تستضيف ساحات معرض الإنجازات الوطنية الشهير في العاصمة الروسية موسكو معرضًا موسميًا، متخصصًا في مجال الحدائق والساحات الخضراء.
وقد اختار المنظمون للمعرض هذا العام عنوانا يتناسب مع روح العصر، حيث يمضي الناس معظم وقتهم تائهين أمام شاشات الأجهزة الرقمية والإلكترونية بمختلف أنواعها، بينما تقف راحتهم الحقيقية بقربهم، إلا أنهم نادرا ما يدركون ذلك بسبب غرقهم في العالم الافتراضي. ومن هنا، جاء «الحدائق والناس» عنوانا للدورة الحالية من المعرض.
وضمن نشاطات «الحدائق والناس»، يقدم عدد من الخبراء في مجال الزراعة وتصميم الحدائق لوحات فنية رائعة، كل مكوناتها من الأشجار والزهور والأعشاب. ومن تلك اللوحات حديقة أطلق عليها مصمموها اسم «لولب الزمن»، وفي تقديمها اختاروا عبارة قالها أحدهم، جاء فيها: «لو أن الأشجار توزع اتصالا مجانيا بالإنترنت، لكنا سنزرعها في كل مكان، إلا أن الأشجار لا تفعل شيئا باستثناء أنها تُنتج الأكسجين الذي نتنفسه». وفكرة تلك الحديقة باختصار تدور حول «حضارة عادت إلى الأرض، وقامت بزرع الأشجار، لتعيد الحياة والتطور من جديد»، وهو ما يظهر جليا في بعض جوانب تصميم تلك الحديقة رائعة الجمال.
لوحة أخرى تميزت في معرض «الحدائق والناس»، وهي الحديقة التي حملت عنوان «حديقة الاسترخاء»، التي يقول مصمموها إن عبارة «لا وقت لدي» أصبحت أكثر استخداما في أيامنا، وبات المرء يطلقها وهو يركض مسرعا لإنجاز أعماله، ويبدو مشتتًا، علمًا بأننا نحتاج أحيانا لأن نجد بعض الوقت كي نسمع أنفسنا. وفي «حديقة الاسترخاء»، لا مكان لعبارة «لا وقت لدي»، إذ يتوقف الوقت، ويكف الإنسان عن الركض في تلك الحديقة، حيث تخلق الأجواء العامة، ومعها خرير ماء ينساب بهدوء في المكان، حالة من السكون، ورغبة في الركون والكف عن الركض وراء فوضى الحياة التي تقتل معظم وقتنا.
أما «المكعب الأسود»، فهي حديقة تم تصميمها باستعارة فكرة اللوحة الشهيرة «المربع الأسود»، حيث تكون البساطة والوضوح في عرض الفكرة أسلوبا بديلا عن الواقعية بحد ذاتها. و«المكعب الأسود» حديقة تجسد مشهدا لحريق في الغابات يأتي على كل ما هو حي، إلا أن الأرض المعطاء سرعان ما تعيد إنتاج تلك الحياة. ومن هنا، تتشكل لوحة «حديقة المكعب الأسود» من ممر تغطيه بقايا حريق غابات، محاط بمساحات التهمتها النيران، لكن تبدو عليها واضحة نذر حياة خضراء جديدة من رحم الأرض.
ولما كان المعرض يتناول علاقة الإنسان في عصر السرعة والرقميات مع الطبيعية، فقد قدم بعض المشاركين لوحات، عبارة عن تصميم لحدائق، تعرض إمكانية الجمع بين الراحة التي يوفرها جمال الطبيعة لروح الإنسان والراحة التي يحصل عليها الإنسان باستخدامه بعض الأدوات العصرية، مثل الإضاءة والمقاعد المريحة وغيره. وضمن هذه الرؤية، تم تصميم الحديقة التي أطلق عليها اسم «لوحة فنية»، والتي تبدو بالفعل قريبة من اللوحة الفنية التي يمكن للإنسان أن يتحول إلى جزء منها، ويغرق في سكونها، بعيدا عن الفوضى والضوضاء.
«الحدائق والناس».. معرض يعكس علاقة إنسان العصر بالطبيعة في موسكو
لوحات تبعث السكون وتبعد الزوار عن فوضى الحياة اليومية
«الحدائق والناس».. معرض يعكس علاقة إنسان العصر بالطبيعة في موسكو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة