الجيش اليمني ينسق مع قيادات داخل صنعاء ويكمل استعداداته للتحرير

الميليشيات تحرك لواءين إلى باب المندب وكرش تعويضًا لخسائرها

منظر عام لجسر في صنعاء ومن خلفه المدينة القديمة (رويترز)
منظر عام لجسر في صنعاء ومن خلفه المدينة القديمة (رويترز)
TT

الجيش اليمني ينسق مع قيادات داخل صنعاء ويكمل استعداداته للتحرير

منظر عام لجسر في صنعاء ومن خلفه المدينة القديمة (رويترز)
منظر عام لجسر في صنعاء ومن خلفه المدينة القديمة (رويترز)

كشف الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط» عن تنسيق بين القيادات العسكرية خارج صنعاء مع زملائهم الموالين للشرعية ممن لم تسمح لهم الظروف بمغادرة العاصمة، إلى جانب القبائل المحيطة بصنعاء.
وقال المتحدث باسم الجيش اليمني العميد سمير الحاج إن التنسيق سيثمر في الأيام المقبلة عن نتائج إيجابية لصالح حسم معركة التحرير، وأضاف: «هناك أطراف موالية للشرعية في العاصمة، منهم قيادات عسكرية تم التواصل معهم، وسيكون لهم دور إيجابي في التحرير عندما تصل طلائع الجيش الوطني إلى مشارف صنعاء».
ولفت إلى أن الخيار العسكري هو الخيار المطروح حاليًا، بعد الخديعة التي قام بها الانقلابيون خلال مرحلة المشاورات في الكويت، عبر تمديدهم فترة المشاورات من أجل استغلال الوقت في تهريب الأسلحة والذخيرة من دول إقليمية لتوسيع وتطوير قدراتهم العسكرية.
إلى ذلك، حرك الانقلابيون (الحوثي وصالح) لواءين عسكريين من صنعاء باتجاه جبهات «باب المندب - كرش» لتعويض الخسائر التي لحقت بمقاتليهم في الشق الجنوبي من البلاد، وذلك بعد أن جهزوهما بأحدث الأسلحة العسكرية، التي من أبرزها وفقا لعسكريين أسلحة طوربيد حديثة من الجيل الخامس يصل مداها إلى 5500 متر.
ورصد الجيش الوطني هذه التحركات للواء «314» مدرع والذي كان من مهام حراسة وزارة الدفاع، وقصر الرئاسة، والإذاعة في العاصمة صنعاء، لدعم الحوثيين في جبهة «كرش»، إضافة إلى تحرك اللواء الثالث «الحرس الرئيسي» إلى باب المندب لدعم الميليشيا التي تلقت ضربات موجهة في هذه الجبهة، ويجري التعامل معها لوقف تقدمها على هذه الجبهات.
وقال اللواء أحمد سيف، قائد المنطقة العسكرية الرابعة لـ«الشرق الأوسط» إن الأوضاع العسكرية للجيش الوطني تسير وفق ما خطط لها للتحرك أو لصد أي هجوم على بعض الجبهات، وكل المعطيات على الأرض تصب في صالح الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، خاصة في جبهة «باب المندب» وجبهة «كرش» ومنطقتي «مريس، والضالع»، التي يحقق الجيش فيها تقدم ملحوظ، لافتا إلى أن المقاومة الشعبية في البيضاء تقوم بعمل بطولي في مواجهة المتآمرين وحققت نتائج إيجابية في المواجهات الأخيرة.
وحول التعزيزات التي تصل للمتمردين في بعض الجبهات، قال اللواء سيف، إن هناك تعزيزات عسكرية وصلت لمساندة الحوثيين في جبهة كرش، ويتمثل هذا الدعم في «لواء 314» مدرع، الذي كان من مهام حراسة وزارة الدفاع، وقصر الرئاسة، والإذاعة في العاصمة اليمنية صنعاء، إضافة إلى وصول اللواء الثالث (الحرس الرئاسي) إلى باب المندب لدعم الميليشيا التي تلقت ضربات موجهة في هذه الجبهة.
وأكد اللواء سيف أنه لا يوجد ما يقلق الجيش الوطني رغم تحريك ألوية ذات فعالية على الأرض، وذلك يعود لعدة أسباب، منها أن الجيش الوطني المدعوم بقوات التحالف العربي، مسنودا بالمقاومة الشعبية، هو أكثر تنظيما من هذه الألوية، إضافة إلى النتائج العسكرية التي تحقق على الأرض لصالح الجيش الوطني، من تحرير الكثير من المواقع، الذي ينعكس سلبا على هذه المجاميع التي في غالبيتها شكلت مؤخرا.
وأشار اللواء سيف إلى أن تقدم الجيش وتحقيقه للكثير من الانتصارات وتحرير المواقع الرئيسية في الشق الجنوبي، سيدفع الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع للتراجع إلى الخلف وبشكل كبير لتفادي خسائر كبيرة في العتاد والأفراد، ففي شبوة سيكون تراجعهم نحو رداع، وفي البيضاء سيكون نحو مناطق الوسطى لضمان سلامة مقاتليهم.
وعن الأسلحة الحديثة التي استخدمها الحوثيون في الأيام الماضية، أكد اللواء سيف، أن الحوثيين وفي الأيام الماضية استخدموا أسلحة نوعية وحديثة في محاولة لتحويل هزيمته إلى انتصار، ولعل أبرز ما استخدم من سلاح والذي له أثر في المعارك «الطوربيد» المضاد للدبابات، الذي يصل مداه إلى نحو 5500 متر، ويعد من الجيل الخامس، وهو أحدث ترسانة عسكرية مضادة للدبابات.
وفي سياق الخطط العسكرية لملاحقة الجماعات المتطرفة وأتباع صالح، قال قائد المنطقة العسكرية الرابعة، إن الجيش الوطني مدعوما بقوات التحالف العربي، والمقاومة الشعبية، أنهى أمس على وجود العشرات من أتباع صالح والذين يظهرون بتسميات مختلفة ومنها تنظيم داعش، موضحا أن هذه الخلايا زرعها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في كل من محافظة «أبين، زنجبار، الشعار، الحصن، مدينة 7 أكتوبر»، منذ عدة سنوات لتنفيذ عمليات عسكرية وفق الظروف التي يحتاج فيها الرئيس المخلوع إلى نشر الخوف وزعزعة الأمن في المدن المحررة، لافتا إلى أن عملية التطهير سبقها رصد وجمع معلومات ومراقبة تحركات هذه الخلايا بشكل دائم ومباشر، وذلك بهدف تحديد نوع ومدى الضربة وآلية تنفيذها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم