الأردن: تراجع أسعار النفط يخفض الطلب على الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية

أكد الرئيس التنفيذي لشركة مناجم الفوسفات الأردنية، شفيق الأشقر، أن البيانات التاريخية للشركة أظهرت تباينًا في أسعار بيع منتجاتها من الفوسفات الخام والأسمدة المركبة، تبعًا لعوامل العرض والطلب، التي تشهدها سوق الأسمدة العالمية.
وأوضح الأشقر في تصريحات له أمس الأحد، أن أسعار الأسمدة المركبة التي تعتمد على منتجات الفوسفات تشهد منافسة مع الأسمدة النيتروجينية التي تعتمد في إنتاجها على الغاز الطبيعي، والمرتبط سعره بأسعار النفط، والتي سجلت هبوطًا في السوق العالمية، تبع ذلك هبوط موازٍ للأسمدة الفوسفاتية أدى إلى الإقبال على شرائها من قبل المزارعين، وتراجع الطلب على باقي الأسمدة، وهو ما تمر به الأسواق حاليًا، حيث أدت هذه الحالة إلى تراجع حاد في أسعار الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية.
وبيّن الأشقر أن أعلى معدل وصل له سعر سماد الداب الفوسفاتي كان في عام 2008؛ إذ بلغ 710 دولارات للطن / فوب، بالتزامن مع وصول أسعار النفط في ذلك العام لمستوى قياسي بلغ 150 دولارًا للبرميل، رغم أن كميات إنتاج السماد في عام 2008 لم تكن الأعلى، ما يعني أن أسعار البيع كانت بأعلى مستوى وبأقل التكاليف المرتبطة بكميات الإنتاج، مما حقق أرباحًا قياسية غير مسبوقة بفعل تلك العوامل.
وفي ما يتعلق بأسعار الفوسفات الخام، قال الأشقر إن السعر القياسي الذي تم تسجيله في عامي 2008 و2012، تراوح بين 130 و150 دولارًا للطن، لكن في ظل كميات إنتاج فعلية أقل في عام 2008، الأمر الذي يعني زيادة في المبيعات على حساب المخزون المتوفر بالمناجم من سنوات سابقة، مما يعني تدني تكلفة بيع الطن الواحد إلى أقل مستوى في ظل أعلى مستويات للأسعار السائدة في حينه، حيث تم بيع كميات كبيرة من الفوسفات المخزن في المناجم.
وكشف أن الشركة كانت تواجه انخفاض أسعار السماد والفوسفات الخام بالتركيز على إنتاج حامض الفوسفوريك بدلاً من سماد الداب، لافتًا إلى تفويت الشركة فرصة استراتيجية عندما ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية في عام 2007 و2008، وحققت معها الشركة أرباحًا قياسية في تاريخها بعدم الاستثمار في منتجات ذات قيمة مضافة عالية تباع بأسعار عالية في سوق الاستهلاك، في حال تدني أسعار سماد الداب كما هو حاليًا. مشيرًا إلى أن الشركة خسرت في سنوات الوفرة تلك فرصة تحديث المجمع الصناعي في العقبة ليتمكن من إنتاج أنواع جديدة من الأسمدة، وتشغيله بالطاقة التصميمية له، وتعزيز الوحدات الإنتاجية والخدمية.
وحول الأوضاع الحالية التي تمر بها صناعة الأسمدة في العالم، قال الدكتور الأشقر إن هناك تراجعًا حادًا في الأسعار، حيث انخفض معدل سعر بيع الفوسفات الخام في السوق العالمية إلى 90 دولارًا للطن مقابل 110 دولارات للطن كمعدل سعر البيع في عام 2015، ما يعني تدني عوائد البيع بشكل كبير. وفي ما يتعلق بسعر سماد الداب في السوق العالمية لعام 2016، انخفض بنسبة 26 في المائة إلى معدل نحو 352 دولارًا للطن، مقابل 477 دولارًا للعامين السابقين.
وبيّن الأشقر أن العوامل التي دفعت إلى انخفاض الأسعار تتمثل في تراجع الاستهلاك بسبب ضعف الموسم المطري في أغلب الدول التي تستهلك الأسمدة في آسيا وأستراليا مع توفر مخزون يتجاوز 4 ملايين طن، في سوق الهند على وجه الخصوص، وتقليص المساعدات الحكومية للمزارعين خصوصًا في الهند وباكستان، وتراجع سعر صرف العملات أمام الدولار وبالأخص الروبية الهندية، وتراجع أسعار المحاصيل الرئيسة مثل الأرز والقمح والذرة، مما لا يشجع المزارعين على زيادة استهلاك الأسمدة عمومًا.
وحول توقعات أسعار السماد والفوسفات في السوق العالمية للسنوات المقبلة، قال إن التوقعات المثبتة من دراسات بيوت الخبرة العالمية تشير إلى أن أسعار هاتين المادتين قد تنخفض لكن بوتيرة أقل من العام الحالي، لتحافظ على مستوى الأسعار الحالية أو تتدنى بدرجة طفيفة، وذلك بسبب ارتفاع الطاقة الإنتاجية بنسبة تفوق النمو في الطلب على الفوسفات والأسمدة بشكل عام، ومن المنتظر أن تستمر هذه الحالة حتى نهاية عام 2018، لتبدأ بالتصاعد وبشكل ملحوظ بعد ذلك.
ويدعم هذه التوقعات، ما أفادت به دراسة علمية أميركية، بأن دور الفوسفات سيتزايد في السنوات والعقود المقبلة، بسبب عوامل اقتصادية وبيئية تتعلق بتأثير التغيرات المناخية والتحولات الجيولوجية، ما يجعله يحتل الدور الريادي ذاته الذي لعبه البترول في القرن العشرين. وتوقعت الدراسة التي صدرت عن مجلة «ساينس»، أن يرتفع سعر الحامض الفسفوري إلى نحو 1200 دولار للطن عام 2020، وأن يتضاعف سعر الفوسفات خمس مرات عندما يبلغ عدد سكان العالم 9 مليارات نسمة ويحتاجون إلى مضاعفة إنتاجهم من الغذاء.
وقال الأشقر إن هذه التوقعات تؤكد أن هبوط الأسعار الحالي هو نتيجة لتبادل دورات الهبوط والارتفاع في الأسواق من حيث الطلب والعرض، حيث تمتد الدورة السعرية بين 3 و5 سنوات، ومن المتوقع أن تنتهي في عام 2018. مؤكدًا أن صناعة الفوسفات هي صناعة الغذاء في العالم، والطلب على الغذاء في تزايد بسبب التغير بالمناخ العالمي، وأثر ذلك على الزراعة والمحاصيل الغذائية، ولتنامي الطلب على الغذاء بسبب وصول سكان العالم لنحو 9 مليارات بحلول عام 2020.
ومن ناحية خطة الإنتاج والتسويق لعام 2016، قال الأشقر إن الشركة حققت الأهداف التي وضعتها لكميات الإنتاج والتسويق؛ حيث تقدر كميات إنتاج سماد الداب بنحو 450 ألف طن للعام الحالي، مقارنة مع 344 ألف طن لعام 2015، وبلغت كميات صادرات سماد الداب نحو 400 ألف طن مقابل 316 ألف طن لفترة المقارنة ذاتها، لكن انخفاض الأسعار ومردود عمليات البيع قد أثر كثيرًا في ربحية الشركة، خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وقال إن كميات إنتاج الفوسفات الخام ستبلغ مستوى تاريخيًا؛ إذ تقدر بنحو 8.5 مليون طن في العام الحالي 2016 مقارنة مع 8.3 مليون طن في 2015، فيما ستبلغ كميات الفوسفات الذي تم تصديرها نحو 4.9 مليون طن مقارنة مع 4.838 مليون طن في عام 2015. وأكد في ما يتعلق بالخطة الإنتاجية، أن الشركة تعمل بخطة إنتاجية مرنة يتم مراجعتها دوريًا لتلبية متطلبات التسويق في الخارج والمحافظة على حصة الشركة في الأسواق العالمية.
وحول التحديات التي تواجهها الشركة، قال الأشقر إن أبرز التحديات تتمثل في محدودية المناطق الخاصة بالتعدين في الشركة، والتي أصبحت في تراجع من حيث الكمية والنوعية لمحدودية مناطق الاستغلال المتاحة، وزيادة استغلال المناجم الحالية أدى إلى أن تكون نسب تركيز المادة الفعالة في المواد المستخرجة أقل من النسب العالمية مع ارتفاع في الشوائب.
ومن التحديات الأخرى التي تواجه الشركة، فقد أجملها الأشقر بزيادة تكلفة استخراج الفوسفات؛ بسبب ارتفاع تكلفة إزالة الردم للوصول إلى الطبقة التي تتركز فيها خامات الفوسفات على أعماق بعيدة، وذلك إلى جانب ارتفاع تكاليف الإنتاج الأخرى والمنافسة الحادة من الدول المنتجة للأسمدة، وخصوصًا تلك التي تتوفر لديها مصادر رخيصة للطاقة والمواد الأولية للصناعة منها الكبريت والأمونيا.
يشار إلى أن الشركة سجلت خسائر خلال النصف الأول من العام الحالي بنحو 52 مليون دولار، وكانت قد حققت أرباحًا نحو 192 مليون دولار في عام 2013.