بن دغر: السلام اليمني لا يتحقق إلا بالانسحاب.. وتقديراتنا للأضرار قد تفوق مثيلتها الدولية

الزياني أكد خلال ورشة عمل في الرياض أن إعادة الإعمار ليس قرارًا منفردًا

د. بن دغر والزياني مع المشاركين الدوليين في ورشة عمل إعادة إعمار اليمن التي عقدت في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
د. بن دغر والزياني مع المشاركين الدوليين في ورشة عمل إعادة إعمار اليمن التي عقدت في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
TT

بن دغر: السلام اليمني لا يتحقق إلا بالانسحاب.. وتقديراتنا للأضرار قد تفوق مثيلتها الدولية

د. بن دغر والزياني مع المشاركين الدوليين في ورشة عمل إعادة إعمار اليمن التي عقدت في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
د. بن دغر والزياني مع المشاركين الدوليين في ورشة عمل إعادة إعمار اليمن التي عقدت في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)

قال الدكتور أحمد بن دغر، رئيس مجلس الوزراء اليمني، إن «السلام لن يتحقق إلا بانسحاب الميليشيات الحوثية من صنعاء وبقية المناطق التي استولت عليها، وتسليم جميع الميليشيات دون استثناء للسلاح وعودة الشرعية، ثم التوافق على شكل الحكومة».
ويرى بن دغر أن الظروف أصبحت مناسبة للحديث عن إعادة إعمار اليمن في الوقت الراهن، مشددًا على أن جهود السلام سوف تستمر من الحكومة اليمنية، لأنه السبيل الأفضل لتحقيق الإعمار في البلاد.
ولم يعطِ بن دغر رقما محددا للقيمة النهائية المقدر من قبل الحكومة لإعادة إعمار اليمن، لكنه لمح إلى أنها قد تفوق ما أفصح عنه أمس البنك الدولي بنحو 15 مليار دولار.
جاء ذلك، في تصريحات أعقبت انعقاد ورشة العمل التحضيرية حول التعافي وإعادة الإعمار ما بعد الصراع في اليمن، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض أمس.
رئيس الوزراء اليمني أفاد بأن هناك أمورا كثيرة لا تزال تحت سيطرة الحوثيين، ومنها المدن التي دخلوها بالسلاح، مشددا على أن استعادة السلاح والشرعية في مراحل متقدمة وعودتها للحكومة.
وعن التخوفات التي نشأت من نشاطات الجماعات الإرهابية في المناطق المحررة، قال بن دغر، إن هناك مرحلة أمنية تسبق إعادة إعمار اليمن، وأن الحكومة تبذل جهودها حتى نجاح عملية الاستقرار في البلاد.
إلى ذلك، قال الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إن ورشة العمل الثانية لإعادة إعمار اليمن، تأتي في إطار تنفيذ القرار قادة دول المجلس بعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار وبناء اليمن، ووضع برنامج عملي لتأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج مع الاقتصاد الخليجي، موضحا أن تلك الجهود تأتي في إطار تحقيق السلام في اليمن وإعادة الأمل للمواطن، مشددا على أن المواطن اليمني اكتفى بما يراه من سفك الدماء، وأن الوقت حان للجنح إلى السلام وإحلاله في البلاد.
وأضاف أن المبادرات متوالية فيما يتعلق بالعملية السياسية لتحقيق السلام، متطلعا إلى تحقيق البيئة الملائمة لفسح المجال أمام إعادة الإعمار والأمل لكل مواطن يمني، مؤكدا أن دول مجلس التعاون لا تبخل بأي جهد فيما يتعلق بدعم الشعب اليمني، لافتا إلى أن ذلك الدعم يكون متواصلا في العمل الإنساني، مستشهدا بما قام به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والجمعيات الأهلية والرسمية.
وأفاد الزياني بأن إعادة الأعمار في اليمن تحتاج إلى إحلال السلام في البلاد، لكي يتسنى للدول الداعمة المواصلة في جهودها باليمن، وفقا لتوجيهات القيادة الخليجية، التي نصت على دمج الاقتصاد اليمني مع الخليجي بأسرع وقت ممكن.
وشدد الأمين العام لمجلس التعاون على أن إعادة إعمار اليمن ليست قرار منفردا، وإنما بعملية تشاركية، مفيدا أن ذلك يجب أن يتم بالاعتماد على عنصر الخبرة، والاعتماد على أسلوب الابتكار والإبداع يمكن تنفيذها، وعلى مراحل، وأن الهدف الأساسي والمهم في عملية الإعمار أن تكون بمشاركة دولية. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون أن قرار إعادة الإعمار وضع برامج عملية لدمج الاقتصاد اليمني مع الخليجي، لافتا إلى أن ذلك مرتبط بنوع السلام الذي سيتم تطبيقه.
يشار إلى أن الورشة شهدت بحث 11 موضوعا شارك فيها الحكومة اليمنية والمؤسسات اليمنية، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، ودول مجلس التعاون الخليجي، وأعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمؤسسات التمويلية والدولية.
وتناولت موضوعات الورشة الإطار العام لبرنامج الإعمار والتنمية، قدمتها الحكومة اليمنية، وتقرير الأضرار وتحديد الاحتياجات والنتائج والخطوات المستقبلية، واستقرار الاقتصاد الكلي في اليمن، وربط العلاقات الإنسانية والأمنية والتنموية، أما الجلسة التي تلتها الحفاظ على قدرة المؤسسات الوطنية.
فيما تستمر الجلسات اليوم، التي سيتم النقاش فيها عن دور مجتمع الأعمال والمجتمع المدني في اليمن، ودور الشركاء في اليمن، وأسلوب المعونات، ومن ثم سيتم التطرق إلى أدوات التمويل المتاحة، كما سيتم بحث موضوع العمل في بيئة غير آمنة، وتختتم الجلسة الحادية عشرة بالتحديات التشغيلية وبحث معالجة القدرة على استيعاب المساعدات الخارجية.



