ميثاق عمل دعوي لعلماء اليمن يضع آلية للتعامل الشرعي مع مسائل الخلاف

يحمل صفة الإلزام للموقعين عليه ويهدف إلى سد أبواب الفتن

العلماء اليمنيون لدى اجتماعهم لتوقيع الميثاق في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
العلماء اليمنيون لدى اجتماعهم لتوقيع الميثاق في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
TT

ميثاق عمل دعوي لعلماء اليمن يضع آلية للتعامل الشرعي مع مسائل الخلاف

العلماء اليمنيون لدى اجتماعهم لتوقيع الميثاق في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)
العلماء اليمنيون لدى اجتماعهم لتوقيع الميثاق في الرياض أمس («الشرق الأوسط»)

وقّع كبار علماء اليمن الذين يمثلون مختلف المدارس الفقهية، والمكونات الدعوية، على ميثاق العمل الدعوي بينهم، مساء أمس، وذلك في مقر وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية في الرياض.
وجاء الميثاق انطلاقًا من النصوص الشرعية والقواعد العلمية الموجبة للائتلاف ونبْذ الفُرقة والاختلاف، واستشعارًا لما تمرّ به الأمة من أزمات ومخاطر، وقيامًا بما أوجبه الله على أهل العلم من سد أبواب الفتن ما أمكن، وتطلُعًا إلى مستقبل أفضل تسود فيه المودّة والأُلْفة بين العاملين في الساحة الدعوية باليمن.
وبحسب بيان عن الموقعين على الميثاق أمس، فإن الميثاق يهدف إلى الحفاظ على توحيد الصف، واجتماع الكلمة، وتنسيق الجهود لحماية الدعوة من التصدعات الداخلية والمؤامرات الخارجية، ووضع آلية للتعامل الشرعي مع مسائل الخلاف، وتحقيق التعاون والتكامل لنصرة الدين، وترسيخ مبدأ التناصح والتحاور بالتي هي أحسن، وكذلك السعي لتنسيق الجهود، وتقارب الرؤى ووجهات النظر بين الهيئات العلمية، والأحزاب السياسية، والجمعيات الخيرية بما يحقق مقاصد الدين، ومصالح الأمة العامة والخاصة، والحثّ على مراجعة وتطوير مناهج التعليم وأساليب التربية لدى المدارس الدعوية وتهذيبها على هدْي الكتاب والسنة، بما يساعد على بناء جيل متمسك بالحق، بعيد عن التعصب المذموم بجميع صوره.
ويؤكد الميثاق على تعزيز منهج الوسطية والاعتدال بالمعنى الشرعي في طلب العلم والتعليم، ووسائل التربية والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي جميع الأحوال، مع التحذير من مناهج الإفراط والتفريط، وأن الخلاف في الفروع غير الـمُــجْمع عليها لا يجوز أن يكون سببا للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة أو بغضاء، أو يُبْنى عليه ولاءٌ أو براء، ولكل مجتهد أجره.
وتعاهد العلماء الموقعون على الميثاق على جمع الكلمة على الحق، وتنمية روح التعاون على البر والتقوى بين العلماء والدعاة، والعمل على تعزيز ائتلاف وتوافق اليمنيين، وتعزيز انتمائهم لدينهم ووطنهم وأمتهم، وفق منهج أهل السنة والجماعة.
وأكدوا الاحترام المتبادل بين الجميع، وترك التجريح المبني على الظنون والأهواء، والابتعاد عن الهيمنة والإقصاء للآخر، وتجنُب مفسدات الأُخُوة.
ويحمل الميثاق صفة الإلزام للموقعين عليه، ومن يليهم من العلماء والدعاة، ولغيرهم الحق في الإفادة منه؛ بشرط ألا يخرجه عن سياقه، ولا يؤثر على مساره، وهو دعوة للتعاون والتكامل، لا دعوة إلى الذوبان والتآكل، ولا يرفض الخصوصيات لأي مُكون ما لم تخالف نصًّا محكمًا، أو أمرًا أجمع على خلافه أهل السنة والجماعة، فإن ورد فيه خطأ أو زلل؛ فيشفع لذلك سلامة المقصد وسمو الهدف.
ووفقًا للبيان «جاء الميثاق لمعالجة كل التباينات بين أبناء الإسلام المتمسكين بالكتاب والسنة، على طريقة السلف الصالح، وفيه موجباتُ حماية الأمة حاضرًا ومستقبلاً من أسباب الفشل والتنازع الذي حذر الله تعالى منه».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.