اعتقال مسؤول في الفريق النووي الإيراني بتهمة التجسس.. ضربة لروحاني

نائب في البرلمان: اعتُقل عندما كان يرافق ظريف في زيارة أنقرة.. والخارجية تنفي

المسؤول المالي في الفريق النووي المفاوض عبد الرسول دري أصفهاني الموقوف بتهمة التجسس (بارس نيوز)
المسؤول المالي في الفريق النووي المفاوض عبد الرسول دري أصفهاني الموقوف بتهمة التجسس (بارس نيوز)
TT

اعتقال مسؤول في الفريق النووي الإيراني بتهمة التجسس.. ضربة لروحاني

المسؤول المالي في الفريق النووي المفاوض عبد الرسول دري أصفهاني الموقوف بتهمة التجسس (بارس نيوز)
المسؤول المالي في الفريق النووي المفاوض عبد الرسول دري أصفهاني الموقوف بتهمة التجسس (بارس نيوز)

كشفت مصادر إعلامية مقربة من الحرس الثوري الإيراني اعتقال المسؤول المالي في الفريق المفاوض النووي، عبد الرسول دري أصفهاني، لحظة مرافقته وزير الخارجية محمد جواد ظريف في زيارته الأخيرة إلى أنقرة، بتهمة التجسس لدول غربية، فيما رفضت الخارجية الإيرانية للمرة الثانية خلال الأيام الثلاثة الماضية التقارير حول اعتقال مسؤول رفيع في لجنة تنفيذ الاتفاق النووي.
واتسع الجدل خلال اليومين الماضيين حول هوية المسؤول المتهم بالتجسس لصالح الدول الغربية، فيما اعتبرته الحكومة محاولات جديدة تستهدف الرئيس الإيراني. هذا ونشرت وكالة «نسيم أونلاين» المقربة من الحرس الثوري تفاصيل جديدة عن هوية المواطن المزدوج الجنسية المعتقل في إيران، وأضافت الوكالة أنه «فضلاً عن نشاطه الاقتصادي في الحكومة والقطاع الخاص، فهو مسؤول في الفريق المفاوض النووي، ومسؤول بإحدى المؤسسات المالية».
بدوره كشف مساعد قسم الأبحاث في وكالة «فارس»، ياسر جبرائيلي، عبر حسابه الشخصي عبر تطبيق «تيليغرام» أن المعتقل بتهم التجسس هو المسؤول المالي في الفريق المفاوض النووي عبد الرسول دري أصفهاني الذي يحمل الجنسية البريطانية.
في غضون ذلك قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، إن ما ذكره البرلماني كريم قدوسي حول اعتقال أحد أعضاء الفريق المفاوض النووي الحالي «ادعاءات فارغة وبلا أساس.. وكذب ومغالطات».
وانتقد قاسمي بشدة عددًا من البرلمانيين وعلى رأسهم النائب عن مدينة مشهد؛ بسبب ما اعتبره مواقف «مستعجلة» و«غير مدروسة» تجاه «سفر سياسي». وتابع أنه «بلا ريب أن الأسباب الخفية والظاهرة وراء هذه التصريحات السخيفة معروفة وواضحة». وأضاف قاسمي أن الخارجية الإيرانية «تأخذ المصالح القومية للنظام بعين الاعتبار، ولا تنوي الانجراف وراء الأكاذيب الوهمية والألاعيب السياسية».
وأفاد قاسمي أن «الحكومة تؤكد أنه يجب ألا يضحي البعض بالمصالح والأمن القومي من أجل غايات حزبية عابرة وشخصية»، وفق ما نقلت عنه وكالة «إيسنا».
بعد ساعات من تعليق الخارجية الإيرانية خرج أصفهاني إلى وسائل الإعلام لنفي اعتقاله، لكن موقع «نسيم أونلاين» أكد أن أصفهاني «أفرج عنه بشكل مؤقت مقابل كفالة مالية وبعد تجاوز المراحل القانونية».
من جانبه كشف ممثل مدينة مشهد، جواد كريمي قدوسي، في حوار مع مجلة «رمز عبور» أن اصفهاني اعتقل في لحظة توجه وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى تركيا. وفق رواية قدوسي أن أصفهاني «كان ضمن الوفد المرافق لظريف لكن أوامر من الجهات العليا منعته من مغادرة الطائرة لدى وصول ظريف إلى أنقرة وأعيد إلى طهران». وتابع قدوسي أن «أميركا تدفع شهريًا نحو 7500 بوند بسبب نشاطه التجسسي في الفريق المفاوض النووي».
