وفاة الابنة الرابعة للشاعر الكردي مفتي بنجويني في لندن

رابعة بنجويني كانت رمزًا للمرأة الكردية المثقفة والمناضلة

الراحلة رابعة بنجويني أثناء مشاركتها في إحدى المظاهرات بالسليمانية في إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)
الراحلة رابعة بنجويني أثناء مشاركتها في إحدى المظاهرات بالسليمانية في إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)
TT

وفاة الابنة الرابعة للشاعر الكردي مفتي بنجويني في لندن

الراحلة رابعة بنجويني أثناء مشاركتها في إحدى المظاهرات بالسليمانية في إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)
الراحلة رابعة بنجويني أثناء مشاركتها في إحدى المظاهرات بالسليمانية في إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)

لم تترك القراءة والكتب حتى اللحظات الأخيرة من حياتها، هكذا كانت حياة السيدة الكردية رابعة بنجويني الابنة الرابعة للشاعر الكردي المشهور مفتي بنجويني التي وافتها المنية عن عمر يناهز الثمانين في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن أول من أمس، تاركة وراءها تاريخا من النضال عن شعبها يمتد لعشرات السنين.
وقال سوران حمه رَش نجل السيدة الراحلة، في سطور عن والدته نشرها على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس، وتابعته «الشرق الأوسط»: «والدتي كانت سيدة كردية وطنية مثقفة، أوت في منزلها في الفترة الممتدة من سبعينات القرن الماضي وحتى عام 1991 العشرات من السياسيين الهاربين من نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وكانت بهذا تكمل الطريق الذي بدأه والدها الشاعر الكردي الكبير مفتي بنجويني، وكانت ضد الظلم واللاعدالة، وكانت تدافع عن شعبها الكردي حتى النخاع».
وأضاف حمه رش: «والدتي ورغم كبر سنها كانت تشارك في الاجتماعات والندوات والتجمعات والمظاهرات كافة التي ينظمها الكرد من أجزاء كردستان الأربعة في لندن، واحتراما لسنها كان متظاهرو كردستان تركيا يختارونها ممثلة عنهم في غالب الأحيان لتسلم مذكرة الاحتجاج للسفارات التي يتظاهرون أمامها».
ويردف حمه رش بالقول: «كانت تعكف على القراءة، وكانت تحمل في حضنها وباستمرار جهاز مذياع تستمع من خلاله إلى الأخبار، وكانت - إضافة إلى الكردية - تفهم اللغتين العربية والفارسية أيضا»، مضيفا: «كانت والدتي رابعة بنجويني أول فتاة يسجلها والدها في المدرسة في أربعينيات القرن الماضي في مدينة بنجوين مسقط رأسها، وكذلك أول فتاة تساعد والدها في إدارة محل تجاري جنبا إلى جنب، وكتب عنها والدها قصيدة طويلة مدح فيها شخصيتها القوية وحبها للعمل».
السيدة الراحلة رابعة مفتي هي عمة الزميل الصحافي في جريدة «الشرق الأوسط»، عطا مفتي، الذي كان قريبا جدا من عمته ومطلعا على نضالها، ويوضح الزميل مفتي لـ«الشرق الأوسط»: «لم تكن رابعة مفتي عمتي فقط بل كانت صديقتي في محطات حياتي كافة، عمتي رابعة كانت متأثرة جدا في حياتها وفكرها بوالدها الشاعر مفتي بنجويني، وكانت تحفظ غالبية قصائده، فكانت إنسانة بمعنى الكلمة وتركت إرثا ثقافيا جميلا لن ننساها أبدا».
وتعتبر رابعة مفتي واحدة من أبرز النساء الكرديات المناضلات من أجل قضيتهن القومية، وهي والدة لسبعة أولاد وبنت واحدة، تعيش في لندن منذ تسعينات القرن الماضي، وكانت معروفة بنشاطاتها التظاهرية في الدفاع عن حقوق شعبها في كل أرجاء كردستان.
وكان والدها الشاعر الكردي الكبير الراحل مفتي بنجويني من أبرز الشخصيات الوطنية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، واسمه ملا عبد الله بن ملا كريم، ولد في عام 1881 في قرية بيستانة التابعة لقضاء بنجوين، في محافظة السليمانية، بدأ الدراسة عندما كان عمره سبعة أعوام، وتعلم بعض الأمور الدينية، ومن ثم توجه إلى كردستان إيران للدراسة والتعليم وعاد بعد ذلك إلى ناحية بيارة في كردستان العراق، حيث تعلم فيها الشعر والأدب.
ويُعد بنجويني من أبرز الشخصيات الشعرية والأدبية والثقافية والاجتماعية في إقليم كردستان وما زال كذلك، فقد ترك إرثا ثقافيا كبيرا للمكتبة الكردية تتمثل في دواوينه الشعرية باللغة الكردية، وكان معروفا بخبرته ودرايته في العلوم الشرعية والأدب والتاريخ، وتوفي مفتي عام 1952 بسبب المرض، عن عمر ناهز 71 عاما كرس غالبه للدفاع عن مصلحة وطنه وتثقيف شعبه مطرزا الشعر الكردي بقصائده الجميلة التي لا تزال الأجيال تتناقلها لجمال صياغتها وقوة تعبيرها وسهولة تناولها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».