خضراوات لم تر ضوء الشمس تحت أقدام سكان عاصمة الضباب

ملاجئ مهجورة من الحرب العالمية.. مزرعة تمول مطاعم لندن بالخضار الطازج

صوانٍ كبيرة على رفوف متراصة فوق بعضها بعضًا - ريتشارد بالارد وستيفن درنغو أمام مدخل المزرعة
صوانٍ كبيرة على رفوف متراصة فوق بعضها بعضًا - ريتشارد بالارد وستيفن درنغو أمام مدخل المزرعة
TT

خضراوات لم تر ضوء الشمس تحت أقدام سكان عاصمة الضباب

صوانٍ كبيرة على رفوف متراصة فوق بعضها بعضًا - ريتشارد بالارد وستيفن درنغو أمام مدخل المزرعة
صوانٍ كبيرة على رفوف متراصة فوق بعضها بعضًا - ريتشارد بالارد وستيفن درنغو أمام مدخل المزرعة

قد لا يخطر ببالك أن هناك مزرعة تحت أقدامك تحت مترو الأنفاق في محطة «كلابهام نورث» في جنوب وسط لندن، تمول معظم مطاعم العاصمة البريطانية من الخضراوات الموسمية بصورة دائمة.
وفي شارع كلابهام الرئيسي الذي يربط بين كلابهام نورث وكلابهام كمون، تلاحظ قبة أمام مبنى كبير للشقق الخاصة بالمجلس المحلي، كتب عليها «ملجأ 400 شارع كلابهام SW9 9BT».
وعلى عمق 33 مترًا تحت مترو أنفاق «نورثرن لاين» يوجد الملجأ الذي تم بناؤه عام 1944 لحماية سكان لندن من الغارات الجوية النازية، والذي كان يسع إلى 12 ألف شخص، وآخر شيء يتوقعه أي شخص في هذا المكان هو مزرعة تغذي أسواق وسط لندن وكوفن غاردن بالبهارات والخضراوات الموسمية، وتمتد حتى عمق 2.5 فدان تحت الأرض على مساحة 70 ألف قدم، وتتم إضاءتها بواسطة مصابيح خاصة منخفضة الطاقة وخافتة الإضاءة. وتشمل المرحلة الأولى عدة أنواع من المحاصيل؛ براعم البازلاء والفجل والخردل والكزبرة والأحمر القطيفة والكرفس والبقدونس.
طرأت فكرة المزرعة لريتشارد بالارد وستيفن درنغو عند ملاحظتهما أن بعض الخضراوات موسمية تختفي من المحلات، وأن السوق في حاجة لها مع ازدياد عدد السكان وحاجة المطاعم إلى ذلك.
وقد تبدو فكرة الزراعة تحت الأرض محض دعاية مثيرة، إلا أنه مع تكلفة استئجار تزيد قليلاً على دولار واحد فقط لكل قدم مربع، سيصعب عليك أن تجد مساحة زراعية أرخص متوافرة في أي مكان آخر بالعاصمة. ويرى أصحاب الفكرة، وهما رجلا الأعمال ريتشارد بالارد وستيفن درنغو، أنها فكرة مربحة ومستدامة، وقد سبق أن حصلت على دعم من الشيف الشهير ميشال رو.
ويذكر أن الفكرة الرئيسية من بناء تلك الأنفاق، التي شُيدت خلال الحرب، أن تكون ملجأ عميقًا ضد الغارات الجوية التي يمكن استغلالها لاحقًا خطًا إضافيًا بمترو أنفاق «ذي نورثرن لاين». وقد سبق أن أوت تلك الأنفاق أكثر من 12.000 شخص خلال الغارة الجوية التي شُنت عام 1944، غير أنه لم يجر مدها بمترو الأنفاق نتيجة لنقص في التمويل، وظلت فارغة حتى ذلك الحين.
وإن كانت تلك الأنفاق شديدة الرطوبة لا تناسب جميع الأذواق، فإن درجات الحرارة الطبيعية بداخلها - 16 درجة مئوية - مثالية لزراعة أنواع شتى من المحاصيل، ويتم الوصول إليها عن طريق السلالم.
وحسبما يقول ستيفن، فإن الأعشاب الدقيقة هي منتجات ذات قيمة عالية، حيث ينتج كل متر مربع في المتوسط 1.200 دولار سنويًا.
«كما لاقت الفكرة استحسانًا كبيرًا لدى المستثمرين، وتقوم المجموعة حاليًا على جمع التمويل الجماعي للاستثمار عبر شركة لاستثمار المال في الأعمال التجارية وتطوير المساحة التي استأجروها من هيئة النقل في لندن».
