم بشأنها ولا القضايا العالقة. واكتفى بالإشارة إلى أن «المسائل ذاتها تبقى محور محادثات بين الجانبين، وهي آليات تثبيت وقف إطلاق نار دائم في سوريا، ومهام والتزامات كل طرف في هذا السياق، فضلا عن كيفية الفصل بين المعارضة والمجموعات الإرهابية في حلب، وكيفية توجيه ضربات ضد التنظيمات المصنفة وفق الأمم المتحدة على أنها إرهابية، فضلا عن صياغة الأرضية القانونية للعمل المشترك في سوريا». وختم بالقول إن «جدلا يطفو من حين لآخر حول مصير النظام السوري، إلا أن المفاوضين يركزون حاليا على جملة قضايا ملحة تساهم في خلق أجواء لاستئناف المفاوضات بين السوريين في جنيف بالدرجة الأولى».
تجدر الإشارة إلى أن الجولة الحالية من مباحثات لافروف - كيري كانت مهددة بالفشل، وكانت المعلومات حول احتمال انعقادها ضبابية، ما بين نفي من الجانب الأميركي واعتبار أن الظروف ليست مواتية لعقد محادثات كهذه، وتأكيد من الجانب الروسي على أن الوزيرين اتفقا خلال الاتصال الهاتفي بينهما مساء السابع من سبتمبر (أيلول) على إجراء محادثات في جنيف يومي الثامن والتاسع من سبتمبر لمواصلة العمل على صياغة الاتفاق الأميركي - الروسي حول سوريا. وكان لافروف قد وصل إلى جنيف، مساء أول من أمس، لكنه لم يجد الوزير كيري بانتظاره، وعندها أجرى محادثات مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا. وبقي الأمر مبهما بشأن حضور كيري إلى جنيف حتى ساعات متأخرة من أول من أمس، الخميس، الأمر الذي زاد من حالة القلق والتوتر، لا سيما لدى الوفد الروسي في جنيف، فضلا عن قلق عام بشأن احتمال فشل الجهود الأميركية - الروسية حول الأزمة السورية وتداعيات ذلك على الوضع في البلاد.
من ناحية أخرى، كتبت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية، التي ترافق لافروف في جنيف، في صفحتها على «فيسبوك»، مساء أول من أمس، تعليقا تؤكد فيه أن «الوفد الروسي سيبقى في حالة (تأهب محادثاتية) حتى صباح التاسع من سبتمبر». ووجهت انتقادات للجانب الأميركي حين أكدت أنها طيلة مساء الثامن من الشهر كانت تقرأ «اقتباسات وتسريبات وتدفق معلومات عن وزارة الخارجية الأميركية بأن لقاء لافروف - كيري (سينعقد) - (لن ينعقد) – (تم تأجيله) – (اللقاء تأكد) – (لا معنى لعقد ذلك اللقاء) – (اللقاء ملح للتوصل إلى اتفاق)»، حسب زاخاروفا التي قررت أن تروي ما حدث. وكتبت موضحة أنه «أثناء الاتصال الهاتفي اليوبيلي الـ45 بينهما مساء السابع من سبتمبر اتفق الوزيران لافروف وكيري على إجراء محادثات في جنيف يومي 8 - 9 سبتمبر. ما يعني أن الخارجية الأميركية حتى مساء السابع من سبتمبر كانت ترى للقاء معنى. ووصل لافروف إلى المحادثات، وعقد لقاء مع دي ميستورا».
ومن ثم، أكدت زاخاروفا أن «الوفد الروسي بأي حال سيبقى حتى صباح التاسع من سبتمبر في المكان المتفق عليه، وبحالة تأهب محادثاتية قصوى (أي بحالة استعداد تام للمحادثات)»، ورمت الكرة في ملعب الأميركيين الذين وجهت لهم آخر عبارات في تعليقها تقول لهم: «احسموا أمركم أيها السادة ويستحسن هذه المرة أن تعلنوا عن موقف متفق عليه فيما بينكم بأنكم ستأتون أو لن تأتوا. نحن ننتظر، علما بأننا لا نشعر بالشوق».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».