منزل جمال عبد الناصر في الإسكندرية يتحول إلى مكتبة

بعد أكثر من 46 عامًا على رحيل الرئيس المصري الأسبق

صورة لعبد الناصر في شبابه - منزل جمال عبد الناصر بعد الترميم وتحويله لمكتبة
صورة لعبد الناصر في شبابه - منزل جمال عبد الناصر بعد الترميم وتحويله لمكتبة
TT

منزل جمال عبد الناصر في الإسكندرية يتحول إلى مكتبة

صورة لعبد الناصر في شبابه - منزل جمال عبد الناصر بعد الترميم وتحويله لمكتبة
صورة لعبد الناصر في شبابه - منزل جمال عبد الناصر بعد الترميم وتحويله لمكتبة

صفحات من حياة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كتبت هنا بين أركان وحوائط هذا المنزل العتيق الكائن برقم (8) شارع قنواتي، بحي باكوس الشعبي بالإسكندرية، ذلك المنزل الذي شهد طفولة واحد من أهم الرؤساء المصريين بل وأحد القادة المؤثرين في العالم.
وقريبًا سوف تصبح زيارة هذا المنزل متاحة بعد أن أعلنت د. نيفين الكيلاني، رئيسة صندوق التنمية الثقافية بمصر، تحويل المنزل لمكتبة عامة، بعد الانتهاء من عمليات ترميم استغرقت عامين. وقالت الكيلاني لـ«الشرق الأوسط»: «إن مشروع ترميم المنزل تكلف مليون و350 ألف جنيه مصري. ومن المنتظر الإعلان عن افتتاحه رسميا في وقت قريب. والمبنى مساحته نحو 160 مترًا مربعًا، ومقام على أرض مساحتها 380 مترًا مربعًا، وهو يضم 5 غرف وصالة استقبال، وسوف يتضمن مشروع إحياء المنزل وتحويله لمكتبة مسرحا مكشوفا، إلى جانب قاعة رئيسية للاطلاع. وتم تجهيز المنزل لكي يحتضن 3 قاعات: قاعة اطلاع للشباب، وقاعة للمالتي ميديا (سمع - بصرية) تضم كل الأعمال التي تناولت حياة الزعيم من أفلام وتسجيلات وثائقية لخطبه ولقاءاته الرئاسية، وصورًا نادرة وقاعة لتعليم الكومبيوتر، ومخزنًا للكتب ودورات مياه ومكاتب إدارية».
وقد ظل تحويل منزل عبد الناصر بالإسكندرية إلى متحف يخلد تاريخه حلما يراود أهل الإسكندرية، حيث كان للرئيس الراحل مواقف وأحداث تاريخيه بها سطرتها كتب التاريخ، إلا أن ذلك المنزل ظل مهملا ومغلقا لعشرات السنوات منذ أكثر من 46 عاما.
يعود تاريخ المنزل الذي شهد مولد الزعيم جمال عبد الناصر (1918 - 1970) إلى عام 1904، واشترى والده عبد الناصر حسين، الموظف بمصلحة البريد بالإسكندرية، المنزل ليشهد ولادة أحد رؤساء مصر، وظلت به الأسرة عدة سنوات شهدت المرحلة الأولى من حياة عبد الناصر وأشقائه. وحينما انتقل والدهم للعمل في القاهرة باع المنزل بمبلغ 3 آلاف جنيه إلى عائلة الصاوي التي قضت فيه عشرات السنين حتى أمر الرئيس أنور السادات بإخلائه لكي يكون متحفا يخلد ذكرى الزعيم جمال عبد الناصر، واشترت محافظة الإسكندرية المنزل بـ30 ألف جنيه.
وتكمن أهمية هذا المنزل أنه المكان الذي شب فيه عبد الناصر على مناضلة الاستعمار منذ التحاقه بمدرسة رأس التين الثانوية بحي بحري، وكان عبد الناصر قد ذكر في حديث صحافي شهير له مع ديفيد مورجان مندوب صحيفة الـ«صنداي تايمز»، بتاريخ 18 يونيو (حزيران) 1962: «ما زلت أذكر بوضوح أول صدام لي ضد السلطة، كان ذلك عام 33 وكنت يومئذ تلميذا في الإسكندرية لم أبلغ الخامسة عشرة من عمري.. وكنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية حين وجدت اشتباكا بين مظاهرة لبعض التلاميذ وسلطات الاحتلال.. وقد دخلت السجن تلميذا متحمسا وخرجت منه مشحونا بطاقة من الغضب، وقد مضى بعد ذلك زمن طويل قبل أن تتبلور أفكاري ومعتقداتي وخططي ولكن حتى هذه اللحظة الباكرة كنت أعلم أن وطني يخوض صراعا متصلا من أجل حريته».
وقد دارت تلك الأحداث في عام 1930 حينما استصدر إسماعيل صدقي باشا، رئيس الحكومة آنذاك مرسومًا بإلغاء دستور 1923 فثار الطلاب وخرجوا يهتفون بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور. وجدير بالذكر أن للرئيس جمال عبد الناصر عددًا من المنازل في مصر التي شهدت صفحات من حياته وتاريخ مصر أيضًا، أشهرها في القاهرة بمنشية البكري (شرق القاهرة) والذي تم تحويله لمتحف لمقتنياته إلا أنه لم يتم افتتاحه بعد، وهناك عدد من المنازل منها منزل بحلوان وآخر بأسيوط بصعيد مصر، وقد جمعت مكتبة الإسكندرية كل ما يتعلق بحياة ثاني الرؤساء المصريين وعددًا من الوثائق والخطب المصورة في موقع إلكتروني يخلد ذكراه.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».