بدوره ذكر موقع «دانا» التابع لوكالة «فارس» أن أصفهاني كان «مستشار التنسيق الدولي في أكبر الوزارات الإيرانية»، لكن قدوسي ذكر أن أصفهاني كان موظفًا في لجنة الخزانة الأميركية، وبعد الثورة في 1979 عمل في وزارة الدفاع الإيرانية، وأصبح مسؤولاً عن ملف الأموال الإيرانية المحتجزة في أميركا»، ولفت قدوسي إلى أن أصفهاني هاجر إلى كندا بعد طرده من وزارة الدفاع بسبب «تساهله في العمل».
وبحسب قدوسي فإن أصفهاني عاد إلى إيران بعد وصول روحاني إلى الرئاسة، وعمل مستشارًا لرئيس البنك المركزي الإيراني، وتابع أنه عمل ضمن مجموعة مساعد وزير الخارجية حميد بعيدي نجاد في الفريق المفاوض النووي.
وكان أصفهاني كشف في حوار سابق مع صحيفة «دنياي اقتصاد» أنه «عمل في محكمة لاهاي، ولعب دورًا كبيرًا في التعويض الذي حصلت عليه إيران من بريطانيا مقابل تراجعها عن صفقة دبابات تشيفتن».
لكن المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام إيرانية أن التهم الموجهة إلى أصفهاني هي تلقي مبالغ مالية من مؤسسات أميركية وأخرى بريطانية، مقابل تقديم معلومات مالية واقتصادية حساسة في إيران. وأضافت المصادر أن أصفهاني مستشار وعضو مجلس إدارة بعض البنوك، ويعد أحد المشتبه في تورطهم في قضية الرواتب الفلكية.
ولم تعد المرة الأولى التي تعتقل إيران خلالها أعضاء في الفريق المفاوض النووي، وكانت مخابرات الحرس الثوري بين عامي 2009 و2010 اعتقلت عددًا من الفريق المفاوض النووي الأسبق عندما كان حسن روحاني أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي والملف النووي. تلك الاعتقالات طالت عددًا من الدبلوماسيين والخبراء في الفريق المفاوض النووي، قبل أن تسقط المخابرات الإيرانية.
وإذا ما صحت التقارير فإن ما حدث يعتبر ضربة قوية أخرى يتلقاها حسن روحاني في وقت يقترب من تقديم أوراقه الانتخابية لفترة رئاسية ثانية منتصف الربيع المقبل.
في 16 أغسطس (آب) أعلن المدعي العام، عباس جعفري دولت آبادي، أن إيران احتجزت مواطنًا مزدوج الجنسية في طهران في بداية الشهر الحالي لصلته بالمخابرات البريطانية، ونقلت وكالة «إيرنا» الرسمية عن جعفري دولت أبادي قوله إن المتهم «يعمل في قطاع اقتصادي له صلة بإيران».‬‬
لم يتضح بعد هوية المتهم ولا جنسيته الثانية، لكن جعفري آبادي ذكر أن الاحتجاز يأتي في إطار حملة، على ما وصفه مسؤولون بأنه «تسلل غربي».‬‬
بدورها قالت الخارجية البريطانية إنها تحاول معرفة المزيد عن اعتقال مواطن يحمل الجنسيتين البريطانية والإيرانية، وتتهمه إيران بأن له علاقات مع أجهزة مخابرات بريطانية .‬‬وجاء الإعلان الإيراني بعد أسبوع من محادثة هاتفية عبرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن قلقها للرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن احتجاز مواطنين إيرانيين يحملون الجنسية البريطانية‪.‬‬
من جانبه أكد عضو البرلمان السابق والمقرب من الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عبر حسابه الشخصي في انستغرام اعتقال المسؤول المالي في الفريق المفاوض النووي قائلا إن «رئيس أهم لجنة في الفريق المفاوض النووي وممثل البنك المركزي الإيراني يتلقى 350 مليون ريال (30 ألف دولار)».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».