الحكومة التونسية الجديدة تواجه تحديات البطالة والعجز المالي

ستجد حكومة يوسف الشاهد، المعروضة حاليا على أعضاء البرلمان التونسي لنيل الثقة، نفسها في مواجهة عدة ملفات اقتصادية اجتماعية معقدة على رأسها مشكل بطالة أكثر من 600 ألف بالغ، إضافة إلى مشكلات التنمية، وعدم النجاح في القضاء على التفاوت الجهوي وارتفاع المديونية الخارجية وعدم تحقق التوازنات المالية الداخلية.
ومن المنتظر أن تبحث الحكومة التونسية عن حل على المدى القصير لسد عجز موازنة الدولة عبر اعتماد سياسة تقشّفية تشمل إعادة النظر في الانتدابات في القطاع العام ونظام التقاعد في الوظيفة العمومية، وضبط عجز الصناديق الاجتماعية، وضغط منظومة التعويض.
وعانى الاقتصاد التونسي خلال بداية السنة من انهيار العملة المحلية، إذ ارتفع سعر الدولار الأميركي إلى نحو 2.4 دينار تونسي، بعد أن كان في بداية السنة مقدرا بنحو 1.970 دينار، كما تراجعت العملة المحلية في مواجهة اليورو، وهو ما أثر على الميزان التجاري ورفع من أسعار الواردات التونسية، التي يستحوذ الاتحاد الأوروبي على 80 في المائة منها، في حين لم تتجاوز نسبة نمو الصادرات الـ3 في المائة.
ولم تتجاوز نسبة النمو في النصف الأول من السنة حدود 1.5 في المائة، وهي أقل من التوقعات الأولية التي تحدثت عن نمو بـ2.5 في المائة على الأقل، وهو ما أثر على نسبة استيعاب العاطلين عن العمل، خصوصا من الشباب، وهو ما جعل هامش تحرك الحكومات التي تعاقبت بعد ثورة 2011 ضعيفا للغاية.
وقدرت نسبة البطالة في تونس بنسبة 15.6 في المائة، خلال الربع الثاني من السنة الحالية ويوجد في تونس حاليا 629.6 ألف عاطل عن العمل من مجموع السكان الناشطين المُقدر بنحو 4 ملايين و47 ألف شخص.
وتتطلب هذه النسبة من البطالة تحقيق نسبة نمو لا تقل عن 6 أو 7 في المائة لضمان تشغيل أكبر عدد ممكن من العاطلين. وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي، مراد الحطاب، إن الدولة التونسية مطالبة بتسريح نحو 20 في المائة من موظفي القطاع العام إذا أرادت بالفعل تخفيض كتلة الأجور التي ارتفعت خلال السنوات الأخيرة نتيجة آلاف الانتدابات التي اندرجت ضمن قانون العفو التشريعي العام، وأضاف الحطاب في حال تنفيذ هذا القرار فإن الإنفاق العام سيتقلص بنسبة 20 في المائة، وهو أحد المطالب المهمة التي يرفعها صندوق النقد الدولي للموافقة على تنفيذ تعهدات سابقة بتمكين تونس من الحصول على القروض الضرورية لاستعادة المبادرة الاقتصادية.
ومنذ ثورة 2011، ارتفعت كتلة الديون من نحو 25 مليار دينار تونسي (نحو 11.2 مليار يورو) إلى 50.3 مليار دينار، أي ما يقارب (22.6 مليار يورو)، وتمثل هذه المديونية ما لا يقل عن 53 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهو وضع يهدد بمزيد من التدهور والتباطؤ الاقتصادي الذي يعرفه الاقتصاد التونسي خلال هذه الفترة.
وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي، معز الجودي، إن غياب وزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية التي أعلن عنها يوسف الشاهد «أمر سلبي في وقت تحتاج فيه البلاد إلى قطب اقتصادي يضم وزارات المالية والتنمية والاستثمار، ليكون إصلاح ومعالجة الإشكاليات الاقتصادية أمرا سهلا وممكنا».
وأضاف الجودي أن الحكومة مطالبة في القريب العاجل بإعداد قانون مالية تكميلي لسنة 2016 لأن الموارد المالية الحالية للدولة الخاصة بـ2016 قد انتهت ويجب توفير موارد مالية جديدة، وهو أمر يتطلب دقة في الاختيارات وحنكة في قراءة الواقع الاقتصادي والاجتماعي.
وتراجع أداء الاقتصاد التونسي خلال السنوات الأخيرة، ولم تتجاوز نسبة النمو 1 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي، في حين توقع البنك المركزي التونسي، قبل أيام، أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي في البلاد للعام الحالي، حدود 1.3 في المائة، مقارنة مع نمو فعلي نسبته 0.8 في المائة للعام الماضي.