بن دغر: الحكومة اليمنية والتحالف يعملان معًا لمواجهة الانقلاب والإرهاب

كشف لـ «الشرق الأوسط» أن البرلمانيين المؤيدين للشرعية سيعقدون اجتماعًا قريبًا.. واستبعد التفاوض مع صالح

د. أحمد بن دغر
د. أحمد بن دغر
TT

بن دغر: الحكومة اليمنية والتحالف يعملان معًا لمواجهة الانقلاب والإرهاب

د. أحمد بن دغر
د. أحمد بن دغر

قال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد بن دغر إن العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف في اليمن سوف تنتهي مع التوصل لحل سياسي مشرف أو نصر كامل، مشيدا بالدور السعودي في التعامل مع الصراع في بلاده. واعتبر بن دغر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، على هامش زيارته للقاهرة، إطلاق جماعة الحوثي صواريخ على الحدود مع السعودية «محاولة بائسة ويائسة لن تؤثر على أمن واستقرار المملكة لأنها لديها إمكانيات كبيرة لحماية حدودها».
وأضاف: «ربما يتوهم الحوثي أنه بذلك يهدد أو حتى يقوم بابتزاز من أجل الحصول على مكاسب سياسية، لكن السعودية لديها قيادة رشيدة وما يقوم به الحوثي وأتباع صالح مجرد نوع من الجنون والإفلاس». وثمن رئيس الوزراء اليمني الدعم الذي تقدمه السعودية للشعب اليمني، وكذلك مساعدات مجلس التعاون الخليجي التي أرسلت مؤخرا لمعظم المحافظات اليمنية، ووصف هذا الدعم بالكرم والسخاء الذي يعتز به الشعب اليمني، مقدما خالص الشكر والتقدير لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وقيادة المملكة وقادة دولة الإمارات وكل دول الخليج ومصر والسودان خلال الأزمة الراهنة.
وحول الخطر الإيراني على المنطقة العربية، أوضح بن دغر أن الدول العربية تحتاج لمراجعة شاملة للمواقف والممارسات الإيرانية التي تتخذها ضد الدول العربية، وطالب باتخاذ موقف عربي موحد ضد هذه التدخلات حماية للأمن القومي العربي. وقال إن «إيران تقوم بتصفية حسابات مع دول الخليج وكل الدول العربية وكلما سمعنا عن صراعات طائفية فلا نجد سوى الفعل الإيراني (فتش عن إيران)». وأضاف: «ترك الأمر هكذا سوف يعرض كل دول المنطقة لخطر كبير».
وأكد بن دغر وجود السلطة الشرعية برئاسة منصور هادي على الأرض داخل اليمن، مشيرا إلى قدومه للقاهرة من مدينة عدن والتي أقام بها 45 يوما، وأضاف: «معظم الشعب اليمني مع الحكومة الشرعية التي ستكون قريبا في صنعاء». وردا على سؤال عما أعلنه بأن الموقف السياسي والعسكري سوف يتغير قريبا، قال: «ننتظر مواقف أكثر إيجابية من المجتمع الدولي ونتوقع إصدار قرار مهم من الأمم المتحدة خاصة أن الشرعية قدمت تنازلات من أجل التوصل لسلام دائم»، مستبعدا أن يقدم الرئيس هادي تنازلات تدعم مطالب الحوثي وصالح لتمزيق اليمن أو استفادة مشروعهم الهدام.
وأعرب بن دغر عن تفهمه للموقف الروسي من عرقلة إصدار بيان يدين الحوثي وقال: «نتفهم الموقف الروسي ومجلس الأمن سوف يتخذ قراره ورهان الشرعية على تمسك الشعب اليمني بتحقيق السلام، ومن الناحية العسكرية حققنا كثيرا من التقدم مؤخرا في مأرب والجوف وأبين»، كما كشف عن لقاء قريب مع مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكشف رئيس وزراء اليمن عن اجتماع قريب للبرلمان اليمني في مأرب أو أي منطقة أخرى محررة في اليمن، وقلل من وجود صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام، وقال إن «معظم أعضائه مع الشرعية والشعب اليمني ومع الرئيس هادي وضد الانقلاب، وإن ثلثي فروع الحزب تقع في المناطق المحررة ولا يوجد بها أي سلطة لصالح أو الحوثي». وحول ما يدعيه صالح بأن مدة الرئاسة للرئيس هادي انتهت منذ عامين قال إن «هناك قرارا من مجلس الأمن رقم 2216 لدعم شرعيته، والحوثيون وصالح سبق وأن اعترفوا به ودخلنا مفاوضات استمرت لأكثر من مائة يوم على هذا الأساس (في الكويت)»، مؤكدا أن «شرعية الرئيس هادي تنتهي بعد تنفيذ القرار 2216، من خلال انسحاب الانقلاب وتسليم السلاح وتنفيذ كل بنود القرار الدولي وقتها يمكن إجراء انتخابات رئاسية».
وأضاف بن دغر أن هناك تقدما في الحسم العسكري، مشيرا إلى أن الوضع الأمني أفضل من ذي قبل»، ولفت بأن الحكومة والتحالف يعملان معا لمواجهة الانقلاب والإرهاب والقاعدة. وتابع: «الحكومة تحاول إنهاء الصراع على المشروع القديم الذي يمزق ويهدم الدولة من أجل المشروع الحديث الذي يؤمن بالعروبة والمصير المشترك للأمة العربية».
