منذ عام 2008، يعمل مسعود أحمد مديرا لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، متوليا بذلك منصبا في إحدى أهم المؤسسات المالية الدولية، في منطقة من أهم مناطق العالم استراتيجيا واقتصاديا، وفي فترة شهدت تقلبات كبرى على جميع المقاييس؛ أثرت على المنطقة كلها ووصلت موجاتها إلى العالم على وجه العموم.. في حين يشهد الاقتصاد العالمي في الوقت نفسه فترة حرجة ومضطربة نتيجة عوامل عدة.
كل هذه الظروف مجتمعة، إضافة إلى خبرته الاقتصادية الكبيرة، حولت فترة تولي مسعود أحمد، الذي أعلن اعتزامه التقاعد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إلى كنز معلوماتي وخبرة اقتصادية لا يستهان بها.. وهو ما أكدته مديرة الصندوق كريستين لاغارد، حين علقت على قرار أحمد بالتقاعد، قائلة: «كان مسعود صاحب رؤية طوال السنوات الثماني التي قاد فيها الإدارة. وكنت أشعر بتقدير كبير لمشورته الحكيمة، وبصيرته السياسية، وحسه الاستراتيجي العميق. وسيكون تقاعده خسارة للصندوق، وسيفتقده كثيرا كل أصدقائه وزملائه». «الشرق الأوسط» أجرت حوارا عبر الهاتف مع أحمد، في مكتبه بمقر صندوق النقد الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن، وذلك لمعرفة التفاصيل الدقيقة لجميع أشكال التعاون الجاري بين الصندوق والدول العربية، وهو حديث لم يغب عنه نظرة «المحلل المدقق» للماضي والأسباب التي أدت إلى الوصول إلى اللحظة الراهنة، ولم تغب عنه كذلك «رؤية الخبير» وتوقعاته ونصائحه حول المستقبل.
وفي حديثه، يؤكد مسعود أحمد ترحيب الصندوق الواسع برؤية «المملكة 2030»، مؤكدا أنها طموحة وتوقيتها مناسب للغاية، وأنه على مدار السنوات الخمس المقبلة ستساعد «رؤية المملكة» في تقليل الاعتماد على النفط وتحسين الوضع الاقتصادي. ويرى أحمد أن المسار الاقتصادي الذي تسلكه دول الخليج هو الصحيح، مشيرا إلى أن احتمالية تأثير الإجراءات الاقتصادية على معدلات التضخم خلال العام الحالي أو المقبل هو «أمر طبيعي» لا يسبب قلقا، وجزء من عملية التحول الاقتصادي، مؤكدا أن القطاع الخاص يجب أن يكون هو المحرك الرئيسي للاقتصاد، وأن يصبح الشباب هم الداعم والوقود الرئيسي للمستقبل؛ في منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
وحول نشاط الصندوق الحالي في الدول العربية، تحدث مسعود أحمد عن تفاصيل عمل الصندوق وبرامجه الحالية في كل من تونس والمغرب والعراق، إضافة إلى المباحثات الجارية مع كل من الأردن، ومصر، التي وصلت إلى مرحلة التفاهمات والاتفاقات المبدئية في انتظار تصويت مجلس إدارة الصندوق عليها خلال الفترة المقبلة. مشيرا إلى دور آخر مهم للصندوق في الدول التي تشهد نزاعات، حيث يعمل الصندوق على وضع البرامج والخطط المستقبلية استعدادا لانتهاء الصراعات ومعاونة تلك الدول على تجاوز أزماتها.وإلى نص الحوار..
- ما رأيكم في «رؤية المملكة العربية السعودية الاقتصادية لعام 2030» والتي أعلن عنها قبل عدة أشهر؟
- نرحب بـ«رؤية المملكة العربية السعودية 2030» لسببين: الأول لأنها في غاية الأهمية لدولة تمر بمثل هذا التحول الرئيسي، الذي يتطلب الوقف على حقيقة أسعار النفط في الوقت الراهن وتوفير مزيد من الوظائف للشباب السعودي، الأمر الذي سيحقق الأغراض المطلوبة، الثاني لأنها خطة طموحة ويجب أن تكون كذلك، لأن التحديات كبيرة وستتغلب على هذه التحديات بتنفيذ تلك الخطة، ففي بعض النواحي سيتطلب الأمر بعض الإصلاحات المؤسسية، وفي نواحي أخرى سيتطلب الأمر جوانب اجتماعية؛ التي يجب أن تدار بعناية.
