في الوقت الذي يتوقع فيه بعض المعلقين تغيرا مفاجئا في السياسية التركية تجاه سوريا في صالح الموقفين الإيراني والروسي، شنت صحيفة «كيهان» اليومية الإيرانية، أمس، هجوما عنيفا على أنقرة، متهمة إياها باتباع «أجندة أجنبية» في سوريا.
وتزعم الصحيفة، المعروفة بتبنيها آراء المرشد الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي، أن تركيا تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في سوريا لمساندة القوات المعتدلة المناوئة لبشار الأسد، وأيضا لمنع أكراد سوريا من إيجاد دويلات صغيرة مستقلة لهم على الحدود.
وتزعم صحيفة «كيهان» أن التدخل العسكري التركي يهدف إلى «إعطاء صبغة شرعية لتواجد ما يسمى بقوات المعارضة السورية المعتدلة، مثل الجماعة الإرهابية المسماة الجيش السوري الحر» بحسب تعبير الصحيفة.
وترى صحيفة «كيهان» أيضا أن قرار تركيا إبلاغ روسيا بعملياتها العسكرية في سوريا هو مجرد خدعة: «فبسبب خوفها من رد الفعل الروسي، لا تفضل تركيا أن تبادر بعمل عسكري من دون إبلاغ موسكو»، بحسب الصحيفة. وهذا هو السبب في أن أنقرة تبنت «سياسية الوجهين» تجاه سوريا، في إشارة إلى تطبيع للعلاقات مع الرئيس بشار الأسد، لكنها، في الحقيقة، وفرت درعا واقيا لخصومه.
وتزعم صحيفة «كيهان» كذلك أن توقيت شن تركيا هجومها العسكري الذي تزامن مع وصول نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أنقرة في زيارة رسمية: «لم يكن مصادفة».
تقول الصحيفة اليومية إن «الوقت وحده كفيل» بأن يظهر سعي تركيا لتغيير الوضع السياسي في سوريا. فبحسب محللين إيرانيين، لم تتوقع إيران شروع تركيا في تدخل عسكري مباشر في سوريا، وهو إجراء من شأنه أن يعلي من أسهم أنقرة في أي قرار قد يصدر لتحديد مصير سوريا، الدولة العربية التي أنهكتها الحرب.
ولا تزال إيران الدولة الأجنبية الوحيدة التي تتدخل عسكريا بشكل مباشر في سوريا، بحسب المحلل الإيراني ناصر زماني، مضيفا أن «أغلب هذا الوجود جرى من خلال مقاتلي (حزب الله) اللبناني وأفغانستان والعراق وباكستان وغيرهم من المرتزقة الأجانب، بالإضافة إلى بضع آلاف ممن يطلق عليهم (متطوعين) قدموا من إيران. لكن لا يشك أحد في أن إيران تواجدت بشكل مباشر. فمن شأن التدخل التركي أن ينهي احتكار إيران في هذا الخصوص».
على مدار الأسابيع القليلة الماضية وبعد تكبد خسائر فادحة في المعارك داخل وحول حلب، فرض مهندسو المعارك الإيرانيين، ما أطلق عليه الجنرال محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني «حصارا عسكريا» على امتداد الخط الذي يخترق أجزاء في وسط سوريا، تحديدا من دمشق إلى حلب. ويبدو الآن أن تركيا تحاول أيضا إيجاد بديل للمثلث الناتئ الذي يربط حدودها بمدينة حلب.
وعكست التصريحات التي أدلى بها علاء الدين بورجوردي، عضو المجلس الإسلامي ورئيس لجنة الأمن القومي بها، عدم رضا طهران عن نشاطات تركيا مؤخرا.
«مر أكثر من عام منذ تأسيسنا غرفة عمليات خاصة مع إيران وروسيا وسوريا والعراق، بوصفنا جميعا أعضاء بالغرفة، لتنسيق السياسات في سوريا»، وفق بورجيردي في مقابلة شخصية نشرتها وكالة الأنباء الرسمية «إيرنا» بداية الأسبوع الحالي.
فبحسب بورجيردي، فإن «غرفة العمليات»، مثلت جبهة المقاومة التي تقودها إيران ضد جبهة الغطرسة التي تقودها الولايات المتحدة وتضم تركيا والدول العربية.
ووفق مهرداد فرهماند، محلل متخصص في شؤون الشرق الأوسط بهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، قد تكون تركيا وصلت لاتفاق مع روسيا للسماح للرئيس الأسد بالبقاء في دمشق عاما آخر، مقابل قبول موسكو لتدخل أنقرة عسكريا في شمال سوريا. ووفق محللين، هناك فكرتان في ذهن طهران بشأن النشاط التركي الجديد في سوريا، فمن ناحية، تشعر كل من إيران وتركيا بقلق من التحركات الانفصالية الكردية التي قد تؤثر يوما ما على أكراد إيران البالغ عددهم 4.5 مليون. ومن ناحية أخرى، ففي الوقت الذي تحالفت فيه تركيا مع القائد الكردي العراقي مسعود برزاني، القريب أيضا من الولايات المتحدة، فإن إيران تدعم منافسيه في الاتحاد الوطني الكردستاني.
ومما زاد الأمر تعقيدا، غض تركيا الطرف عن حزب الحياة الحرة الكردستاني، وهو الجناح الإيراني لحزب العمال الكردستاني، عند مهاجمته أهدافا في إيران. وفي المقابل، تسمح إيران لحزب العمال الكردستاني باتخاذ الحدود الإيرانية من الداخل ملاذا شبه آمن.
إن أدرت المنظار قليلا ستشاهد أكراد سوريا الذين يتعاونون مع الأسد حتى الآن، والذين دعمتهم الولايات المتحدة مؤخرا، عرضة للبقاء في عزلة من جميع الاتجاهات.
فبحسب المحلل السياسي حميد زمردي: «قدمت إيران نفسها باعتبارها حامية الأقليات، وتحديدا العلويين في سوريا»، مضيفا أن «تركيا، على النقيض، تسعى للظهور على أنها حامية للأغلبية السنية. وبالنسبة لإيران، فإن خسارتها للأسد تعني المهانة، وبالنسبة لتركيا، فإن السماح باستمرار الأسد في السلطة لأكثر من بضعة أشهر، يعني الهزيمة».
8:58 دقيقه
التدخل التركي في سوريا يقلق إيران
https://aawsat.com/home/article/723221/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%8A%D9%82%D9%84%D9%82-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86
التدخل التركي في سوريا يقلق إيران
صحيفة «كيهان» شنت هجومًا عنيفًا على أنقرة واتهمتها باتباع «أجندة أجنبية»
- لندن: أمير طاهري
- لندن: أمير طاهري
التدخل التركي في سوريا يقلق إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة



