سباق سعودي بين الجهات الحكومية والأهلية لنيل شرف خدمة ضيوف الرحمن

7 آلاف كشّاف يراقبون الأسعار ويشاركون في الإسعافات ويرشدون الحجاج

تساهم فرق الكشافة في مساعدة الحجاج غير القادرين («الشرق الأوسط»)
تساهم فرق الكشافة في مساعدة الحجاج غير القادرين («الشرق الأوسط»)
TT

سباق سعودي بين الجهات الحكومية والأهلية لنيل شرف خدمة ضيوف الرحمن

تساهم فرق الكشافة في مساعدة الحجاج غير القادرين («الشرق الأوسط»)
تساهم فرق الكشافة في مساعدة الحجاج غير القادرين («الشرق الأوسط»)

تنطلق الكثير من الجهود الحكومية والأهلية هذه الأيام لبناء مشروع إنساني متكامل يساهم في خدمة حجاج بيت الله الحرام، كما يتبارى أعضاء فرق الكشافة في تقديم أفضل ما لديهم من خدمات بعد منافسة حميمة يدخلون فيها لاجتياز عدة اختبارات ودورات، للوصول إلى نيل شرف خدمة ضيوف الرحمن. «خدمة الحجاج شرف لنا»، هذا الشعار الذي ظل مستمرًا على مدار سنوات كثيرة، اختارته جمعية الكشافة السعودية لتقديم الخدمة المناسبة والمتميزة لحجاج بيت الله الحرام، والمساهمة مع الجهات المعنية في الحج لتقديم أفضل الخدمات، وغرس روح التطوع وحب العمل، وخدمة الآخرين في نفوس سبع آلاف من الكشافين والجوالة. وعلى الرغم من إسهام التقنية الحديثة التي استخدمتها لجنة تقنية المعلومات في جمعية الكشافة السعودية لتقليص عدد الحجاج التائهين، من خلال البرامج الإلكترونية والخرائط التفاعلية، وإصدار تطبيق على أجهزة الآندرويد، مخصصة لإرشاد الحجاج، وتحديد مقار الحملات التي تم إدخال إحداثياتها من قبل فرق المسح الميداني، ومنها برنامج الإرشاد الإلكتروني بتقنية رسم المسار، فإن الحاجة لا تزال ماسة لوجود فرق الكشافة لإرشاد الحجاج غير القادرين على استخدام مثل هذه التقنيات أو الذين لا يمتلكون أجهزة ذكية. وفي موسم حج هذا العام أطلقت وزارة الحج والعمرة تطبيق قراءة أساور الحجاج من الخارج والداخل، والهادف إلى تسهيل التعرف على الحاج وتقديم المساعدة اللازمة له، من خلال معلوماته المتوفرة، كما يتيح التطبيق مساعدة الحجاج التائهين، وتوفير المعلومات عن الجهات المسؤولة عن خدمتهم. وأتاحت وزارة الحج والعمرة هذا التطبيق على موقعي آبل ستور، وكذلك غوغل بلاي.
وأكد مبارك الدوسري، مسؤول الشؤون الإعلامية لمعسكرات الخدمة في جمعية الكشافة السعودية، لـ«الشرق الأوسط» وجود سبعة آلاف كشاف على مستوى السعودية في المنافذ البرية والجوية، مبينًا توزيع العمل على مرحلتين، يشارك في الأولى «الكشاف المتقدم» من 16 إلى 18 سنة، والثانية «طلاب الكشافة» من طلاب المرحلة الثانوية، وكذلك «طلاب الجوالة» الدارسين في التعليم العالي والمؤسسات العامة للتدريب الفني والتقني.
وقال إن «الكشافة يشاركون بأدوار مع وزارة الحج لإرشاد الحجاج التائهين، وأيضًا مع وزارة الصحة في إرشاد المرضى المتعافين، وتنظيم الحجاج في العيادات ومساعدة الأطباء في تقديم الإسعافات الأولية»، مبينًا أن هذا الأمر يقوم به كشافة طلاب الطب في الجامعات. وأكد الدوسري تعاون الكشافة أيضًا مع وزارة التجارة والاستثمار من خلال مرافقة المراقبين للأسعار وتاريخ صلاحيات المواد الغذائية، ومراقبة المطاعم ومنع الحلاقين العشوائيين الموجودين في منطقة رمي الجمرات، إضافة للتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية لترتيب الحجاج أثناء الهدي والأضاحي.
وبيّن أن موسم الحج يحتاج إلى عدد كبير من فريق الكشافة المتطوعين، وهو ما يساعد الجهات المعنية في ترتيب الأمور وتنظيمها، بما يعزز العمل التطوعي لدى الجيل الجديد، وتحقيق «رؤية السعودية 2030» بنقل عدد المتطوعين من 11 ألفًا إلى مليون كشاف، مبينًا أن من يعمل مع وزارة الحج يقدر بألفين و700 كشاف، و400 مع وزارة الصحة.
ولفت مبارك الدوسري إلى أن أعداد الكشافين قبل 46 عامًا، كان 150 كشافًا من مكة وجدة، وكانت مشاركاتهم محصورة في الإسعاف الخيري للحجاج، أما الآن بلغ عددهم سبعة آلاف في جميع قطاعات الكشافة في مكة وجدة، دون الخدمة مع المؤسسات الحكومية والأهلية.
وبين أن المتقدمين للعدد الكشفي يفوق الـ200 ألف كشاف، يدخلون في تنافس كبير يحسم قبولهم لنيل شرف خدمة حجاج بيت الله الحرام اجتياز الاختبارات والدورات المختلفة في الدفاع المدني والتعامل مع الكوارث والتربية البدنية والإنقاذ والإسعافات الأولية.
وقال إنه يشترط في الاختيار أيضًا «اللياقة البدنية» بحيث يكون مؤهلاً لتحمل المشاق التي تواجهه في الحج، وكذلك اللباقة في التعامل مع الحجاج، إلى جانب أن يكون مسعفًا وقادرًا على التعامل في مواجهة الكوارث، موضحًا أن هذه الأمور تدخل تحت منظومة إشارات الهواية، وهي مفردة من مفردات الطريقة الكشفية العالمية والمقررة من أكثر من 100 سنة.
وأكد الدوسري أن الكشافة السعوديين خدموا نصف مليون حاج العام الماضي بعدة طرق، وهو يعتبر أقل من العام الذي سبقه، وذلك سبب التناقص لوجود التقنية الحديثة المتمثلة في توزيع الخرائط على الحجاج، وأيضًا تحديد الموقع عبر الهواتف النقالة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».