القاذفات الروسية تنطلق من الأراضي الإيرانية باتجاه سوريا.. وقود أقل وقنابل أكثر

موسكو وطهران لم تصرحا بشأن طبييعة الاتفاق بينهما

قاذفة {تو ـ 22 إم 3} الروسية في مطار نوجه العسكري قرب همدان (موقع عصر إيران)
قاذفة {تو ـ 22 إم 3} الروسية في مطار نوجه العسكري قرب همدان (موقع عصر إيران)
TT

القاذفات الروسية تنطلق من الأراضي الإيرانية باتجاه سوريا.. وقود أقل وقنابل أكثر

قاذفة {تو ـ 22 إم 3} الروسية في مطار نوجه العسكري قرب همدان (موقع عصر إيران)
قاذفة {تو ـ 22 إم 3} الروسية في مطار نوجه العسكري قرب همدان (موقع عصر إيران)

لم تمر ساعات على تداول وكالات أنباء تقارير تفيد باستقرار قاذفات روسية في مطار همدان العسكري غرب إيران، حتى أكد أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، صحة تلك التقارير، موضحا أنها جاءت في سياق «التعاون الاستراتيجي» بين طهران وموسكو.
وذكرت وكالات أنباء نقلا عن وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن قاذفات روسية من طراز توبولوف 22 وسوخوي 34 استقرت في مطار عسكري غرب إيران، مؤكدة أنها قصفت مواقع للمعارضة السورية في إدلب ودير الزور وحلب ولم تذكر التقارير عدد الطائرات التي استقرت في القواعد الإيرانية.
لكن شمخاني في تصريح خاص لوكالة الأنباء الرسمية الإيرانية «إيرنا» أكد موافقة إيران استخدام مجالها الجوي وقواعد العسكرية في إطار «الحرب على الإرهاب والتعاون الاستراتيجي بين طهران وموسكو»، في إشارة إلى «الاتفاق الأمني والعسكري» بين إيران وروسيا في يناير (كانون الثاني) الماضي.
هذا ولم يكشف شمخاني تفاصيل عن اتفاق التعاون الذي أدى بموجبه إلى استقرار طائرات عسكرية في قواعد تابعة للجيش الإيراني.
ومطار همدان العسكري من أهم القواعد العسكرية الإيرانية غرب البلاد، ويعتبر وكر مقاتلات إف 16 وميغ 29 ويبتعد المطار نحو 700 كيلومتر عن المناطق الشرقية السورية. وسيساعد استخدامه القوات الروسية على طلعات أكثر، وفق ما ذكرت وكالة (تسنيم) الإيرانية.
ويعد التعاون بين روسيا وإيران والعراق في الملف السوري انتقالة إلى مرحلة جديدة بالإعلان عن خطوتين جديدتين، الأولى انطلاق قاذفات روسية بعيدة المدى من مطار في الأراضي الإيرانية وقصف أهداف على الأراضي السورية، والثانية طلب روسيا الإذن من إيران والعراق السماح بعبور صواريخ باليستية روسية لأجوائهما خلال اتجاهها لضرب أهداف في سوريا، الأمر الذي عُد رسالة إلى الولايات المتحدة بأن روسيا قادرة مع حلفاء آخرين في المنطقة مثل إيران وتركيا على إحداث تغيير في المشهد السوري ميدانيا وسياسيا.
وما زالت الأسباب الحقيقية والأهداف التي دفعت روسيا إلى مثل هذه الخطوات غامضة، تماما مثلما هي غامضة وغير محددة حتى الآن نتائج محادثات انطلقت منذ أكثر من شهر بين العسكريين الأميركيين والروس بشأن التعاون في الملف السوري. وسارع برلمانيون وخبراء روس إلى الإعلان بأن «التحالف الروسي - الإيراني - السوري - العراقي ضد الإرهاب لم يعد مجرد حقيقة، بل يظهر فعالية عالية في تنفيذ المهام».
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد كشفت في تصريحات، أمس، عن أن «القاذفات بعيدة المدى من طراز (توبوليف - 22 إم 3) والقاذفات المقاتلة من طراز (سو - 34) انطلقت محملة بكامل ذخيرتها من القنابل من قواعدها الجوية في مطار همدان في إيران، ووجهت ضربات جوية ضد مواقع مجموعات (داعش) و(جبهة النصرة) الإرهابيتين في محافظات حلب ودير الزور وإدلب». وأوضحت الوزارة أن الضربات استهدفت مستودعات ذخيرة ومحطات وقود ومعسكرا لتدريب المقاتلين في مناطق سراقب والباب والجفرا، مؤكدة أن كل تلك المواقع كانت تؤمن كل الاحتياجات الضرورية للمقاتلين في حلب، وختمت الوزارة بالإشارة إلى أن كل المقاتلات عادت إلى قواعدها في إيران.
وقبل تصريحات وزارة الدفاع الروسية، تحدثت وسائل إعلام روسية، أمس، عن وصول قاذفات روسية إلى مطار في غرب إيران، دون أن تقدم أي توضيحات إضافية. إلى أن صدرت تلك التوضيحات عن الجانب الإيراني.
