«مسك الخيرية» تعزز مهارات القيادة لدى الشباب ببرنامج تدريبي

30 منهم تلقوا تدريبًا نظريًا وتفاعليًا لتكوين فرق عمل ناجحة

المشاركون خلال تمرين عملي في البرنامج ({الشرق الأوسط})
المشاركون خلال تمرين عملي في البرنامج ({الشرق الأوسط})
TT

«مسك الخيرية» تعزز مهارات القيادة لدى الشباب ببرنامج تدريبي

المشاركون خلال تمرين عملي في البرنامج ({الشرق الأوسط})
المشاركون خلال تمرين عملي في البرنامج ({الشرق الأوسط})

نظمت مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية»، برنامجًا لتعزيز مهارات القيادة لدى 30 شابًا وشابة، وتشخيص التحديات التي تواجههم، واستكشاف مواطن القوة والتأثير لديهم، وإعداد الخطط والاستراتيجيات التي تخدم طموحاتهم.
وعقد «برنامج مهارات القادة والتأثير»، بالشراكة مع مركز التدريب «كروتونفيل» التابع لشركة «جنرال إلكتريك»، على مدى أربعة أيام في مقر كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.
وتلقى المشاركون الذين جاءوا من مختلف المناطق السعودية، تدريبًا نظريًا وتفاعليًا حول قيادة الذات وتكوين فرق العمل وإدارتها ومهارات التواصل والتأثير، كان من أبرزها، مفاتيح تكوين وتطوير فريق العمل، ودور القائد في بناء الثقة في بيئة العمل، وإدارة الصراعات وتحويلها لمصلحة العمل، وتحديد الأهداف الذكية ورفع مستوى الالتزام بتحقيقها، والاستفادة من التنوع داخل فريق العمل، وتفاعل القادة مع الآخرين واختلاف أنماط القيادة، والتفويض الاحترافي للأفراد، والتغذية الراجعة البنّاءة، وتقنيات إظهار تقدير أعضاء الفريق، ومهارات التأثير والإقناع، وبناء الخطط والاستراتيجيات.
ويأتي برنامج مهارات القيادة والتأثير، ضمن مساعي مؤسسة «مسك الخيرية» الهادفة إلى إكساب الشباب والشابات أحدث الأساليب العالمية في القيادة، وتنمية مهاراتهم الريادية والمعرفية، لتمكينهم في مجالات أعمالهم، إذ يتضمن البرنامج التدريبي الذي يقام بواقع ثماني ساعات يوميًا، أربعة محاور رئيسية هي قيادة الذات، وقيادة الآخرين، وتطوير فرق العمل، ومهارات الاتصال والتأثير، وصمم البرنامج لتطوير الشباب والشابات حديثي الخبرة بتولي مهام قيادية في أعمالهم في مجال القيادة، وإعطائهم فرصة لاكتشاف وتعلم أدوات ومهارات القيادة الفعّالة والتأثير على الآخرين بما يحقق النجاح والتميز في إدارة فرق العمل وتخطي الصعوبات والتحديات التي تواجه القادة الجدد.
وفي بداية البرنامج يوم الأحد الماضي، أجرى المدرب تيم هاييت اختبارًا لجميع المشاركين لتحديد نمط القيادة الخاص بكل واحد منهم وقياس مهاراتهم القيادية الحالية، وبناء على نتائج هذا الاختبار عمل المشاركون بإشراف المدرب طوال الأيام الأربعة على بناء استراتيجياتهم الجديدة المكتسبة من البرنامج والمتسقة مع نمطهم الخاص في القيادة.
واستعرض البرنامج أبعاد المرحلة الوظيفية المهمة التي ينتقل خلالها الأفراد العاملون من الأدوار التنفيذية إلى الأدوار القيادية، والتحديات والمخاوف والعقبات المتعلقة بتلك المرحلة، مع كيفية استكشاف مواطن القوة وتعزيزها، إلى جانب التدريب على كيفية تفاعل القادة مع الآخرين واختلاف أنماط القيادة في هذا الجانب وتكييف كل نمط ليكون أكثر فاعلية وتأثيرًا.
وتضمن البرنامج بحث أساليب استثمار شبكة العلاقات في مجال العمل وفهم أهميتها، واستكشف كل مشارك من خلال أنشطة وتمارين عملية شبكة علاقاته الحالية وكيفية توسيعها والسبل المثلى لاستثمار هذه العلاقات، فيما قدم البرنامج دروسًا حول مقومات ومفاتيح تكوين وتطوير فرق العمل ذات الأداء المتميز المتجانس والدعم الذي يحتاجه القائد لتحقيق ذلك، وكذلك توقعات المرؤوسين من قادتهم وأهمية إدراك القادة لهذه التوقعات.
وأجرى المشاركون تدريبات عملية على كيفية تحقيق القادة للأهداف من خلال فريق العمل الذي يديرونه بسلاسة والعمل بوتيرة أسرع دون التأثير على مستوى الأداء مع الحفاظ على القيم المؤسسية ومراعاتها، كما اكتسب المشاركون مهارات تحديد الأهداف الذكية وطرق رفع مستوى رغبة والتزام الفريق بتحقيقها.
كما اشتمل البرنامج على استعراض آليات تكييف التنوع والاختلاف داخل فريق العمل والاستفادة منه في مصلحة تحقيق الأهداف والإنجاز، وأعطى أمثلة للمنظمات التي تتسم بالتنوع والاختلاف بين أفرادها، مستعرضًا تجاربها في استكشاف قوة التنوع في الفريق واستثمارها لمصلحة العمل.
وفي فقرة تفاعلية ضمن البرنامج، أوضح المدرب تيم هاييت أهمية دور القائد في بناء الثقة في بيئة العمل وإدارة الصراعات وتحويلها إلى صراعات صحية مطلوبة، إذ تعرف المشاركون على أنماط متعددة في هذا الجانب، والأنماط الخاصة بهم في إدارة الصراعات.
وارتكز البرنامج في آخر موضوعاته على تنمية مهارات التأثير والإقناع من خلال تعريف المشاركين بقوة التأثير الخاصة بهم، ومعرفة المؤثرين عليهم، وإكسابهم مهارات بناء استراتيجية وخطة خاصة لكل منهم في التأثير على الآخرين بناء على نمط القيادة الخاص بهم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».