​السواحل اليمنية تواصل ابتلاع المهاجرين من القرن الأفريقي

السواحل اليمنية ابتلعت أكثر من 3 آلاف مهاجر من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)
السواحل اليمنية ابتلعت أكثر من 3 آلاف مهاجر من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)
TT

​السواحل اليمنية تواصل ابتلاع المهاجرين من القرن الأفريقي

السواحل اليمنية ابتلعت أكثر من 3 آلاف مهاجر من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)
السواحل اليمنية ابتلعت أكثر من 3 آلاف مهاجر من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)

تواصل السواحل اليمنية ابتلاع المهاجرين من القرن الأفريقي، بعد أن لقي هذا الأسبوع أكثر من 20 شخصاً حتفهم غرقاً بالقرب من مضيق باب المندب، وهو أحدث طرق التهريب إلى اليمن بعد تشديد السلطات الرقابة على الطرق الأساسية في سواحل محافظتي لحج وشبوة.

ومع تسجيل فقدان أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر خلال الأعوام الماضية، أكدت المنظمة الدولية للهجرة أن قارباً انقلب في البحر السبت الماضي في مديرية (ذو باب) التابعة لمحافظة تعز اليمنية، ما أدى إلى وفاة 20 مهاجراً إثيوبياً (9 نساء و11 رجلاً).

وكان المركب، بحسب المنظمة الأممية، يحمل على متنه 35 مهاجراً، وقبطاناً يمنياً ومساعده، بعد أن غادر من سواحل جيبوتي وانقلب بالقرب من سواحل منطقة الحجاجة.

وأفاد مسؤولو التنسيق الميدانيون في مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة بأن الناجين هم 15 رجلاً إثيوبياً، إضافة ليمنيين اثنين وهما طاقم القارب، حيث وصلوا إلى الشاطئ بعد الحادث المروع، وقد أظهرت البيانات أن الرياح الموسمية العاتية كانت وراء انقلاب القارب، الذي يُعتَقد أنه غادر جيبوتي.

عشرات الآلاف من المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن في رحلات محفوفة بالمخاطر (إعلام حكومي)

وقال عبد الستار عيسويف، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، إن «هذه المأساة تذكر بالوضع القاتم والظروف المتقلبة التي يتحملها المهاجرون في بحثهم عن الأمان وحياة أفضل. فكل حياة تُفقد هي خسارة كبيرة. ويجب على المجتمع الدولي أن يشد من عزمه من أجل معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، وإعطاء الأولوية لحماية المهاجرين وحفظ كرامتهم».

