وزير الدفاع العراقي يشق الكتل السياسية بشأن سحب الثقة منه

العبيدي وجد في معركة الموصل المرتقبة حبل نجاة

وزير الدفاع العراقي يشق الكتل السياسية بشأن سحب الثقة منه
TT

وزير الدفاع العراقي يشق الكتل السياسية بشأن سحب الثقة منه

وزير الدفاع العراقي يشق الكتل السياسية بشأن سحب الثقة منه

ينتظر أن يشهد البرلمان العراقي الثلاثاء المقبل معركة أخرى ستكون ذات فصلين.. فصل يتعلق بالتصويت على قانون العفو العام، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التصويت عليه خلال جلسة الأسبوع الماضي، وفصل يتعلق بقضية سحب الثقة من وزير الدفاع خالد العبيدي.
العبيدي في سياق تمسكه بمعركة الموصل قد نجح في خلق استقطاب حاد داخل الكتل السياسية لكنه، وللمرة الأولى، منذ عام 2003 استقطاب خارج سياقات المحاصصة العرقية والطائفية. فطبقا للتصريحات والبيانات والمواقف فإن من هو مع العدو ليس كل الكتلة السنية التي ينتمي إليها «تحالف القوى العراقية» ومن يعارضه ليس كل الكتلة الشيعية «التحالف الوطني». كما أنه تمكن من إحداث ثغرة في الموقف الكردي حيث تؤيد بقاءه كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، في حين تؤيد سحب الثقة منه كتلتا الاتحاد الوطني الكردستاني والتغيير.
وكان البرلمان العراقي صوت بعدم القناعة بأجوبة العبيدي بعد جلسة استجوابه وتم جمع توقيعات نحو 64 نائبا لسحب الثقة عنه. وعلى إثر ذلك فقد تدحرجت كرة الاتهامات بين القضاء والنزاهة بالإضافة إلى الأروقة السياسية لاحتواء التداعيات السلبية لذلك. القضاء أفرج عن الجبوري الذي تنازل عن حصانته البرلمانية لعدم كفاية الأدلة التي ساقها العبيدي ضده، في حين لا تزال النزاهة تحقق فيما قدمه الوزير من أدلة كانت عبارة عن تسجيلات صوتية ومكالمات هاتفية، الأمر الذي أدى إلى حصول حالة من الغضب داخل البرلمان والكتل السياسية بشأن ذلك، لا سيما أن الجلسات كانت شخصية وهو ما دفع البرلمان إلى التصويت بالأغلبية المطلقة على عدم القناعة بأجوبة العبيدي خلال جلسة الاستجواب.
وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من سياسي عراقي كبير، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، فإن «هناك اتجاها داخل التحالف الوطني الذي هو الكتلة الشيعية الأكبر داخل البرلمان للوقوف بالضد من سحب الثقة من وزير الدفاع وإقالته في وقت يستعد فيه الجيش العراقي لخوض معركة فاصلة في الموصل، الأمر الذي يمكن أن تكون له نتائج سلبية على سير المعركة بصرف النظر عن طبيعة القناعة بأجوبته أثناء عملية الاستجواب من عدمها»، مشيرا إلى أن «كثيرا من القوى السياسية كانت ضد عملية الاستجواب لأنه لم يكن في وقته وكان يمكن أن يجنب البلد كل التداعيات التي حصلت فيما بعد فيما يتعلق برئيس البرلمان وسواه من النواب الذين شملتهم الاتهامات فيما بعد». وأضاف أن «التحالف الوطني يمكن أن يتخذ قرارا بصدد عدم التصويت على إقالة الوزير ليس دفاعا عنه، سواء فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة ضده أو تلك التي وجهها لآخرين لقناعتنا أن هذه الاتهامات ساحتها القضاء والنزاهة وليس اتهامات متبادلة داخل البرلمان بل لأننا نرى أن التوقيت غير مناسب حاليا».
في السياق ذاته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة بدر المنضوية في التحالف الوطني، محمد كون، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في الوقت الذي يستعد فيه البرلمان للتصويت على قانون العفو العام وكذلك التصويت على إقالة وزير الدفاع بعد عدم قناعة المجلس بأجوبته فإن هناك اتجاها داخل البرلمان بعدم التصويت حاليا وتأجيله إلى وقت لاحق». وأضاف أن «القناعة بعدم سحب الثقة تأتي لكون معركة الموصل على الأبواب والأمر يحتاج إلى تكامل الاستعدادات لخوض هذه المعركة، ومن ثم لكل حادث حديث».
لكن عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية، محمد الحلبوسي، الذي ينتمي إلى الكتلة نفسها التي ينتمي إليها وزير الدفاع، خالد العبيدي، أكد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأهم بالنسبة لنا اتباع السياقات الدستورية وليس الصفقات والمساومات وبالتالي فإن استجواب وزير الدفاع أصبح واضحا وكانت إجاباته غير مقنعة وتم التصويت على ذلك من قبل غالبية النواب»، مبديا استغرابه «من المحاولات الجارية للعمل من قبل الزعامات السياسية بما يخالف قناعة النواب الذين يمثلون الشعب ورأوا بأم أعينهم أن الإجابات لم تكن مقنعة وهو ما يتطلب إقالة الوزير واستبداله بوزير آخر». وأشار إلى أن «الغالبية الآن هي مع سحب الثقة حيث إن جبهة الإصلاح وتحالف القوى العراقية والغالبية من التحالف الكردستاني وأطرافا أساسية من التحالف الوطني هي مع سحب الثقة والإقالة».
وأوضح الحلبوسي أن «هناك مساعي لمصادرة إرادة النواب وهو أمر مرفوض حيث إن رئيس الوزراء حين أقدم بجرة قلم على إقالة نواب رئيس الجمهورية والوزراء لم يتفوه أحد، بينما اليوم يراد للبرلمان ألا يتخذ المواقف التي يتوجب عليه اتخاذها، حيث هناك إرادة لسحب صلاحيات البرلمان الذي هو أعلى سلطة في البلاد». وحول ما إذا كان لدى تحالف القوى مرشحون بدلاء للعبيدي، قال الحلبوسي: «نعم لدينا أكثر من مرشح للمنصب في مقدمتهم السيدان صلاح الجبوري ومحمد تميم».
من جهتها، نفت الكتلة العربية التي يتزعمها صالح المطلك وجود مشاورات لتأجيل سحب الثقة من وزير الدفاع. وقال بيان للكتلة إننا «ننفي ما أشيع عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي عن وجود مشاورات لـتأجيل سحب الثقة عن وزير الدفاع خالد العبيدي»، مؤكدًا أن «هذا الخبر لا أساس له داخل تحالف القوى إطلاقًا». وأضاف البيان أن «التوجه داخل الكتلة العربية وداخل تحالف القوى هو بالتصويت على إقالة خالد العبيدي، بسبب عدم قناعتنا بأجوبته يوم الاستجواب إلى جانب انزعاجها من طريقة المخبر السري، الذي كان يلقنه سياق التهم للآخرين خصوصا أنها افتقرت للدليل وكيفية تعامله مع الملف الأمني الذي فشل فيه فشلاً ذريعًا ولم يستطع أن يقدم به شيئا وتعامله بمنطق المساومات على حساب الأرض والتاريخ».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.