الأزمة الاقتصادية الروسية تخنق «سوق السيارات»

تبقى واحدة من أهم الأسواق الاستهلاكية عالميًا رغم التراجع

الأزمة الاقتصادية تسببت في تراجع سوق السيارات الروسية بيعا وإنتاجا (رويترز)
الأزمة الاقتصادية تسببت في تراجع سوق السيارات الروسية بيعا وإنتاجا (رويترز)
TT

الأزمة الاقتصادية الروسية تخنق «سوق السيارات»

الأزمة الاقتصادية تسببت في تراجع سوق السيارات الروسية بيعا وإنتاجا (رويترز)
الأزمة الاقتصادية تسببت في تراجع سوق السيارات الروسية بيعا وإنتاجا (رويترز)

تعرضت قطاعات واسعة من الاقتصاد الروسي لضربة مؤلمة نتيجة الأزمة الاقتصادية وهبوط أسعار النفط، التي ترافقت مع العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية، ولم يكن قطاع صناعة وتجميع السيارات في روسيا الاتحادية بمنأى عن هذا المشهد العام، إذ بدأت أثار الأزمة تظهر بشكل واضح على نشاط هذا القطاع، والأمر لم يتوقف على الإنتاج الذي تقلص نتيجة انسحاب عدد من كبرى شركات تصنيع السيارات العالمية من السوق الروسية، بل ويشمل حركة السوق، حيث تسبب تراجع دخل المواطنين في تراجع في حركة بيع وشراء السيارات الجديدة والمستعملة على حد سواء.
وفي آخر تعليق رسمي على نشاط سوق السيارات الروسي للعام الحالي، قال دينيس مانتوروف، وزير الصناعة والتجارة الروسي في حديث للصحافيين أول من أمس إن سوق السيارات المحلي قد يسجل تراجعا هذا العام يصل إلى 10 في المائة، موضحًا أن «حركة بيع السيارات في روسيا هذا العام ستسجل تراجعا يقدر تقريبا بنسبة 10 في المائة. أما في مجال الإنتاج؛ فإن الوضع سيكون متفاوتا بين مجال وآخر. على سبيل المثال هناك زيادة في مجال إنتاج سيارات الشحن، وبصورة خاصة من ماركة (كاماز)»، معربا عن اعتقاده بإمكانية عودة الاستقرار إلى سوق السيارات خلال العام القادم.
وتتوافق المعطيات التي أشار إليها الوزير الروسي مع توقعات اتحاد الشركات الأوروبية للسيارات، والذي كان قد توقع تراجع سوق السيارات الروسي خلال عام 2016 بقدر 10.3 في المائة، مقارنة مع مستويات المبيع عام 2015، ويقول الاتحاد إن المبيع هذا العام في روسيا لن يزيد على 1.44 مليون سيارة.
وكان مجلس الخبراء التابع للجنة مجلس الدوما المتخصصة في مجال الصناعات والتحديث التقني لمجمع صناعة السيارات قد عقد اجتماعا لمناقشة الوضع في سوق السيارات والإنتاج في روسيا. وخلال ذلك الاجتماع أعلن ألكسندر موروزوف، نائب وزير الصناعة والتجارة أن سوق السيارات قد يستهلك عام 2016 قرابة 1.5 مليون سيارة بحال توفر الدعم الحكومي، وإن لم يتوفر ذلك الدعم فلن تزيد مبيعات السوق عن 980 ألف سيارة، محذرا من أن عدم تنفيذ تدابير تم اقتراحها لدعم سوق السيارات في روسيا قد يؤدي إلى استمرار تراجع حجم المبيعات، بينما سيتراجع مستوى طلب السوق على عروض الشركات المنتجة للسيارات إلى ما دون 30 في المائة، موضحًا أن روسيا تمتلك قدرة إنتاج سنوية تقدر بـ3.5 مليون سيارة سنويا، وأن حجم الطلب على إجمالي الإنتاج الروسي بلغ العام الماضي 40 في المائة فقط.
تجدر الإشارة إلى أن سوق السيارات الخفيفة العادية والفاخرة في روسيا كانت قد تعرضت لهزة قوية في بداية الأزمة الحالية، وتحديدًا عامي 2014 - 2015، وذلك حين سجلت مبيعات العلامات العالمية الكبرى تراجعا في السوق، الأمر الذي دفع كبار منتجي السيارات في العالم إلى إغلاق مصانعهم في روسيا.
