الجيش اليمني يصد هجمات للميليشيات لاستعادة مواقع في تعز

مسؤول يمني: دمج المقاومة الشعبية في قوام الألوية العسكرية مستمرة بالتزامن مع العمليات

أحد عناصر القوات الموالية للحكومة في حالة تأهب في منطقة بير باشا جنوب غرب تعز (رويترز)
أحد عناصر القوات الموالية للحكومة في حالة تأهب في منطقة بير باشا جنوب غرب تعز (رويترز)
TT

الجيش اليمني يصد هجمات للميليشيات لاستعادة مواقع في تعز

أحد عناصر القوات الموالية للحكومة في حالة تأهب في منطقة بير باشا جنوب غرب تعز (رويترز)
أحد عناصر القوات الموالية للحكومة في حالة تأهب في منطقة بير باشا جنوب غرب تعز (رويترز)

تحتدم المعارك في جبهة الضباب بالجهة الغربية لمدينة تعز، حيث صدت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية مزيدا من الهجمات، أمس، للميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي صالح، التي هدفت لاستعادة السيطرة على المواقع التي خسرتها الميليشيات الأيام القليلة الماضية. وأكدت مصادر محلية وميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات منيت بخسائر مادية وبشرية كبيرة في محاولاتها العودة إلى المواقع التي كانت تسيطر عليها.
وتقدمت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مواقع عدة ووسعت من سيطرتها، بعدما كانت في مرحلة الدفاع وأصبحت في مرحلة الهجوم في عدد من الجبهات، منذ بدء عملية الحسم الذي انطلقت منتصف الشهر الماضي، بإشراف من قيادة التحالف والرئاسة اليمنية.
وعلى إثر الخسائر التي تتلقاها في المواجهات الميدانية، لجأت الميليشيات الانقلابية إلى القصف العنيف والمكثف والهستيري، من مواقع تمركزها، في تباب الجعشة والسلال وسوفتيل وفي القصر الجمهوري وجوار المركز الثقافي، ومطار تعز الدولي في الحوبان، شرق المدينة، وعلى الأحياء السكنية في وسط مدينة تعز خصوصا الخاضعة لسيطرة المقاومة الشعبية، وأرياف وقرى المحافظة. وتركز القصف العنيف على أحياء المكلكل وحسنات وثعبات ومحيط منزل المخلوع صالح بالجحملية السفلى وأحياء الكمب والدعوة، شرق المدينة، وعزلة الأقروض في مديرية المسراخ ومنطقة الشقب في صبر الموادم ومناطق في مديرية الصلو وعزلة الأحكوم بحيفان (جنوبا) وقرى في مديرية مقبنة وجبل الهان (غربا)، سقط على إثرها قتلى وجرحى من المدنيين العُزل، علاوة على الدمار والخسائر المادية. وقالت عسكرية مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات تواصل، أيضا، قصفها العنيف على قرى جبل صبر والشقب، جنوب تعز.
في موضوع آخر، قال محافظ محافظة تعز، علي المعمري، إن «دمج المقاومة الشعبية في قوام الألوية العسكرية مستمرة بالتزامن مع العمليات الجارية لاستكمال تحرير المدينة من الانقلابيين، وإن التحديات الأمنية في تزايد وتعاظم مع اتساع مساحة المناطق المحررة». وأكد أن «اللجنة تعمل للتغلب على إرث ثقيل من الفساد والخراب والفلتان الأمني، ولا بد أن يدرك الجميع مسؤوليته الوطنية والتاريخية في إعادة بناء وتفعيل هياكل الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية للتغلب على هذا الإرث الممتد لعقود طويلة من الزمن».
وأوضح المحافظ أن «تعز تحقق النجاحات والانتصارات المتتالية بالتعاون وتكامل أدوار وجهود جميع مكونات الطيف السياسي والمجتمعي في المحافظة، وبأن تحقيق الأمن وفرض هيبة الدولة واحترام القانون أولوية لدى اللجنة وستعمل بكل الإمكانات لتعزيز الجانب الأمني في المحافظة بما يحقق السكينة العامة ويشعر المواطن بأنه محور لجهود واهتمام مختلف مؤسسات وأجهزة الدولة».
وجاء ذلك خلال لقاء بين محافظ المحافظة واللجنة الأمنية في محافظة تعز، ناقشوا معهم التحديات الأمنية في محافظة تعز والسبل الكفيلة بتعزيز دور الأمن للحفاظ على السكينة ومحاربة الظواهر السلبية التي تعمل على إقلاق الأمن والاستقرار. كما ناقشوا المرحلة الثانية من العملية العسكرية واحتياجاتها بعد نجاح المرحلة الأولى من عملية كسر الحصار، خط الضباب (غربا) الأمر الذي شكل حافزا كبيرا للمواطنين وعزز الروح المعنوية لعناصر المقاومة والجيش الوطني في جميع محاور وجبهات القتال بحسب ما أكدته «اللجنة الأمنية في المحافظة».
وقالت اللجنة الأمنية إن الميليشيات الانقلابية تعيش حالة انهزام وتقهقر في جميع محاور وجبهات تعز. وشددت على أن «مزيدا من الصمود والاستبسال كفيلان بسرعة حسم المعركة وطرد الانقلابيين من جميع المواقع التي يتمركزون فيها في المحافظة».
وفي الجانب الصحي في تعز المحاصرة، دشنت اللجنة الصحية في اللجنة العليا للإغاثة الكويتية وصول الإغاثة الصحية العاجلة للمحافظة، التي وصلت تكلفتها إلى نصف مليون دولار أميركي. ورفدت اللجنة العليا مستشفيات تعز بأربع سيارات إسعاف وأجهزة الأشعة السينية ومولد كهربائي وشحنة أدوية ومستلزمات طبية. كما شملت، أيضا، إقامة مخيم الكويت الجراحي لطب العظام ضمن برنامج دعم الخدمات الصحية بالمحافظة. ويأتي ذلك للمساهمة في التخفيف عن أبناء تعز من الحصار الخانق الذي يعيشونه جراء الحرب التي تشنها الميليشيات الانقلابية.
وقال، الدكتور رازي رياض، رئيس وفد اللجنة الصحية الكويتية الدكتور، إن هذه المساعدات هي دفعة جديدة تضاف إلى المساعدات السابقة، لمحافظة تعز التي تعاني الكثير جراء الحصار الجائر وما زالت بحاجة ماسة إلى كثير من الدعم والمساعدة. في السياق نفسه، تسلمت هيئة مستشفى الثورة بمدينة تعز الدعم المقدم من اللجنة الصحية للإغاثة الكويتية الذي يتمثل في محاليل وريدية لصنفين وكذلك مضاد حيوي. وذكر رياض أنهم «يتطلعون إلى دعم هيئة مستشفى الثورة بكل ما هو متاح لهم لأنهم في الإغاثة الكويتية يعتبرون أن هيئة مستشفى الثورة تمثل العمود الفقري للقطاع الصحي في مدينة تعز وهذا ما يزيد حرصهم على التعاون المستمر والدائم مع المستشفى».
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد أنعم، رئيس هيئة مستشفى الثورة، إن «هيئة مستشفى الثورة بوصفها الصرح الطبي الكبير في المحافظة ستظل الملجأ الطبي الأول لكل مرضانا وجرحانا، وإن الهيئة ستظل صامدة تعمل بكل ما تملك من طاقة في خدمة المواطنين وتستمد صمودها بصمود ضميرنا الإنساني أولاً وواجبنا الوظيفي ثانيًا». وأضاف: «تواجهنا معوقات وصعوبات واحتياجات ونعمل جاهدين لإيجاد حلول لها ولا شك أننا نحتاج لمساندة ودعم كل الجهات الرسمية ذات العلاقة والجهات المهتمة بالشأن الطبي لتستمر الهيئة في خدمة أبناء المحافظة خصوصا في مثل هذه الظروف الصعبة، وإدارة الهيئة تحاول بكل إمكانياتها وبمساعدة الجهات المتفاعلة مع وضع الهيئة إعادة تشغيل بعض الأقسام والمراكز بحسب ما يتطلب الوضع الصحي في المحافظة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.