«بوكيمون غو» تهدد المواقع التاريخية.. والحكومات ترد بتقييد مستخدميها

اللعبة تدخل منافسة أولمبياد «ريو 2016»

خمس دول تفرض قيودا على مستخدمي اللعبة (أ.ف.ب)
خمس دول تفرض قيودا على مستخدمي اللعبة (أ.ف.ب)
TT

«بوكيمون غو» تهدد المواقع التاريخية.. والحكومات ترد بتقييد مستخدميها

خمس دول تفرض قيودا على مستخدمي اللعبة (أ.ف.ب)
خمس دول تفرض قيودا على مستخدمي اللعبة (أ.ف.ب)

عندما يتعلق الأمر بالبحث عن الشخصيات الافتراضية للعبة «بوكيمون غو» باستخدام هواتفهم الذكية، لا يعترف هواة ممارسة اللعبة الجديدة بوجود قيود ولا حدود لها. ورغم أن الإصدار الجديد من اللعبة التي تتم ممارستها باستخدام الهواتف الذكية، تضمن تحذيرات من الاعتداء على ممتلكات الغير في أثناء مطاردة شخصيات «بوكيمون»، فإن احتمال العثور على شخصية «بوكيمون» نادرة، وزيارة أماكن إضافية توجد فيها الشخصيات، يدفع بأعداد لا تحصى من الأفراد إلى الدخول إلى المواقع التاريخية في مختلف أنحاء العالم في أثناء ممارسة اللعبة.
يأتي ذلك فيما ناشد كثير من مسؤولي الأمن والسلطات المعنية بالمواقع التاريخية شركة «نينتك لابس»، الموجودة في ولاية كاليفورنيا، التي طورت اللعبة الجديدة، من أجل حذف هذه المواقع التاريخية ذات الأهمية الشديدة من تطبيق اللعبة.
في الوقت نفسه، فإن كثيرا من المواقع المهمة في مختلف أنحاء العالم بذلت بالفعل جهودا لحظر دخول مستخدمي «بوكيمون جو» إليها بحثا عن شخصيات اللعبة.
ففي ألمانيا، تم حذف معسكرات الاعتقال التابعة للنظام النازي السابق، مثل معسكر داخاو وفلوسينبورغ، من الخريطة الموجودة على تطبيق «بوكيمون غو». كما طالبت القوات المسلحة الألمانية بحذف القواعد العسكرية الخاصة بها من خريطة اللعبة. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية إن مناطق مثل الثكنات العسكرية ومناطق التدريب وميادين الرماية ليست مكانا لممارسة لعبة بوكيمون. وفي المملكة العربية السعودية، حظرت هذه اللعبة تماما.
ونظرا لأن ممارسي «بوكيمون غو» لم يتمكنوا من السيطرة على أنفسهم في البحث عن الوحوش الصغيرة للعبة في النصب التذكارية لضحايا القنبلة النووية في ناكازاكي وهيروشيما في اليابان، طلبت السلطات في المدينتين من الشركة المطورة للتطبيق حذف هذه الأماكن من الخريطة.
وجرى حظر متحف ضحايا الهولوكوست والمقبرة الوطنية في واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية عن مستخدمي اللعبة. وقد دعت السلطات المعنية، عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مستخدمي التطبيق لاحترام طبيعة هذه الأماكن، وعدم ممارسة اللعبة في أثناء زيارتها.
أما إسرائيل، فمنعت البحث عن «بوكيمون» في سفاراتها في مختلف أنحاء العالم، كما حظرت عملية البحث في القواعد العسكرية ووزارة الشؤون الخارجية، حيث قال متحدث رسمي إسرائيلي إنه «لاعتبارات أمنية، يجب أن نكون حذرين».
وفي سياق آخر، أصبحت هذه اللعبة ظاهرة حاضرة حول العالم، حتى خلال الفعاليات الكبرى، كالأولمبياد. فبعيدا عن منافسات الكرة الشاطئية، وكرة القدم، والتنس، ورمي القرص، تتنافس لعبة «بوكيمون غو» مع دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو على الشعبية بين الشبان بالبرازيل.
وظهر مئات الشبان في متنزه بالمدينة، أول من أمس، حاملين هواتفهم المحمولة لاصطياد الكائنات الكارتونية في اللعبة التي تمزج بين الواقع والواقع الافتراضي، والتي سلبت العقول في البرازيل منذ طرحها قبل يومين فقط من انطلاق الأولمبياد.