طرق خطرة

على الرغم من الجهود المستمرة لتفكيك شبكات التهريب وتعزيز سلامة المهاجرين، تظل المياه قبالة السواحل اليمنية من بين الأخطر في العالم. ففي عام 2024 فقط، وثقت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر إلى اليمن.

وقالت المنظمة إن من المثير للقلق أنه منذ عام 2014 سجل مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة 3 آلاف و435 حالة وفاة واختفاء على طول الطريق الشرقي، بما في ذلك ألف و416 شخصاً فقدوا حياتهم غرقاً.

ونبهت المنظمة في بيانها إلى أن الحادثة الأخيرة تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تضافر الجهود لمعالجة أوجه الضعف التي يواجهها المهاجرون.

على الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية يستمر تدفق المهاجرين إلى اليمن (إعلام حكومي)

ويدفع الصراع، وتغير المناخ، ونقص الفرص الاقتصادية معظم المهاجرين الإثيوبيين إلى السفر عبر اليمن للوصول إلى دول الخليج، ولكن ينتهي بهم الأمر في التعرض للاستغلال والعنف، والظروف المهددة للحياة على طول الطريق.

وتعهدت المنظمة الأممية تقديم الدعم الحاسم للمهاجرين على طول طرق الهجرة الرئيسة في اليمن، بما في ذلك الرعاية الصحية والغذاء والمأوى وخدمات الحماية المتخصصة. ومع ذلك، بينت أن حجم الاحتياجات يتجاوز بكثير الموارد المتاحة. ويعد تعزيز التعاون الدولي، وزيادة التمويل، والالتزام الجماعي بالهجرة الآمنة، أموراً ضرورية لمنع مزيد من المآسي وحماية الأرواح.

ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، كررت المنظمة الدولية للهجرة نداءها للمانحين والشركاء لتعزيز الجهود لحماية المهاجرين الضعفاء، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية. وقالت إن العمل المتضافر ضروري لضمان عدم اضطرار المهاجرين إلى المخاطرة بحياتهم بحثاً عن الأمان والكرامة.

جهد أمني يمني

كانت الحملة الأمنية المشتركة للقوات الحكومية اليمنية في محافظة لحج قد ضبطت منذ أيام قارباً يحمل على متنه 179 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي، وذلك أثناء محاولتهم دخول البلاد عبر سواحل خور العميرة.

ووفق إعلام الحملة الأمنية، فقد رصدت القوات البحرية التابعة للحملة تحركات مريبة لقارب بالقرب من سواحل خور العميرة، حيث تبين وجود عدد كبير من الأشخاص على متنه. وعلى الفور، قامت القوات بمطاردة القارب وإيقافه، لتكتشف أنه يحمل مهاجرين غير شرعيين من جنسيات مختلفة قادمين من دول القرن الأفريقي، وتم التعامل مع الوضع بحرفية تامة، حيث تم نقل المهاجرين إلى مراكز مخصصة لتقديم المساعدات الإنسانية الأولية لهم، مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

وجدّدت قيادة الحملة الأمنية التزامها بمواصلة جهودها في التصدي لعمليات التهريب والهجرة غير الشرعية، وأكدت في بيانها أن هذه العمليات تشكل تهديداً للأمن القومي، وتعرّض حياة المهاجرين للخطر.

وقالت إن مكافحة الهجرة غير الشرعية ليست مجرد مسؤولية أمنية، بل مسؤولية إنسانية وأخلاقية، وإنها ستواصل التصدي بكل حزم لهذه الظاهرة، مع الحرص على احترام حقوق الإنسان، وتوفير المساعدات اللازمة للمهاجرين المضبوطين.

ودعت قيادة الحملة السكان إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة تتعلق بالتهريب أو الهجرة غير الشرعية، وقالت إن التعاون المجتمعي هو أساس الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها. وتعهدت مواصلة تعزيز الرقابة البحرية، وتشديد الإجراءات عند النقاط الحدودية لمنع تكرار مثل هذه المحاولات غير القانونية.