وتطلب المجموعة من المستثمرين شراء أسهم في مشروع «الزراعة تحت الأرض»، بقيمة تبدأ من 10 جنيهات إسترليني وحتى 25.000 جنيه إسترليني، مما يتيح له حق التصويت.
وعلى غير عادة المشاريع الزراعية، تمكن هذا المشروع من الحصول على موافقة نظام المعلومات المؤسساتية (EIS)، ونظام المعلومات البيئية المشتركة (SEIS)، مما يعني أن المستثمرين سيستفيدون من الإعفاء الضريبي، حسبما ذكره لريتشارد.
وبعد أن حققا أرباحًا مضاعفة بقيمة 300.000 جنيه إسترليني، يأمل صاحبا المشروع في أن يتخطيا حاجز المليون جنيه إسترليني، كما يخططا لتوظيف 15 موظفًا، فور وقوف المزرعة على قدميها وبدئها العمل بكامل طاقتها.
ويقول ريتشارد: «سيركز العمل على بيع المحاصيل لتجار الجملة في البداية، حتى يزداد الإنتاج بشكل أكثر رسوخًا، في حين يتم بيع الخضراوات إلى المطاعم ومحلات السوبر ماركت على الأرجح. وقد تواصل تجار الجملة معهم بالفعل من أجل شراكة محتملة».
وحسب ريتشارد، فإن الأنفاق ستكون خالية من غاز ثاني أكسيد الكربون، مستمدة مصدر الطاقة من المصادر الصديقة للبيئة، كما سيتم تقليص الفترة ما بين الزراعة والبيع إلى أقل فترة ممكنة، بفضل موقع المزرعة المميز في منتصف لندن.
وعن فكرة إنشاء مزرعة أسفل الأرض، يقول ريتشارد: «الموقع رائع ومناسب للغاية. أنا أعيش في منطقة كلابهام، وبالتالي فإن الأنفاق تحت الأرض تقع تحت أعتاب منزلي. كنت أعلم أن الأنفاق هناك، ولكن لم أهتم بزيارتها كثيرًا».
ويضيف ريتشارد: «الموقع رائع للغاية، ودرجات الحرارة يجري التحكم فيها بشكل جيد. فضلاً عن وقوعه تحت الأرض لمسافة بعيدة مما يبعد عنه الحشرات، أيضًا يتميز بوقوعه على مقربة من أسواق كوفن غاردن الجديدة».
وعن هل يختلف مذاق المحاصيل عن نفس المنتجات المزروعة بالطريقة التقليدية؟ يذكر ريتشارد: «أعجبني بشدة مذاق المحاصيل التي أنتجناها. النكهات نابضة بالحياة والحيوية. كما أنها طازجة للغاية. وبهذه الطريقة يمكن زراعة الأعشاب النادرة والخضراوات الصغيرة. مثل الفجل والخردل والكزبرة والأحمر القطيفة، والكرفس والبقدونس، وسأتولى أنا تقديم المشورة خصوصًا الأصناف التي تتم زراعتها وتسويقها في المحلات. وسترحب المطاعم الراقية بالمنتجات كثيرًا، ونحن على يقين بأن المنتجات ستنال اهتمام تجار الجملة وتجار التجزئة عندما نبدأ توزيعها».
وعن الأثر البيئي للمزرعة يقول ريتشارد: «نحن عازمون على جعل المزرعة خالية من ثاني أكسيد الكربون. كما سيتم توليد الطاقة من المصادر الصديقة للبيئة، وستجري الإضاءة باستخدام مصابيح خاصة منخفضة الطاقة والإضاءة، ولن يتكلف المكان أي فواتير للتدفئة، كما أن هناك عدة خيارات قيد النظر إزاء تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى صفر. علاوة على ذلك، فلا يجري استخدام أي معدات ثقيلة مثل الجرارات، التي تُستخدم في المزارع التقليدية. وثمة ميزة أخرى تتمثل في تقليص الفترة ما بين الزراعة والبيع إلى حد كبير، مما يجعل المنتجات طازجة».
وتستخدم في عملية الزراعة صوانٍ كبيرة على رفوف متراصة فوق بعضها بعضًا تحت درجة حرارة 16 درجة مئوية تسمح بنمو الأعشاب خلال 52 أسبوعًا في العام، دون الاهتمام لموسم المحصول.
وتلك الأعشاب الطازجة يمكن أن تكون على لوحة المطعم في غضون 4 ساعات من الحصاد و24 ساعة على الأكثر في قائمة المأكولات.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.