وفي حين لم يصدر عن موسكو أو طهران تصريحات بشأن طبيعة الاتفاق بينهما حول استخدام القاذفات الروسية القاعدة الجوية قرب همدان، سارع مجلس الاتحاد الروسي إلى الإعلان عن استعداده للمصادقة على اتفاقية كهذه. وكان فيكتور أوزيروف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي، قد قال في تصريحات، أمس، إن «الأمر قد يتطلب المصادقة على اتفاقية مع إيران، بصورة مطابقة لما جرى بخصوص الاتفاقية مع سوريا حول نشر مجموعة جوية على أراضيها»، مؤكدًا استعداد مجلس الاتحاد لقرار كهذا.
أما فرانتس كلينتسيفيتش، نائب أوزيروف في لجنة الدفاع، فقد رأى في استخدام القاذفات الروسية الأراضي الإيرانية «أساسا كافيا للقول إن التحالف ضد الإرهاب الذي يضم روسيا وسوريا وإيران والعراق، لم يتشكل فحسب بل يظهر فعالية عالية في تنفيذ مهامه»، معربا عن قناعته بأن هذه الدول ستتوصل قريبا إلى أشكال أخرى للتعاون في الحرب ضد «داعش». وأشار كلينتسيفيتش إلى أن استخدام المطارات الإيرانية «سيؤدي إلى تقليص مدة الطيران، ورفع مستوى الأمن خلال التحليق، وفعالية الطلعات القتالية، وسيعزز التعاون الاستراتيجي بين البلدين، ما من شأنه أن يؤثر بصورة إيجابية على مجمل الوضع في الشرق الأوسط». ويتفق غالبية الخبراء الروس مع وجهة نظر كلينتسيفيتش، بأن القاذفات الروسية لم تعد مضطرة للتحليق مسافة 3000 كلم، بل 700 كلم فقط، وهذا سيسمح بتخفيف حجم الوقود الذي تحتاجه، ما سيوفر إمكانية لحمل أكبر قدر ممكن من القنابل والصورايخ، وبالمقابل ضرب عدد أكبر من الأهداف.
ولا يستبعد مراقبون دور الجانب الاقتصادي في إقدام روسيا على استخدام مطارات إيرانية لتنفيذ عمليات في سوريا، لا سيما في ظل حديث عن تجاوز الإنفاق الروسي في سوريا للحدود المعلنة، لكنهم لا يفصلون الخطوة عن مجمل التطورات حول المشهد السوري وبصورة خاصة المحادثات الأميركية - الروسية للتعاون العسكري «في حلب أولاً ضد المجموعات الإرهابية». ويرجحون أن الأمر ينطوي أيضًا على رسالة إلى الولايات المتحدة بأن روسيا قادرة مع حلفاء آخرين في المنطقة مثل إيران وتركيا على إحداث تغيير في المشهد السوري ميدانيا وسياسيا، حتى وإن أصرت واشنطن على رفض التعاون في هذا الملف، أو في حال فشلت المحادثات بين العسكريين الروس والأميركيين في التوصل للاتفاق المنتظر.
وكانت قناة «روسيا 24» المدعومة من الحكومة، قد نشرت، أمس، صورا من دون تعليق لثلاث قاذفات على الأقل وطائرات نقل عسكرية روسية داخل إيران. وقالت القناة إن نشر القاذفات في إيران سيمكن القوات الجوية الروسية من خفض وقت الطيران بنسبة 60 في المائة. وذكرت وسائل إعلام روسية أن قاذفات توبوليف – 22 إم3 التي شنت ضربات على سوريا من قواعدها في جنوب روسيا، أكبر من أن تنشر في قاعدة جوية روسية داخل سوريا.
ويعتقد كذلك أنها المرة الأولى التي تسمح فيها إيران لقوة أجنبية باستخدام أراضيها في عمليات عسكرية منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
وكان فلاديمير كوموييدوف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي، والقائد السابق لأسطول البحر الأسود، صرح أول من أمس، بأن العراق وإيران ستوفران ممرا جويا لتحليق الصواريخ المجنحة الروسية فوق أراضيهما. وهي المرة الأولى التي تعلن فيها روسيا أنها تستخدم قاعدة في بلد شرق أوسطي غير سوريا منذ أن أطلق الكرملين حملة الضربات الجوية دعما لحليفه الرئيس السوري بشار الأسد في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال المحلل بافل فيلغنهاور لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها خطوة جديدة في الحملة العسكرية الروسية في سوريا». وأضاف: «استخدام هذه القاعدة يعطي روسيا تقدما تكتيكيا لأن قاذفاتها الثقيلة يمكنها نقل قذائف أكثر بكثير إذا كان وقت طيرانها أقل». معتبرا أن هذه الاستراتيجية ستنطوي على إلقاء «عدد هائل من القنابل».
وتعززت العلاقات بين طهران وموسكو منذ أن توصلت إيران إلى اتفاق العام الماضي مع قوى عالمية بشأن تقليص برنامجها النووي، في مقابل رفع عقوبات مالية تفرضها عليها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وزار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إيران في نوفمبر (تشرين الثاني)، وتبحث البلدان بشكل دوري التخطيط العسكري لسوريا، حيث وفرت إيران قوات برية تعمل مع حلفاء محليين في حين تقدم روسيا القوة الجوية.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».