صابر الرباعي يطرب الآلاف في سهرة قرطاجية مميزة

قدم أشهر أغانيه ولم يحرم جمهوره من «كوكتيل» تونسي

جانب من حفل الفنان التونسي صابر الرباعي ضمن مهرجان قرطاج السنوي (المصدر: موقع المهرجان الرسمي)
جانب من حفل الفنان التونسي صابر الرباعي ضمن مهرجان قرطاج السنوي (المصدر: موقع المهرجان الرسمي)
TT

صابر الرباعي يطرب الآلاف في سهرة قرطاجية مميزة

جانب من حفل الفنان التونسي صابر الرباعي ضمن مهرجان قرطاج السنوي (المصدر: موقع المهرجان الرسمي)
جانب من حفل الفنان التونسي صابر الرباعي ضمن مهرجان قرطاج السنوي (المصدر: موقع المهرجان الرسمي)

دفع الجمهور الكبير الذي حضر في مهرجان قرطاج، الفنان التونسي صابر الرباعي إلى الإبداع والإمتاع في إحدى السهرات الناجحة ضمن الدورة 52 لأعرق المهرجانات التونسية. الجمهور الغفير حضر إلى ركح المسرح منذ الثامنة مساء وغصت المدارج بمحبي صابر الرباعي وانتظر نحو ساعتين لينطلق الحفل في حدود الساعة العاشرة ليلا في ظل أجواء رائقة تجمع بين صابر ومحبيه من تونس ومن بقية البلدان العربية.
الرباعي استهل السهرة بأداء أغنية «يا للا» ليتلوها عدد مهم من أغانيه الناجحة على غرار «مزيانة هي روحي هي» و«يا عسل»، وغيرها من أنجح أغانيه مما خلق أجواء ممتعة في ليلة قرطاجية ناجحة.
صابر الرباعي اكتسب ما يكفي من الخبرة ليتعامل بحرفية مع الجمهور الحاضر وليمتع ويؤنس من حضر الحفل من مختلف الأعمار، ولضمان النجاح قدم خليطا من الأغاني الإيقاعية الخفيفة، والرومانسية الهادئة واستعرض إمكانياته الصوتية مع حضور جذاب على الركح وهدوء في الأداء الرصين الجيد لعله اكتسبه بفعل السنين وتراكم التجارب في الميدان الفني.
وخلال نحو ساعتين وعشرين دقيقة من الغناء والموسيقى الجميلة والهتافات التي لم تتوقف وهاجس طلب أداء أغاني بعينها من الفنان التونسي الذي رافقه فيها المايسترو التونسي قيس المليتي عزفا على البيانو وهو قائد الفرقة الموسيقية التي نفذت السهرة بنجاح.
وخلال هذه السهرة القرطاجية، فاجأ الرباعي الجمهور الاستثنائي الذي قارب عدده الثمانية آلاف متفرج، بالجديد من خلال أغنية بعنوان «غنجة» من كلمات الشاعر الغنائي التونسي حاتم القيزاني وهي من ألحان وتوزيع قيس المليتي في الطبع الموسيقي التونسي الأصيل والراقي، وقد وعد جمهوره بتصوير هذه الأغنية في القريب العاجل.
وبعد نحو ساعة من الغناء فتح صابر الرباعي أبواب ركح مسرح قرطاج أمام الفنان التونسي الشاب حمزة الفضلاوي الذي كان ضمن فريقه في النسخة الثالثة من برنامج «ذا فويس» وبلغ الدور النهائي من التصفيات، وقد بدا على هذا الفنان الشاب شيء من الارتباك وهو يواجه ما يزيد عن ثمانية آلاف متفرج ولم يخف ذلك على صابر الذي ترك له المسرح ليغني إنتاجه الخاص «مشتاق كثير» ثم التحق به ليؤديا معا أغنية «غلطان».
وعن هذا الشاب التونسي الطموح، قال صابر في مؤتمر صحافي إنه «صوت يستحق أن يكون على ركح المسرح الأثري بقرطاج، وهو موهبة وطاقة من الواجب مساعدتها على البروز أكثر وأن تكون له فرصة ليلاقي جمهورا كبيرا من حيث العدد».
وعما يشاع عن عدم مساعدته الفنانين وخصوصا التونسيين منهم، رد صابر بقوله: «لست مطالبا بأن أنشر قائمة من ساعدتهم ولا أن أشهر بذلك، ورغم أنني لا أختلط كثيرا بالفنانين فإنه من دواعي الشرف أن أكون زميلا لهم».
وتواصلت السهرة بعد إطلالة حمزة الفضلاوي مع صابر الرباعي الذي غنى «كبرتكم»، «ع الطاير»، ولم ينس الكوكتيل التونسي الذي تعود على اقتراحه في جميع سهراته ويتضمن عددا من الأغاني التونسية من بينها «بيت الشعر»، و«حبي يتبدل يتجدد» و«أول نظرة»، وهي أغان تونسية ناجحة للفنان التونسي علي الرياحي والجويني.
وفي نهاية السهرة أدى صابر الرباعي أغنية تتر المسلسل الاجتماعي التونسي «صيد الريم» التي حققت نجاحا كبيرا بصوته، واقترح بعد ذلك أغنية «سيدي منصور»، و«برشة» لينهي الحفل على ركح المسرح الأثري بقرطاج بأغنية «الطفلة العربية» ويسجل بصوته وحضوره المميز إحدى السهرات الفنية الناجحة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».