وضع علامات «درب الأردن» لتسهيل رحلات المسير الجبلي

مفهوم جديد لسياحة المغامرة في أكثر من 52 قرية ومدينة

من المتوقع أن يجذب «درب الأردن» المزيد من السُياح المغامرين إلى البلاد فور الانتهاء من وضع العلامات
من المتوقع أن يجذب «درب الأردن» المزيد من السُياح المغامرين إلى البلاد فور الانتهاء من وضع العلامات
TT

وضع علامات «درب الأردن» لتسهيل رحلات المسير الجبلي

من المتوقع أن يجذب «درب الأردن» المزيد من السُياح المغامرين إلى البلاد فور الانتهاء من وضع العلامات
من المتوقع أن يجذب «درب الأردن» المزيد من السُياح المغامرين إلى البلاد فور الانتهاء من وضع العلامات

وضع مجموعة من المتطوعين يمثلون مجتمع «سياحة المغامرة» في الأردن، أمس، العلامات على 3 كيلومترات من أصل 650 كيلومترا من ما يُعرف بـ«درب الأردن». وتهدف عملية وضع العلامات على طول الدرب التي انطلقت من منطقة «أم قيس» الأثرية (شمال الأردن)، نقطة البداية الأساسية للدرب، إلى مساعدة المُشاة للتعرف على المواقع والاتجاهات خلال رحلة المسير الجبلي، المعروفة بالـ«الهايكنغ». ويُتوقع استكمال وضع العلامات على الدرب الذي تقوم بإدارته جمعية «درب الأردن» مع نهاية عام 2018.
وقد تأسست جمعية «درب الأردن» عام 2015، وهي منظمة غير حكومية تُخطط للعمل عن كثب مع المجتمعات المحلية فيما يزيد على 52 من القرى والمُدن الموجودة على طول الدرب، الذي ينتهي في مدينة العقبة (جنوب الأردن)، لتدريب الأدلاء المحلين، وللمساعدة في إقامة المبيت والخدمات على طول الطريق.
ومن جانبها، قالت وزيرة السياحة والآثار الأردنية لينا عناب، خلال مشاركتها في الفعالية، أمس، إن «دور المجتمعات المحلية يعد محوريا في تطوير هذا المشروع السياحي الوطني»، موضحة: «إن الدرب يأخذ السياح إلى مناطق خارج خارطة السياحة الكلاسيكية، مما يخلق فرص عمل، ويوفر مساحة لبدء المشاريع السياحية في المجتمعات».
كما عبرت عناب عن سعادتها لما شهدته من «عمل المجتمعات المختلفة مع بعضها بعضا، تحت رعاية جمعية (درب الأردن)، وكذلك مع الشركات الداعمة والمتطوعين، وتبادل المعرفة والمهارات القائم بين المجتمعات المحلية، مما سيساهم في إثراء تجربة السكان المحليين والمتجولين على حد سواء».
وأشادت عناب بالدرب، مبينة أنه يعتبر «طريقة مميزة لرؤية كنوز الأردن التاريخية والطبيعية، ولتزويد السياح برؤية معمقة للأردن وشعبها، خارج إطار المواقع السياحية التقليدية».
ومن المتوقع أن يجذب درب الأردن المزيد من السُياح المغامرين إلى البلاد فور الانتهاء من وضع العلامات بشكل كامل.
وتعتبر «سياحة المغامرة» من الأسواق المتخصصة في السياحة العالمية التي شهدت إقبالا واسعا، على الرغم من الأحداث الإقليمية التي أثرت على قطاع السياحة في الأردن.
وبدورها، قالت رئيسة جمعية «درب الأردن»، منى حداد: «إن عملية تطوير مسار بهذا الحجم تأخذ سنوات كثيرة، ونحن نعمل على استراتيجيات طويلة المدى لتسهيل الوصول إلى الدرب، والتعاون مع وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة لتسويق الدرب، وإشراك جميع أصحاب المصلحة في تطوير الخدمات التي يحتاجها المُشاة على طول الطريق. وإن جمعية (درب الأردن) حريصة على إرساء أسس لجمعية مُستدامة تقود تطوير سوق سياحة المغامرات في الأردن».
وأضافت حداد: «نحن فخورون جدا بالجهود التي يتم التطوع بها في تطوير الطريق، حيث كان هناك أكثر من 100 متطوع مكرسين لوضع الخرائط، والآن لوضع علامات الدرب، على مدى السنوات الأربع الماضية، متبرعين بوقتهم وجهدهم ومواردهم لجعل حلم الكثيرين واقعا».
وقد حصلت جمعية «درب الأردن» على دعم من مشروع الأفضل، التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بما في ذلك وضع العلامات على أول قسم تجريبي من الدرب، بالإضافة إلى شركات محلية ودولية، بما فيها شركة النقليات السياحية «جت»، و«النجمة الدليلة» للسياحة، وشركة «بركة»، وفنادق «لاندمارك»، و«إيرنست أند يونغ»، وشركة «زارا» للاستثمار القابضة، و«خوري» للتقاضي، بالإضافة إلى مساهمات خاصة من أعضاء الجمعية العامة لـ«درب الأردن».
ويشارك أعضاء مجلس إدارة «درب الأردن» بشكل رئيسي في أنشطة وضع العلامات على طول الدرب، علما بأن المجلس قائم على أسس تطوعية بشكل كامل. وقد قام ما يزيد على 40 متطوعا بترسيم ما يعرف حاليا بـ«درب الأردن» خلال عام 2012 - 2015. والدرب مسار يبلغ 650 كيلومترا، يعبر الأردن من «أم قيس» إلى «العقبة»، مرورا بـ52 قرية ومدينة، ويستعرض المناظر الطبيعية الخلابة المختلفة والتنوع البيولوجي والتاريخ والثقافة المحلية.
واعتمد اختيار المسار على معايير محددة، تضمنت ما يزيد على خمسين متغيرا، وعلى الرغم من أن المسارات حيوية بصفة عامة، فإنه تم وضع المسار النهائي في عام 2015.
وينقسم الدرب إلى ثمانية أقسام، يمثل كل منها منطقة جغرافية مميزة، ويتضمن كل قطاع منه سير جبلي لمدة أربعة إلى خمسة أيام، ويستغرق المضي بالدرب بأكمله ما بين 36 إلى 40 يوما من المسير، ويمكن الوصول إلى الدرب بشكل كامل والاستمتاع بقطاعات فرعية قصيرة منه لمدة يوم واحد، في حين قد يرغب البعض بالمسير في الدرب بأكمله.
ويتم إدارة «درب الأردن» من قبل جمعية «درب الأردن»، وهي منظمة غير حكومية أسست في عام 2015، ويقودها مجلس إدارة من المتطوعين يتم انتخابهم من قبل الجمعية العمومية، ويعمل فيها فريق إداري متخصص.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».