كتاب جديد حول لوركا بعد 80 عامًا من إعدامه

الباحث مونتيرو تناول جوانب من حياته وأدبه

كتاب جديد حول لوركا بعد 80 عامًا من إعدامه
TT

كتاب جديد حول لوركا بعد 80 عامًا من إعدامه

كتاب جديد حول لوركا بعد 80 عامًا من إعدامه

لا يزال اسم الأديب الإسباني فدريكو غارثيا لوركا (1898: 1936) مدويًا منذ إعدامه في يوم 18 أغسطس (آب) قبل ثمانين عامًا حتى اليوم، ولا تزال بعض جوانب من حياته غامضة خاصة حول سبب مقتله، ومكان إعدامه، بل لا يعرف حتى مكان رفاته، على الرغم من كل التنقيبات التي بدأت منذ أعوام بحثًا عن جثته.
وكان آخر ما خطت يد لوكا هو ما كتبه في قصاصة صغيرة عندما مرّ على مكتب صديقه الشاعر خوسيه بيرغامين، في مدريد، من أجل طبع مخطوطة ديوانه «شاعر في نيويورك»، ولم يكن بيرغامين في مكتبه، فكتب لوركا على ورقة صغيرة: «لقد أتيت لمقابلتك، وأظن أنني سأقابلك غدًا، تقبل معانقة فدريكو». وترك لوركا الورقة مع مخطوطة الديوان فوق مكتب صديقه وخرج على أمل أن يعود، لكن اللقاء لم يتم، لا في اليوم التالي ولا في أي يوم آخر.
ومن سوء حظ لوكا أن يقرر في ذلك اليوم السفر إلى غرناطة، جنوب إسبانيا، وما إن وصل إليها حتى ألقي القبض عليه، ثم اقتيد بعد ذلك إلى منحدر بين بلدتي الفاكار وبيثنار، القريبتين من غرناطة، وهناك أطلقوا النار عليه.
هذه الورقة الصغيرة التي كتب عليها لوركا ملاحظته لصديقه بيرغامين، التي تعتبر آخر ما كتب، بيعت عام 2000 بنحو 10 آلاف دولار، أما مخطوطة «شاعر في نيويورك»، وهي النسخة الأصلية التي كتبها لوركا، فقد ضاعت، ولم يعثر عليها حتى عام 2003، وبيعت بنحو 200 ألف دولار.
وبمناسبة مرور 80 عامًا على وفاة لوركا، صدر أخيرًا عن دار «تاوروس»، في إسبانيا، كتاب للباحث لويس غارثيا مونتيرو، الأستاذ في جامعة غرناطة، بعنوان «قارئ اسمه فدريكو غارثيا لوركا»، وفيه تتبع المؤلف الكتابات التي قرأها لوركا، من خلال ما عثر عليه من الكتب المتبقية في مكتبة لوركا الخاصة والمحفوظة في جمعية فدريكو غارثيا لوركا.
يقول المؤلف: «أردت في هذا البحث أن أتوصل إلى فهم أفضل لأسباب الكتابة عند لوركا، ومجمل تحصيله الثقافي والأدبي».
لم يكن لوركا متعودًا على جمع الكتب، فما إن يقرأ كتابًا حتى يقوم بإهدائه إلى أصدقائه، وكان يقول: «لو كنت فقيرًا فإني لا أطلب في الشارع رغيف خبز، وإنما أطلب نصف رغيف وكتابًا».
قرأ لوركا الكتب التراثية بعمق، ثم انطلق نحو التجديد، وكان عارفًا بما يختار من كتب، فقرأ كتبًا للفيلسوف الإغريقي أفلاطون، وكتاب «التحولات» للشاعر اليوناني أوفيد، وتتبع الأدب الأوروبي قارئًا مؤلفات فيكتور هوغو و«حلم ليلة صيف» لشكسبير، ومؤلفات الكاتب البلجيكي ميترلنك، وكتاب «من الأعماق» للكاتب الآيرلندي أوسكار وايلد، والشاعر الإنجليزي ت. س. اليوت، والشاعر الأميركي والت ويتمان، والشاعر الفرنسي شارل بودلير، والكاتب المسرحي النرويجي هنريك ايبسن، والشاعر الفرنسي بول فرلان، وشعراء الرومانسية الإسبان؛ غوستابو أدولفو بيكر، وخوسيه ثورّيا، ومن جاء بعدهم من جيل الـ98 وجيل الـ27، مثل: انتونيو ماتشادو، وأونامونو، وخوان رامون خيمينيث، وروبين داريو، ورامون غوميث دي لا سيرنا، وآخرين.
ومن خلال تتبع المؤلف للكتب التي قرأها لوركا عثر على بعض التعليقات بخط لوركا، ومن جملة تلك التعليقات، الحاشية التي كتبها في كتاب «كنز المتواضع» للكاتب ميترلنك، حيث علق لوركا: «إذا كان الكلام من فضة، فإن السكوت من ذهب».
معلوم أن لوركا هو من أول أديب إسباني راح ضحية الحرب الأهلية الإسبانية التي استمرت 3 سنوات، من 1936 حتى 1939، وقتل بسببها مئات الآلاف، وشرد الملايين، وفقدت إسبانيا خيرة علمائها ومثقفيها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».