- هل تتوافق «رؤية المملكة 2030» مع توصيات صندوق النقد الدولي؟
- نعم، ونعتقد أنه على مدار الخمس سنوات المقبلة ستساعد رؤية المملكة في تقليل الاعتماد على النفط، وتحسين الوضع الاقتصادي من خلال أن يصبح القطاع الخاص محركا رئيسيا؛ ليس فقط من أجل دفع عجلة النمو، ولكن من أجل خلق وظائف جديدة للشباب الذين سينضمون إلى سوق العمل من نساء ورجال بالمملكة العربية السعودية.
- ما رأيكم في توقيت تطبيق التحول الاقتصادي بالمملكة؟
- أرى أن التوقيت مناسب جدا، فأعتقد أنه من الأفضل أن نترك لطبيعة التحديات الوقت اللازم. ففي بعض الحالات سنري النتائج سريعا، لكن في بعض الأحيان ستحتاج الأمور إلى وقت أطول؛ وهو الأمر الذي يدعم أهمية البدء مبكرا.
- ما رأيكم في سياسة دول الخليج في التعايش مع انخفاض أسعار النفط؟
- أرى أن التحدي الذي يواجه دول الخليج مثله كمثل باقي الدول المصدرة للنفط، فعلى مدار العشر أو الخمس عشرة سنة المقبلة سيكون هناك تعايش أكبر مع حقيقة انخفاض أسعار النفط بدلا من الاعتماد عليها بوصفها مصدرا رئيسيا للنشاط الاقتصادي.
ولذا، فعلى كل الاقتصادات المصدرة للنفط أن تقوم بأمرين: الأول أن تقوم بترشيد النفقات الحكومية بطريقة تتناسب مع انخفاض عائدات النفط، وذلك لحين الاعتماد على نظام ضريبي من الأنشطة غير النفطية. والثاني أنه عند ترشيد نفقات الحكومة فإنها لن تكون المسؤول الرئيسي عن توليد الوظائف كما كانت في الماضي بالنسبة للباحثين عن عمل من خريجي المدارس والجامعات، الذين كانوا يبحثون عن وظائف حكومية.. لكن الآن يجب على مواطني دول الخليج أن يبحثوا عن فرص في القطاع الخاص، وهو ما يتطلب منهم أن تكون مهاراتهم المكتسبة أكثر مناسبة للعمل بالقطاع الخاص مما كانت مع القطاع العام، وأيضا أن تكون دوافعهم أكبر نحو الالتحاق بالقطاع الخاص.
ولذا أرى أن المسار الذي تسلكه دول الخليج هو الصحيح، فلقد لاحظناه بالفعل في مراجعة الموازنات وخفض الإنفاق.. بالطبع هذا له أثر على معدلات التضخم، وقد يحدث تباطؤ في دول الخليج هذا العام والعام المقبل، لكن ذلك طبيعي، وهو جزء من التحول، وإلى حين أن يصبح القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي لتنشيط الاقتصاد.
- وكيف ترون السياسات المالية والنقدية في منطقة الشرق الأوسط؟
- كما أوضحت، فإن الدول المصدرة للنفط بدأت بالفعل في عمليات التحول من أجل التناغم بصورة أكبر في الموازنات مع أسعار النفط المنخفضة. أما بالنسبة للدول المستوردة للنفط، فلقد كان هناك تخفيف بسيط للضغوط نتيجة الأسعار المنخفضة، مما سمح لهم بالتقاط الأنفاس.
لكن في الوقت نفسه، يمكن أن أقول إنه يمكن رؤية آثار بعض القرارات والإجراءات الصعبة التي اتخذت بالفعل في الدول المستوردة للنفط. وفي دول مثل المغرب والأردن، يمكن أن نلحظ جانبا من التحسن الناجم عن قرارات صعبة اتخذت خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، ولذلك أعتقد أن جانبا من الفضل يعود إلى الدول نفسها لمحاولاتها تحسين أوضاعها.
- كم عدد الدول التي لديها برامج مع صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
- في الوقت الحالي، يوجد للصندوق برامج مع كل من تونس والمغرب والعراق، كما وصلنا حديثا إلى تفاهمات مع كل من الأردن ومصر، وسنعمل على عرض تلك التفاهمات على مجلس إدارة الصندوق خلال الأسابيع المقبلة لمناقشتها.
- وكيف يعاون الصندوق الدول التي يوجد بها صراعات على غرار العراق أو اليمن أو سوريا؟
- هذه الدول تعاني من وضع هو مأساة إنسانية في المقام الأول، وتمتد تبعاته الواسعة الأثر من الضحايا إلى النازحين. لدينا أعداد متزايدة من المفقودين من سنوات، وعلينا أن نتذكر الثمن الإنساني الذي يدفع.
بالطبع هناك ثمن مادي كما نرى في اقتصادات اليمن وسوريا، وكل هذه الدول تأثرت وتأثر اقتصادها عبر تضاؤله، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة معدلات الفقر، وتغيب أعداد متزايدة من الأطفال عن التعليم.. أيضا في أماكن كثيرة يجد هؤلاء الناس عجز ميزانياتهم يتضخم بشدة نتيجة فقدان مصادر الدخل.
ولكل ذلك فإن هناك حتما أثرا اقتصاديا على هذه الدول، وأيضا على جيرانها، لأن عددا من لاجئي هذه الدول يعيشون في الأردن ولبنان. وبالمثل فإن الصراع في ليبيا يؤثر على جارتها تونس.
والآن ما دور صندوق النقد في هذه الدول؟ بالنسبة إلى سوريا، فليس لدينا نشاط واسع حاليا، وليس لدينا اتصال مع الحكومة، لكن لدينا اتصالات في اليمن والعراق وليبيا، ونعمل مع الحكومات لتوفير النصائح حول طرق التعامل ومعالجة هذه الأوضاع الصعبة. وفي حالة العراق، نحن نسهم أيضا بتوفير الدعم المالي للسلطات في الوقت نفسه.
- كيف ستساعد الاتفاقات مع الأردن في دعم اقتصاده خلال الأعوام المقبلة؟
- في حالة الأردن، فإن الصندوق، كما هو معلوم، كان يقوم بتقديم الدعم خلال العامين الماضيين، وذلك من خلال برنامج مالي من أجل دعم الاقتصاد الأردني. ولقد حقق الأردن تقدما ملحوظا في مجال تثبيت الاقتصاد في مواجهة مخاطر وصدمات كبيرة، مثل الهزات التي قابلها في مواجهة أسعار الطاقة، أو تلك التي واجهها خلال التعامل مع أزمة اللاجئين. ونجح الأردن في تحويل عجز الموازنة إلى منطقة التوازن والسيطرة.
والآن، فإن الأردن يواجه تحديات خلال السنوات الثلاث المقبلة، ولدينا برنامج الصندوق للدعم، ونأمل في أن تتم الموافقة على التفاهمات من قبل مجلس إدارة الصندوق خلال الأيام القليلة المقبلة. وما يتضمنه البرنامج في الأردن هو مساندة التحول من مرحلة «الثبات الاقتصادي» إلى مرحلة «النمو الاحتوائي»، (الذي يشمل أكبر عدد من المواطنين وفئات المجتمع)، وما أعنيه هنا بذلك يتجاوز تحقيق «نسبة نمو» فقط في الأردن، إلى خلق وظائف يمكن لكل المواطنين بما فيهم النساء والشباب المشاركة فيها. أيضا نهدف إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية، وتحسين بيئة الأعمال كي يتمكن مزيد من الأفراد من الولوج وإنتاج مزيد من الأعمال والوظائف. كما نهدف إلى مزيد من تحسين أسس الاقتصاد متناهي الصغر، التي ستسمح بتوفير مزيد من الثقة لدى الناس في الاقتصاد الأردني.
وكل ذلك يجعلني أعتقد أن الصندوق في المرحلة المقبلة سيتشارك مع الأردن في المرور من مرحلة «الثبات الاقتصادي»، إلى مرحلة النمو الشامل المستدام.
- وماذا عن مصر؟
- في حالة مصر، فكما هو معلوم، فإنها كانت تمر بفترة صعبة للغاية خلال الأعوام الأخيرة. ومصر دولة قوية للغاية ولديها مقومات جيدة للغاية، لكنها في الوقت نفسه تعاني مشكلات عاجلة لا بد من مواجهتها.. النمو ضئيل للغاية، وعجز الموازنة أصبح كبيرا جدا، وهو ما يزيد من أعباء الدين العام، والوضع الخارجي أضعف مما يجب أن يكون عليه اقتصاد مثل الاقتصاد المصري، ومعدل بطالة متزايد.