وتقدر شركة «كلارو»، ثالث أكبر شركة للهواتف المحمولة في البرازيل، أن نحو مليونين من عملائها قاموا بتحميل اللعبة في منطقة ريو فحسب منذ طرح اللعبة في الثالث من أغسطس (آب) الحالي. وقال مسؤول بالشركة إن أكثر من نصف مستخدمي اللعبة كانوا إما داخل الملاعب التي تشهد المنافسات الأولمبية أو حولها.
وقد لا تكون «بوكيمون غو» لعبة جسدية، لكن الجديد فيها هو خاصية الحركة مقارنة بألعاب الفيديو التقليدية، حيث يتعين عليك النهوض والخروج للبحث في المدينة حاملا الهاتف المحمول لجمع أكبر عدد ممكن من البوكيمون.
إلى ذلك، هناك طريقة أسرع لهواة ممارسة اللعبة الذين لا يحبون قضاء وقت طويل في البحث عن شخصيات «بوكيمون» خارج المنزل، وهي شراء حساب مسجل على هذه اللعبة في مواقع المزادات، ومعه شخصيات «بوكيمون سابقة التدريب». وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإنه أصبح في مقدور هواة ممارسة لعبة «بوكيمون غو» المستعدين لحرق أموالهم بدلا من حرق السعرات الحرارية في مطاردة واصطياد هذه الشخصيات الوهمية، شراء حساب قائم في هذه اللعبة، ومعه آلاف الـ«بوكيمون» المدربة على القتال، حيث يصل سعر مثل هذا الحساب إلى 1500 دولار.
غير أن اللجوء إلى هذه الطريقة لا يخلو من مخاطرة، إذ إن المستخدمين الذين يبادلون حسابهم مقابل حساب مليء بشخصيات «بوكيمون» يخاطرون بخسارة الحساب والمال أيضا.
ورغم التهديدات التي وجهتها الشركة المطورة لتطبيق «بوكيمون غو» بمعاقبة المخالفين، فإنها لم تعلن عن غلق أي حسابات تم عرضها للبيع مقابل مبالغ مالية، في حين أن شروط اللعبة تحظر تماما بيع أي حسابات، أو ممارستها مقابل أموال.
ووفقا للشروط العامة، فإن مخالفة القواعد المنظمة لممارسة اللعبة تتيح لشركة «نينتك لابس» إغلاق حساب المستخدم المخالف، سواء الذي يعرض حسابه للبيع، أو الذي يستأجر أو يشتري حسابا آخر.
في الوقت نفسه، فإن قواعد «بوكيمون غو» تحظر تبادل اسم المستخدم وكلمة المرور بين المستخدمين، إذ إن اشتراك عدة مستخدمين في استخدام نفس الحساب يمكن أن يؤدي إلى معاقبة هؤلاء المستخدمين.
وتبذل شركات ألعاب الفيديو الكبرى التي أخذت على حين غرة من النجاح المدوي للعبة «بوكيمون غو»، جهودا للحاق بركب اللعبة التي تنتمي لفئة الواقع المعزز، والتي تحولت إلى ظاهرة عالمية.
وقال أكثر من 10 رؤساء تنفيذيين لشركات، مثل سوني وروفيو مبتكرة لعبة «أنجري بيردز»، إنه من الصعب مواكبة لعبة مثل «بوكيمون غو»، وقال بعضهم إنه من العبث خوض هذا التحدي، ويتعين على اللاعبين ألا يتوقعوا صدور تطبيق منافس بشكل سريع في المستقبل القريب.
وقال رؤساء تنفيذيون لشركات عالمية إن مئات من مطوري الألعاب في شركاتهم يلعبون اللعبة، من أجل فهم كيف استطاعت أن تأسر الجمهور.
وذكر بعض مدراء الشركات المعنية بأنهم لن ينسخوا اللعبة، لأنها تستند إلى سلسلة بوكيمون، ولأنها تفتقر لسمات اجتماعية، مثل السماح للاعبين بالكلام، والتعاون لاصطياد الشخصيات الافتراضية.
وينظر إلى نجاح اللعبة في حمل اللاعبين على التحرك على أقدامهم بأنه أمر رائع، لكن من الصعب تكراره، كما أن استخدم تقنية الخرائط ترفع سقف المعايير.
ويقدر محللون أن اللعبة بصدد تحقيق إيرادات تتراوح بين 200 مليون و500 مليون دولار في عام واحد، وقال مايكل باتشر، المحلل في شركة «ويدبوش»، إن الرقم الأعلى في هذه التقديرات سيضع اللعبة في قائمة أفضل 20 لعبة هواتف محمولة من حيث الأرباح في التاريخ.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».