جوليا بطرس تغني الحب والوطن تحت عنوان «أنا مين؟»

في حفلة استثنائية حضرها 9 آلاف شخص

جانب من الحفل الذي أقيم على الواجهة البحرية في منطقة ضبية شمال بيروت
جانب من الحفل الذي أقيم على الواجهة البحرية في منطقة ضبية شمال بيروت
TT

جوليا بطرس تغني الحب والوطن تحت عنوان «أنا مين؟»

جانب من الحفل الذي أقيم على الواجهة البحرية في منطقة ضبية شمال بيروت
جانب من الحفل الذي أقيم على الواجهة البحرية في منطقة ضبية شمال بيروت

لم تخيّب الفنانة اللبنانية جوليا بطرس عشّاقها من الجمهور اللبناني، والذي زحف بالآلاف لحضور حفلها في الواجهة البحرية بمنطقة ضبية شمال بيروت. فقد غنّت على مدى ساعتين الحبّ والوطن، ولونت معظمها برسوم غرافيكية شكلت خلفية مميزة للمسرح.
نحو 9 آلاف شخص انتظروا إطلالتها هناك، فتسمّروا على كراسيهم قبل موعد بداية الحفل بساعة من الوقت. هذا الحشد البشري المؤثّر والذي وصفه البعض بالاستثنائي، لم يسبق أن شهدته أي من حفلات مهرجانات بيروت الكثيرة هذا الصيف، وأكملته جوليا على طريقتها عندما صدح صوتها الشجي والصلب بباقة من أغانيها الجديدة والقديمة، وقدّمتها تحت عنوان «أنا مين؟» في إشارة إلى اسم ألبومها الجديد.
منذ اللحظة الأولى لانطلاق الحفلة التي تأخرت عن موعدها نحو الستين دقيقة، بفعل زحمة السير التي سدّت جميع المنافذ المؤدية إلى المسرح، بدا المشهد ضخما. فإضافة إلى الأمواج البشرية في مقاعد الحضور، رافق جوليا على المسرح أكثر من مائة عازف ومنشد كورال (بينهم أفراد الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية)، بإدارة الموسيقيين هاروت فازيليان وميشال فاضل. كذلك تميّز الحفل بديكورات المسرح، الذي ثبّتت في وسطه شاشة عملاقة (على طول المسرح)، رافقت الفنانة بمشاهد مصوّرة تنسجم مع موضوع كلّ أغنية أدّتها. وعلى وقع أغنية «نسير في الزمن أين المصير»، افتتحت جوليا بطرس الحفل مخاطبة بعدها جمهورها الغفير تسأله عن حاله (كيفنا؟ ويا أهلا بالوجوه الحلوة من الصفّ الأول حتى الأخير). بعدها، توجهت إلى زوجها الوزير إلياس بوصعب قائلة: «لا شك أنه في القاعة كثير ممن يحملون اسمه ولكن إلياس الذي أتحدّث عنه هو لي». وأضافت: «حبيبي أريد أن أشكرك لأنك دائما تحقق لي أحلامي».
إثر هذه التحية لزوجها، غنّت «دبلو عيونو» من ألبومها الجديد، وأهدت الأغنية لبعض السياسيين اللبنانيين كما قالت، الذين يستغرقون في النوم بدل العمل من أجل الوطن. ومن هناك كرّت سبحة الأغاني التي تضمّنها برنامج الحفلة: «هالوردة دبلت بكّير» و«أنت أحسن وأهضم وأنظف»، و«أنا مين» التي أهدتها إلى شهداء لبنان. وطالبت الجماهير خلال هذه الأغنية أن ترددّها معها، كونها، وبحسب ما ذكرت «تصوّر ضياع الشعوب في عالم مجنون».
بعد استراحة قصيرة لها عزفت خلالها الأوركسترا لحن أغنية «على شو؟»، كانت لجوليا وقفة عائلية بامتياز على المسرح، عندما أعلنت أن تاريخ 27 أغسطس (آب) (صادف ليلة الحفل)، يحمل لها إحدى أهم وأعزّ الذكريات الشخصية إلى قلبها ألا وهي ولادة ابنها البكر سامر. فتوجّهت إليه بكلمات محببة من قلب أم تعشق أولادها ولتهديه إثرها أغنية «سنة حلوة يا جميل» التي رددّها معها الجمهور مشاركة منه بهذا الاحتفال العفوي.