وعلى ذلك، فإن البرنامج المصري، وأؤكد أن البرنامج تم وضعه عبر الحكومة المصرية، الذي عرض صندوق النقد الدولي مساعداته لتنفيذه، هو برنامج يستهدف وضع مصر على مسار صحيح يبدأ أولا بتصحيح وتحويل كل عوامل عدم التوازن بصورة عكسية، والشروع في وضع أسس زيادة النمو والتوظيف في مصر. أما عن طريقة تفعيل ذلك، فإن أول ما نحاول فعله هو تقليص كل عوامل العجز الموجودة بالموازنة والدين العام. وكما هو معروف، فإن الدين العام المصري حاليا يبلغ تقريبا حجم اقتصادها نفسه، ولذلك يجب خفضه حتى ترتفع الثقة، مما سيحسن من توظيف سوق العملة الأجنبية، التي يعرف الجميع أنها سبب قلق في مصر حاليا. كما سيهتم البرنامج بمعالجة وإعادة صياغة بنود الإنفاق بطريقة تساعد في رفع معدلات النمو، عبر توجيه أولويات الإنفاق إلى البنية التحتية، وأيضا تحسين ظروف الحماية المجتمعية للمرأة العاملة. وسيلي ذلك تحسين بيئة الأعمال من أجل زيادة وجذب الاستثمارات، ليس فقط الخارجية، ولكن الداخلية أيضا عبر المستثمرين المصريين.
وهذه هي أهداف البرنامج المصري، وسيتم تقديمه للمناقشة أمام مجلس الصندوق خلال الأسابيع المقبلة.
- وكيف سيساعد ذلك البرنامج في السياسات المالية لمصر؟
- كما ذكرت، فإن أحد أهداف البرنامج هو معاونة تحسين سوق العملة الأجنبية من خلال العمل مع حزمة الإجراءات التي يتبناها البنك المركزي المصري. ونأمل في أن تكون تلك الخطوات، بالإضافة إلى الثقة الإضافية التي سيحصل عليها الاقتصاد، من شأنها أن تحسن أيضا من توافر وتوظيف سوق العملة الصعبة.
- وماذا عن رؤيتكم للإصلاحات الاقتصادية في السودان؟
- الاقتصاد السوداني كان يقع تحت ظروف صعبة للغاية. وأريد أن أقول إنه في حالة السودان، فإننا نعلم أنهم كانوا يتعاملون مع الآثار الناجمة عن انفصال جنوب السودان، وكذلك مع العقوبات الدولية في بعض الأحيان، التي أدت إلى عدم القدرة على الولوج إلى النظام المصرفي العالمي. وفي الوقت نفسه فإن السودان نجح في تحقيق معدل نمو بلغ 3 في المائة خلال العام الحالي، والعام الماضي كان نحو 5 في المائة.. وبالمجمل فإن السودان من جهة يحقق نتائج جيدة، لكن من جهة أخرى فإن المخاطر ونقاط الضعف الاقتصادية تتراكم وتتضخم، منها مثلا السوق الموازية للعملة الأجنبية التي تضع ضغوطا على كاهل الاقتصاد. وعليه، فأنا أعتقد أنه في حالة السودان من المهم العمل على معالجة أسباب هذه الضغوط الخفية ونقاط الضعف، من أجل وضع السودان على مسار أفضل اقتصاديا، ولمصلحة مواطنيه.
- هل هناك برامج جديدة بالمنطقة تعملون عليها خلال السنوات المقبلة؟
- على المستوى الحالي نحن نعمل كما ذكرت في كل من مصر والأردن.. أما في الأفق الأبعد من ذلك، فأعتقد أن أكبر اهتماماتنا هي معاونة الدول التي تعاني من صراعات، حين تخرج من هذه الصراعات. فحين تتجه الأوضاع للهدوء، كما حدث في حالة اليمن قبل ذلك، كان لدينا برنامج حاولنا من خلاله المعاونة في دعم الاقتصاد، لكنه انهار نتيجة الصراع. وفي ليبيا أيضا، بينما تسعى الحكومة للسيطرة على الأوضاع على الأرض وعلى الاقتصاد.
