«جدار ترامب» على الحدود الأميركية ـ المكسيكية.. أداة انتخابية فاشلة

تكلفته قد تصل إلى 26 مليار دولار.. ويصطدم بمعرقلات قانونية وسياسية

المرشح الجمهوري دونالد ترامب يشارك في فعالية بولاية أيوا أول من أمس (رويترز)
المرشح الجمهوري دونالد ترامب يشارك في فعالية بولاية أيوا أول من أمس (رويترز)
TT

«جدار ترامب» على الحدود الأميركية ـ المكسيكية.. أداة انتخابية فاشلة

المرشح الجمهوري دونالد ترامب يشارك في فعالية بولاية أيوا أول من أمس (رويترز)
المرشح الجمهوري دونالد ترامب يشارك في فعالية بولاية أيوا أول من أمس (رويترز)

يبقى المرشح الجمهوري للبيت الأبيض دونالد ترامب متمسكا بالطرح الأكثر إشكالية في حملته الانتخابية، والقاضي ببناء جدار على الحدود مع المكسيك لمنع عبور المهاجرين غير الشرعيين، غير أن الخبراء يرون أن هذا المشروع الضخم غير مفيد ولا يمكن تنفيذه في الواقع.
وإن كان رجل الأعمال الثري لطف من حدة نبرته بالنسبة لموضوع الهجرة، إلا أنه لا يزال يردد في تجمعاته الانتخابية «سوف أبني أكبر جدار رأيتموه حتى الآن. سيكون جدار ترامب، جدارا رائعا»، قبل أن يسأل «ومن سيدفع الثمن؟» فيهتف مؤيدوه «المكسيك!».
ويؤكد ترامب أن نجاحه في القطاع العقاري يضمن إنجاز المشروع، ولو أنه نادرا ما يكشف تفاصيل عنه.
وتمتد الحدود الأميركية - المكسيكية على مسافة 3200 كلم، وهي بشكل أساسي أراضٍ قاحلة وقليلة السكان، وتصل المحيط الأطلسي بالمحيط الهادي.
وبعدما وعد ترامب ببناء الجدار على طول هذه المسافة، بات يرى الآن أن نصفها سيكون كافيا بسبب التضاريس التي تشكل حاجزا طبيعيا على بعض أجزاء الحدود. وبالتالي بات طول الجدار معروفا وهو 1600 كلم، غير أن الارتفاع لا يزال يختلف على وقع التصريحات المتتالية، فقد تحدث ترامب بحسب الأيام عن 35 قدما (10.5 متر) و40 قدما (12 مترا) و55 قدما (16.5 متر) وصولا أحيانا إلى 90 قدما (27 مترا).
وكلما يعلن مسؤول مكسيكي أن بلاده لن تدفع سنتا واحدا لبناء الجدار، يرد ترامب «ارتفع الجدار للتو ثلاثة أمتار إضافية». كما يخيم الغموض الذي يطبع حملة ترامب بشكل إجمالي، على كلفة المشروع. فبعدما تحدث المرشح عن أربعة مليارات دولار، عاد ورفع المبلغ إلى «6 أو 7» مليارات، أو «8 على الأرجح»، وصولا إلى «10 أو ربما 12»، ليستقر أخيرا عند «نحو 10 مليارات» دولار.
غير أن مهندسين معماريين ومدنيين يرون أن هذه الأرقام غير واقعية، نظرا إلى مواصفات المشروع الثابتة.
ويعتزم ترامب استخدام ألواح إسمنتية مسبقة الصنع مدعمة بالفولاذ، وهي مواد ثقيلة تطرح تحديات لوجستية من فتح طرقات لوصول آليات النقل، وإقامة عدة مواقع لصب الإسمنت وتوظيف جيوش من العمال على مدى سنوات. كما يتطلب الجدار أساسات عميقة لضمان ثباته، ومنع حفر أنفاق من تحته.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن الخبير تود ستيرنفلد من تكساس، أن جدارا بطول 12 مترا وعمق 3 أمتار تحت الأرض سيكلف ما لا يقل عن 26 مليار دولار. وحين يواجه ترامب بهذه الحجج، يتجاهلها مؤكدا أنه «إن كان الصينيون تمكنوا من بناء السور الكبير من دون رافعات ولا جرافات»، ففي مقدوره هو بناء جداره. غير أن هذه المقارنة قلما تنطبق على مشروعه، إذ أن السور الكبير هو سلسلة من الأجزاء غير المترابطة شيدت على مدى قرون لقاء تضحيات بشرية هائلة غير واردة في زمننا.
غير أن العقبات بوجه «جدار ترامب» لا تتوقف عند هذا الحد. فالمساحات العقارية الحدودية في الجنوب الأميركي الشاسع غالبا ما تكون أملاكا خاصة. وبالتالي فإن الورشة ستتطلب عدة عمليات مصادرة ما يطرح معضلة قانونية. وهي مشكلة يعرفها الرئيس السابق جورج بوش حق المعرفة، إذ أقر في الكونغرس عام 2006 «قانون السياج الأمني» الذي أتاح إقامة أسيجة وحواجز على طول ألف كلم من الحدود.
كما يواجه المشروع مشكلة كبيرة أخرى، وهي أن القانون يحظر تشييد أي بناء على طول نهر ريو غراندي الذي يفصل ولاية تكساس عن المكسيك لأسباب تتعلق بتقاسم الموارد، وإدارة الأوضاع عند فيضان النهر. وسيتحتم بالتالي تشييد الجدار على مسافة من ضفاف النهر، وعندها فإن بعض المدن الأميركية المحاذية له قد تجد نفسها من الجانب المكسيكي. كما أن هناك معاهدة تمنع المكسيك والولايات المتحدة على السواء من تحويل مجاري المياه، ما يحتم على الجدار تحقيق المستحيل، أي السماح بتدفق المياه ومنع تدفق البشر. وبمعزل عن كل هذه التحديات العملية، فإن جدوى الجدار نفسها هي موضع تشكيك. ويرى منتقدوه أن بناء جدار بطول 15 مترا سيحرك سوقا لبيع السلالم بطول 16 مترا، مشيرين إلى أن مهربي المخدرات تعلموا منذ وقت طويل كيف يرسلون بضائعهم من فوق الأسيجة أيا كان حجمها.
وما يثير شكوكا أكبر دراسة نشرها مركز «بيو لأميركا اللاتينية» عام 2006، خلصت إلى أن نحو نصف المهاجرين غير الشرعيين دخلوا الولايات المتحدة عبر نقطة دخول تقليدية مثل مطار، قبل أن يدعوا فترة صلاحية تأشيراتهم تنتهي من دون أن يغادروا البلاد.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.