وفجأة تحوّلت الأنظار عنها لتقع على نجلها سامر الموجود في المقاعد الأمامية، فراحت تلتقطه عدسات المصوّرين، وقد بدا عليه التأثّر مختتمًا هذه الفقرة بقبلة أرسلها لوالدته عبر الهواء شاكرا لها مبادرتها هذه.
وبعد تقديمها أغنيتي «على رغم الجو المشحون» و«لو سلّمتك قلبي»، فتحت جوليا بطرس مرة جديدة قلبها، للتحدث هذه المرة عن شقيقها الملحن زياد بطرس. «كان عمره ثماني سنوات عندما كان يعزف على آلة البيانو، وفي الرابعة عشرة من عمره تحوّل إلى ملحن. هو مبدع من بلادي أفتخر به، هو أخي زياد الذي في كلّ مرة أتساءل عما يمكن أن يقدّمه بعد في عالم الألحان يأتيني جوابه كصفعة على وجهي».
وبعدها قالت جوليا: «مدري شو صاير لي اليوم فإنا عادة ما أفضل الغناء على الكلام». بهذه العبارة استهلّت آخر قسم من التحيّات التي وجّهتها لعائلتها، لتتحدث فيها عن شقيقتها صوفي. «هي حياتي وتوأم روحي وأختي وكاتمة أسراري، هي صوفي الملاك المرافق لي دائما وأبدا، صاحبة الصوت الحنون الذي طالما حلمت في أن يشاركني الغناء على المسرح. واليوم قرّرت أن أحقق هذا الحلم». نادت جوليا شقيقتها لتطلّ على المسرح، وقامتا بغناء أغنية «حبيبي»، فصفّق لهما الجمهور طويلا، لتنسحب صوفيا بعدها عن المسرح وتكمل جوليا هذه السهرة بأغان اشتعل خلالها المكان بحماس الجمهور وهتافاته التي رافقت أغنيتي «على ما يبدو» و«لا تغدرني»، ولتبلغ ذروتها في أغنيتها الشهيرة «أنا بتنفّس حريّة»، التي رافقها على المسرح شبه مسيرة عسكرية لعدد من الشبان، يقرعون على طبول صغيرة إيقاع الأغنية الثورية تلك.
ومع هذه الأغنية، كرّت سبحة الأغاني الوطنية لجوليا مثل «يا أبطال الساحات» و«أطلق نيرانك» و«أحبّائي» و«يا لبنان» التي أدّتها مع مشاركة مجموعة من الأطفال على المسرح، فشكّلت مسك الختام لسهرة من العمر، امتزج فيها الحب والوطن، كرّست بيروت عاصمة النور والإنسانية والفرح.
لوّنت جوليا لوحاتها الغنائية أكثر من مرة بمشاركة بشرية تارة ورسوم غرافيكية تارة أخرى، فطرّزت الحفلة بمستوى رفيع نادرًا ما نلمسه في هذا النوع من الحفلات. فالشاشة العملاقة على المسرح، شكّلت خلفية غنية لكل موضوع من أغانيها التي تنوعت بين رومانسية حالمة إذ تصوّر جوليا في حقل سنابل أو مع ورود حمراء أو على شاطئ البحر، ومرات أخرى ثورية وعسكرية تبرز صورًا للتفجيرات ونيران الحروب ومعاناة اللاجئين وتشتّتهم. حتى أن قرع الطبول الضخمة مباشرة على المسرح، من قبل محترفين، يُذكر بحفلات غربية اعتمدت العزف على هذه الآلات (تحديدًا خلال أداء جوليا أغنية «أطلق نيرانك»)، وكان لها وقعها الإيجابي على المشهدية الفنيّة للعمل ككلّ، فوضعته في مصاف الأعمال الاستعراضية العالمية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».