طلب استبدال السفير السعودي يفجر سجالاً بين الكتل العراقية.. واتهامات لميليشيات بفرضه

لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان: نتابع الموضوع عن كثب

طلب استبدال السفير السعودي يفجر سجالاً بين الكتل العراقية.. واتهامات لميليشيات بفرضه
TT

طلب استبدال السفير السعودي يفجر سجالاً بين الكتل العراقية.. واتهامات لميليشيات بفرضه

طلب استبدال السفير السعودي يفجر سجالاً بين الكتل العراقية.. واتهامات لميليشيات بفرضه

فجر الطلب الذي تقدمت به وزارة الخارجية العراقية من نظيرتها السعودية باستبدال السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان خلافا داخل البيتين الشيعي والسني، فيما انتقد أستاذ في العلوم السياسية عدم وجود سياسة خارجية موحدة، الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة عند أول أزمة وهي مسألة استبدال سفير.
وبينما أعلن التحالف الوطني العراقي (الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان) تأييده للإجراءات التي قامت بها الخارجية العراقية بهذا الصدد فإن تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) أعلن رفضه لمثل هذا الإجراء. وقال التحالف الوطني في بيان له أمس إن زعيم التحالف إبراهيم الجعفري، وزير الخارجية، ترأس في مكتبه ببغداد اجتماعًا للهيئة القيادية للتحالف لمناقشة جُملة من التطوُّرات التي يشهدها العراق، مشيرا إلى أن الهيئة «أعربت عن ترحيبها بطلب وزارة الخارجيَّة العراقية من نظيرتها السعودية استبدال سفيرها في العراق بكونه مظهرًا من مظاهر الحرص على إنجاح مسار تطوير العلاقات الثنائيَّة بين البلدين».
من جانبه، طالب تحالف القوى العراقية الحكومة بالتراجع عن طلب تغيير السفير السعودي، وأوضح أن الطلب يأتي استجابة للضغوط التي تمارسها «الميليشيات المنفلتة». وقال بيان التحالف إن «السياسات العراقية تنزلق مرة أخرى إلى محور الاختلاف مع الدول العربية بلا مبرر رغم أنها مدت يدها للشعب العراقي ووقفت معه وما تزال في محنته الأمنية والإنسانية»، مبينًا «إننا فوجئنا بقرار الحكومة العراقية بطلب تغيير السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان، وهي سابقة خطيرة لم تألفها الأعراف والتقاليد الدبلوماسية بين الدول المتحضرة في إساءة متعمدة للدور السعودي الإقليمي». وأضاف البيان أنه «ليس لدينا من تفسير سوى أن الطلب يأتي استجابة للضغوط التي تمارسها الميليشيات المنفلتة التي لطالما هددت الأمن العراقي والعربي وبدفع من الأجندات الإقليمية التي لا يروق لها رؤية عراق وطني بعلاقات عربية معافاة». وأشار التحالف إلى أن «ازدواجية الدبلوماسية العراقية لم يعد ممكنًا السكوت عنها، فهي من جهة تستقبل وفود المجاميع المسلحة كالحوثيين وتغض النظر عن التدخل الإقليمي الفج في الشأن العراقي وتبرره، ومن جهة أخرى تسعى من دون أي مسوغ لتعكير علاقات العراق العربية وتأزيمها في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الانفتاح على العالم الخارجي والابتعاد عن سياسة المحاور التي أضرت ببلدنا وجعلت العالم ينظر له على أن سيادته مشوبة بعيب التبعية».
وتابع البيان أن «تحالف القوى العراقية إذ يعرب عن عدم قبوله بالقرار الصادر عن الخارجية العراقية فإنه يطالب الحكومة بالتراجع عنه صونًا للمصالح المشتركة وبضرورة أن تكون مواقف من مثل هذا النوع مدروسة ومتخذة بتوافق الشركاء لا أن ينفرد بها حزب أو فئة وأن تكون نابعة من مصالحنا الوطنية لا استجابة للضغوط من أي طرف جاءت».
من جهته، أكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عبد الباري زيباري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «لجنة العلاقات الخارجية تمثل كل المكونات العراقية وبالتالي هي لا يمكن أن تعكس في مثل هذه الأمور الخلافية رأيا موحدا، لكننا في الوقت نفسه وبصرف النظر عن وجهة نظر هذا الطرف أو ذاك من أعضائها فإنها تنطلق من رؤية ثابتة يتفق عليها الجميع وهي أهمية تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية والبحث عن آلية مناسبة لتطويرها في كل المجالات». وأضاف زيباري أن «التطور الذي حصل والمتمثل بطلب الخارجية استبدال السفير السعودي في العراق سيكون محل اهتمامنا من منطلق دورنا الرقابي، حيث إننا نتابع الموقف الآن مع الخارجية التي لا نتدخل في سياق عملها التنفيذي، خصوصا أنها أكدت حرصها على إقامة علاقات جيدة مع المملكة وبالتالي فإننا سنراقب تحركات الخارجية في هذا المجال وفيما إذا كان منسجما مع الدستور، وسيكون لنا موقف في حال كانت الإجراءات بعيدة عن السياقات الدستورية والحرص على الانفتاح على الجميع وبخاصة دول الجوار».
في السياق نفسه، أكدت رئيسة كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي آلا طالباني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «موقفنا الثابت هو إقامة علاقات حسن جوار مع الجميع على أساس قاعدة المصالح المشتركة»، مبينة أن «كتلتنا تتابع الأمر في سياق عملنا البرلماني وذلك من خلال لجنة العلاقات الخارجية، حيث ننتظر تقييمهم للموقف وفي حال وجدنا أن الأمر لم يأخذ السياق الصحيح ولم تكن المبررات مقنعة سيكون لنا رأي آخر».
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور خالد عبد الإله أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي نعانيها في العراق هي عدم وجود استراتيجية واضحة في رسم السياسة الخارجية في البلاد». وأضاف أن «التعامل مع قضية السفير السعودي ثامر السبهان في العراق كشف في الواقع هشاشة البنية الداخلية لدينا، سواء على مستوى السياسة الخارجية أو العلاقات والمواقف داخل الكتل والأطراف السياسية»، مشيرا إلى أنه «في الوقت الذي أكد فيه البرنامج الحكومي الذي تشكلت الحكومة الحالية على أساسه التزامها بسياسة الانفتاح على الخارج وفي المقدمة منه دول الجوار فإن أول أزمة واجهناها عدنا إلى المكونات وصراعاتها البينية ومواقفها وغابت سياسة الدولة، حيث بدأت سياسة المحاور في غياب تام للموقف الوطني الذي ينبغي أن يوحد رؤى الجميع».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.