الفنان السوري حسين الديك يغني أمام الآلاف من محبيه

اعتلى مسرح قرطاج للمرة الثانية خلال أقل من أسبوعين

جانب من الحفل
جانب من الحفل
TT

الفنان السوري حسين الديك يغني أمام الآلاف من محبيه

جانب من الحفل
جانب من الحفل

صعد الفنان السوري حسين الديك للمرة الثانية خلال هذه الصائفة على مسرح قرطاج وكان وفيًا لعادته في إضفاء أجواء احتفالية وخلق ديناميكية بينه وبين الجمهور الحاضر. وخلافًا لتوقعات بأن الديك سيجد صعوبة في جذب الجمهور التونسي للمرة الثانية في أقل من أيام معدودة، فقد تمكن من إحياء حفله الثاني في إطار تظاهرة «ربي يحفظ تونس»، وسط حضور جماهيري غفير اعتمادًا على الفن الجبلي والإيقاعات السورية المميزة.
ففي سهرة ضمن فعاليات الدورة 52 من مهرجان قرطاج الدولي، أحيا حفله أمام نحو 13 ألف متفرج، ونجح في جذب جمهور غفير إلى نفس مسرح قرطاج خلال فترة زمنية قصيرة.
الفنان السوري حسين الديك أطلّ على الجمهور على أنغام أغنية «ليش حبيتك» في ظل تفاعل كبير من الحاضرين، وعبر الديك عن سعادته الكبيرة بهذا الحفل، حيث وصف الجمهور والشعب التونسي بالرائع.
وعلى مدى أكثر من ساعتين، أدى الديك مجموعة من أهم أغانيه المعروفة، ومن أبرزها أغنيته الجديدة «ما أحلاكي»، علاوة على أغاني «غيرك ما بختار» و«خليني ببالك»، دون أن يغفل عن إمتاع الجمهور بأغنية «لما بضمك ع صديري» التي اعتبرها متابعو مسيرته الفنية بمثابة أغنية الحظ، وقد خلفت هذه الأغنية تفاعلاً قويًا مع الجماهير التي تحفظها عن ظهر قلب ورقصت على أنغامها.
والتزامًا من الديك بتقديم مفاجأة لجمهوره في هذا الحفل، أدى الديك باحتقان أغنية «هو وإلا لا» التي أدتها الفنانة الشعبية الراحلة فاطمة بوساحة، كهدية للجمهور التونسي حيث أدّاها بإتقان، وهو ما أضفى على السهرة أجواء تونسيّة - سورية أبعدت الروتين عن الحاضرين.
وانتقدت بعض الصحف التونسية اختيار هذه الأغنية التي تقول جملتها الثانية «وإلا نشرب كاس دواء»، ودعته إلى الرجوع إلى الموروث الغنائي التونسي الذي يزخر بكثير من الروائع الغنائية، التي تركها أساطين الأغنية التونسية على غرار المطربة صليحة وعلي الرياحي ومحمد الجموسي والهادي الجويني.
وخلال مؤتمر صحافي عقده بالمناسبة، وعد الفنان السوري بتقديم إنتاج جديد كل ستة أشهر، والمراهنة على أعماله الخاصة بدرجة أولى، حتى يحافظ على ممهدات نجاحه في المهرجانات ومختلف المناسبات الاحتفالية.
وأكد حسين الديك التخطيط لإطلالة في القريب مع شقيقه الفنان علي الديك، الذي يسبقه في التجربة ويتقدمه في العمر ويستفيد من نصائحه، على حد تعبيره.
واعترف بدور شقيقه حسن في نجاحه في السنوات الأخيرة، باعتبار أنه مرافقه في كل مكان من العالم، وهو مدير أعماله ومهندس مسيرته الفنية.
وكان الفنان السوري قد تجول خلال هذه الصائفة في مجموعة من المهرجانات الصيفية وغنى في مهرجانات بنزرت وجربة والمنستير والقصرين وقرمبالية، ولقيت سهراته إقبالاً جماهيريًا مهمًا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».