تصريحات يلين أربكت المستثمرين

زيادة احتمالات رفع الفائدة في سبتمبر المقبل

جانيت يلين رئيسة الفيدرالي الأميركي تتحدث في جاكسون هول أمس الجمعة بولاية وامينغ الأميركية (أ.ف.ب)
جانيت يلين رئيسة الفيدرالي الأميركي تتحدث في جاكسون هول أمس الجمعة بولاية وامينغ الأميركية (أ.ف.ب)
TT

تصريحات يلين أربكت المستثمرين

جانيت يلين رئيسة الفيدرالي الأميركي تتحدث في جاكسون هول أمس الجمعة بولاية وامينغ الأميركية (أ.ف.ب)
جانيت يلين رئيسة الفيدرالي الأميركي تتحدث في جاكسون هول أمس الجمعة بولاية وامينغ الأميركية (أ.ف.ب)

اعتبرت رئيسة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) جانيت يلين، أن الظروف أصبحت مواتية أكثر لرفع أسعار الفائدة في الأشهر الأخيرة.
وفي كلمة في الاجتماع السنوي لمصرفي البنوك المركزية، الذي يستمر لثلاثة أيام في جاكسون هول بولاية وايومنغ أمس الجمعة، أشارت يلين إلى الزيادة القوية في عدد الوظائف، متوقعه أن يقرر الاحتياطي الفيدرالي زيادات تدريجية في معدلات الفائدة الرئيسية.
وقالت في كلمتها: «نظرا إلى استمرار الأداء القوي لسوق العمل، وتوقعاتنا للنشاط الاقتصادي والتضخم، أعتقد أن الدوافع لزيادة معدلات الفائدة أصبحت أقوى خلال الأشهر الأخيرة»، مشيرة إلى أن الاقتصاد الأميركي يقترب من تحقيق الأهداف الأساسية المنوطة بمجلس الاحتياطي وهي الوصول إلى الحد الأقصى للتوظيف واستقرار الأسعار.
واعتبر مراقبو الأسواق أن تصريحات الاحتياطي الفيدرالي هذا العام كانت مبهمة وأحيانا متناقضة وأربكت المستثمرين، وتزيد تصريحات يلين من ترجيح أن يقرر البنك زيادة معدل الفائدة المنخفض للغاية بنهاية العام، وذلك في أول اجتماع له في سبتمبر (أيلول) المقبل.
ورغم وضوح دعم تصريحاتها لوجهة النظر القائلة بأن رفع سعر الفائدة أصبح أكثر ترجيحا، نبهت يلين إلى أن قرارات البنك ستعتمد على الظروف الاقتصادية دائمة التقلب، في حين لم تشر يلين إلى الموعد الذي قد يرفع فيه مجلس الاحتياطي أسعار الفائدة لكن تصريحاتها عززت الرأي القائل بأن مثل هذه الخطوة قد تأتي في وقت لاحق هذا العام.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الاحتياطي اجتماعات للسياسة النقدية في سبتمبر ونوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).
وأضافت أن زيادات تدريجية في أسعار الفائدة الأميركية بمرور الوقت ستكون «ملائمة»، وأن مجلس الاحتياطي يتوقع أن يرتفع التضخم إلى المستوى المستهدف البالغ اثنين في المائة في الأعوام القليلة القادمة، وكان الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة في نهاية 2015 للمرة الأولى منذ نحو عشر سنوات من 0.25 إلى 0.50 في المائة.
