آسيا تعاني من تنامي واردات النفط في ظل ضعف الإنتاجية

توقعات بتجاوز فاتورة الواردات 500 مليار دولار في 2017

عامل بأحد حقول النفط في سيبيريا («الشرق الأوسط»)
عامل بأحد حقول النفط في سيبيريا («الشرق الأوسط»)
TT

آسيا تعاني من تنامي واردات النفط في ظل ضعف الإنتاجية

عامل بأحد حقول النفط في سيبيريا («الشرق الأوسط»)
عامل بأحد حقول النفط في سيبيريا («الشرق الأوسط»)

أسهم التراجع الكبير في أسعار النفط خلال الفترة الماضية في اتساع الفجوة بين إنتاج آسيا النفطي وطلبها، وجاء ذلك نتيجةً مباشرة لخفض المنتجين الإنفاق على التنقيب والإنتاج، وخلق هذا الوضع نوعا من هجرة رؤوس الأموال المتزايدة للمنطقة تاركة البلاد عرضة لتعطل الإمدادات العالمية والارتفاع المفاجئ في أسعار النفط.
وتجاوز صافي واردات آسيا من النفط إجمالي كميات الخام المستهلكة في أميركا الشمالية عام 2015، ومن المنتظر أن يرتفع في الوقت الذي يقلص فيه المنتجون الإنفاق على التنقيب والإنتاج نظرا لهبوط أسعار النفط، مما يهدد بتراجع حاد في إنتاج الحقول النفطية في السنوات العشر المقبلة.
وتتوقع «وود ماكينزي للاستشارات» أن ينخفض إنتاج النفط في آسيا إلى 5 ملايين برميل يوميا في 2025 من 7.6 مليون برميل يوميا في 2016. وتقود الصين التراجع مع انخفاض الإنتاج في يوليو (تموز) الماضي لأدنى مستوياته خلال 5 سنوات في ظل قيام المنتجين بإغلاق حقول هامشية، في الوقت الذي قفزت فيه الواردات إلى مستويات قياسية.
ودخل قطاع النفط الصيني مرحلة جديدة صعبة من انخفاض الإنتاج المحلي على المدى الطويل، ومن المرجح أن يكون إنتاج النفط في الصين قد بلغ ذروته خلال عام 2015 بمعدل 4.3 مليون برميل يوميًا، وفقا لبيانات رسمية صينية. وذلك التطور الخطير ستكون له آثار كبيرة على الصعيد العالمي، بما في ذلك إمكانية ارتفاع أسعار النفط مع مرور الوقت، حيث تحتاج الصين لمزيد من الواردات لتلبية الطلب المتزايد في الداخل.
وأظهرت بيانات للهيئة العليا للتخطيط الاقتصادي في الصين أن إنتاج النفط الخام في البلاد تراجع بنسبة 8.8 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 16.64 مليون طن في شهر يوليو 2016. وبلغ إجمالي الإنتاج للأشهر السبعة الأولى من عام 2016 نحو 117.09 مليون طن، بانخفاض 5.4 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها عام 2015. كذلك شهدت أكبر 3 حقول نفط في الصين تراجعا في الإنتاج ما بين 7 و9 في المائة في النصف الأول، ولم تكن المكاسب الصغيرة من الإنتاج في منطقة شينغيانغ، وغيرها كافية لتعويض النقص. ومع استمرار أسعار النفط العالمية تحت 50 دولارا للبرميل، يخسر كثير من الآبار القديمة في حقول النفط الكبرى في الصين كثيرا من المال مع كل برميل يتم ضخه.
وانخفض إنتاج الهند من النفط الخام بنسبة 1.8 في المائة إلى 3.08 مليون طن في يوليو الماضي على أساس سنوي، وانخفض إنتاج النفط الخام بنسبة 2.9 في المائة إلى 12.08 مليون طن في الفترة من أبريل (نيسان) إلى يوليو من العام المالي الذي سينتهي في مارس (آذار) 2017.
وعلى الرغم من أن كثيرا من دول جنوب شرقي آسيا مستورد صاف للنفط، فإن أرباح شركات الطاقة المحلية بها تراجعت مع تأثير كبير على الاقتصاد الذي عانى من سلسلة من ردود الفعل السلبية. فقد أعلنت «سينوك» الصينية عن خسائر للنصف الأول من 2016، وقالت الشركة المتخصصة في أنشطة النفط والغاز البحرية، إنها تكبدت خسارة صافية بلغت 7.74 مليار يوان في الأشهر الستة الأولى من العام، مقارنة مع ربح بلغ 14.73 مليار يوان قبل سنة.
وعلى صعيد شركة النفط الوطنية الماليزية «بتروناس»، انخفض صافي الربح 96 في المائة على أساس سنوي في الفترة من أبريل إلى يونيو (حزيران)، وانخفضت الإيرادات تقريبا 20 في المائة. وتقلصت مبيعات شركة النفط العامة التايلاندية في الفترة من أبريل إلى يونيو نحو 20 في المائة.
ولاستعادة الأرباح، تجد الشركات نفسها مضطرة لكبح الاستثمار واتخاذ خطوات إعادة الهيكلة الأخرى. وقررت شركة «بتروناس» الحد من النفقات الرأسمالية والتشغيلية بنحو 50 مليار رنجيت (12.2 مليار دولار) على مدى السنوات الأربع المُقبلة ابتداء من عام 2016. وخفضت شركة النفط الوطنية الماليزية الاستثمارات المخطط لها في 2016 بنسبة 7 مليارات باهت (202 مليون دولار).
ومن المنتظر في ظل تنامي صافي واردات آسيا وتعافي أسعار الخام، أن ترتفع فاتورة واردات المنطقة من النفط لتتجاوز 500 مليار دولار في 2017 للمرة الأولى خلال 3 سنوات؛ وفقًا لحسابات من توقعات لوكالة الطاقة الدولية ونتائج استطلاع لـ«رويترز» عن أسعار النفط في أغسطس (آب) الماضي.
وذلك الوضع الذي آلت إليه صناعة النفط في آسيا يضع الضغط على شركاتها النفطية للخروج من الساحة العالمية. فشركة «بتروتشاينا»، التي تسيطر عليها الصين، وشركة البتروكيماويات، و«كنوك» المحدودة، تنافس اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، الشركات العالمية مثل «إكسون موبيل كورب» على الموارد والعملاء. وفي الوقت نفسه، ستضطر الصين لزيادة الواردات وسط تراجع الإنتاج المحلي، فكل برميل إضافي من النفط الذي تحتاجه الصين لتغذية السيارات الجديدة التي أغرقت شوارعها، سيأتي من الخارج. وذلك الأمر يمثل تحولاً جوهريًا بالنسبة لبلد رأت - منذ وقت ليس ببعيد - أن الاستقلال في مجال الطاقة هو جزء أساسي من استراتيجية الأمن الوطني لديها.



أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.