وحين تصل هذه الصراعات إلى نهايتها، سنكون حاضرين لتقديم برامج المساعدة الإضافية. لكن قبل عمل هذه البرامج، فنحن قادرون على تقديم النصائح الخاصة بالسياسات المالية والدعم الفني، وكما هو معلوم، فإن تلك الأشياء في مناطق النزاع تكون أحيانا أكثر أهمية من المساعدة المالية التي يمكن أن تتحصل عليها تلك الدولة من الهيئات الدولية.
- وما نصائحك للمواطنين والحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
- توصياتي الرئيسية لدول المنطقة تكمن في أنه خلال الأعوام القليلة المقبلة سيكون هناك عاملان رئيسيان يقودان التأثيرات على الاقتصاد والنظرة الاجتماعية العامة، الأول هو كيف تتم إدارة الصراعات وإنهاؤها، لأن كل هذه الصراعات يصعب إدارتها جميعا في وقت متزامن.
أما الأمر الثاني، هو كيفية التأقلم مع أسعار النفط المنخفضة، وهو أيضا تحد صعب يجب الاهتمام به.
ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها صفتان مميزتان يجب ألا يغيبا عن الأذهان، الأولى وهي ذات قوة كبيرة، أن لدى هذه الدول عددا ديناميكيا وحيويا من السكان الشباب، المليء بروح المبادرة، الذي يريد المشاركة في تحسين المجتمع كله الذي يأمل في الحياة فيه، وليس ظروفه الشخصية فقط. والتحدي الرئيسي أمام صناع القرار هو في إزاحة المعوقات وإطلاق العنان للقدرات الإبداعية الكامنة لدى هؤلاء الشباب، بدلا من النظرة الواسعة للشباب على اعتباره تحديا في ذاته يجب تجاوزه. وشخصيا، أرى أن الشباب في المنطقة هو الحل الممكن لكثير من المعضلات التي نواجهها.
أما الميزة المهمة الثانية للمنطقة، فهي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقع في وسط كثير من المناطق الاقتصادية المهمة والمتباينة، وإذا تمكنا من تنظيم أنفسنا، فسنكون قادرين على أن نكون شريكا تجاريا واقتصاديا مؤثرا.. أي أن موقعنا يتيح لنا مزية استراتيجية يمكن أن تكون قاعدة انطلاق واستثمار لدولنا.
لكن من أجل استغلال كلتا الميزتين، يجب علينا إطلاق العنان للقطاع الخاص، ويجب أن نؤمن أن تقدمنا الاقتصادي المستقبلي سيأتي من التنافس الديناميكي القوي بين القطاع الخاص والحكومي لكن بطريقة مختلفة، عبر التمكين–أكثر من كونه وسيطا اقتصاديا–وأعتقد أننا إذا فعلنا ذلك فسنبلغ نتائج جيدة، وهو ما أراه يحدث بالفعل في عدد من الدول بالمنطقة حاليا، ويجعلني متفائلا بشدة حول تقدم المنطقة في المدى المتوسط.
* مسعود أحمد في سطور
- يشغل مسعود أحمد منصبه الحالي مديرا لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي منذ مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2008.
- في الفترة ما بين عام 2006 إلى 2008، عمل مديرا لإدارة التواصل الخارجي، في الوقت الذي بدأ فيه الصندوق عملية تغيير لزيادة التركيز على استخدام سبل التواصل باعتبارها أداة للسياسات.
- في الفترة بين عام 2003 إلى 2006 عمل مديرا عاما لقسم السياسات والتطوير الدولي لدى إدارة التطوير الدولي بالحكومة البريطانية.
- انضم إلى صندوق النقد الدولي في عام 2000 نائبا لمدير إدارة الاستراتيجيات والسياسات والمراجعة (إدارة تطوير ومراجعة السياسات في ذلك الوقت)، وظل بها حتى عام 2003. حيث أشرف على مراجعة المبادئ الإرشادية لشرطية برامج الصندوق.
- ما بين أعوام 1979 وحتى 2000، تولى مسعود أحمد عددا من المناصب في البنك الدولي، من بينها نحو 10 سنوات من العمل في مجال البرامج والمشروعات الدولية في مناطق مختلفة، و10 سنوات أخرى في مجال السياسات الاقتصادية المرتبطة بالدين، وفاعلية المساعدات، وآفاق التجارة والاقتصاد العالمي.
- حصل على درجتيه الجامعية والعليا من جامعة «مدرسة لندن للاقتصاد» LSE، التي التحق بها أيضا للتدريس في كلية الاقتصاد.