العبادي يعد بمراجعة قانون العفو العام.. ونائب يهدده بالسجن 15 عامًا

بعدما أثار نواب شيعة مخاوف من أن يشمل «إرهابيين»

السلطات العراقية تعرض معتقلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» في مقر مديرية الاستخبارات العسكرية ببغداد أمس (رويترز)
السلطات العراقية تعرض معتقلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» في مقر مديرية الاستخبارات العسكرية ببغداد أمس (رويترز)
TT

العبادي يعد بمراجعة قانون العفو العام.. ونائب يهدده بالسجن 15 عامًا

السلطات العراقية تعرض معتقلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» في مقر مديرية الاستخبارات العسكرية ببغداد أمس (رويترز)
السلطات العراقية تعرض معتقلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» في مقر مديرية الاستخبارات العسكرية ببغداد أمس (رويترز)

في الوقت الذي صادق فيه الرئيس العراقي فؤاد معصوم على قانون العفو العام الذي أقره البرلمان العراقي الشهر الماضي، بعد جدل طويل استمر 6 سنوات، تراجع رئيس الوزراء حيدر العبادي بشأن إمكانية تطبيقه، لا سيما فيما يتعلق ببعض الفقرات التي يحتمل أنها تشمل إرهابيين بالعفو، وهو ما أثار جدلا داخل الأوساط القانونية والسياسية، بما فيها ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي وينتمي إليه العبادي.
وكان العبادي قد أعلن في مؤتمره الصحافي الأسبوعي داخل القصر الحكومي في بغداد مساء أول من أمس، أن «بعض فقرات قانون العفو العام تضمن إطلاق سراح الخاطفين والإرهابيين والذين يتاجرون بالمخدرات، وكذلك من يقومون بجرائم الاغتصاب وإعطائهم صلاحية لشراء سجنهم». وتساءل العبادي عن «شعور النواب الذين أوردوا مثل هكذا فقرات، وكيف صوتوا عليها وأبرزها شراء المحكوم سجنه بمبلغ مالي عن كل يوم»، مبينا أن «مجلس الوزراء قرر تقديم تعديل سريع لمجلس النواب بهذا الشأن».
لكن عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون وعضو اللجنة القانونية محمود الحسن، رد بعنف على ملاحظات العبادي، قائلا في بيان أمس، إن «قانون العفو العام لن يشمل من قتل على أساس تكفيري أو طائفي أو عنصري أو استباح الدم العراقي». وأضاف الحسن: «نحذر من خطورة التلاعب بالنسخة النهائية لقانون العفو العام أو تحريفها خلافا للنسخة المعتمدة التي صوت عليها البرلمان» مبينا أن «هذا الفعل إن تم يعد جريمة تزوير عقوبتها تصل إلى السجن 15 عامًا»، في إشارة إلى عزم العبادي مراجعة بعض فقرات القانون. وأشار الحسن إلى أن «النسخة التي تم التصويت عليها في مجلس النواب تمت صياغتها بشكل أصولي في مجمل التفاصيل المتعلقة بمواد القانون».
وبينما عد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية رعد الدهلكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إقرار هذا القانون فرصة لفتح صفحة جديدة للعيش السلمي المتوازن في العراق، وخصوصا أن هناك اعترافات رسمية بأن هناك كثيرا من المظلومين في السجون، وقد انتزعت اعترافاتهم بالإكراه»، فإن عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون عواطف نعمة والتي تخالف رؤية زميلها في الكتلة محمود الحسن، أكدت أن «إقرار هذا القانون جريمة بحق أبناء الشعب العراقي، لا سيما المظلومين منهم ممن لم يعوضهم أحد عما قام به الإرهابيون».
وتعكس الخلافات الدائرة حاليا بين القوى السياسية حول قانون العفو العام ما عده الدهلكي «عدم توفر الإرادة السياسية لكثير من القوى السياسية التي لا تستطيع مغادرة خانة الانتقام والثارات، وهو ما يجعل الأوضاع تزداد سوءا وصعوبة، في وقت كنا ولا نزال نأمل خيرا في إقرار هذا القانون الذي أصبح نافذ المفعول». وأوضح الدهلكي أن «التقارير الصادرة عن مختلف المنظمات والجهات بما فيها الجهات الرسمية تؤكد بأن هناك كثيرا من المظلومين في السجون ومن اعتقل من دون ذنب، لذلك نحن بحاجة إلى إقرار العفو العام لإعطاء فرصة جديدة للعيش السلمي والمجتمعي في العراق».
لكن عواطف نعمة، وهي قيادية في ائتلاف دولة القانون وعضو البرلمان عن محافظة البصرة، تحمّل «كثيرا من الكتل الشيعية قبل غيرها مسؤولية إقرار هذا القانون الذي يسمح بالعفو عن 72 جريمة بإطلاق سراح مرتكبيها». وأضافت أن «العراق يعاني من مشكلات أمنية ووضع أمني غير مستقر، حيث يسمح القانون بإطلاق سراح الإرهابيين الذين يفجرون المواطنين، وهو ما دعانا إلى الطعن في كثير من مواد القانون».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.