لبنان: الإفراج عن زياد علوكي آخر قادة محاور التبانة يطوي ملف معارك في طرابلس

مصدر قضائي يؤكد أن المحكمة العسكرية تعاطت مع الملف بمعايير القانون والعدالة

لبنان: الإفراج عن زياد علوكي آخر قادة محاور التبانة يطوي ملف معارك في طرابلس
TT

لبنان: الإفراج عن زياد علوكي آخر قادة محاور التبانة يطوي ملف معارك في طرابلس

لبنان: الإفراج عن زياد علوكي آخر قادة محاور التبانة يطوي ملف معارك في طرابلس

أطلق القضاء العسكري في لبنان، أمس، سراح الموقوف زياد صالح، الملقب بـ«زياد علوكي»، وهو قائد محور القتال في الحارة البرانية داخل منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان وثاني كبرى مدنه، ليطوي الإفراج عنه آخر ملفات معارك طرابلس بين الميليشيات الشيعية والعلوية، ومحاكمة المتورطين فيها التي بدأت في ربيع عام 2014، وذلك بعد إطلاق سراح رفاقه قادة المحاور الآخرين، سعد المصري وحسام الصباغ وعامر أريش.
يأتي الإفراج عن علوكي بعدما أمضى ثلاث سنوات في سجن رومية المركزي (السنة السجنية 9 أشهر) إنفاذا لأحكام قضائية صدرت بحقه، وتتعلق بـ«المشاركة في معارك طرابلس وحمل السلاح وتشكيل مجموعة مسلحة، ومقاومة رجال الأمن بالعنف والشدة». ولقد اعتبر مصدر قضائي أن «تحرير هذا الموقوف، جاء بعد انقضاء مدة الأحكام التي صدرت بحقه». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن ذلك «يثبت أن القضاء العسكري تعاطى مع ملف أحداث طرابلس وفق القانون والأدلة، وأصدر أحكامه على المتورطين في تلك الأحداث، بموجب معايير العدالة لا بموجب التسويات السياسية».
وإذا كان قادة محاور باب التبانة وعشرات المقاتلين سلموا أنفسهم طوعا إلى القضاء لإنهاء ملاحقتهم بعد سريان الخطة الأمنية في طرابلس في ربيع عام 2014، فإن هؤلاء، لم يكفّوا عن طرح الكثير من الأسئلة، وبالذات عن أسباب حصر الملاحقة القضائية بهم، من دون أن تشمل قادة محاور القتال في جبل محسن - الحي العلوي - وأبرزهم أمين عام الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد، الذين جرى تهريب عدد كبير منهم إلى سوريا، وحماية البعض الآخر من قبل أحزاب موالية للنظام السوري، عدا عن الأحكام المخففة التي صدرت بحق من جرى توقيفهم.
المصدر القضائي رد على هذه الأسئلة، بالقول: إن الملاحقات في أحداث طرابلس «شملت العشرات، سواء قادة محاور القتال والمقاتلين في باب التبانة أو قادة محاور الجبهة الأخرى في منطقة جبل محسن». وذكر أن «كل من جرى توقيفهم أخضعوا للمحاكمة وفق جرائمهم وليس وفق انتماءاتهم أو أي اعتبارات أخرى». وتابع المصدر القضائي أن «الفارين من العدالة هم الآن قيد الملاحقة، وصدرت مذكرات توقيف بحقهم»، مذكرا بأن رفعت عيد «صدر بحقه حكم غيابي مشدد عن المحكمة العسكرية».
هذا، وكان علوكي قد غادر صباح أمس سجن رومية، برفقة عدد من أبناء طرابلس، خصوصا شباب باب التبانة المحسوبين عليه، وتوجهوا إلى منطقة دوّار أبو علي في مدينة طرابلس، حيث أقيم له استقبال شعبي وسط تدابير أمنية مشددة، وانتشار كثيف لعناصر مكافحة الشغب والدبابات، من ساحة النور (المدخل الجنوبي لطرابلس) وصولاً إلى دوّار أبو علي. بعدها توجّه المخلى سبيله إلى مسقط رأسه في الحارة البرانية، ومن ثم إلى منطقة القبّة بشرق طرابلس.
وفي تصريح له خلال حفل استقباله، اعتبر علوكي أن طرابلس «عاصمة تستحق الحياة». ورأى أنه «بعد الخطة الأمنية وانتشار القوى الأمنية في المدينة لا داعي لحمل السلاح ونريد أن نعيش بسلام». وقال: «نحن مع الاعتدال، وسنحاسب كل من تاجر فينا».
ومن جهته، وصف المحامي رشاد العلي، وكيل الدفاع عن علوكي، المحاكمات التي خضع لها موكله والعشرات من رفاقه أمام المحكمة العسكرية بـ«المتوازنة والعادلة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن المحكمة العسكرية «قامت بواجبها وبعمل دقيق وكانت النتائج جيدة». وأوضح أن موكله «خضع للمحاكمة في عدة ملفات أكبرها اتهامه بالاشتراك في القتال بأحداث طرابلس، التي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، أما باقي الملفات فهي جنح بسيطة تتعلق بنقل سلاح، ومقاومة رجال الأمن بالشدة».
ورأى المحامي العلي أن «قدر زياد علوكي ورفاقه أن يولدوا في منطقة شهدت الكثير من النزاعات المسلحة وجولات العنف، ووجودهم في هذه المنطقة فرض عليهم حمل السلاح ليحموا أنفسهم وأهلهم». وشدّد على أن المحكمة العسكرية أنصفت الجميع لأنها «كانت متوازنة في المحاكمات، إذ إنها عاملت الموقوفين ممن حملوا السلاح في جبل محسن، بالمعيار نفسه الذي عاملت به أبناء باب التبانة».
وكان علوكي تعهد في آخر جلسة من محاكمته بأنه لن يعود إلى حمل السلاح مجددًا، لأن سنوات السجن علمته الكثير. وأعلن عزمه على الهجرة إلى ألمانيا، بعد أن يبيع الشقّة والمحلّ اللذين يملكهما في طرابلس.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.