وتطرق الدكتور بن دغر إلى الوحدة اليمنية وما مرت به طوال العقدين ونصف العقد الماضي، مؤكدا أن الدولة الاتحادية هي الحل الأمثل لليمن: «لأن لديه قدرة على الوحدة والتنوع والحالة تستدعي صياغة نظام سياسي يعطي السلطة والثروة لكل أبناء اليمن»، وقال إن «حل الإقليمين يعد عودة لنظام التشطير المرفوض وأن الأفضل هو ستة أقاليم وربما سبعة في دولة اتحادية موحدة من بينهم إقليمان في الجنوب وأربعة أقاليم في الشمال، واعتبر أن هذا هو الأفضل تاريخيا وحفاظا على العادات والتقاليد».
واتهم رئيس الوزراء اليمني الحوثي وصالح بالسيطرة على مليارات الدولارات من البنك المركزي واستهلاك الاحتياطي النقدي في الحرب ضد الشعب اليمني، مشيرا إلى أن الرسائل التي بعث بها، مؤخرا، إلى البنوك والمؤسسات النقدية الدولية، تضمنت طلبا بالاحتفاظ بما لديها لليمن حتى يتم تحرير صنعاء.
وأشار رئيس الوزراء اليمني، إلى أن علي عبد الله صالح سهل للحوثيين على ما حصلوا عليه من مكاسب سياسية وعلى الأرض، بتسليمهم الأسلحة، لكنه لن يحصل على تفاوض كالحوثيين: «لأنه ليس صاحب شأن، وهو لا يسيطر على العاصمة وهو في وضع صعب جدا ويبحث الآن عن دور حتى عن كلام ليكون له دور ووجود، فهو فقد دوره». وردا على سؤال عما إذا كانت زيارته للقاهرة ردا على إعلان ما سمي المجلس السياسي ورسالة للانقلاب بأن مواقف مصر ثابتة وداعمة للشرعية ومع الوحدة ضد الانقلاب، أكد بن دغر أن مواقف مصر ثابتة وهي المطالبة بالتنفيذ السريع للقرار 2216، وانسحاب الحوثي وصالح وتسليم السلاح ومؤسسات الدولة التي تسيطر عليها في صنعاء.
وكشف عن زيارة قريبة لوزير الداخلية اليمني لمصر لمناقشة التأشيرات لدخول اليمين إلى مصر، وأشار إلى أنه ناقش مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، هذا الموضوع موضحًا أنه قال للرئيس السيسي إن «اليمني لا يعرف إلا مصر للعلاج والسياحة وكل شيء، فهناك علاقات تاريخية تربط اليمنيين بمصر، وهناك مصالح وأمن مشترك وحاجة لكي نحمي بعضنا البعض».
وأضاف رئيس وزراء اليمن، أن الرئيس السيسي وعد بالمساعدة سواء بعلاج الجرحى أو بمساعدات أخرى خاصة ببعض الأدوية التي تحتاجها المستشفيات اليمنية، حيث سيصدر وزير الصحة المصري قرارا في هذا الشأن خلال يومين أو ثلاثة، وهناك زيارة خلال أيام لوزير الداخلية اليمني لمصر لإنهاء قضية التأشيرات والإقامة لليمنيين. وأثنى رئيس وزراء اليمن على الدور المصري، وقال: «يكفينا وجودها في التحالف العسكري، وهي لو وقفت سياسيا وإعلاميا يكفينا هذا، لأن دورها مهم جدا ونحن راضون عن الدور المصري». وأكد بن دغر أنهم حصلوا على دعم سياسي وإقليمي من مصر، ولا تزال اليمن تحصل على الدعم الدولي من جانب مصر، من خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي، موضحًا أن مندوب مصر في المجلس يقف دائمًا مع مواقف الحكومة الشرعية. وحول الدور العسكري المصري في اليمن، قال رئيس وزراء اليمن، إن التنسيق العسكري هو مسؤولية التحالف العربي الذي يضم مصر، وهذا التحالف له قيادة تقرر الشأن العسكري، وهناك 11 دولة تساهم عسكريا في اليمن.
و من جانب آخر، أكد السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، حرص الجامعة على توفير كل الدعم اللازم للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والحكومة الشرعية باليمن، وذلك من أجل المساعدة على التوصل إلى اتفاق سياسي شامل، يضمن تنفيذ قرار قمة نواكشوط العربية في هذا الشأن، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة خصوصا القرار رقم «2216»، وذلك بالاستناد إلى المرجعيات المتفق عليها، بما فيها مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
جاء ذلك عقب زيارة بن حلي، صباح أمس الأربعاء، إلى مقر إقامة رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر في القاهرة، حيث جرى في هذا اللقاء استعراض لمختلف تطورات الأوضاع في اليمن، وما تشهده من تصعيد خطير في العمليات العسكرية، بسبب المواقف المتعنتة لجماعة الحوثي وصالح ومحاولاتهما الهادفة إلى شرعنة الانقلاب.
وعبّر السفير بن حلي عن استعداد الجامعة لمواصلة جهودها، من أجل المساهمة في تذليل العقبات التي ما زالت تعترض عملية التوصل إلى اتفاق سياسي، وفق المرجعيات التي تم الاتفاق عليها في جولة المشاورات اليمنية التي استضافتها دولة الكويت، تحت رعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
ومن ناحية الجهود التي تقوم بها الجامعة من أجل تعزيز آليات الدعم العربي للحكومة الشرعية اليمنية، خصوصا في مجال توفير المساعدات الإنسانية، شدد بن حلي على ضرورة تضافر الجهود العربية والدولية لضمان استعادة الحكومة الشرعية سلطتها على كامل الأراضي اليمنية، بما يحقق تطلعات الشعب اليمني، ويضمن وحدة الجمهورية اليمنية وأمنها واستقرارها.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.