وكانت مجموعة «جنرال موتورز» قد قررت في ربيع عام 2015 مغادرة السوق الروسية، وأغلقت مجموعة إنتاج ماركة «أوبل» وكل أنواع السيارات من ماركة «شيفروليه»، وذلك على خلفية التراجع الكبير على مبيعات تلك الماركات في روسيا.
ونتيجة ذلك القرار تم إغلاق عدد كبير من مصانع السيارات التابعة للمجموعة، ومنها المصانع في مدن بطرسبورغ وكاليننغراد ونيجني نوفغورود، إلا أن «جنرال موتورز» أبقت على التصنيع المشترك مع شركة «أفتو فاز» الروسية للسيارة من موديل «شيفروليه - نيفا». ويبدو أن المجموعة كانت مضطرة لاتخاذ ذلك القرار، إذ تؤكد معطيات اتحاد الشركات الأوروبية لصناعة السيارات أن مبيعات ماركة «أوبل» خلال أول شهرين من عام 2015 تراجعت، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2014، بقدر 5.5 مرة، أي حتى ألفي سيارة فقط، بينما تراجعت مبيعات ماركة «شيفروليه» بقدر 3.5 مرة، وبلغت 6300 سيارة فقط.
ورغم شهرة تلك الماركات وتفضيل المواطنين الروس لها عن غيرها، فإن مستوى الطلب عليها بدأ يتراجع منذ عام 2013، بينما لم يقتني سيارة ماركة «أوبل» مطلع عام 2014 سوى 33 ألف مواطن روسي.
في العام ذاته جمدت شركة «سانغ يونغ» الكورية الجنوبية صادراتها إلى السوق الروسية، مبررة قرارها بتراجع سعر صرف الروبل الروسي، ومعلنة عن نيتها استئناف التصدير إلى روسيا عندما يستعيد الروبل عافيته.
وكانت روسيا تشكل إحدى أهم أسواق تصريف منتجات الشركة الكورية الجنوبية، إلا أن مستوى المبيعات تراجع عام 2014 بنسبة 41 في المائة، من 35.7 ألف سيارة عام 2013، حتى 21.2 ألف سيارة عام 2014، وفي العام التالي 2015 تراجع حجم المبيعات بنسبة 61 في المائة، أي 1294 سيارة فقط.
إلا أن الأمور كانت أسوأ بكثير بالنسبة للماركات الفرنسية «بيجو» و«سيتروين»، التي تراجع حجم مبيعاتها في روسيا عام 2015 بنسبة 84 في المائة للماركة الأولى، و83 في المائة للماركة الثانية، وهو تراجع للمبيعات بست مرات مقارنة بالسنوات السابقة.. إلا أن «سيتروين» أعربت عن رغبتها بالبقاء، موضحة أن «السوق الروسية تشكل أهمية استراتيجية بالنسبة لنا»، أما «بيجو» فقد أعلن ممثلها عن تخفيض عدد الموديلات المطروحة في السوق الروسية.
ولم تكن الأمور أفضل بالنسبة لشركة «فولفو» التي اضطرت تحت تأثير الأزمة التي تعصف بالاقتصاد الروسي إلى إغلاق مصنعها في مدينة «كالوغا» في روسيا. وفي شهر مارس (آذار) عام 2015 أصدرت الشركة بيانا قالت فيه: «نظرًا للوضع الصعب الذي يمر به الاقتصاد (الروسي)، وبسبب تراجع الطلب على السيارات، فإن إدارة مجموعة فولفو قد قررت وقف الإنتاج مؤقتا في مصنع كالوغا».
وإذا كانت قرارات تلك الشركات بوقف العمل في روسيا خطوة اضطرارية جاء بعضها كنتيجة مباشرة للأزمة التي تعصف بالاقتصاد الروسي، بينما لم يكن البعض الآخر بعيدًا عن السياسة والعقوبات الغربية ضد روسيا التي شكلت عقبة أمام استيراد تلك الشركات للتقنيات الضرورية، فضلا عن عقبات في تعاملاتها المالية، فإن السوق الروسية ما زالت مشبعة بمختلف الموديلات من جميع الماركات، وما زالت أسواقها من أكبر الأسواق العالمية استيعابا واستهلاكا لإنتاج مجمعات صناعة السيارات.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.