في حين أظهر تقرير لوزارة التجارة صدر أمس الجمعة، نمو الاقتصاد الأميركي بوتيرة أقل من المتوقع في الربع الثاني بسبب انخفاض الإنفاق الحكومي، متماشيا مع تباطؤ أداء النصف الأول من العام برغم الدعم الذي قدمه الإنفاق الاستهلاكي، وأظهر التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنحو 1.1 في المائة على أساس سنوي انخفاضا من تقدير أولي بـ1.2 في المائة.
ويأتي خطاب رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ظل إعادة تقييم بين البنوك المركزية على مستوى العالم حول الاستراتيجيات المستقبلية للسياسية النقدية، وهو الأمر الذي تطرقت له يلين في خطابها، حيث رجحت أن يؤثر انخفاض معدلات التضخم والإنتاجية وشيخوخة السكان على أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية بشكل أسرع في الشهور القليلة المقبلة مما سيزيد احتمالات الركود.
وحث رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو جون ويليامز، في مقال سابق هذا الشهر على إعادة النظر «بعناية» في استراتيجيات المركزي الفيدرالي، وذكر تحديدا إمكانية رفع التضخم في ظل تقلب البيانات الأميركية، بينما جادل ديفيد ريفشندر المستشار الخاص برؤساء الاحتياطي الفيدرالي في مذكرة، أنه حتى في حال حدوث ركود محدود، فسياسات شراء الأصول ينبغي أن تكون قادرة على التعويض في نطاق ما تسمح به استراتيجيات الاحتياطي الاتحادي للحد من تأثير الركود على المدى القصير.
وبدأت يلين بمراجعة أدوات الاحتياطي الفيدرالي والدفاع عن التقنيات المستخدمة بعد الأزمة المالية العالمية، بما في ذلك برامج شراء السندات وتعهدت بالإبقاء على أسعار فائدة منخفضة لفترة ممتدة آنذاك، وقالت يلين خلال كلمتها إنه ربما نحتاج هذه الأدوات مرة أخرى، فالركود المقبل قد يصل قبل ارتفاع أسعار الفائدة إلى مستويات لم نشهدها عادة خلال الانتعاش الاقتصادي، مضيفة «إننا نتوقع أن يكون هناك مساحة أقل لخفض أسعار الفائدة مما كان لدينا تاريخيا».
ومن دون أن تتبنى يلين وجهات نظر محددة في سياق خطابها، إلا أنها اعترفت أمام الاقتصاديين بما في ذلك مسؤولي مجلس الاحتياطي، أن هناك اقتراحا على طاولة المجلس للنظر في توسيع برنامج شراء الأصول، وإعادة الاستراتيجية مرة أخرى ورفع هدف التضخم، لكنها ردت «إن لجنة السوق المفتوحة لا تفكر بنشاط في هذه الأدوات الإضافية والأطر السياسية، رغم كونها مواضيع هامة للبحث».
وقال أندرو هنتر كبير الاقتصاديين في «كابيتال إيكونوميكس» في تعليقه على خطاب جانيت يلين أمس، إن الخطاب جاء متفقا مع توقعاتنا برفع سعر الفائدة الأميركية بحلول نهاية العام، «أعتقد أن احتمالات رفع الفائدة في سبتمبر قد زادت».
وأشار هنتر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن بيانات التوظيف لشهر أغسطس (آب) الحالي والتي من المقرر أن تصدر يوم الجمعة القادم ستظهر نوايا الفيدرالي الأخيرة: «فما زلت أرى أن معظم مسؤولي الاتحادي يريدون الانتظار حتى ديسمبر (كانون الأول) قبل رفع مقبل».



تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
TT

تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)
رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)

سجّل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك «لبنان والمهجر» التابع لـ«ستاندرد آند بورز» ارتفاعاً ملحوظاً في ديسمبر (كانون الأول) 2024، مسجلاً 48.8 نقطة، مما يعكس تحسناً واضحاً في الأوضاع الاقتصادية اللبنانية بعد انخفاض مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير في الشهر السابق.

كما شهدت الشركات اللبنانية تحسناً كبيراً في مستويات الثقة بمستقبل الأعمال إلى مستويات قياسية بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأظهرت المؤشرات الفرعية للمؤشر خلال الشهر الأخير من العام ارتفاعاً كبيراً، لا سيما في مؤشر الإنتاج المستقبلي. وقدمت الشركات المشاركة في المسح توقعات كانت الأكثر إيجابية في تاريخ المسح بشأن النشاط التجاري، مشيرةً إلى انتعاش النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً المقبلة مدعومةً بوقف إطلاق النار.

في الوقت نفسه، أظهر المسح انخفاضاً في معدلات الانكماش في مؤشرات الإنتاج، والطلبيات الجديدة، وطلبيات التصدير الجديدة، مما يعكس تحسناً جزئياً في بعض القطاعات الفرعية في الاقتصاد اللبناني. كما استقر مؤشر التوظيف بشكل عام، ولم تسجل مستويات المخزون أي تغييرات ملحوظة.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات للشهر الثاني على التوالي من 48.1 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر بواقع 48.8 نقطة في ديسمبر 2024. ومثَّلت هذه القراءة تعافياً لقراءة المؤشر من أدنى مستوى له في أربعة وأربعين شهراً في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وأشارت إلى أدنى تدهور في النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني منذ أبريل (نيسان) 2024.

وأشارت بيانات المسح إلى انخفاض مستوى النشاط التجاري في شركات القطاع الخاص اللبناني، رغم أن معدل الانخفاض تراجع إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2024. وتماشياً مع ذلك، سجل إجمالي الطلبيات الجديدة الانخفاض الأدنى في تسعة أشهر في الشهر الأخير من السنة. وفي كلتا الحالتين، تعد قراءتا هذين المؤشرين أعلى مما كانت عليه في أكتوبر من العام الماضي، بعد تصاعد الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل.

وتراجع معدل الانخفاض في طلبيات التصدير الجديدة بشكل حاد خلال فترة المسح الأخيرة، وكان معدل الانكماش الأدنى في عشرة أشهر. وأشار ذلك إلى انخفاض ملحوظ في معدل انكماش الأعمال الواردة من العملاء الدوليين.

وفي ضوء مؤشرات على تعافي ظروف المبيعات، قلَّصت شركات القطاع الخاص اللبناني من أنشطتها الشرائية بدرجة طفيفة في ديسمبر. وفي الواقع، لم يطرأ أي تغيير على مخزونات مستلزمات الإنتاج، مشيرةً إلى استقرار مستويات المخزون. وأشارت الأدلة المنقولة إلى تحسين بعض الشركات لمخزونها لتلبية الطلب المرتفع.

وشهدت أوضاع التوظيف في لبنان استقراراً خلال فترة المسح الأخيرة نظراً لعدم تسجيل أي تغيير في أعداد موظفي شركات القطاع الخاص اللبناني في ديسمبر. وفي المقابل، حافظت تكاليف الموظفين التي تتحملها الشركات اللبنانية على ثباتها. ورغم ذلك، أشارت البيانات الأخيرة إلى أن الضغوط على التكاليف كانت ناتجة عن ارتفاع أسعار الشراء. وأشار أعضاء اللجنة إلى زيادة أتعاب الموردين. ومع ذلك، كان معدل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الأدنى في ثلاثة أشهر.

ورفعت شركات القطاع الخاص اللبناني أسعار سلعها وخدماتها سعياً إلى تمرير أعباء النفقات التشغيلية المرتفعة إلى عملائها. وبما يتماشى مع اتجاه أسعار مستلزمات الإنتاج، تراجع معدل تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر.

وتعليقاً على نتائج مؤشر مديري المشتريات، قال حلمي مراد، محلل البحوث في بنك «لبنان والمهجر»: «من المثير للاهتمام أن الشركات المشاركة في المسح قدمت توقعات إيجابية بشأن النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، حيث سجل مؤشر الإنتاج المستقبلي أعلى قراءة بواقع 61.8 نقطة. وربطت الشركات التوقعات الإيجابية باتفاق وقف إطلاق النار بين (حزب الله) وإسرائيل، فيما كانت الآمال أن الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 9 يناير (كانون الثاني) 2025 ستسفر عن اختيار رئيس جمهورية جديد أحد العوامل التي ساهمت في تقديم التوقعات الإيجابية».

وأضاف: «نأمل أن يتبع ذلك تشكيل حكومة جديدة لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. ومن المشجع أيضاً أن تقرير البنك الدولي الأخير كشف عن أن خسائر النشاط الاقتصادي بسبب الحرب في لبنان، التي بلغت 4.2 مليار دولار، كانت أدنى من الخسائر المتوقعة سابقاً».